کتابخانه روایات شیعه
جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) و قوله جل و علا في سورة الإسراء (82) (وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) و قوله تبارك اسمه في سورة فصلت (44) (وَ لَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَ شِفاءٌ) و فيه من الامر بالدعاء و الاستعاذة كثيرا الى غير ذلك من آياته الكريمة و اسراره العظيمة التي عرفها أئمة أهل البيت عليهم السّلام أخذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لم يكن أحدا أعرف باسرار القرآن و موارد بركته منهم، فعلى جدهم أنزل و في بيوتهم نزل و هم المخاطبون به و لا يعرف القرآن إلّا من خوطب به.
و قس على الاستشفاء بآي القرآن الكريم الاستعاذة باسماء اللّه تعالى و التوسل بها و الدعاء إليه طلبا لخلاص الروح من أدرانها و حلا لأزماتها و مشاكلها و شفاء لآلامها.
و ان في الدعاء نفسه بشروطه لراحة للنفس و اطمئنانها بالسلامة، و لم يكن مجرد خضوع و استكانة، أو انهزامية من واقع مرير- كما يفسر خطأ- بل هو رجوع الى حظيرة نفس الواقع و خلود الى راحته و من منا ينكر ذلك أو لم تصادفه و لو تجربة واحدة طيلة حياته يفزع عند كل مخوف، و يلجأ في كل مكروه، و يستزيد من الخير الى من بيده التدبير و التقدير يرجو منه النجاة من أزماته، و التخلص من آلامه، و السلامة في راحته.
فلو لا احساسنا بالارتياح النفسي لنتائجه لما أقبلنا عليه و استعملناه دواء فطريا
و الذي يؤكد ان تلكم الأدعية و العوذات و الاستشفاء علاجات نفسية مضافا الى ورودها في القرآن الكريم، هو تعقيبها كثيرا بضمان النجاح عند الاستعمال و هذا الالتزام بالعافية و ضمانها هو وحده خير علاج نفسي يجعل المريض يشعر بالراحة و يتامس العافية بين أحرف تلك الآي و الدعاء و العوذة.
طب الأئمة و اهتمام أصحابنا به
ذكر أصحاب المعاجم في تراجم كثير من أصحاب الأئمة و حملة حديثهم كثيرا من المؤلّفات في الطبّ، و لم يزيدوا في بيانهم أكثر من قولهم له (كتاب في الطبّ)
و إذا لاحظنا بعض القرائن الخارجية نجد تفسيرا لذلك و ان المراد به (الطب المروي) كما إذا لاحظنا تراجم أولئك الأعلام و اهتمامهم بحديث أهل البيت عليهم السّلام و جمعهم له في كتب خاصّة صنفت حسب مواضيعها الخاصّة. و منها (الطب) مضافا الى إنا وجدنا النقل عن بعض تلك الكتب في الطبّ في بعض الجوامع التي وصلتنا فكان ذلك ممّا صح عند مؤلّفيها من طريق أهل البيت «ع» في الطبّ، كما انا لم نجد لكثير من أولئك الاصحاب ما يشعر بارتباطهم بالمتطببين في عصرهم أو أي علاقة تشعر بالأخذ عنهم و التحصيل عندهم. و لو كان لهم شيء من ذلك لذكره المترجمون لهم كما ذكروا في تراجم كثير ممن كان عنده آثاره من علم الطبّ اليونانى أو الهندي أو انه حصل على شيء من سائر كتب الطبّ القديمة.
لذلك يمكننا القول بان مؤلّفاتهم تلك كانت في الطبّ المروي عن أئمة أهل البيت «ع»، و صح لنا ان نعدهم ممن جمع طب الأئمة عليهم السلام.
و الى القارئ طائفة من هؤلاء الاعلام ممن عنى بجمع حديث أهل البيت في موضوع الطبّ و هم مرتبون على حسب الحروف الهجائية.
1- أحمد بن محمّد بن الحسين بن الحسن دؤل القمّيّ المتوفّى سنة 350 ه.
2- أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن سيار البصرى الكاتب لآل طاهر. كان في زمن الامام العسكريّ عليه السّلام.
و يروي النجاشيّ كتابه بثلاث وسائط، و قد روى الصدوق في الخصال و البرقي في المحاسن و غيرهما بعض أحاديث الطبّ عنه بسنده عن الأئمة عليهم السلام.
3- الحسين بن بسطام بن سابور الزيات- احد مؤلّفي كتابنا هذا-
4- أبو احمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي شيخ أبى القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه المتوفّى سنة 367
5- عبد اللّه بن بسطام بن سابور الزيات- ثانى الأخوين مؤلّفي كتابنا هذا
6- عبد اللّه بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري من رجال القرنين الثالث و الرابع صاحب كتاب (قرب الإسناد) المطبوع بالمطبعة الحيدريّة و غيرها
7- أبو الحسن عليّ بن الحسن بن فضال بن عمر بن أيمن الفطحي.
8- أبو الحسن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ المتوفّى سنة 329 شيخ القميين و والد الشيخ الصدوق صاحب كتاب (من لا يحضره الفقيه) احد الجوامع الحديثية الأربعة، و يروي عنه النجاشيّ عن شيخه عبّاس بن عمر الكلوذانى عنه و هو سند عال.
9- أبو جعفر محمّد بن أحمد بن محمّد بن رجاء البجلي الكوفيّ المتوفّى سنة 266 راجعا من مكّة و دفن بذات عرق.
10- أبو جعفر محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعريّ القمّيّ صاحب (نوادر الحكمة) المعروف بدبة شبيب.
11- أبو عبد اللّه محمّد بن عبيد اللّه الجنابى البرقي المعروف (بماجيلويه).
12- أبو الحسن موسى بن الحسن بن عامر بن عمران بن عبد اللّه بن سعد الأشعري القمّيّ.
13- أبو النضر محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السامي السمرقندي.
و جمعه من المتأخرين عن عصر أصحاب الأئمة «ع» جماعة من الاعلام و الى القارئ أسماء بعضهم:
1- السيّد أبو محمّد زيد بن عليّ بن الحسن الحسيني تلميذ الشيخ الطوسيّ و شيخ والد منتجب الدين (ابن بابويه) صاحب الفهرست.
2- الشيخ أحمد بن صالح البلادي البحرانيّ الجهرمى المسكن المتوفّى سنة 1124 له (الطب الاحمدي) ذكر فيه الروايات المروية في الطبّ، قال الشيخ يوسف البحرانيّ في لؤلؤة البحرين: انه موجود عندي و قال: رأيت بخطه انه ولد سنة 1057 ه.
3- السيّد عبد اللّه شبر الكاظمي المتوفّى سنة 1242 له طب الأئمة ذكره شيخنا الرازيّ في الذريعة ج 15 ص 140 و قال: يقرب من (11000) بيت و له الطبّ المروي ضعف كتابه الأول.
4- محمّد قاسم بن غلام علي الطبيب له طب الأئمة و توجد نسخته في الرضوية
5- محمّد شريف بن محمّد صادق الخواتونآبادي له (شرح طب الأئمة) كما ان له (شرح طبّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و (شرح طب الرضا «ع») ذكرها جميعا في كتابه حافظ الأبدان الذي الفه سنة 1121 ه
6- السيّد محمود الدهسرخي المعاصر، له مفاتيح الصحة ترجم فيه طبّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و طب الرضا و طب الأئمة و هو مطبوع بالفارسية.
ابنا بسطام
هما الحسين و أبو عتاب عبد اللّه ابنا بسطام بن سابور الزيات النيسابوريان.
ذكرهما النجاشيّ في رجاله فقال في ص 28:
الحسين بن بسطام و قال أبو عبد اللّه بن عيّاش 4 : هو الحسين بن بسطام ابن سابور الزيات، له و لأخيه أبى عتاب كتاب جمعاه في الطبّ كثير الفوائد و المنافع على طريقة الطبّ في الاطعمة و منافعها و الرقى و العوذ، و قال ابن عيّاش: أخبرناه
كثيرا، و رأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا و تجنبته، و كان من أهل العلم و الأدب القوي و طيب الشعر و حسن الخط رحمه اللّه و سامحه و مات سنة 401.
الشريف أبو الحسين صالح بن الحسين النوفليّ قال حدّثنا أبى قال حدّثنا أبو عتاب و الحسين جميعا به.
و قال في ص 151: عبد اللّه بن بسطام أبو عتاب أخو الحسين بن بسطام المقدم ذكره في باب الحسين الذي له و لأخيه كتاب الطبّ و هو عبد اللّه بن بسطام بن سابور الزيات).
و نحن إذا رجعنا الى رجال النجاشيّ (ره) نجده يترجم أباهما و اخوته فيقول في ص 80: بسطام بن سابور الزيات أبو الحسين الواسطي مولى ثقة و اخوته زكريا و زياد و حفص ثقات كلهم رووا عن أبي عبد اللّه و أبى الحسن «ع» ذكرهم أبو العباس- يعني ابن عقدة- و غيره في الرجال، له كتاب يرويه عنه جماعة، أخبرنا عليّ بن أحمد قال حدّثنا محمّد بن الحسن قال حدّثنا عليّ بن إسماعيل عن صفوان عن بسطام بكتابه
و قد رويا في كتابهما عن جماعة اشتركا في الرواية عن محمّد بن خلف و وصفاه بانه كان من علماء آل محمد. و عن أحمد بن رباح المطيب.
و انفرد الحسين بالرواية عن عبد اللّه بن موسى.
كما انفرد اخوه عبد اللّه بالرواية عن جماعة و هم:
إبراهيم بن النضر من ولد ميثم التمار روى عنه عبد اللّه و قال و نحن مرابطون بقزوين. و إبراهيم بن محمّد الأودي، و إسحاق بن إبراهيم، و عبد اللّه بن إبراهيم، و محمّد بن رزين، و محمّد بن إسماعيل بن حاتم التميمي، و محمّد بن زريق، و أبو زكريا يحيى بن أبي بكر آدم. و كامل.
و الذي يظهر من مجموع ما تقدم انهما كانا من أسرة عاميّة تحمل حديث أهل البيت و ترويه ثقات في الرواية، و ان في رواية ابن عيّاش. الذي توقف النجاشيّ في الرواية عنه مع انه كان صديقا له و لأبيه من قبل لحديث شيوخه في تضعيفه و ترحمه
عليه بعد ذلك- لكتابهما لا توجب القدح في المؤلّفين و لا التوهين لكتابهما، اذ انه له كتب معتبرة رواها عنه أصحابنا و تلقوها بالقبول.
و قد ذكره الحجة السيّد حسن الصدر رحمه اللّه في كتابه تأسيس الشيعة و أثنى عليه كثيرا فروايته مقبولة و منها روايته لكتاب هذين العلمين.
و نظرا لندرة نسخه و لم يطبع إلّا مرة واحدة قبل سنين طبع في ايران بأمر و تقديم سماحة آية اللّه المرحوم السيّد البروجردي تغمده اللّه برحمته، مع كتابين آخرين
و اقتصر رحمه اللّه في تقديمه علي مقالة النجاشيّ و أشار الى انه ليس له طريق الى روايته ممّا يشعر بتوهين الكتاب و قد قدمنا للقارئ مقالة النجاشيّ (ره) و ليس فيها ما يفيد ذلك صريحا، و استظهار ذلك في المقام بقرينة عدم روايته للكتاب لا يكفى.
خصوصا و قد روى عنه مشايخنا الاعلام و تلقوا روايته بالقبول فاودعوها اسفارهم، و نرشد القارئ الى مراجعة الفصول المهمة للشيخ الحرّ العامليّ رحمه اللّه 5 فانه اخرج عنه في أبواب مختلفة من أبواب الكليات المتعلقة بالطب و ما يناسبها و كذا الشيخ المجلسي (ره) في كتابه بحار الأنوار ج 14 و غيره فانه نقل عن طب الأئمة- هذا- كثيرا في أبواب مختلفة فليلاحظ
و قد رغب الأستاذ محمّد كاظم الكتبي وفقه اللّه لاعادة طبعه و تيسير نسخته النادرة لتكون في متناول القراء فحقيق بالشكر و حري بالدعاء فجزاه اللّه عن الدين و أهله خير الجزاء و له منا شكر غير ممنون و الحمد للّه على توفيقه و هدايته و نسأله ان يتقبل منا و منه انه ولي التوفيق و الإجابة
النجف الأشرف
7 ربيع الثاني سنة 1385 ه محمّد مهدي السيّد حسن الخرسان
[مقدمة المؤلف]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله حق حمده و صلى الله على محمد و آله الطيبين الطاهرين الأخيار و بعد فهذا كتاب يشتمل على طب أهل البيت ع
حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ وَ الْحُسَيْنُ ابْنَا بِسْطَامَ قَالا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ بِقَزْوِينَ وَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ عُلَمَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ ص قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَشَّاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَخِيهِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ ع عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ مَوْلَانَا الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ص قَالَ: عَادَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَيْفَ أَصْبَحْتَ مِنْ عِلَّتِكَ؟ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَحْمَدُ اللَّهَ كَثِيراً وَ أَشْكُو إِلَيْكَ كَثْرَةَ الضَّجَرِ قَالَ فَلَا تَضْجَرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ شِيعَتِنَا يُصِيبُهُ وَجَعٌ إِلَّا بِذَنْبٍ قَدْ سَبَقَ مِنْهُ وَ ذَلِكَ الْوَجَعُ تَطْهِيرٌ لَهُ قَالَ سَلْمَانُ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْتَ وَ هُوَ كَمَا ذَكَرْتَ فَلَيْسَ لَنَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَجْرٌ خَلَا التَّطْهِيرِ قَالَ عَلِيٌّ ع يَا سَلْمَانُ إِنَّ لَكُمُ الْأَجْرَ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ وَ التَّضَرُّعِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ اسْمُهُ وَ الدُّعَاءِ لَهُ بِهِمَا يُكْتَبُ لَكُمُ الْحَسَنَاتُ وَ يُرْفَعُ لَكُمُ الدَّرَجَاتُ وَ أَمَّا الْوَجَعُ فَهُوَ خَاصَّةً تَطْهِيرٌ وَ كَفَّارَةٌ قَالَ فَقَبَّلَ سَلْمَانُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ بَكَى وَ قَالَ مَنْ كَانَ يُمَيِّزُ لَنَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَوْلَاكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.