کتابخانه روایات شیعه
وَ لَمْ نُعِنْ عَلَيْكُمْ 236 قَالَ اللَّهُ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا
و أما قوله إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ قال الخديعة من الله العذاب- قوله إِذا قامُوا مع رسول الله ص إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ أنهم مؤمنون وَ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ- لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ أي لم يكونوا من المؤمنين و لا من اليهود ثم قال إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ نزلت في عبد الله بن أبي و جرت في كل منافق و مشرك و قوله لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ أي لا يحب أن يجهر الرجل بالظلم و السوء- و يظلم إلا من ظلم فقد أطلق له أن يعارضه بالظلم،
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا قَالَ إِنْ جَاءَكَ رَجُلٌ- وَ قَالَ فِيكَ مَا لَيْسَ فِيكَ مِنَ الْخَيْرِ وَ الثَّنَاءِ وَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَلَا تَقْبَلْهُ مِنْهُ- وَ كَذِّبْهُ فَقَدْ ظَلَمَكَ
، و قوله إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ- وَ يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَ رُسُلِهِ- وَ يَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَ نَكْفُرُ بِبَعْضٍ قال هم الذين أقروا برسول الله ص و أنكروا أمير المؤمنين ع وَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا- أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا .
و قوله فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ يعني فبنقضهم ميثاقهم وَ كُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَ قَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ قال هؤلاء لم يقتلوا الأنبياء- و إنما قتلهم أجدادهم و أجداد أجدادهم- فرضوا هؤلاء بذلك فألزمهم الله القتل بفعل أجدادهم، فكذلك من رضي بفعل فقد لزمه و إن لم يفعله، و الدليل على ذلك أيضا قوله في سورة البقرة « فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » فهؤلاء لم يقتلوهم- و لكنهم رضوا بقتل آبائهم فألزمهم فعلهم، و قوله وَ بِكُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً أي قولهم إنها فجرت و قوله قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ... عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ لما رفعه الله إليه- و قوله
وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ و قوله وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ- وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً
فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص إِذَا رَجَعَ آمَنَ بِهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ
قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ قَالَ لِيَ الْحَجَّاجُ بِأَنَّ آيَةً فِي كِتَابِ اللَّهِ قَدْ أَعْيَتْنِي، فَقُلْتُ أَيُّهَا الْأَمِيرُ أَيَّةُ آيَةٍ هِيَ فَقَالَ قَوْلُهُ « وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ » وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَمُرُّ بِالْيَهُودِيِّ وَ النَّصْرَانِيِّ فَيُضْرَبُ عُنُقُهُ ثُمَّ أَرْمُقُهُ بِعَيْنِي- فَمَا أَرَاهُ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ حَتَّى يَخْمُدَ، فَقُلْتُ أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ لَيْسَ عَلَى مَا تَأَوَّلْتَ، قَالَ كَيْفَ هُوَ قُلْتُ إِنَّ عِيسَى يَنْزِلُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَى الدُّنْيَا- فَلَا يَبْقَى أَهْلُ مِلَّةِ يَهُودِيٍّ وَ لَا نَصْرَانِيٍّ إِلَّا آمَنَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يُصَلِّي خَلْفَ الْمَهْدِيِّ، قَالَ وَيْحَكَ أَنَّى لَكَ هَذَا وَ مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهِ، فَقُلْتُ حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع، فَقَالَ جِئْتَ بِهَا وَ اللَّهِ مِنْ عَيْنٍ صَافِيَةٍ
فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ [يعقود] قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَنْ زَرَعَ حِنْطَةً فِي أَرْضٍ فَلَمْ يُزَكِّ فِي أَرْضِهِ- وَ زَرْعِهِ وَ خَرَجَ زَرْعُهُ كَثِيرَ الشَّعِيرِ- فَبِظُلْمِ عَمَلِهِ فِي مِلْكِ رَقَبَةِ الْأَرْضِ- أَوْ بِظُلْمِ مُزَارِعِهِ وَ أَكَرَتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ- وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً هَكَذَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ فَاقْرَءُوهَا هَكَذَا- وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُحِلَّ شَيْئاً فِي كِتَابِهِ- ثُمَّ يُحَرِّمَهُ مِنْ بَعْدِ مَا أَحَلَّهُ- وَ لَا أَنْ يُحَرِّمَ شَيْئاً ثُمَّ يُحِلَّهُ مِنْ بَعْدِ مَا حَرَّمَهُ، قُلْتُ وَ كَذَلِكَ أَيْضاً قَوْلُهُ وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما قَالَ نَعَمْ، قُلْتُ فَقَوْلُهُ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ ، قَالَ إِنَّ إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَكَلَ مِنْ لَحْمِ الْإِبِلِ- يَهِيجُ عَلَيْهِ وَجَعُ الْخَاصِرَةِ فَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ لَحْمَ الْإِبِلِ- وَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنْزِلَ التَّوْرَاةُ، فَلَمَّا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ
لَمْ يُحَرِّمْهُ وَ لَمْ يَأْكُلْهُ
و قوله لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ إلى قوله وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً فإنه محكم-.
و قوله لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ
فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ «لَكِنَّ اللَّهَ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ فِي عَلِيٍّ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ- وَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً» وَ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا- وَ ظَلَمُوا آلَ مُحَمَّدٍ حَقَّهُمْ- لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ- وَ لَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً- وَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً
و قوله فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ فهم الذين قالوا بالله و بعيسى و مريم فقال الله انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ- سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ- لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا و قوله لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ أي لا يأنف أن يكون عبدا لله وَ لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ- وَ مَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَ يَسْتَكْبِرْ- فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً و قوله يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ- وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً فالنور إمامة أمير المؤمنين ع، ثم قال فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ اعْتَصَمُوا بِهِ- فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَ فَضْلٍ و هم الذين تمسكوا بولاية أمير المؤمنين و الأئمة ع، و قوله يَسْتَفْتُونَكَ، قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ- إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ- وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ- فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ- وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَ نِساءً- فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَ لَهُ أُخْتٌ- تَأْخُذُ نِصْفَ مَا تَرَكَ مِنَ الْمِيرَاثِ
، لَهَا نِصْفُ الْمَيرَاثِ بِالْآيَةِ- كَمَا تَأْخُذُ الْبِنْتُ لَوْ كَانَتْ، وَ النِّصْفُ الْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهَا بِالرَّحِمِ- إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ أَقْرَبَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ مَوْضِعَ الْأُخْتِ أَخٌ- أَخَذَ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ بِالْآيَةِ لِقَوْلِ اللَّهِ وَ هُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها
وَلَدٌ وَ إِنْ كَانَتَا أُخْتَيْنِ أَخَذَتَا الثُّلُثَيْنِ بِالْآيَةِ- وَ الثُّلُثَ الْبَاقِي بِالرَّحِمِ وَ إِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَ نِساءً- فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَ ذَلِكَ كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ أَبَوَانِ أَوْ زَوْجَةٌ.
5 سورة المائدة مدنية و هي مائة و عشرون آية 120
فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَوْلُهُ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قَالَ بِالْعُهُودِ
، وَ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي ع فِي قَوْلِهِ:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص عَقَدَ عَلَيْهِمْ لِعَلِيٍّ بِالْخِلَافَةِ- فِي عَشَرَةِ مَوَاطِنَ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا- أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الَّتِي عُقِدَتْ عَلَيْكُمْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع
» و قال علي بن إبراهيم في قوله أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ قال الجنين في بطن أمه إذا أوبر و أشعر- فذكاته ذكاة أمه فذلك الذي عناه الله، و قوله أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ دليل على أن غير الأنعام محرم، و قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ- وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ لَا الْهَدْيَ وَ لَا الْقَلائِدَ- وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ فالشعائر الإحرام، و الطواف و الصلاة في مقام إبراهيم، و السعي بين الصفا و المروة، و مناسك الحج كلها من شعائر الله، و من الشعائر إذا ساق الرجل بدنة في الحج- ثم أشعرها أي قطع سنامها أو جللها أو قلدها- ليعلم الناس أنها هدي فلا تتعرض لها أحد، و إنما سميت الشعائر لتشعر الناس بها فيعرفونها، و قوله « وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ » و هو ذو الحجة و هو من الأشهر الحرم، و قوله « وَ لَا الْهَدْيَ » و هو الذي يسوقه إذا أحرم 237
« وَ لَا الْقَلائِدَ » قال يقلدها النعل الذي قد صلى فيه- و قوله « وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ » قال الذين يحجون البيت الحرام و قوله وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا فأحل لهم الصيد بعد تحريمه إذا أحلوا، و قوله وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ- أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا أي لا يحملنكم عداوة قريش إن صدوك عن المسجد الحرام في غزوة الحديبية أن تعتدوا عليهم و تظلموهم- ثم نسخت هذه الآية بقوله « فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ».
و أما قوله حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ- وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ- وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ- وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ فالميتة و الدم و لحم الخنزير معروف، وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ يعني به ما ذبح للأصنام، وَ الْمُنْخَنِقَةُ : فإن المجوس كانوا لا يأكلون الذبائح- و يأكلون الميتة، و كانوا يخنقون البقر و الغنم- فإذا ماتت أكلوها، وَ الْمَوْقُوذَةُ كانوا يشدون عينيها و أرجلها- و يضربونها حتى تموت، فإذا ماتت أكلوها، وَ الْمُتَرَدِّيَةُ : كانوا يشدون عينها و يلقونها من السطح، فإذا ماتت أكلوها، وَ النَّطِيحَةُ : كانوا يتناطحون بالكباش- فإذا مات أحدهما أكلوه وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ : فإنهم كانوا يأكلون ما يأكله الذئب- و الأسد و الدب فحرم الله ذلك، وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ : كانوا يذبحون لبيوت النيران، و قريش كانوا يعبدون الشجر و الصخر فيذبحون لها، وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ : قال كانوا يعمدون إلى الجزور- فيجزونه عشرة أجزاء- ثم يجتمعون عليه فيخرجون السهام- و يدفعونها إلى رجل، و السهام عشرة سبعة لها أنصباء و ثلاثة لا أنصباء لها، فالتي لها أنصباء، الفذ، و التوأم، و المسبل، و النافس، و الحلس [الحليس]، و الرقيب، و المعلى، فالفذ له سهم و التوأم له سهمان- و المسبل له ثلاثة أسهم و النافس له أربعة أسهم- و الحلس له خمسة أسهم- و الرقيب له ستة أسهم- و المعلى
له سبعة أسهم، و التي لا أنصباء لها السفح و المنيح و الوغد، و ثمن الجزور على من لم يخرج له الأنصباء شيئا، و هو القمار فحرمه الله عز و جل-.
و قوله الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ قال ذلك لما نزلت ولاية أمير المؤمنين ع و أما قوله الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ- وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً
فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ آخِرُ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ الْوَلَايَةُ- ثُمَّ لَمْ يُنْزِلْ بَعْدَهَا فَرِيضَةً- ثُمَّ أَنْزَلَ « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » بِكُرَاعِ الْغَنَمِ 238 فَأَقَامَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْجُحْفَةِ فَلَمْ يُنْزِلْ بَعْدَهَا فَرِيضَةً
و أما قوله فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فهو رخصة للمضطر- أن يأكل الميتة و الدم و لحم الخنزير، و المخمصة الجوع
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ ، قَالَ يَقُولُ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لِإِثْمٍ
، و قال علي بن إبراهيم في قوله غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ أي غير مائل في الإثم- فلا يأكل الميتة إذا اضطر إليها- إذا كان في سفر غير حق، و كذلك إن كان في قطع الطريق أو ظلم أو جور قوله يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ- مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ و هو صيد الكلاب المعلمة خاصة- أحله الله إذا أدركته و قتلته- لقوله « فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ »
وَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ صَيْدِ الْبُزَاةِ وَ الصُّقُورِ وَ الْفُهُودِ وَ الْكِلَابِ، قَالَ لَا تَأْكُلُوا إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ إِلَّا الْكِلَابَ، قُلْتُ فَإِنْ قَتَلَهُ قَالَ كُلْ- فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ- مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ- فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ، ثُمَّ قَالَ ع كُلُّ شَيْءٍ مِنَ السِّبَاعِ- تُمْسِكُ الصَّيْدَ عَلَى نَفْسِهَا
إِلَّا الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ- فَإِنَّهَا تُمْسِكُ عَلَى صَاحِبِهَا- قَالَ إِذَا أَرْسَلْتَ الْكَلْبَ الْمُعَلَّمَ- فَ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ، فَهُوَ ذَكَاتُهُ وَ قَوْلُهُ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ- وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ قَالَ عَنَى بِطَعَامِهِمُ الْحُبُوبَ وَ الْفَاكِهَةَ- غَيْرَ الذَّبَائِحِ الَّتِي يَذْبَحُونَهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى ذَبَائِحِهِمْ، ثُمَّ قَالَ وَ اللَّهِ مَا اسْتَحَلُّوا ذَبَائِحَكُمْ- فَكَيْفَ تَسْتَحِلُّونَ ذَبَائِحَهُمْ.
و قوله وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ فقد أحل الله نكاح أهل الكتاب بعد تحريمه- في قوله في سورة البقرة وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ و إنما يحل نكاح أهل الكتاب الذين يؤدون الجزية على ما يجب- فأما إذا كانوا في دار الشرك- و لم يؤدوا الجزية لم يحل مناكحتهم- و قوله وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ قال من آمن ثم أطاع أهل الشرك- فقد حبط عمله و كفر بالإيمان وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ و قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ- فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ يعني من المرفق و هو محكم و قوله وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ مِيثاقَهُ- الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ قال لما أخذ رسول الله ص الميثاق عليهم بالولاية- قالوا سمعنا و أطعنا، ثم نقضوا ميثاقهم