کتابخانه روایات شیعه
أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ ثم قال أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ و هو معطوف على قوله أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ- نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ .
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع لَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ
و قوله:
بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا يعني من القرآن و لهم أعمال من دون ذلك هُمْ لَها عامِلُونَ يقول ما كتب عليهم في اللوح- ما هم عاملون قبل أن يخلقوا هم- لذلك الأعمال المكتوبة عاملون- و قال علي بن إبراهيم في قوله: وَ لَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِ أي عليكم- ثم قال: بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا أي في شك مما يقولون
و قوله: حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ يعني كبراءهم بالعذاب إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ أي يضجون فرد الله عليهم لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ إلى قوله مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ أي جعلتموه سمرا و هجرتموه
و قوله:
أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ يعني برسول الله ص فرد الله عليهم بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ و قوله: وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ- لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَ قال: الحق رسول الله ص و أمير المؤمنين ع و الدليل على ذلك قوله: « قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ » يعني بولاية أمير المؤمنين ع و قوله: « وَ يَسْتَنْبِئُونَكَ » أي يا محمد أهل مكة في علي « أَ حَقٌّ هُوَ » إمام هو « قُلْ إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌ » أي لإمام، و مثله كثير- و الدليل على أن الحق رسول الله ص و أمير المؤمنين ع قول الله عز و جل: و لو اتبع رسول الله ص و أمير المؤمنين ع قريشا لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَ ، ففساد السماء إذا لم تمطر- و فساد الأرض إذا لم تنبت- و فساد الناس في ذلك
و قوله وَ إِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ قال إلى ولاية أمير المؤمنين ع قال:
وَ إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ قال عن الإمام لحائدون ثم حكى الله عز و جل قول الدهرية قالُوا أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ إلى قوله أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ يعني أكاذيب الأولين فرد الله عليهم فقال: بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ثم رد الله على الثنوية الذين قالوا بإلهين- فقال الله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ- وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ- إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ قال: لو كان إلهين كما زعمتم لكانا يختلفان فيخلق هذا و لا يخلق هذا- و يريد هذا و لا يريد هذا- و يطلب كل واحد منهما الغلبة- و إذا أراد أحدهما خلق إنسان- أراد الآخر خلق بهيمة- فيكون إنسانا و بهيمة في حالة واحدة- و هذا غير موجود- فلما بطل هذا ثبت التدبير و الصنع لواحد و دل أيضا التدبير و ثباته- و قوام بعضه ببعض على أن الصانع واحد- و ذلك قوله:
مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ إلى قوله لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ثم قال آنفا سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ و قوله: وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ قال ما يقع في قلبك من وسوسة الشياطين- و قوله: حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ- قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ- كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها فإنها نزلت في مانع الزكاة و الخمس-.
وَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ خَالِدٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ مَا مِنْ ذِي مَالٍ ذَهَبٍ وَ لَا فِضَّةٍ يَمْنَعُ زَكَاةَ مَالِهِ أَوْ خُمُسَهُ- إِلَّا حَبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَفْرٍ- وَ سَلَّطَ عَلَيْهِ سِبَاعاً تُرِيدُهُ وَ تَحِيدُ عَنْهُ [فِيهِ] فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَحِيصَ لَهُ أَمْكَنَهُ مِنْ يَدِهِ فَقَضِمَهَا كَمَا يُقْضَمُ الْفُجْلُ- وَ مَا مِنْ ذِي مَالٍ إِبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ يَمْنَعُ زَكَاةَ مَالِهِ- إِلَّا حَبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَفْرٍ- يَنْطَحُهُ كُلُّ ذَاتِ قَرْنٍ بِقَرْنِهَا- وَ كُلُّ ذِي ظِلْفٍ بِظِلْفِهَا وَ مَا مِنْ ذِي مَالٍ نَخْلٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ كَرْمٍ يَمْنَعُ زَكَاةَ مَالِهِ- إِلَّا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ رَفَعَ أَرْضَهُ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ يُقَلِّدُهُ [يُقَلِّبُهُ] إِيَّاهُ
و قوله: وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ
إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال البرزخ هو أمر بين أمرين- و هو الثواب و العقاب بين الدنيا و الآخرة- و هو رد على من أنكر عذاب القبر- و الثواب و العقاب قبل القيامة و هو
قَوْلُ الصَّادِقِ ع وَ اللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْبَرْزَخَ- فَأَمَّا إِذَا صَارَ الْأَمْرُ إِلَيْنَا فَنَحْنُ أَوْلَى بِكُمْ
، وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع إِنَّ الْقَبْرَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ
، وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ: أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ ، يَقُولُ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَأَجْرُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ هُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
و قوله: وَ لَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ- فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما يَتَضَرَّعُونَ فهو الجوع و الخوف و القتل- و قوله: حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ- إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ يقول آيسون
و أما قوله: غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا فإنهم علموا حين عاينوا أمر الآخرة- أن الشقي كتب عليهم علموا حين لم ينفعهم العلم- قالوا رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها- فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ- قالَ اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ فبلغني و الله أعلم- أنهم تداركوا بعضهم على بعض سبعين عاما- حتى انتهوا إلى قعر جهنم.
و قال علي بن إبراهيم في قوله: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ- فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ فإنه رد على من يفتخر بالأنساب
قَالَ الصَّادِقُ ع لَا يَتَقَدَّمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَدٌ إِلَّا بِالْأَعْمَالِ
و الدليل على ذلك
قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ص يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْعَرَبِيَّةَ لَيْسَتْ بِأَبٍ وَ جَدٍّ- وَ إِنَّمَا هُوَ لِسَانٌ نَاطِقٌ- فَمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ فَهُوَ عَرَبِيٌّ- أَلَا إِنَّكُمْ وُلْدُ آدَمَ وَ آدَمُ مِنْ تُرَابٍ- وَ اللَّهِ لَعَبْدٌ حَبَشِيٌّ حِينَ أَطَاعَ اللَّهَ- خَيْرٌ مِنْ سَيِّدٍ قُرَشِيٍّ عَصَى اللَّهَ- وَ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ
و الدليل على ذلك قوله عز و جل: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ- وَ لا يَتَساءَلُونَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ يعني بالأعمال الحسنة فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ قال من الأعمال الحسنة فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ و قوله تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ قال أي تلهب عليهم فتحرقهم وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ أي مفتوحي الفم متربدي الوجوه
و قوله:
قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ- قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ قال سل الملائكة الذين كانوا يعدون علينا الأيام- و يكتبون ساعاتنا و أعمالنا التي اكتسبناها فيها على الأنام- فرد الله عليهم فقال قل لهم يا محمد إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ- أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ و قوله: وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ أي لا حجة له به فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ وَ قُلْ يا محمد رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ
24 سورة النور مدنية آياتها أربع و ستون 64
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها- وَ أَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ يعني كي تذكروا- و قوله: الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ و هي ناسخة لقوله وَ اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ إلى آخر الآية- و قوله: وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ يعني لا تأخذكم الرأفة على الزاني و الزانية في دين الله إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ في إقامة الحد عليهما-.
و كانت آية الرجم نزلت: الشَّيْخُ وَ الشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ- فَإِنَّهُمَا قَضَيَا الشَّهْوَةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ- وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ: وَ لْيَشْهَدْ عَذابَهُما يَقُولُ ضَرْبَهُمَا طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُجْمَعُ لَهُمُ النَّاسُ إِذَا جُلِدُوا.
و قال علي بن إبراهيم ثم حرم الله عز و جل نكاح الزواني فقال الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً- وَ الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ- وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ و هو رد على من يستحل التمتع بالزواني و التزويج بهن- و هن المشهورات
المعروفات في الدنيا- لا يقدر الرجل على تحصينهن، و نزلت هذه الآية في نساء مكة كن مستعلنات بالزنا سارة و حنتمة و الرباب كن يغنين بهجاء رسول الله ص فحرم الله نكاحهن، و جرت بعدهن في النساء من أمثالهن-.
و الزنا على وجوه و الحد فيه على وجوه
فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَحْضَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ سِتَّةَ نَفَرٍ أُخِذُوا بِالزِّنَا- فَأَمَرَ أَنْ يُقَامَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدُّ- وَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع جَالِساً عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ يَا عُمَرُ لَيْسَ هَذَا حُكْمَهُمْ، قَالَ: فَأَقِمْ أَنْتَ عَلَيْهِمْ الْحَدَّ، فَقَدَّمَ وَاحِداً مِنْهُمْ فَضَرَبَ عُنُقَهُ- وَ قَدَّمَ الثَّانِيَ فَرَجَمَهُ- وَ قَدَّمَ الثَّالِثَ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ- وَ قَدَّمَ الرَّابِعَ فَضَرَبَهُ نِصْفَ الْحَدِّ- وَ قَدَّمَ الْخَامِسَ فَعَزَّرَهُ وَ أَمَّا السَّادِسُ فَأَطْلَقَهُ- فَتَعَجَّبَ عُمَرُ وَ تَحَيَّرَ النَّاسُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ سِتَّةُ نَفَرٍ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ- أَقَمْتَ عَلَيْهِمْ سِتَّ عُقُوبَاتِ لَيْسَ مِنْهَا حُكْمٌ يُشْبِهُ الْآخَرَ- فَقَالَ نَعَمْ أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَانَ ذِمِّيّاً زَنَى بِمُسْلِمَةٍ وَ خَرَجَ عَنْ ذِمَّتِهِ فَالْحُكْمُ فِيهِ السَّيْفُ، وَ أَمَّا الثَّانِي فَرَجُلٌ مُحْصَنٌ زَنَى فَرَجَمْنَاهُ، وَ أَمَّا الثَّالِثُ فَغَيْرُ مُحْصَنٍ فَحَدَدْنَاهُ، وَ أَمَّا الرَّابِعُ فَعَبْدٌ زَنَى فَضَرَبْنَاهُ نِصْفَ الْحَدِّ، وَ أَمَّا الْخَامِسُ فَكَانَ مِنْهُ ذَلِكَ الْفِعْلُ بِالشُّبْهَةِ- فَعَزَّرْنَاهُ وَ أَدَّبْنَاهُ- وَ أَمَّا السَّادِسُ فَمَجْنُونٌ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ سَقَطَ مِنْهُ التَّكْلِيفُ.
و أما قوله: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ إلى قوله وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً
فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ الْقَاذِفُ يُجْلَدُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً- وَ لَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ أَبَداً- إِلَّا بَعْدَ التَّوْبَةِ أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ- فَإِنْ شَهِدَ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَ أَبَى وَاحِدٌ- يُجْلَدُ الثَّلَاثَةُ وَ لَا يُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ- حَتَّى يَقُولَ أَرْبَعَةٌ رَأَيْنَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَ مَنْ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ زَنَى- لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ حَتَّى يُعِيدَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
إِنِّي زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي- فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: أَ بِكَ جُنَّةٌ فَقَالَ: لَا- قَالَ أَ فَتَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئاً قَالَ: نَعَمْ- فَقَالَ لَهُ: مِمَّنْ أَنْتَ فَقَالَ: أَنَا مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ قَالَ: اذْهَبْ حَتَّى أَسْأَلَ عَنْكَ فَسَأَلَ عَنْهُ، قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا رَجُلٌ صَحِيحُ الْعَقْلِ مُسْلِمٌ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي، فَقَالَ:
وَيْحَكَ أَ لَكَ زَوْجَةٌ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكُنْتَ حَاضِرَهَا أَوْ غَائِباً عَنْهَا قَالَ: بَلْ كُنْتُ حَاضِرَهَا- قَالَ: اذْهَبْ حَتَّى نَنْظُرَ فِي أَمْرِكَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ الثَّالِثَةَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فِي الرَّابِعَةِ، فَقَالَ: إِنِّي زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي، فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِحَبْسِهِ ثُمَّ نَادَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَحْتَاجُ أَنْ نُقِيمَ عَلَيْهِ حَدَّ اللَّهِ- فَاخْرُجُوا مُتَنَكِّرِينَ لَا يَعْرِفُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَ مَعَكُمْ أَحْجَارُكُمْ- فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَخْرَجَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِالْغَلَسِ 407 وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ حَفَرَ حَفِيرَةً وَ وَضَعَهُ فِيهَا ثُمَّ نَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ حُقُوقُ اللَّهِ لَا يَطْلُبُهَا مَنْ كَانَ عِنْدَهُ لِلَّهِ حَقٌّ مِثْلُهُ- فَمَنْ كَانَ لِلَّهِ عَلَيْهِ حَقٌّ مِثْلُهُ فَلْيَنْصَرِفْ- فَإِنَّهُ لَا يُقِيمُ الْحَدَّ مِنَ اللَّهِ مَنْ لِلَّهِ عَلَيْهِ الْحَدُّ- فَانْصَرَفَ النَّاسُ فَأَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع حَجَراً فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ فَرَمَاهُ- ثُمَّ أَخَذَ الْحَسَنُ ع مِثْلَهُ- ثُمَّ فَعَلَ الْحُسَيْنُ ع مِثْلَهُ فَلَمَّا مَاتَ أَخْرَجَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ صَلَّى عَلَيْهِ- فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَ لَا تُغَسِّلُهُ قَالَ: قَدِ اغْتَسَلَ بِمَا هُوَ مِنْهَا طَاهِرٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ أَتَى هَذِهِ الْقَاذُورَةَ 408 فَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ- فَوَ اللَّهِ لَتَوْبَةٌ إِلَى اللَّهِ فِي السِّرِّ- لَأَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَفْضَحَ نَفْسَهُ وَ يَهْتِكَ سِتْرَهُ.
و أما قوله وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ إلى قوله إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فإنها نزلت في اللعان، و كان سبب ذلك
أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ جَاءَهُ عُوَيْمِرُ بْنُ سَاعِدَةَ الْعَجْلَانِيُّ وَ كَانَ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي زَنَى بِهَا شَرِيكُ بْنُ السَّمْحَاءِ وَ هِيَ مِنْهُ حَامِلٌ- فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْزِلَهُ- فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ آيَةُ اللِّعَانِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ صَلَّى بِالنَّاسِ الْعَصْرَ وَ قَالَ لِعُوَيْمِرٍ: ائْتِنِي بِأَهْلِكَ فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمَا قُرْآناً، فَجَاءَ إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص يَدْعُوكِ- وَ كَانَتْ فِي شَرَفٍ مِنْ قَوْمِهَا فَجَاءَ مَعَهَا جَمَاعَةٌ فَلَمَّا دَخَلَتِ الْمَسْجِدَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعُوَيْمِرٍ تَقَدَّمَا إِلَى الْمِنْبَرِ وَ الْتَعِنَا، قَالَ فَكَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ تَقَدَّمْ وَ قُلْ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي إِذاً لِمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ، قَالَ فَتَقَدَّمَ وَ قَالَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَعِدْهَا فَأَعَادَهَا- ثُمَّ قَالَ أَعِدْهَا حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ لَهُ فِي الْخَامِسَةِ- عَلَيْكَ لَعْنَةُ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتَهَا بِهِ- فَقَالَ وَ الْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّعْنَةَ لَمَوْجِبَةٌ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً- ثُمَّ قَالَ لَهُ تَنَحَّ فَتَنَحَّى عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ تَشْهَدِينَ كَمَا شَهِدَ- وَ إِلَّا أَقَمْتُ عَلَيْكِ حَدَّ اللَّهِ، فَنَظَرَتْ فِي وُجُوهِ قَوْمِهَا- فَقَالَتْ لَا أُسَوِّدُ هَذِهِ الْوُجُوهَ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ، فَتَقَدَّمَتْ إِلَى الْمِنْبَرِ وَ قَالَتْ: