کتابخانه روایات شیعه
وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى و لم يقل استحب الله- كما زعمت المجبرة أن الأفعال أحدثها الله لنا فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ يعني ما فعلوه- و قوله: وَ يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ أي يجيئون من كل ناحية
و قوله: حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَ أَبْصارُهُمْ- وَ جُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فإنها نزلت في قوم يعرض عليهم أعمالهم- فينكرونها فيقولون ما عملنا منها شيئا، فتشهد عليهم الملائكة الذين كتبوا عليهم أعمالهم،
فَقَالَ الصَّادِقُ ع فَيَقُولُونَ لِلَّهِ: يَا رَبِّ- هَؤُلَاءِ مَلَائِكَتُكَ يَشْهَدُونَ لَكَ- ثُمَّ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً- وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ: « يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً- فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ » وَ هُمُ الَّذِينَ غَصَبُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فَعِنْدَ ذَلِكَ يَخْتِمُ اللَّهُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ وَ يُنْطِقُ جَوَارِحَهُمْ- فَيَشْهَدُ السَّمْعُ بِمَا سَمِعَ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ- وَ يَشْهَدُ الْبَصَرُ بِمَا نَظَرَ بِهِ إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ- وَ تَشْهَدُ الْيَدَانِ بِمَا أَخَذَتَا- وَ تَشْهَدُ الرِّجْلَانِ بِمَا سَعَتَا فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ- وَ يَشْهَدُ الْفَرْجُ بِمَا ارْتَكَبَ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ- ثُمَّ أَنْطَقَ اللَّهُ أَلْسِنَتَهُمْ وَ قالُوا هُمْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا- قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ- وَ هُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ- وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَيْ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ الْجُلُودُ الْفُرُوجُ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ- وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ- فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ .
قَالَ: فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع حَدِيثٌ يَرْوِيهِ النَّاسُ- فِيمَنْ يُؤْمَرُ بِهِ آخِرَ النَّاسِ إِلَى النَّارِ فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: إِنَّ آخِرَ عَبْدٍ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ فَإِذَا أُمِرَ بِهِ الْتَفَتَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ رُدُّوهُ فَيَرُدُّونَهُ- فَيَقُولُ لَهُ: لِمَ الْتَفَتَّ إِلَيَّ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَمْ يَكُنْ ظَنِّي بِكَ هَذَا- فَيَقُولُ: وَ مَا كَانَ ظَنُّكَ بِي فَيَقُولُ يَا رَبِّ كَانَ ظَنِّي بِكَ- أَنْ تَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي وَ تُسْكِنَنِي جَنَّتَكَ قَالَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ يَا مَلَائِكَتِي
لَا وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي وَ آلَائِي وَ عُلُوِّي- وَ ارْتِفَاعِ مَكَانِي مَا ظَنَّ بِي عَبْدِي سَاعَةً مِنْ خَيْرٍ قَطُّ- وَ لَوْ ظَنَّ بِي سَاعَةً مِنْ خَيْرٍ مَا رَوَّعْتُهُ بِالنَّارِ أَجِيزُوا لَهُ كَذِبَهُ فَأَدْخِلُوهُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَظُنُّ بِاللَّهِ خَيْراً- إِلَّا كَانَ عِنْدَ ظَنِّهِ بِهِ- وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ « وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ- فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ
» قوله:
فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ يعني يخسروا و يخسئوا وَ إِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ أي لا يجابوا إلى ذلك قوله وَ قَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ يعني الشياطين من الجن و الإنس الأردياء فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أي ما كانوا يفعلون وَ ما خَلْفَهُمْ أي ما يقال لهم إنه يكون خلفكم كله باطل و كذب وَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ و العذاب- و قوله وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ أي تصيرونه سخرية و لغوا
وَ قَوْلُهُ وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا- رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ قَالَ الْعَالِمُ ع مِنَ الْجِنِّ إِبْلِيسُ الَّذِي دَبَّرَ عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص فِي دَارِ النَّدْوَةِ وَ أَضَلَّ النَّاسَ بِالْمَعَاصِي- وَ جَاءَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ص إِلَى فُلَانٍ فَبَايَعَهُ- وَ مِنَ الْإِنْسِ فُلَانٌ
نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ثم ذكر المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين ع فقال إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا قال على ولاية أمير المؤمنين ع قوله تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ قال عند الموت أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا- وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ- نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا قال كنا نحرسكم من الشياطين وَ فِي الْآخِرَةِ أي عند الموت وَ لَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ يعني في الجنة نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ .
قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ مَا يَمُوتُ مُوَالٍ لَنَا مُبْغِضٌ لِأَعْدَائِنَا- إِلَّا وَ يَحْضُرُهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ع فيسروه [فَيَسُرُّونَهُ] وَ يبشروه [يُبَشِّرُونَهُ]، وَ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُوَالٍ لَنَا يَرَاهُمْ
بِحَيْثُ يَسُوؤُهُ
، و الدليل على ذلك
قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع لِحَارِثٍ الْهَمْدَانِيِّ:
يَا حَارِ هَمْدَانَ مَنْ يَمُتْ يَرَنِي
مِنْ مُؤْمِنٍ أَوْ مُنَافِقٍ قُبُلًا
.
ثم أدب الله نبيه ص فقال وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ قال ادفع سيئة من أساء إليك بحسنتك- حتى يكون الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ثم قال وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا- وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ- وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ أي إن عرض بقلبك نزغ من الشيطان فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ و المخاطبة لرسول الله ص و المعنى للناس- ثم احتج على الدهرية فقال وَ مِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً أي ساكنة هامدة إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا يعني ينكرون لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا ثم استفهم عز و جل على المجاز فقال أَ فَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ .
و قوله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ يعني بالقرآن.
ثم قال وَ لَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا- لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌ قال لو كان هذا القرآن أعجميا- لقالوا لو لا أنزل بالعربية- فقال الله قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَ شِفاءٌ أي تبيان وَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ أي صمم
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ يَعْنِي الْقُرْآنَ الَّذِي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ قَالَ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ قِبَلِ التَّوْرَاةِ وَ لَا مِنْ قِبَلِ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ أَمَّا مِنْ خَلْفِهِ لَا يَأْتِيهِ مِنْ بَعْدِهِ كِتَابٌ يُبْطِلُهُ
و قوله لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ءَ أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌ قال لو كان هذا القرآن أعجميا لقالوا كيف نتعلمه و لساننا عربي- و آتينا بقرآن أعجمي- فأحب الله أن ينزله بلسانهم و قد قال الله عز و جل وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ .
و قال علي بن إبراهيم في قوله وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي يعني ما كانوا يعبدون من دون الله قالُوا آذَنَّاكَ أي أعلمناك
ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ إلى قوله وَ ظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ أي علموا أنه لا محيص لهم و لا ملجأ و لا مفر- و قوله: لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ أي لا يمل و لا يعيى أن يدعو لنفسه بالخير وَ إِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ أي يائس من روح الله و فرجه، ثم قال: وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى بِجانِبِهِ أي يتبختر و يتعظم و يستحقر من هو دونه وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ أي الفقر و المرض و الشدة فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ أي يكثر الدعاء
و قوله: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ- حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ فمعنى في الآفاق الكسوف و الزلازل- و ما يعرض في السماء من الآيات، و أما في أنفسهم فمرة بالجوع و مرة بالعطش- و مرة يشبع و مرة يروى و مرة يمرض- و مرة يصح و مرة يستغني و مرة يفتقر- و مرة يرضى و مرة يغضب و مرة يخاف و مرة يأمن- فهذا من عظيم دلالة الله على التوحيد قال الشاعر:
و في كل شيء له آية
تدل على أنه واحد
.
ثم أرهب عباده بلطيف عظمته فقال: أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ يا محمد أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ثم قال أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ أي في شك مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ كناية عن الله بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ .
42 سورة الشورى مكية آياتها ثلاث و خمسون 53
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- حم عسق هو حروف من اسم الله الأعظم المقطوع- يؤلفه رسول الله ص أو الإمام (ع) فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعا الله به أجاب- ثم قال: كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ- وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ عَنِ الْعَمْرَكِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَمَاعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مسيرة [مَيْسَرَةَ] الْخَثْعَمِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ حم عسق أَعْدَادُ سِنِي الْقَائِمِ وَ قَافٌ جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ- فَخُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ وَ عِلْمُ كُلِّ شَيْءٍ فِي عسق .
و قال علي بن إبراهيم في قوله: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَ الْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ- وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ قال للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة، و لفظ الآية عامة و معناه خاص و قوله: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا- لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها قال: أم القرى مكة سميت أم القرى لأنها أول بقعة خلقها الله من الأرض- لقوله « إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً »
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَ أَيْ يَتَصَدَّعْنَ- وَ قَوْلُهُ لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى مَكَّةَ وَ مَنْ حَوْلَها سَائِرَ الْأَرْضِ
و قوله وَ تُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ- فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ
قَالَ: فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَيْنِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْبَجَلِيِّ [النحلي] عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ لَمَّا بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع أَمْرُ مُعَاوِيَةَ وَ أَنَّهُ فِي مِائَةِ أَلْفٍ- قَالَ مِنْ أَيِّ الْقَوْمِ قَالُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ ع لَا تَقُولُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَ لَكِنْ قُولُوا مِنْ أَهْلِ الشُّومِ- هُمْ مِنْ أَبْنَاءِ مُضَرَ لُعِنُوا عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ فَجَعَلَ اللَّهُ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنَازِيرَ، ثُمَّ كَتَبَ ع إِلَى مُعَاوِيَةَ لَا تَقْتُلِ النَّاسَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ هَلُمَّ إِلَى الْمُبَارَزَةِ- فَإِنْ أَنَا قَتَلْتُكَ فَإِلَى النَّارِ أَنْتَ- وَ تَسْتَرِيحُ النَّاسُ مِنْكَ وَ مِنْ ضَلَالَتِكَ- وَ إِنْ قَتَلْتَنِي فَأَنَا إِلَى الْجَنَّةِ وَ يُغْمَدُ عَنْكَ السَّيْفُ الَّذِي لَا يَسَعُنِي غِمْدُهُ- حَتَّى أَرُدَّ مَكْرَكَ وَ بِدْعَتَكَ، وَ أَنَا الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ اسْمَهُ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ بِمُؤَازَرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص، وَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ ص تَحْتَ الشَّجَرَةِ فِي قَوْلِهِ:
« لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ- إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ».
فَلَمَّا قَرَأَ مُعَاوِيَةُ كِتَابَهُ وَ عِنْدَهُ جُلَسَاؤُهُ قَالُوا- وَ اللَّهِ قَدْ أَنْصَفَكَ- فَقَالَ مُعَاوِيَةُ وَ اللَّهِ مَا أَنْصَفَنِي- وَ اللَّهِ لَأَرْمِيَنَّهُ بِمِائَةِ أَلْفِ سَيْفٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَصِلَ إِلَيَّ، وَ وَ اللَّهِ مَا أَنَا مِنْ رِجَالِهِ، وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ- وَ اللَّهِ يَا عَلِيُّ لَوْ بَارَزَكَ أَهْلُ الشَّرْقِ وَ الْغَرْبِ لَقَتَلْتَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ- فَمَا يَحْمِلُكَ يَا مُعَاوِيَةُ عَلَى قِتَالِ مَنْ تَعْلَمُ- وَ تُخْبِرُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص بِمَا تُخْبِرُ مَا أَنْتَ وَ نَحْنُ فِي قِتَالِهِ إِلَّا عَلَى الضَّلَالَةِ! فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّمَا هَذَا بَلَاغٌ مِنَ اللَّهِ وَ رِسالاتِهِ وَ اللَّهِ مَا أَسْتَطِيعُ أَنَا وَ أَصْحَابِي رَدَّ ذَلِكَ- حَتَّى يَكُونَ مَا هُوَ كَائِنٌ.
قَالَ: وَ بَلَغَ ذَلِكَ مَلِكَ الرُّومِ وَ أُخْبِرَ أَنَّ رَجُلَيْنِ قَدْ خَرَجَا يَطْلُبَانِ الْمُلْكَ- فَسَأَلَ مِنْ أَيْنَ خَرَجَا فَقِيلَ لَهُ رَجُلٌ بِالْكُوفَةِ وَ رَجُلٌ بِالشَّامِ قَالَ: فَلِمَنِ الْمُلْكُ الْآنَ فَأَمَرَ وُزَرَاءَهُ- فَقَالَ تَخَلَّلُوا هَلْ تُصِيبُونَ مِنْ تُجَّارِ الْعَرَبِ مَنْ يَصِفُهُمَا لِي، فَأُتِيَ بِرَجُلَيْنِ مِنْ تُجَّارِ الشَّامِ وَ رَجُلَيْنِ مِنْ تُجَّارِ مَكَّةَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ صِفَتِهِمَا فَوَصَفُوهُمَا لَهُ- ثُمَّ قَالَ لِخُزَّانِ بُيُوتِ خَزَائِنِهِ أَخْرِجُوا إِلَيَّ الْأَصْنَامَ- فَأَخْرَجُوهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا- فَقَالَ: الشَّامِيُّ ضَالٌّ وَ الْكُوفِيُّ هَادٍ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ أَعْلَمَ أَهْلِ بَيْتِكَ- وَ كَتَبَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ أَعْلَمَ أَهْلِ بَيْتِكَ، فَأَسْمَعَ مِنْهُمَا ثُمَّ أَنْظُرَ فِي الْإِنْجِيلِ كِتَابِنَا- ثُمَّ أُخْبِرَكُمَا مَنْ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ وَ خَشِيَ عَلَى مُلْكِهِ، فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ يَزِيدَ ابْنَهُ وَ بَعَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْحَسَنَ ابْنَهُ ع- فَلَمَّا دَخَلَ يَزِيدُ عَلَى الْمَلِكِ- أَخَذَ بِيَدِهِ وَ قَبَّلَهَا ثُمَّ قَبَّلَ رَأْسَهُ- ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي يَهُودِيّاً وَ لَا نَصْرَانِيّاً وَ لَا مَجُوسِيّاً وَ لَا عَابِداً لِلشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ لَا الصَّنَمِ وَ لَا الْبَقَرِ- وَ جَعَلَنِي حَنِيفاً مُسْلِماً وَ لَمْ يَجْعَلْنِي مِنَ الْمُشْرِكِينَ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، ثُمَّ جَلَسَ لَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَى الرَّجُلَيْنِ أَخْرَجَهُمَا ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا- ثُمَّ بَعَثَ إِلَى يَزِيدَ فَأَحْضَرَهُ- ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ خَزَائِنِهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ صُنْدُوقاً- فِيهَا تَمَاثِيلُ الْأَنْبِيَاءِ- وَ قَدْ زُيِّنَتْ بِزِينَةِ كُلِّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ
فَأَخْرَجَ صَنَماً فَعَرَضَهُ عَلَى يَزِيدَ فَلَمْ يَعْرِفْهُ- ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِ صَنَماً صَنَماً فَلَا يَعْرِفُ مِنْهَا شَيْئاً وَ لَا يُجِيبُ مِنْهَا بِشَيْءٍ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ أَرْزَاقِ الْخَلَائِقِ- وَ عَنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ أَيْنَ تَجْتَمِعُ وَ عَنْ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ أَيْنَ تَكُونُ إِذَا مَاتُوا فَلَمْ يَعْرِفْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً- ثُمَّ دَعَا الْمَلِكُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ع فَقَالَ: إِنَّمَا بَدَأْتُ بِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ كَيْ يَعْلَمَ أَنَّكَ تَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُ- وَ يَعْلَمُ أَبُوكَ مَا لَا يَعْلَمُ أَبُوهُ- فَقَدْ وُصِفَ لِي أَبُوكَ وَ أَبُوهُ وَ نَظَرْتُ فِي الْإِنْجِيلِ فَرَأَيْتُ فِيهِ مُحَمَّداً رَسُولَ اللَّهِ ص وَ الْوَزِيرَ عَلِيّاً ع فَنَظَرْتُ فِي الْأَوْصِيَاءِ- فَرَأَيْتُ فِيهَا أَبَاكَ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ص.