کتابخانه روایات شیعه
قَالَ: فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ الَّذِينَ مَاتُوا قَبْلَ الْبَلَاءِ- وَ رَدَّ عَلَيْهِ أَهْلَهُ الَّذِينَ مَاتُوا بَعْدَ مَا أَصَابَهُ الْبَلَاءُ- كُلَّهُمْ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، فَعَاشُوا مَعَهُ، وَ سُئِلَ أَيُّوبُ بَعْدَ مَا عَافَاهُ اللَّهُ أَيُّ شَيْءٍ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْكَ مِمَّا مَرَّ عَلَيْكَ قَالَ: شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ- قَالَ فَأَمْطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي دَارِهِ فَرَاشَ الذَّهَبِ وَ كَانَ يَجْمَعُهُ- فَإِذَا ذَهَبَ الرِّيحُ مِنْهُ بِشَيْءٍ عَدَا خَلْفَهُ فَرَدَّهُ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ: أَ مَا تَشْبَعُ يَا أَيُّوبُ قَالَ: وَ مَنْ يَشْبَعُ مِنْ رِزْقِ رَبِّهِ
ثم قال:
وَ اذْكُرْ يا محمد عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ يعني أولي القوة
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ: أُولِي الْأَيْدِي وَ الْأَبْصارِ يَعْنِي أُولِي الْقُوَّةِ فِي الْعِبَادَةِ وَ الصَّبْرِ [الْبَصَرِ] فِيهَا
و قوله: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ يقول إن الله اصطفاهم بذكر الآخرة- و اختصهم بها-.
قال علي بن إبراهيم ثم ذكر الله المتقين و ما لهم عند الله فقال: هذا ذِكْرٌ وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ إلى قوله قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ يعني الحور العين يقصر الطرف عنها و البصر من صفائها- مع ما حكى الله من قول أهل الجنة إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ أي لا ينفد و لا يفنى هذا وَ إِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ- هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَ غَسَّاقٌ قال الغساق واد في جهنم فيه ثلاثمائة و ثلاثون قصرا- في كل قصر ثلاثمائة بيت- في كل بيت أربعون زاوية- في كل زاوية شجاع 481 في كل شجاع ثلاثمائة و ثلاثون عقربا- في جمجمة كل عقرب ثلاثمائة و ثلاثون قلة من سم- لو أن عقربا منها نضحت سمها على أهل جهنم لوسعتهم بسمها هذا وَ إِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ و هم زريق و حبتر و بنو أمية ثم ذكر من كان من بعدهم ممن غصب آل محمد حقهم فقال: وَ آخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ و هم بنو السباع 482 و يقولون بنو أمية لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ
فيقولون بنو فلان بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا و بدأتم بظلم آل محمد فَبِئْسَ الْقَرارُ ثم يقول بنو أمية رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ يعنون الأولين ثم يقول أعداء آل محمد في النار ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ في الدنيا- و هم شيعة أمير المؤمنين ع أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ثم قال: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ فيما بينهم
وَ ذَلِكَ قَوْلُ الصَّادِقِ ع وَ اللَّهِ إِنَّكُمْ لَفِي الْجَنَّةِ تُحْبَرُونَ- وَ فِي النَّارِ تُطْلَبُونَ.
ثم قال عز و جل: يا محمد قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ يعني أمير المؤمنين ع أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إلى قوله مُبِينٌ
قَالَ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي خَالِدٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَسَارٍ [سَيَّارٍ] عَنْ مَالِكٍ الْأَسَدِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِ قَالَ كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَاعِداً- وَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فِي نَاحِيَةٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ- فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ مَرَّةً وَ إِلَى الْكَعْبَةِ مَرَّةً- ثُمَّ قَالَ: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا- مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَ كَرَّرَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ:
أَيَّ شَيْءٍ يَقُولُونَ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَا عِرَاقِيُّ قُلْتُ يَقُولُونَ- أَسْرَى بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ فَقَالَ: لَا لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ، وَ لَكِنَّهُ أَسْرَى بِهِ مِنْ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ- وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ مَا بَيْنَهُمَا حَرَمٌ، قَالَ فَلَمَّا انْتَهَى بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى تَخَلَّفَ عَنْهُ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا جَبْرَئِيلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ تَخْذُلُنِي فَقَالَ تَقَدَّمْ أَمَامَكَ- فَوَ اللَّهِ لَقَدْ بَلَغْتَ مَبْلَغاً- لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ قَبْلَكَ- فَرَأَيْتُ مِنْ نُورِ رَبِّي وَ حَالَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ السَّبَخَةُ [التَّسْبِيحَةُ]،- قُلْتُ: وَ مَا السَّبَخَةُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَوْمَى بِوَجْهِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَ أَوْمَى بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ- وَ هُوَ يَقُولُ جَلَالُ رَبِّي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ يَا مُحَمَّدُ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَبِّ- قَالَ فِيمَ اخْتَصَمَ الْمَلَأُ الْأَعْلَى
قَالَ قُلْتُ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لِي إِلَّا مَا عَلَّمْتَنِي- قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ- أَيْ يَدَ الْقُدْرَةِ 483 بَيْنَ ثَدْيَيَّ- فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ كَتِفِي- قَالَ فَلَمْ يَسْأَلْنِي عَمَّا مَضَى وَ لَا عَمَّا بَقِيَ إِلَّا عَلِمْتُهُ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ فِيمَ اخْتَصَمَ الْمَلَأُ الْأَعْلَى قَالَ قُلْتُ: يَا رَبِّ فِي الدَّرَجَاتِ وَ الْكَفَّارَاتِ وَ الْحَسَنَاتِ- فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدِ انْقَضَتْ نُبُوَّتُكَ وَ انْقَطَعَ أَكْلُكَ فَمَنْ وَصِيُّكَ فَقُلْتُ يَا رَبِّ قَدْ بَلَوْتُ خَلْقَكَ- فَلَمْ أَرَ مِنْ خَلْقِكَ أَحَداً أَطْوَعَ لِي مِنْ عَلِيٍّ فَقَالَ وَ لِي يَا مُحَمَّدُ فَقُلْتُ يَا رَبِّ إِنِّي قَدْ بَلَوْتُ خَلْقَكَ- فَلَمْ أَرَ فِي خَلْقِكَ أَحَداً أَشَدَّ حُبّاً لِي مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ: وَ لِي يَا مُحَمَّدُ فَبَشِّرْهُ بِأَنَّهُ رَايَةُ الْهُدَى- وَ إِمَامُ أَوْلِيَائِي وَ نُورٌ لِمَنْ أَطَاعَنِي- وَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ، مَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي وَ مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، مَعَ مَا أَنِّي أَخُصُّهُ بِمَا لَمْ أُخُصَّ بِهِ أَحَداً، فَقُلْتُ يَا رَبِّ أَخِي وَ صَاحِبِي وَ وَزِيرِي وَ وَارِثِي، فَقَالَ إِنَّهُ أَمْرٌ قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ مُبْتَلًى- وَ مُبْتَلًى بِهِ مَعَ مَا أَنِّي قَدْ نَحَلْتُهُ وَ نَحَلْتُهُ وَ نَحَلْتُهُ- وَ نَحَلْتُهُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ عَقَدَهَا بِيَدِهِ- وَ لَا يُفْصِحُ بِهَا عَقْدَهَا.
ثم حكى خبر إبليس فقال عز و جل: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ و قد كتبنا خبر آدم و إبليس في موضعه،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ 484 بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْهَاشِمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَسَارٍ [سَيَّارٍ] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ بِيَدِهِ- لَمْ يَحْتَجَّ فِي آدَمَ أَنَّهُ خَلَقَهُ بِيَدِهِ- فَيَقُولُ « ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ » أَ فَتَرَى اللَّهَ يَبْعَثُ الْأَشْيَاءَ بِيَدِهِ
، و قال علي بن إبراهيم في قوله خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ
قَالَ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ حَرِيزٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع أَيَّ شَيْءٍ يَقُولُ أَصْحَابُكَ فِي قَوْلِ إِبْلِيسَ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ وَ ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ قَالَ كَذَبَ
إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ يَا إِسْحَاقُ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ إِلَّا مِنْ طِينٍ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً- فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ تِلْكَ النَّارِ وَ النَّارُ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ- وَ الشَّجَرَةُ أَصْلُهَا مِنْ طِينٍ
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ- قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ يَوْمُ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ- يَوْمٌ يَذْبَحُهُ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
قال علي بن إبراهيم ثم قال لإبليس لعنه الله لما قال فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ فقال الله فَالْحَقُّ وَ الْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَ مِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَبْدِ الْغَنِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ جَرِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: قُلْ - يَا مُحَمَّدُ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ أَيْ عَلَى مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنْ مَالٍ تُعْطُونِيهِ وَ ما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ يُرِيدُ مَا أَتَكَلَّفَ هَذَا مِنْ عِنْدِي إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ يُرِيدُ مَوْعِظَةً لِلْعالَمِينَ يُرِيدُ الْخَلْقَ أَجْمَعِينَ وَ لَتَعْلَمُنَ يَا مَعْشَرَ الْمُشْرِكِينَ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ يُرِيدُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ بَعْدَ الْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
39 سورة الزمر مكية آياتها خمس و سبعون 75
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ثم خاطب الله نبيه فقال: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ- فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ- أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ- وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ- ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى و هذا مما ذكرناه أن لفظه خبر و معناه حكاية- و ذلك أن قريشا قالت إنما نعبد الأصنام- ليقربونا إلى الله زلفى- فإنا لا نقدر أن نعبد الله حق عبادته، فحكى الله
قولهم على لفظ الخبر و معناه حكاية عنهم- فقال الله: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ثم رد الله على الذين قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً فقال الله لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً- لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ- هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ إلى قوله يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَ يُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ يعني يغطي ذا على ذا و ذا على ذا ثم خاطب الله الخلق فقال خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها يعني آدم و زوجته حواء وَ أَنْزَلَ لَكُمْ يعني خلق لكم و مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ و هي التي فسرناها في سورة الأنعام يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ قال الظلمات الثلاث البطن و الرحم و المشيمة ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ قوله تعالى إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَ لا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ- وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ فهذا كفر النعم- قوله: وَ إِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ إلى قوله وَ جَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً أي شركاء- قوله قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ نزلت في أبي فلان ثم قال أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ نزلت في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ يا محمد هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ- إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ يعني أولي العقول
و قوله: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَ مِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ يعني يظل عليهم النار من فوقهم و من تحتهم-.
و قوله: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ إلى قوله الْمِيعادَ
قَالَ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَأَلَ عَلِيٌّ ع رَسُولَ اللَّهِ ص عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: لِمَا ذَا بُنِيَتْ هَذِهِ الْغُرَفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: يَا عَلِيُّ تِلْكَ غُرَفٌ بَنَاهَا اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ- بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ وَ الزَّبَرْجَدِ- سُقُوفُهَا الذَّهَبُ مَحْبُوكَةً بِالْفِضَّةِ- لِكُلِّ غُرْفَةٍ مِنْهَا أَلْفُ بَابٍ مِنْ ذَهَبٍ- عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ- وَ فِيهَا فُرُشٌ مَرْفُوعَةٌ- بَعْضُهَا
فَوْقَ بَعْضٍ مِنَ الْحَرِيرِ وَ الدِّيبَاجِ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ- وَ حَشْوُهَا الْمِسْكُ وَ الْعَنْبَرُ وَ الْكَافُورُ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ، فَإِذَا دَخَلَ الْمُؤْمِنُ إِلَى مَنَازِلِهِ فِي الْجَنَّةِ وُضِعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْمُلْكِ وَ الْكَرَامَةِ- وَ أُلْبِسَ حُلَلَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْيَاقُوتِ وَ الدُّرِّ- مَنْظُوماً فِي الْإِكْلِيلِ تَحْتَ التَّاجِ- وَ أُلْبِسَ سَبْعِينَ حُلَّةً بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ- مَنْسُوجَةٍ بِالذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ اللُّؤْلُؤِ وَ الْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ- وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ ، فَإِذَا جَلَسَ الْمُؤْمِنُ عَلَى سَرِيرِهِ اهْتَزَّ سَرِيرُهُ فَرَحاً- فَإِذَا اسْتَقَرَّتْ لِوَلِيِّ اللَّهِ مَنَازِلُهُ فِي الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِجِنَانِهِ- لِيُهَنِّيَهُ بِكَرَامَةِ اللَّهِ إِيَّاهُ- فَيَقُولُ لَهُ خُدَّامُ الْمُؤْمِنِ وَ وُصَفَاؤُهُ مَكَانَكَ- فَإِنَّ وَلِيَّ اللَّهِ قَدِ اتَّكَأَ عَلَى أَرَائِكِهِ- وَ زَوْجَتُهُ الْحَوْرَاءُ الْعَيْنَاءُ قَدْ هُيِّئَتْ لَهُ- فَاصْبِرْ لِوَلِيِّ اللَّهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ شُغُلِهِ، قَالَ: فَتَخْرُجُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ الْحَوْرَاءُ مِنْ خَيْمَتِهَا- تَمْشِي مُقْبِلَةً وَ حَوْلَهَا وُصَفَاؤُهَا تَحْنِيهَا- عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً مَنْسُوجَةً بِالْيَاقُوتِ وَ اللُّؤْلُؤِ وَ الزَّبَرْجَدِ- صُبِغْنَ بِمِسْكٍ وَ عَنْبَرٍ وَ عَلَى رَأْسِهَا تَاجُ الْكَرَامَةِ- وَ فِي رِجْلَيْهَا نَعْلَانِ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَانِ بِالْيَاقُوتِ وَ اللُّؤْلُؤِ- وَ شِرَاكُهُمَا يَاقُوتٌ أَحْمَرُ- فَإِذَا أُدْنِيَتْ مِنْ وَلِيِّ اللَّهِ وَ هَمَّ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهَا شَوْقاً- تَقُولُ لَهُ يَا وَلِيَّ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا يَوْمَ تَعَبٍ وَ لَا نَصَبٍ- فَلَا تَقُمْ أَنَا لَكَ وَ أَنْتَ لِي- فَيَعْتَنِقَانِ قَدْرَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ مِنْ أَعْوَامِ الدُّنْيَا لَا يُمِلُّهَا وَ لَا تُمِلُّهُ- قَالَ فَيَنْظُرُ إِلَى عُنُقِهَا- فَإِذَا عَلَيْهَا قِلَادَةٌ مِنْ قَصَبِ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ- وَسَطُهَا لَوْحٌ مَكْتُوبٌ أَنْتَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ حَبِيبِي- وَ أَنَا الْحَوْرَاءُ حَبِيبَتُكَ إِلَيْكَ تباهت [تَنَاهَتْ] نَفْسِي وَ إِلَيَّ تباهت [تَنَاهَتْ] نَفْسُكَ- ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ أَلْفَ مَلَكٍ يُهَنِّئُونَهُ بِالْجَنَّةِ وَ يُزَوِّجُونَهُ الْحَوْرَاءَ.
قَالَ: فَيَنْتَهُونَ إِلَى أَوَّلِ بَابٍ مِنْ جِنَانِهِ فَيَقُولُونَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِأَبْوَابِ الْجِنَانِ اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَنَا مُهَنِّئِينَ، فَيَقُولُ الْمَلَكُ حَتَّى أَقُولَ لِلْحَاجِبِ فَيُعْلِمُهُ مَكَانَكُمْ، قَالَ: فَيَدْخُلُ الْمَلَكُ إِلَى الْحَاجِبِ- وَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْحَاجِبِ ثَلَاثُ جِنَانٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى أَوَّلِ بَابٍ- فَيَقُولُ لِلْحَاجِبِ إِنَّ عَلَى بَابِ الْغُرْفَةِ أَلْفَ
مَلَكٍ- أَرْسَلَهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ جَاءُوا يُهَنِّئُونَ وَلِيَّ اللَّهِ- وَ قَدْ سَأَلُوا أَنْ أَسْتَأْذِنَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ الْحَاجِبُ- إِنَّهُ لَيَعْظُمُ عَلَيَّ أَنْ أَسْتَأْذِنَ لِأَحَدٍ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ- وَ هُوَ مَعَ زَوْجَتِهِ قَالَ: وَ بَيْنَ الْحَاجِبِ وَ بَيْنَ وَلِيِّ اللَّهِ جَنَّتَانِ فَيَدْخُلُ الْحَاجِبُ عَلَى الْقَيِّمِ- فَيَقُولُ لَهُ إِنَّ عَلَى بَابِ الْغُرْفَةِ أَلْفَ مَلَكٍ- أَرْسَلَهُمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ- يُهَنِّئُونَ وَلِيَّ اللَّهِ فَاسْتَأْذِنْ لَهُمْ، فَيَقُومُ الْقَيِّمُ إِلَى الْخُدَّامِ- فَيَقُولُ لَهُمْ إِنَّ رُسُلَ الْجَبَّارِ عَلَى بَابِ الْعَرْصَةِ- وَ هُمْ أَلْفُ مَلَكٍ أَرْسَلَهُمْ يُهَنِّئُونَ وَلِيَّ اللَّهِ- فأعلمهم [فَأَعْلِمُوهُ] مَكَانَهُمْ قَالَ فَيُعْلِمُونَهُ الْخُدَّامُ مَكَانَهُمْ- قَالَ: فَيَأْذَنُ لَهُمْ فَيَدْخُلُونَ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ وَ هُوَ فِي الْغُرْفَةِ- وَ لَهَا أَلْفُ بَابٍ وَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ- فَإِذَا أُذِنَ لِلْمَلَائِكَةِ بِالدُّخُولِ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ- فَتَحَ كُلُّ مَلَكٍ بَابَهُ الَّذِي قَدْ وُكِّلَ بِهِ- فَيَدْخُلُ كُلُّ مَلَكٍ مِنْ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْغُرْفَةِ- فَيُبَلِّغُونَهُ رِسَالَةَ الْجَبَّارِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: « وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ » يَعْنِي مِنْ أَبْوَابِ الْغُرْفَةِ « سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ » وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: « وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً » يَعْنِي بِذَلِكَ وَلِيَّ اللَّهِ وَ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْكَرَامَةِ- وَ النَّعِيمِ وَ الْمُلْكِ الْعَظِيمِ- وَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ مِنْ رُسُلِ الْجَبَّارِ لَيَسْتَأْذِنُونَ عَلَيْهِ- فَلَا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَذَلِكَ الْمُلْكُ الْعَظِيمُ وَ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا.
قوله: أَ فَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ قال نزلت في أمير المؤمنين ع
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ:
قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ يَقُولُ غَبَنُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ
قوله: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ و الينابيع هي العيون و الركايا مما أنزل الله من السماء فأسكنه في الأرض ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ- ثُمَّ يَهِيجُ بذلك حتى يصفر ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً و الحطام إذا يبست و تفتت-.