کتابخانه روایات شیعه
63 سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ مَدَنِيَّةٌ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً 11
قَالَ : نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ المريسع [الْمُرَيْسِيعِ] [المتسع] وَ هِيَ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلَقِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص خَرَجَ إِلَيْهَا- فَلَمَّا رَجَعَ مِنْهَا نَزَلَ عَلَى بِئْرٍ، وَ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا فِيهَا وَ كَانَ أَنَسُ بْنُ سَيَّارٍ حَلِيفَ الْأَنْصَارِ، وَ كَانَ جَهْجَاهُ بْنُ سَعِيدٍ الْغِفَارِيُّ أَجِيراً لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَاجْتَمَعُوا عَلَى الْبِئْرِ فَتَعَلَّقَ دَلْوُ ابْنِ سَيَّارٍ بِدَلْوِ جَهْجَاهٍ، فَقَالَ [ابْنُ] سَيَّارٍ دَلْوِي وَ قَالَ جَهْجَاهٌ دَلْوِي، فَضَرَبَ جَهْجَاهٌ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ ابْنِ سَيَّارٍ فَسَالَ مِنْهُ الدَّمُ، فَنَادَى [ابْنُ] سَيَّارٍ بِالْخَزْرَجِ وَ نَادَى جَهْجَاهٌ بِقُرَيْشٍ وَ أَخَذَ النَّاسُ السِّلَاحَ وَ كَادَ أَنْ تَقَعَ الْفِتْنَةُ- فَسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ النِّدَاءَ فَقَالَ: مَا هَذَا فَأَخْبَرُوهُ بِالْخَبَرِ فَغَضِبَ غَضَباً شَدِيداً- ثُمَّ قَالَ قَدْ كُنْتُ كَارِهاً لِهَذَا الْمَسِيرِ إِنِّي لَأَذَلُّ الْعَرَبَ، مَا ظَنَنْتُ أَنِّي أَبْقَى إِلَى أَنْ أَسْمَعَ مِثْلَ هَذَا- فَلَا يَكُنْ عِنْدِي تَعْيِيرٌ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: هَذَا عَمَلُكُمْ أَنْزَلْتُمُوهُمْ مَنَازِلَكُمْ- وَ وَاسَيْتُمُوهُمْ بِأَمْوَالِكُمْ وَ وَقَيْتُمُوهُمْ بِأَنْفُسِكُمْ- وَ أَبْرَزْتُمْ نُحُورَكُمْ لِلْقَتْلِ فَأَرْمَلَ نِسَاءَكُمْ وَ أَيْتَمَ صِبْيَانَكُمْ- وَ لَوْ أَخْرَجْتُمُوهُمْ لَكَانُوا عِيَالًا عَلَى غَيْرِكُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ وَ كَانَ فِي الْقَوْمِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَ كَانَ غُلَاماً قَدْ رَاهَقَ- وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فِي وَقْتِ الْهَاجِرَةِ وَ عِنْدَهُ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فَجَاءَ زَيْدٌ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَعَلَّكَ وَهِمْتَ يَا غُلَامُ- فَقَالَ: لَا وَ اللَّهِ مَا وَهِمْتُ- فَقَالَ لَعَلَّكَ غَضِبْتَ عَلَيْهِ قَالَ لَا مَا غَضِبْتُ عَلَيْهِ- قَالَ فَلَعَلَّهُ سَفِهَ عَلَيْكَ، فَقَالَ: لَا وَ اللَّهِ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِشُقْرَانَ مَوْلَاهُ أَخْرِجْ فَأَخْرَجَ [أَحْدِجْ فَأَحْدَجَ] رَاحِلَتَهُ
وَ رَكِبَ، وَ تَسَامَعَ النَّاسُ بِذَلِكَ فَقَالُوا- مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِيَرْحَلَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ- فَرَحَلَ النَّاسُ وَ لَحِقَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ! فَقَالَ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ! فَقَالَ مَا كُنْتَ لِتَرْحَلَ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَقَالَ أَ وَ مَا سَمِعْتَ قَوْلًا قَالَ صَاحِبُكُمْ، قَالُوا وَ أَيُّ صَاحِبٍ لَنَا غَيْرُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ زَعَمَ أَنَّهُ إِنْ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَأَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ الْأَعَزُّ- وَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ الْأَذَلُّ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَوْمَهُ كُلَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ أَحَدٌ، فَأَقْبَلَتِ الْخَزْرَجُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَعْذِلُونَهُ، فَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا فَقُمْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص حَتَّى نَعْتَذِرَ إِلَيْهِ- فَلَوَّى عُنُقَهُ-.
فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيْلَهُ كُلَّهُ- وَ النَّهَارَ فَلَمْ يَنْزِلُوا إِلَّا لِلصَّلَاةِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ نَزَلَ أَصْحَابُهُ، وَ قَدْ أَمْهَدَهُمُ الْأَرْضُ مِنَ السَّهَرِ الَّذِي أَصَابَهُمْ- فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص، فَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ- وَ إِنَّهُ لَيَشْهَدَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ- وَ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ إِنَّ زَيْداً قَدْ كَذَبَ عَلَيَّ، فَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْهُ، وَ أَقْبَلَتِ الْخَزْرَجُ عَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ يَشْتِمُونَهُ- وَ يَقُولُونَ لَهُ كَذَبْتَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِنَا، فَلَمَّا رَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَانَ زَيْدٌ مَعَهُ يَقُولُ- اللَّهُمَّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكْذِبْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَمَا سَارَ إِلَّا قَلِيلًا- حَتَّى أَخَذَ رَسُولَ اللَّهِ ص مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ 537 عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ- فَثَقُلَ حَتَّى كَادَتْ نَاقَتُهُ أَنْ تَبْرَكَ مِنْ ثِقْلِ الْوَحْيِ، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ يَسْكُبُ الْعَرَقَ عَنْ جَبْهَتِهِ- ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَرَفَعَهُ مِنَ الرَّحْلِ ثُمَّ قَالَ: يَا غُلَامُ صَدَقَ قَوْلُكَ وَ وَعَى قَلْبُكَ- وَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيمَا قُلْتَ قُرْآناً، فَلَمَّا نَزَلَ
جَمَعَ أَصْحَابَهُ وَ قَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ فَفَضَحَ اللَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مِيثَمٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَوْماً وَ لَيْلَةً- وَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى ارْتَفَعَ الضُّحَى- فَنَزَلَ وَ نَزَلَ النَّاسُ فَرَمَوْا بِأَنْفُسِهِمْ نِيَاماً- وَ إِنَّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ يَكُفَّ النَّاسُ عَنِ الْكَلَامِ- قَالَ: وَ إِنَّ وَلَدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ عَزَمْتَ عَلَى قَتْلِهِ- فَمُرْنِي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَحْمِلُ إِلَيْكَ رَأْسَهُ- فَوَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَتِ الْأَوْسُ وَ الْخَزْرَجُ أَنِّي أَبَرُّهُمْ وَلَداً بِوَالِدَيَّ- فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَأْمُرَ غَيْرِي فَيَقْتُلَهُ- فَلَا تَطِيبَ نَفْسِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى قَاتِلِ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَقْتُلَ مُؤْمِناً بِكَافِرٍ فَأَدْخُلَ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: بَلْ يَحْسُنُ لَكَ صِحَابَتُهُ مَا دَامَ مَعَنَا
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَقُولُ لَا يَسْمَعُونَ وَ لَا يَعْقِلُونَ
قَوْلُهُ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ يَعْنِي كُلَّ صَوْتٍ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ فَلَمَّا نَعَتْهُمُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ وَ عَرَّفَهُ مَسَاءَتَهُمْ إِلَيْهِمْ- وَ إِلَى عَشَائِرِهِمْ فَقَالُوا لَهُمْ قَدِ افْتَضَحْتُمْ وَيْلَكُمْ! فَأْتُوا نَبِيَّ اللَّهِ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ- فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَ زَهِدُوا فِي الِاسْتِغْفَارِ- يَقُولُ اللَّهُ: وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا- يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ- فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ يَعْنِي بِقَوْلِهِ أَصَّدَّقَ أَيْ أَحُجَ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ يَعْنِي عِنْدَ الْمَوْتِ- فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها- وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِ
اللَّهِ وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها قَالَ إِنَّ عِنْدَ اللَّهِ كُتُباً مَرْقُومَةً- يُقَدِّمُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ وَ يُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ- فَإِذَا كَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهَا كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ إِلَى لَيْلَةٍ مِثْلِهَا- فَذَلِكَ قَوْلُهُ « وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها » إِذَا أَنْزَلَهُ وَ كَتَبَهُ كُتَّابُ السَّمَاوَاتِ وَ هُوَ الَّذِي لَا يُؤَخِّرُهُ.
64 سُورَةُ التَّغابن مَدَنِيَّةٌ 538 آيَاتُهَا ثَمَانِيَ عَشْرَةَ 18
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ- لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ- هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ قَالَ هَذِهِ الْآيَةُ خَاصَّةٌ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَ الْكَافِرِينَ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ نُعَيْمٍ الصَّحَّافِ قَالَ سَأَلْتُ الصَّادِقَ ع عَنْ قَوْلِهِ: فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ، فَقَالَ عَرَّفَ اللَّهُ إِيمَانَهُمْ بِوَلَايَتِنَا- وَ كُفْرَهُمْ بِتَرْكِهَا يَوْمَ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ- وَ هُمْ فِي عَالَمِ الذَّرِّ وَ فِي صُلْبِ آدَمَ ع.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ حَكَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَوْلَ الدَّهْرِيَّةِ فَقَالَ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا- قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ- ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَ النُّورُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ [أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِهِ: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا ، فَقَالَ يَا أَبَا خَالِدٍ. النُّورُ وَ اللَّهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ص إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ هُمْ وَ اللَّهِ نُورُ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ- وَ هُمْ وَ اللَّهِ نُورُ اللَّهِ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، يَا أَبَا خَالِدٍ! لَنُورُ الْإِمَامُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ- أَنْوَرُ مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِيئَةِ بِالنَّهَارِ- وَ هُمْ وَ اللَّهِ يُنَوِّرُونَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ- وَ يَحْجُبُ اللَّهُ نُورَهُمْ عَمَّنْ
يَشَاءُ فَتُظْلِمُ قُلُوبُهُمْ، وَ اللَّهِ يَا أَبَا خَالِدٍ! لَا يُحِبُّنَا عَبْدٌ وَ يَتَوَلَّانَا حَتَّى يُطَهِّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ وَ لَا يُطَهِّرُ اللَّهُ قَلْبَ عَبْدٍ حَتَّى يُسَلِّمَ لَنَا وَ يَكُونَ سِلْماً لَنَا- فَإِذَا كَانَ سِلْماً لَنَا سَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ شَدِيدِ الْحِسَابِ- وَ آمَنَهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَكْبَرِ.
وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ وَ مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ أَيْ يُصَدِّقُ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ- فَإِذَا بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ اخْتَارَ الْهُدَى وَ يَزِيدُهُ اللَّهُ- كَمَا قَالَ وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَ قَوْلُهُ إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ أي حب،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ رَبِيعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ سَأَلْتُ الْعَبْدَ الصَّالِحَ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ قَالَ الْبَيِّنَاتُ هُمُ الْأَئِمَّةُ ع
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَ أَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْهِجْرَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص تَعَلَّقَ بِهِ ابْنُهُ وَ امْرَأَتُهُ- وَ قَالُوا نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَذْهَبَ عَنَّا- وَ تَدَعَنَا فَنَضْبَعَ 539 بَعْدَكَ فَمِنْهُمْ مَنْ يُطِيعُ أَهْلَهُ فَيُقِيمُ- فَحَذَّرَهُمُ اللَّهُ أَبْنَاءَهُمْ وَ نِسَاءَهُمْ وَ نَهَاهُمْ عَنْ طَاعَتِهِمْ- وَ مِنْهُمْ مَنْ يَمْضِي وَ يَذَرُهُمْ وَ يَقُولُ- أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ لَمْ تُهَاجِرُوا مَعِي- ثُمَّ يَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ فِي دَارِ الْهِجْرَةِ- لَا أَنْفَعُكُمْ بِشَيْءٍ أَبَداً، فَلَمَّا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمْ- أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُوفِيَ وَ يُحْسِنَ وَ يَصِلَهُمْ- فَقَالَ وَ إِنْ تَعْفُوا وَ تَصْفَحُوا وَ تَغْفِرُوا- فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ قَالَ يُوقَ الشُّحَّ إِذَا اخْتَارَ النَّفَقَةَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ،
قَالَ وَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ [مُرَّةَ] قَالَ رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَطُوفُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى الصَّبَاحِ- وَ هُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ قِنِي شُحَ
نَفْسِي، فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا سَمِعْتُكَ تَدْعُو بِغَيْرِ هَذَا الدُّعَاءِ، قَالَ وَ أَيُّ شَيْءٍ أَشَدُّ مِنْ شُحِّ النَّفْسِ- إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
65 سُورَةُ الطَّلَاقِ مَدَنِيَّةٌ آيَاتُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ 12
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ قَالَ: الْمُخَاطَبَةُ لِلنَّبِيِّ ص وَ الْمَعْنَى لِلنَّاسِ،
وَ هُوَ مَا قَالَ الصَّادِقُ ع إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِيَّهُ بِإِيَّاكِ أَعْنِي وَ اسْمَعِي يَا جَارَهْ
، وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ وَ الْعِدَّةُ الطُّهْرُ مِنَ الْحَيْضِ
وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ ذَلِكَ أَنْ تَدَعَهَا حَتَّى تَحِيضَ- فَإِذَا حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ وَ اغْتَسَلَتْ- طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَامِعَهَا- وَ يُشْهِدُ عَلَى طَلَاقِهَا إِذَا طَلَّقَهَا- ثُمَّ إِذَا شَاءَ رَاجَعَهَا وَ يَشْهَدُ عَلَى رَجْعَتِهَا إِذَا رَاجَعَهَا- فَإِذَا أَرَادَ طَلَاقَهَا الثَّانِيَةَ فَإِذَا حَاضَتْ وَ طَهُرَتْ وَ اغْتَسَلَتْ- طَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ، وَ أَشْهَدَ عَلَى طَلَاقِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَامِعَهَا- ثُمَّ إِنْ شَاءَ رَاجَعَهَا [غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ رَاجَعَهَا وَ أَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا] وَ يُشْهِدُ عَلَى رَجْعَتِهَا- ثُمَّ يَدَعُهَا حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطَهَّرُ فَإِذَا اغْتَسَلَتْ طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ- وَ هُوَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَ الثَّالِثَةَ أَمْلَكُ بِهَا- إِنْ شَاءَ رَاجَعَهَا غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ رَاجَعَهَا- ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا اعْتَدَّتْ بِمَا طَلَّقَ قَبْلَ ذَلِكَ- وَ هَكَذَا السُّنَّةُ فِي الطَّلَاقِ لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ- إِلَّا عِنْدَ طُهْرِهَا مِنْ حَيْضِهَا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ كَمَا وُصِفَتْ وَ كُلَّمَا رَاجَعَ فَلْيُشْهِدْ- فَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا حَبَسَهَا مَا بَدَا لَهُ- ثُمَّ إِنْ طَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا- حَبَسَهَا بِوَاحِدَةٍ مَا بَدَا لَهُ- ثُمَّ إِنْ طَلَّقَهَا تِلْكَ الْوَاحِدَةَ الْبَاقِيَةَ بَعْدَ مَا كَانَ رَاجَعَهَا- اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَ هِيَ ثَلَاثُ حَيْضَاتٍ- وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ- وَ إِنْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ فَإِذَا وَضَعَتْ انْقَضَى أَجَلُهَا- وَ هْو قَوْلُهُ: وَ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ- فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ فَعِدَّتُهُنَّ أَيْضاً ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ
وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ إِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ- فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ ... وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ يَقُولُ إِنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ فَتُرْضِعُ الْوَلَدَ، وَ إِنْ لَمْ يَرْضَ الرَّجُلُ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا عِنْدَهَا يَقُولُ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى- لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ- وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ- وَ لا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُخْرِجَ امْرَأَتَهُ إِذَا طَلَّقَهَا- وَ كَانَ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ مِنْ بَيْتِهِ- وَ هِيَ أَيْضاً لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ- إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ- وَ مَعْنَى الْفَاحِشَةِ أَنْ تَزْنِيَ أَوْ تُشْرِفَ عَلَى الرِّجَالِ- وَ مِنَ الْفَاحِشَةِ أَيْضا السَّلَاطَةُ 540 . عَلَى زَوْجِهَا- فَإِنْ فَعَلَتْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ حَلَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا- قَوْلُهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً قَالَ لَعَلَّهُ أَنْ يَبْدُوَ لِزَوْجِهَا فِي الطَّلَاقِ فَيُرَاجِعَهَا- قَوْلُهُ: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ- أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ يَعْنِي إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا إِمَّا أَنْ يُرَاجِعَهَا 541 وَ إِمَّا أَنْ يُفَارِقَهَا يُطَلِّقَهَا- وَ يُمَتِّعَهَا عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ قَوْلُهُ: وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ قَوْلُهُ: وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ قَالَ: الْمُطَلَّقَةُ الْحَامِلُ أَجَلُهَا أَنْ تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا- إِنْ وَضَعَتْ يَوْمَ طَلَّقَهَا تَتَزَوَّجُ إِذَا طَهُرَتْ- وَ إِنْ لَمْ تَضَعْ مَا فِي بَطْنِهَا إِلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ- لَمْ تَبْرَأْ إِلَى أَنْ تَضَعَ- قَوْلُهُ: