کتابخانه روایات شیعه
وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَ إِذا كُنَّا تُراباً وَ آباؤُنا أَ إِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ- وَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي أكاذيب الأولين، فحزن رسول الله ص لذلك فأنزل الله تعالى وَ لا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَ لا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ثم حكى أيضا قولهم وَ يَقُولُونَ - يا محمد مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ- قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ أي قد قرب من خلفكم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ثم قال إِنَّكَ يا محمد لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ أي إن هؤلاء الذين تدعوهم لا يسمعون ما تقول- كما لا يسمع الموتى و الصم-.
فأما قوله وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً إلى قوله بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ
فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ هُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ قَدْ جَمَعَ رَمْلًا- وَ وَضَعَ رَأْسَهُ عَلَيْهِ فَحَرَّكَهُ بِرِجْلِهِ- ثُمَّ قَالَ لَهُ: قُمْ يَا دَابَّةَ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ يُسَمِّي بَعْضُنَا بَعْضاً بِهَذَا الِاسْمِ فَقَالَ: لَا وَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا لَهُ خَاصَّةً- وَ هُوَ الدَّابَّةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ « وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ- أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ- أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ » ثُمَّ قَالَ يَا عَلِيُّ إِذَا كَانَ آخِرُ الزَّمَانِ أَخْرَجَكَ اللَّهُ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ- وَ مَعَكَ مِيسَمٌ تَسِمُ بِهِ أَعْدَاءَكَ، فَقَالَ رَجُلٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ هَذِهِ الدَّابَّةُ إِنَّمَا تَكْلِمُهُمْ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع كَلَمَهُمُ اللَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ إِنَّمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ مِنَ الْكَلَامِ- وَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا فِي الرَّجْعَةِ قَوْلُهُ وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً- مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ- حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي- وَ لَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قَالَ الْآيَاتُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْأَئِمَّةُ ع فَقَالَ الرَّجُلُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الْعَامَّةَ تَزْعُمُ أَنَّ قَوْلَهُ « وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً » عَنَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع: أَ فَيَحْشُرُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً وَ يَدَعُ الْبَاقِينَ لَا، وَ لَكِنَّهُ فِي
الرَّجْعَةِ، وَ أَمَّا آيَةُ الْقِيَامَةِ فَهِيَ « وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً
» حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى « وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً » قَالَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قُتِلَ إِلَّا يَرْجِعُ حَتَّى يَمُوتَ- وَ لَا يَرْجِعُ إِلَّا مَنْ مَحَضَ الْإِيمَانَ مَحْضاً- وَ مَنْ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ رَجُلٌ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَدْ أَفْسَدَتْ قَلْبِي وَ شَكَّكَتْنِي- قَالَ عَمَّارٌ وَ أَيُّ آيَةٍ هِيَ قَالَ قَوْلُ اللَّهِ: وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ ، الْآيَةَ فَأَيُّ دَابَّةٍ هِيَ قَالَ عَمَّارٌ وَ اللَّهِ مَا أَجْلِسُ وَ لَا آكُلُ وَ لَا أَشْرَبُ حَتَّى أُرِيَكَهَا: فَجَاءَ عَمَّارٌ مَعَ الرَّجُلِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ هُوَ يَأْكُلُ تَمْراً وَ زَبَداً، فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ هَلُمَّ- فَجَلَسَ عَمَّارٌ وَ أَقْبَلَ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَتَعَجَّبَ الرَّجُلُ مِنْهُ، فَلَمَّا قَامَ عَمَّارٌ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ حَلَفْتَ أَنَّكَ لَا تَأْكُلُ وَ لَا تَشْرَبُ وَ لَا تَجْلِسُ حَتَّى تُرِيَنِيهَا، قَالَ عَمَّارٌ قَدْ أَرَيْتُكَهَا إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ
، و قوله وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ قال خاشعين- و قوله وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ- صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ قال فعل الله الذي أحكم كل شيء.
و أما قوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها و قوله مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ قال الحسنة و الله ولاية أمير المؤمنين ع و السيئة و الله عداوته،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا اللُّؤْلُؤِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ [حَنَانٍ] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ: « مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » قَالَ هِيَ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً وَ الْحَسَنَةُ الْوَلَايَةُ- فَمَنْ عَمِلَ مِنْ حَسَنَةٍ كُتِبَتْ لَهُ عَشْراً- فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ وَلَايَةٌ- رُفِعَ عَنْهُ بِمَا عَمِلَ مِنْ حَسَنَةٍ فِي الدُّنْيَا وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ
، قال علي بن إبراهيم في قوله:
إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها قال مكة وَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ
قال الله عز و جل: وَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إلى قوله سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها قال الآيات أمير المؤمنين و الأئمة ع إذا رجعوا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم، و الدليل على أن الآيات هم الأئمة
قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ اللَّهِ مَا لِلَّهِ آيَةٌ أَكْبَرُ مِنِّي
، فإذا رجعوا إلى الدنيا- يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا،
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ يَقُولُ مُصَدِّقٌ وَ مُكَذِّبٌ- قَالَ الْكَافِرُونَ مِنْهُمْ أَ تَشْهَدُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالَ الْمُؤْمِنُونَ إِنَّا بِالَّذِي أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ، قَالَ الْكَافِرُونَ مِنْهُمْ إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ، وَ قَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فَجَاءَهُمْ بِنَاقَةٍ فَعَقَرُوها ، وَ كَانَ الَّذِي عَقَرَهَا أَزْرَقَ أَحْمَرَ وَلَدَ الزِّنَا
و أما قوله: لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ فإنهم سألوه قبل أن يأتيهم الناقة- أن يأتيهم بعذاب أليم- أرادوا بذلك امتحانه ف قالَ: يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ يقول بالعذاب قبل الرحمة- و أما قوله: قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ فإنهم أصابهم جوع شديد- فقالوا هذا من شومك- و شوم الذين معك أصابنا هذا القحط و هي الطيرة قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ يقول خيركم و شركم من عند الله بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ يقول تبتلون بالاختبار-.
و أما قوله وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ- يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَ لا يُصْلِحُونَ كانوا يعملون في الأرض بالمعاصي- و أما قوله تَقاسَمُوا بِاللَّهِ أي تحالفوا لَنُبَيِّتَنَّهُ وَ أَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَ أي لنحلفن لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ يقول لنفعلن، فأتوا صالحا ليلا ليقتلوه- و عند صالح ملائكة يحرسونه- فلما أتوه قاتلتهم الملائكة في دار صالح رجما بالحجارة- فأصبحوا في داره مقتلين و صبحت قومه الرجفة فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ .
و أما قوله: بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً يقول فضاء- و أما قوله بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ يقول علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا- و أما قوله وَ كُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ
قال: صاغرين- و أما قوله: أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ يقول أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ .
28 سورة القصص مكية آياتها ثمان و ثمانون 88
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ثم خاطب الله نبيه ص فقال: نَتْلُوا عَلَيْكَ يا محمد مِنْ نَبَإِ مُوسى وَ فِرْعَوْنَ إلى قوله إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فأخبر الله نبيه بما لقي موسى و أصحابه- من فرعون من القتل و الظلم ليكون تعزية له- فيما يصيبه في أهل بيته من أمته- ثم بشره بعد تعزيته أنه يتفضل عليهم بعد ذلك- و يجعلهم خلفاء في الأرض و أئمة على أمته- و يردهم إلى الدنيا مع أعدائهم حتى ينتصفوا منهم- فقال: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ- وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ- وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما و هم الذين غصبوا آل محمد حقهم- و قوله مِنْهُمْ أي من آل محمد ما كانُوا يَحْذَرُونَ أي من القتل و العذاب- و لو كانت هذه الآية نزلت في موسى و فرعون لقال- و نري فرعون و هامان و جنودهما منه- ما كانوا يحذرون- أي من موسى و لم يقل منهم- فلما تقدم قوله « وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ- وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ » علمنا أن المخاطبة للنبي ص و ما وعد الله به رسوله فإنما يكون بعده و الأئمة يكونون من ولده- و إنما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى و بني إسرائيل و في أعدائهم بفرعون و هامان و جنودهما- فقال: إن فرعون قتل بني إسرائيل و ظلم من ظلمهم- فأظفر الله موسى بفرعون و أصحابه حتى أهلكهم الله- و كذلك أهل بيت رسول الله ص أصابهم من أعدائهم القتل و الغصب- ثم يردهم الله و يرد أعداءهم إلى الدنيا حتى يقتلوهم.
وَ قَدْ ضَرَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَثَلًا مِثْلَ مَا ضَرَبَهُ اللَّهُ لَهُمْ فِي أَعْدَائِهِمْ بِفِرْعَوْنَ وَ هَامَانَ فَقَالَ : «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَوَّلُ مَنْ بَغَى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ عَنَاقُ بِنْتُ آدَمَ ع خَلَقَ اللَّهُ لَهَا عِشْرِينَ إِصْبَعاً- لِكُلِّ إِصْبَعٍ مِنْهَا ظُفُرَانِ طَوِيلَانِ كَالْمِخْلَبَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ- وَ كَانَ مَجْلِسُهَا فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ جَرِيبٍ- فَلَمَّا بَغَتْ بَعَثَ اللَّهُ لَهَا أَسَداً كَالْفِيلِ- وَ ذِئْباً كَالْبَعِيرِ وَ نَسْراً كَالْحِمَارِ- وَ كَانَ ذَلِكَ فِي الْخَلْقِ الْأَوَّلِ- فَسَلَّطَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهَا فَقَتَلُوهَا، أَلَا وَ قَدْ قَتَلَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَ هَامَانَ وَ خَسَفَ اللَّهُ بِقَارُونَ
» و إنما هذا مثل لأعدائه- الذين غصبوا حقه فأهلكهم الله،
ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ ع عَلَى أَثَرِ هَذَا الْمَثَلِ الَّذِي ضَرَبَهُ «وَ قَدْ كَانَ لِي حَقٌّ حَازَهُ دُونِي مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ- وَ لَمْ أَكُنْ أُشْرِكُهُ فِيهِ- وَ لَا تَوْبَةَ لَهُ إِلَّا بِكِتَابٍ مُنْزَلٍ وَ بِرَسُولٍ مُرْسَلٍ- وَ أَنَّى لَهُ بِالرِّسَالَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ [النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ] ص- وَ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ص
» 425 و كذلك مثل القائم ع في غيبته و هربه و استناره- مثل موسى ع خائف مستتر- إلى أن يأذن الله في خروجه و طلب حقه و قتل أعدائه في قوله: « أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا- وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ- الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍ » و قد ضرب الحسين بن علي ع مثلا في بني إسرائيل بذلتهم من أعدائهم،
حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ لَقِيَ الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع فَقَالَ لَهُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: وَيْحَكَ أَ مَا آنَ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ كَيْفَ أَصْبَحْتُ أَصْبَحْنَا فِي قَوْمِنَا مِثْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ يَذْبَحُونَ أَبْنَاءَنَا وَ يَسْتَحْيُونَ نِسَاءَنَا- وَ أَصْبَحَ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ يُلْعَنُ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَ أَصْبَحَ عَدُوُّنَا يُعْطَى الْمَالَ وَ الشَّرَفَ، وَ أَصْبَحَ مَنْ يُحِبُّنَا مَحْقُوراً مَنْقُوصاً حَقُّهُ، وَ كَذَلِكَ لَمْ يَزَلِ الْمُؤْمِنُونَ- وَ أَصْبَحَتِ الْعَجَمُ تَعْرِفُ لِلْعَرَبِ حَقَّهَا بِأَنَّ مُحَمَّداً كَانَ مِنْهَا وَ أَصْبَحَتْ قُرَيْشٌ تَفْتَخِرُ عَلَى الْعَرَبِ بِأَنَّ مُحَمَّداً كَانَ مِنْهَا، وَ أَصْبَحَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ لِقُرَيْشٍ حَقَّهَا بِأَنَّ مُحَمَّداً كَانَ مِنْهَا- وَ أَصْبَحَتِ الْعَرَبُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْعَجَمِ بِأَنَّ مُحَمَّداً
كَانَ مِنْهَا- وَ أَصْبَحْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لَا يُعْرَفُ لَنَا حَقٌّ- فَهَكَذَا أَصْبَحْنَا يَا مِنْهَالُ.
فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْحُسَيْنِ [الْحَسَنِ] بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ إِنَّ مُوسَى لَمَّا حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ- لَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا إِلَّا عِنْدَ وَضْعِهِ- وَ كَانَ فِرْعَوْنُ قَدْ وَكَّلَ بِنَسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ نِسَاءً مِنَ الْقِبْطِ يَحْفَظْنَهُنَّ، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَمَّا بَلَغَهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ يُولَدُ فِينَا رَجُلٌ- يُقَالُ لَهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ يَكُونُ هَلَاكُ فِرْعَوْنَ وَ أَصْحَابِهِ عَلَى يَدِهِ- فَقَالَ فِرْعَوْنُ عِنْدَ ذَلِكَ لَأَقْتُلَنَّ ذُكُورَ أَوْلَادِهِمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مَا يُرِيدُونَ- وَ فَرَّقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ- وَ حَبَسَ الرِّجَالَ فِي الْمَحَابِسِ، فَلَمَّا وَضَعَتْ أُمُّ مُوسَى بِمُوسَى ع نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَ حَزِنَتْ عَلَيْهِ وَ اغْتَمَّتْ وَ بَكَتْ وَ قَالَتْ يُذْبَحُ السَّاعَةَ، فَعَطَفَ اللَّهُ بِقَلْبِ الْمُوَكَّلَةِ بِهَا عَلَيْهِ- فَقَالَتْ لِأُمِّ مُوسَى: ما لَكِ قَدِ اصْفَرَّ لَوْنُكِ فَقَالَتْ: أَخَافُ أَنْ يُذْبَحَ وَلَدِي فَقَالَتْ: لَا تَخَافِي وَ كَانَ مُوسَى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا أَحَبَّهُ، وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ: « وَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي » فَأَحَبَّتْهُ الْقِبْطِيَّةُ الْمُوَكَّلَةُ بِهِ- وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى التَّابُوتَ وَ نُودِيَتْ أُمُّهُ «ضَعِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ » وَ هُوَ الْبَحْرُ وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ- وَ جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَوَضَعَتْهُ فِي التَّابُوتِ وَ أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ- وَ أَلْقَتْهُ فِي النِّيلِ وَ كَانَ لِفِرْعَوْنَ قَصْرٌ عَلَى شَطِّ النِّيلِ مُنْتَزِهاً، فَنَظَرَ مِنْ قَصْرِهِ وَ مَعَهُ آسِيَةُ امْرَأَتُهُ- فَنَظَرَ إِلَى سَوَادٍ فِي النِّيلِ تَرْفَعُهُ الْأَمْوَاجُ وَ الرِّيَاحُ تَضْرِبُهُ- حَتَّى جَاءَتْ بِهِ إِلَى بَابِ قَصْرِ فِرْعَوْنَ فَأَمَرَ فِرْعَوْنُ بِأَخْذِهِ فَأُخِذَ التَّابُوتُ وَ رُفِعَ إِلَيْهِ- فَلَمَّا فَتَحَهُ وَجَدَ فِيهِ صَبِيّاً، فَقَالَ: هَذَا إِسْرَائِيلِيٌّ- وَ أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ فِرْعَوْنَ لِمُوسَى مَحَبَّةً شَدِيدَةً، وَ كَذَلِكَ فِي قَلْبِ آسِيَةَ وَ أَرَادَ فِرْعَوْنُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَالَتْ آسِيَةُ لَا تَقْتُلْهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ أَنَّهُ مُوسَى، وَ لَمْ يَكُنْ لِفِرْعَوْنَ وَلَدٌ- فَقَالَ