کتابخانه روایات شیعه
وَ لا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ يعني فلانا لا يصدنك عن أمير المؤمنين إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ
قوله الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ يعني الأصدقاء يعادي بعضهم بعضا،
وَ قَالَ الصَّادِقُ ع أَلَا كُلُّ خُلَّةٍ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا فِي غَيْرِ اللَّهِ- فَإِنَّهَا تَصِيرُ عَدَاوَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ لِلظَّالِمِ غَداً بِكَفِّهِ [يَكْفِيهِ عَضَّةُ يَدَيْهِ] عَضَّةٌ- وَ لِلرَّجُلِ وَشِيكٌ وَ لِلْأَخِلَّاءِ نَدَامَةٌ إِلَّا الْمُتَّقِينَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ شُعَيْبِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ فِي خَلِيلَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ وَ خَلِيلَيْنِ كَافِرَيْنِ- وَ مُؤْمِنٍ غَنِيٍّ وَ مُؤْمِنٍ فَقِيرٍ وَ كَافِرٍ غَنِيٍّ وَ كَافِرٍ فَقِيرٍ، فَأَمَّا الْخَلِيلَانِ الْمُؤْمِنَانِ فَتَخَالَّا حَيَاتَهُمَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ- وَ تَبَاذَلَا عَلَيْهَا وَ تَوَادَّا عَلَيْهَا- فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ- فَأَرَاهُ اللَّهُ مَنْزِلَهُ فِي الْجَنَّةِ يَشْفَعُ لِصَاحِبِهِ، فَقَالَ يَا رَبِّ خَلِيلِي فُلَانٌ كَانَ يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ- وَ يُعِينُنِي عَلَيْهَا وَ يَنْهَانِي عَنْ مَعْصِيَتِكَ- فَثَبِّتْهُ عَلَى مَا ثَبَّتَنِي عَلَيْهِ مِنَ الْهُدَى- حَتَّى تُرِيَهُ مَا أَرَيْتَنِي- فَيَسْتَجِيبُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى يَلْتَقِيَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ- جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ خَلِيلٍ خَيْراً- كُنْتَ تَأْمُرُنِي بِطَاعَةِ اللَّهِ وَ تَنْهَانِي عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَ أَمَّا الْكَافِرَانِ فَتَخَالَّا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ- وَ تَبَاذَلَا عَلَيْهَا وَ تَوَادَّا عَلَيْهَا- فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ- فَأَرَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَنْزِلَهُ فِي النَّارِ فَقَالَ يَا رَبِّ فُلَانٌ خَلِيلِي كَانَ يَأْمُرُنِي بِمَعْصِيَتِكَ- وَ يَنْهَانِي عَنْ طَاعَتِكَ- فَثَبِّتْهُ عَلَى مَا ثَبَّتَنِي عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَاصِي- حَتَّى تُرِيَهُ مَا أَرَيْتَنِي مِنَ الْعَذَابِ- فَيَلْتَقِيَانِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ- جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ خَلِيلٍ شَرّاً كُنْتَ تَأْمُرُنِي بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَ تَنْهَانِي عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ- قَالَ ثُمَّ قَرَأَ ع « الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ » وَ يُدْعَى بِالْمُؤْمِنِ الْغَنِيِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْحِسَابِ- يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَبْدِي! قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَبِّ قَالَ أَ لَمْ أَجْعَلْكَ سَمِيعاً وَ بَصِيراً- وَ جَعَلْتُ لَكَ مَالًا كَثِيراً قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَمَا أَعْدَدْتَ لِلِقَائِي قَالَ: آمَنْتُ بِكَ- وَ صَدَّقْتُ رَسُولَكَ
وَ جَاهَدْتُ فِي سَبِيلِكَ، قَالَ: فَمَا ذَا فَعَلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ قَالَ: أَنْفَقْتُ فِي طَاعَتِكَ، قَالَ: مَا ذَا أَوْرَثْتَ فِي عَقِبِكَ قَالَ: خَلَقْتَنِي وَ خَلَقْتَهُمْ وَ رَزَقْتَنِي وَ رَزَقْتَهُمْ- وَ كُنْتَ قَادِراً عَلَى أَنْ تَرْزُقَهُمْ كَمَا رَزَقْتَنِي- فَوَكَلْتُ عَقِبِي إِلَيْكَ- فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَدَقْتَ اذْهَبْ- فَلَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَضَحِكْتَ كَثِيراً.
ثُمَّ يُدْعَى بِالْمُؤْمِنِ الْفَقِيرِ- فَيَقُولُ يَا عَبْدِي فَيَقُولُ لَبَّيْكَ يَا رَبِّ- فَيَقُولُ مَا ذَا فَعَلْتَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ هَدَيْتَنِي لِدِينِكَ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ- وَ كَفَفْتَ عَنِّي مَا لَوْ بَسَطْتَهُ- لَخَشِيتُ أَنْ يَشْغَلَنِي عَمَّا خَلَقْتَنِي لَهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَدَقْتَ عَبْدِي- لَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَضَحِكْتَ كَثِيراً، ثُمَّ يُدْعَى بِالْكَافِرِ الْغَنِيِّ فَيَقُولُ- مَا أَعْدَدْتَ لِلِقَائِي فَيَعْتَلُّ، فَيَقُولُ: مَا ذَا فَعَلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ فَيَقُولُ وَرَّثْتُهُ عَقِبِي فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَكَ فَيَقُولُ أَنْتَ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ عَقِبَكَ فَيَقُولُ أَنْتَ، فَيَقُولُ: أَ لَمْ أَكُ قَادِراً عَلَى أَنْ أَرْزُقَ عَقِبَكَ كَمَا رَزَقْتُكَ فَإِنْ قَالَ نَسِيتُ، هَلَكَ، وَ إِنْ قَالَ لَمْ أَدْرِ مَا أَنْتَ هَلَكَ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَبَكَيْتَ كَثِيراً، قَالَ ثُمَّ يُدْعَى بِالْكَافِرِ الْفَقِيرِ- فَيَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ مَا فَعَلْتَ فِيمَا أَمَرْتُكَ فَيَقُولُ: ابْتَلَيْتَنِي بِبَلَاءِ الدُّنْيَا حَتَّى أَنْسَيْتَنِي ذِكْرَكَ- وَ شَغَلْتَنِي عَمَّا خَلَقْتَنِي لَهُ، فَيَقُولُ لَهُ فَهَلَّا دَعَوْتَنِي فَأَرْزُقَكَ وَ سَأَلْتَنِي فَأُعْطِيَكَ فَإِنْ قَالَ يَا رَبِّ نَسِيتُ هَلَكَ، وَ إِنْ قَالَ: لَمْ أَدْرِ مَا أَنْتَ هَلَكَ، فَيَقُولُ لَهُ: لَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَبَكَيْتَ كَثِيراً.
قال علي بن إبراهيم في قوله الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا يعني بالأئمة وَ كانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ أي تكرمون يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ أَكْوابٍ أي قصاع و أواني وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ إلى قوله مِنْها تَأْكُلُونَ فإنه محكم،
وَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ فِي الْجَنَّةِ يَبْقَى عَلَى مَائِدَتِهِ أَيَّامَ الدُّنْيَا- وَ يَأْكُلُ فِي أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِمِقْدَارِ مَا أَكَلَهُ فِي الدُّنْيَا
، ثم ذكر الله ما أعده لأعداء آل محمد فقال:
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ- لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ أي آيسون من الخير
فَذَلِكَ قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع «وَ أَمَّا أَهْلُ الْمَعْصِيَةِ فَخُلِّدُوا فِي النَّارِ، وَ أُوثِقَ مِنْهُمُ الْأَقْدَامُ، وَ غُلَّ مِنْهُمُ الْأَيْدِي إِلَى الْأَعْنَاقِ، وَ أُلْبِسَ أَجْسَادُهُمْ سَرَابِيلَ الْقَطِرَانِ- وَ قُطِّعَتْ لَهُمْ مُقَطَّعَاتٌ مِنَ النَّارِ، هُمْ فِي عَذَابٍ قَدِ اشْتَدَّ حَرُّهُ وَ نَارٍ قَدْ أُطْبِقَ عَلَى أَهْلِهَا، فَلَا يُفْتَحُ عَنْهُمْ أَبَداً، وَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ رِيحٌ أَبَداً، وَ لَا يَنْقَضِي مِنْهُمُ الْغَمُّ أَبَداً وَ الْعَذَابُ أَبَداً شَدِيدٌ- وَ الْعِقَابُ أَبَداً جَدِيدٌ، لَا الدَّارُ زَائِلَةٌ فَتَفْنَى وَ لَا آجَالُ الْقَوْمِ تُقْضَى
». ثم حكى نداء أهل النار فقال وَ نادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ أي نموت فيقول مالك إِنَّكُمْ ماكِثُونَ ثم قال الله لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِ يعني بولاية أمير المؤمنين ع وَ لكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ و الدليل على أن الحق ولاية أمير المؤمنين ع قوله: « وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ يعني ولاية علي فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ- إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ آل محمد حقهم ناراً » ثم ذكر على أثر هذا خبرهم- و ما تعاهدوا عليه في الكعبة أن لا يردوا الأمر في أهل بيت رسول الله ص فقال أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ إلى قوله لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ و قوله قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ- فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ يعني أول القائلين لله أن يكون له ولد- و قوله وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ قال هو إله في السماء و الأرض،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ « وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ » فَنَظَرْتُ وَ اللَّهِ إِلَيْهِ وَ قَدْ لَزِمَ الْأَرْضَ وَ هُوَ يَقُولُ: وَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِي هُوَ وَ اللَّهِ رَبِّي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ.
و قال علي بن إبراهيم: وَ لا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ قال:
هم الذين قد عبدوا في الدنيا- لا يملكون الشفاعة لمن عبدهم- ثم قال رسول الله ص يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ فقال الله: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَ قُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ .
44 سورة الدخان مكية آياتها تسع و خمسون 59
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- حم وَ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ يعني القرآن فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ و هي ليلة القدر أنزل الله القرآن فيها- إلى البيت المعمور جملة واحدة- ثم نزل من البيت المعمور على رسول الله ص في طول [ثلاث و] عشرين سنة فِيها يُفْرَقُ في ليلة القدر كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أي يقدر الله كل أمر من الحق و من الباطل- و ما يكون في تلك السنة و له فيه البداء و المشية- يقدم ما يشاء و يؤخر ما يشاء من الآجال و الأرزاق- و البلايا و الأعراض و الأمراض و يزيد فيها ما يشاء و ينقص ما يشاء- و يلقيه رسول الله ص إلى أمير المؤمنين ع و يلقيه أمير المؤمنين ع إلى الأئمة ع حتى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان ع، و يشترط له ما فيه البداء و المشية و التقديم و التأخير-.
قَالَ: حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِي الْحَسَنِ ع، قَالَ: وَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ يَا أَبَا الْمُهَاجِرِ! لَا تَخْفَى عَلَيْنَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَطُوفُونَ بِنَا فِيهَا
ثم قال بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ يعني في شك مما ذكرناه مما يكون في ليلة القدر و قوله فَارْتَقِبْ أي اصبر يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ قال: ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر يَغْشَى النَّاسَ كلهم الظلمة- فيقولون
هذا عَذابٌ أَلِيمٌ- رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ فقال الله ردا عليهم أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى في ذلك اليوم وَ قَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ أي رسول قد تبين لهم ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَ قالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ قال قالوا ذلك لما نزل الوحي على رسول الله ص و أخذه الغشي فقالوا هو مجنون-
ثم قال إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ يعني إلى يوم القيامة، و لو كان قوله « يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ » في القيامة لم يقل إنكم عائدون- لأنه ليس بعد الآخرة و القيامة حالة يعودون إليها- ثم قال يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى يعني في القيامة إِنَّا مُنْتَقِمُونَ و قوله وَ لَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أي اختبرناهم وَ جاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ أي ما فرض الله من الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و السنن و الأحكام، فأوحى الله إليه فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ أي يتبعكم فرعون و جنوده وَ اتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً أي جانبا و خذ على الطرف إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ و قوله وَ مَقامٍ كَرِيمٍ أي حسن وَ نَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ قال: النعمة في الأبدان- و قوله: « فاكِهِينَ » أي مفاكهين للنساء كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ يعني بني إسرائيل.
قوله: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ- وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفُضَيْلِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ عَدُوٌّ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ، فَقَالَ: « فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ » ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع فَقَالَ: لَكِنْ هَذَا لَيَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ، وَ قَالَ: وَ مَا بَكَتِ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع
، قَالَ: وَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَقُولُ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ع دَمْعَةً- حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ بَوَّأَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ غُرَفاً- يَسْكُنُهَا أَحْقَاباً- وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ
دَمَعَتْ عَيْنَاهُ دَمْعاً حَتَّى تَسِيلَ عَلَى خَدِّهِ- لِأَذًى مَسَّنَا مِنْ عَدُوِّنَا فِي الدُّنْيَا- بَوَّأَهُ اللَّهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ فِي الْجَنَّةِ، وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَسَّهُ أَذًى فِينَا- فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ حَتَّى تَسِيلَ دَمْعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ- مِنْ مَضَاضَةِ 498 مَا أُوذِيَ فِينَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ الْأَذَى- وَ آمَنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَخَطِهِ وَ النَّارِ
، قَالَ وَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ مَنْ ذَكَرَنَا أَوْ ذُكِرْنَا عِنْدَهُ- فَخَرَجَ مِنْ عَيْنِهِ دَمْعٌ مِثْلُ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ.
و قوله: وَ لَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ إلى قوله عَلَى الْعالَمِينَ فلفظه عام و معناه خاص- و إنما اختارهم و فضلهم على عالمي زمانهم
قوله:
يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً قال: من والى غير أولياء الله لا يغني بعضهم عن بعض، ثم استثنى من والى آل محمد فقال إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ثم قال: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ نزلت في أبي جهل و قوله:
كَالْمُهْلِ قال المهل الصفر المذاب يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ و هو الذي قد حمي و بلغ المنتهى- ثم قال: خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ أي اضغطوه من كل جانب ثم انزلوا به إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ ثم يصب عليه ذلك الحميم- ثم يقال له ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ فلفظه خبر و معناه حكاية عمن يقول له ذلك- و ذلك أن أبا جهل كان يقول: أنا العزيز الكريم، فتعير بذلك في النار ثم وصف ما أعده الله للمتقين من شيعة أمير المؤمنين ع فقال: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ إلى قوله إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى يعني في الجنة غير الموتة التي في الدنيا وَ وَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ إلى قوله فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ أي انتظر إنهم منتظرون-.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سُهَيْلٍ عَنْ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ
عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ جَرِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ يُرِيدُ مَا يَسَّرَ مِنْ نِعْمَةِ الْجَنَّةِ وَ عَذَابِ النَّارِ
يا محمد لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يريد لكي يتعظ المشركون فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ تهديد من الله و وعيد وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ .
45 سورة الجاثية مكية آياتها سبع و ثلاثون 37
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ- إِنَّ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ و هي النجوم و الشمس و القمر- و في الأرض ما يخرج منها- من أنواع النبات للناس و الدواب لآيات لقوم يعقلون قوله:
وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ أي تجيء من كل جانب- و ربما كانت حارة و ربما كانت باردة- و منها ما يسير السحاب- و منها ما يبسط الرزق في الأرض- و منها ما يلقح الشجرة- و قوله: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ أي كذاب يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً أي يصر على أنه كذب و يستكبر على نفسه كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها و قوله: وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً يعني إذا رأى فوضع العلم مكان الرؤية
و قوله هذا هُدىً يعني القرآن هو تبيان- قوله:
وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ قال: الشدة و السوء