کتابخانه روایات شیعه
أَيْ لَنَأْخُذَنَّهُ بِالنَّاصِيَةِ فَنُلْقِيهِ فِي النَّارِ قَوْلُهُ فَلْيَدْعُ نادِيَهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ ع فَنَادَى أَبُو جَهْلٍ وَ الْوَلِيدُ عَلَيْهِمَا لَعَائِنُ اللَّهِ هَلُمُّوا- فَاقْتُلُوا مُحَمَّداً فَقَدْ مَاتَ الَّذِي كَانَ نَاصِرَهُ- فَقَالَ اللَّهُ فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ قَالَ كَمَا دَعَا إِلَى قَتْلِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ص نَحْنُ أَيْضاً نَدْعُو الزَّبَانِيَةَ- ثُمَّ قَالَ كَلَّا لا تُطِعْهُ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ 568 أَيْ لَا يُطِيعُونَ لَمَّا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ- لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص أَجَارَهُ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَ لَمْ يَجْسِر عَلْيِه أَحَدٌ.
97 سُوْرَةُ الْقَدْرِ مَكِّيَّةٌ 569 آيَاتُهَا خَمْسٌ 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَهُوَ الْقُرْآنُ أُنْزِلَ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فِي طُولِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَ مَعْنَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنَّ اللَّهَ يُقَدِّرُ فِيهَا الْآجَالَ وَ الْأَرْزَاقَ- وَ كُلَّ أَمْرٍ يَحْدُثُ مِنْ مَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ أَوْ خِصْبٍ- أَوْ جَدْبٍ أَوْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ- كَمَا قَالَ اللَّهُ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ إِلَى سَنَةٍ- قَوْلُهُ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها قَالَ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَ رُوحُ الْقُدُسِ عَلَى إِمَامِ الزَّمَانِ وَ يَدْفَعُونَ إِلَيْهِ مَا قَدْ كَتَبُوهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ- قَوْلُهُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ ص فِي نَوْمِهِ- كَأَنَّ قُرُوداً تَصْعَدُ مِنْبَرَهُ فَغَمَّهُ ذَلِكَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ « إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ » تَمْلِكُهُ بَنُو أُمَيَّةَ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ قَدْرٍ 570 قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ قَالَ: تَحِيَّةٌ يُحَيَّا بِهَا الْإِمَامُ إِلَى أَنْ يَطْلَعَ الْفَجْرُ
قِيلَ
لِأَبِي جَعْفَرٍ ع تَعْرِفُونَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَالَ وَ كَيْفَ لَا نَعْرِفُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَ الْمَلَائِكَةُ يَطُوفُونَ بِنَا فِيهَا.
98 سُورَةُ الْبَيِّنَةِ مَدَنِيَّةٌ آيَاتُهَا ثَمَانٌ 8
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ يَعْنِي قُرَيْشاً: مُنْفَكِّينَ قَالَ: هُمْ فِي كُفْرِهِمْ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ الْبَيِّنَةُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ- إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ قَالَ لَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْقُرْآنِ خَالَفُوهُ وَ تَفَرَّقُوا بَعْدَهُ حُنَفاءَ قَالَ طَاهِرِينَ وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ أَيْ دِيٌن قَيِّمٌ- قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ قَالَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَارْتَدُّوا فَكَفَرُوا وَ عَصَوْا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ قَالَ نَزَلَتْ فِي آلِ مُحَمَّدٍ ص.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنْ مُزَاحِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ، يُرِيدُ بِهِ خَيْرَ الْخَلْقِ جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ- تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَا يَصِفُهُ الْوَاصِفُونَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُرِيدُ رِضَي أَعْمَالِهِمْ وَ رَضُوا عَنْهُ رَضُوا بِثَوَابِ اللَّهِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ يُرِيدُ مَنْ خَافَ رَبَّهُ وَ تَنَاهَى عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى.
99 سُورَةُ الزِّلْزَالِ مَدَنِيَّةٌ آيَاتُهَا ثَمَانٌ 8
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها- وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها قَالَ مِنَ النَّاسِ وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها قَالَ ذَلِكَ أَمِيرُ الْمِؤْمِنِينَ ع 571 يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها إِلَى قَوْلِهِ أَشْتاتاً قَالَ يُحْيَوْنَ أَشْتَاتاً مُؤْمِنِينَ وَ كَافِرِينَ وَ مُنَافِقِينَ لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ قَالَ يَقِفُوا عَلَى مَا فَعَلُوهُ- ثُمَّ قَالَ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ- وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ وَ هُوَ رَدٌّ عَلَى الْمُجَبِّرَةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُمْ
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ يَقُولُ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَ كَانَ قَدْ عَمِلَ فِي الدُّنْيَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
خَيْراً- يَرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَسْرَةً أَنَّهُ كَانَ عَمَلُهُ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ يَقُولُ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ رَأَى ذَلِكَ الشَّرَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ.
100 سُورَةُ الْعَادِيَاتِ مَكِّيَّةٌ 572 11
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ: وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً فَالْمُورِياتِ قَدْحاً ، قَالَ هَذِهِ السُّورَةُ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ وَادِي الْيَابِسِ قَالَ قُلْتُ وَ مَا كَانَ حَالُهُمْ وَ قِصَّتُهُمْ قَالَ إِنَّ أَهْلَ وَادِي الْيَابِسِ اجْتَمَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ- وَ تَعَاقَدُوا وَ تَعَاهَدُوا- وَ تَوَاثَقُوا عَلَى أَنْ لَا يَتَخَلَّفَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ- وَ لَا يَخْذُلَ أَحَدٌ أَحَداً وَ لَا يَفِرَّ رَجُلٌ عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّى يَمُوتُوا كُلُّهُمْ عَلَى حِلْفٍ وَاحِدٍ- أَوْ يَقْتُلُوا مُحَمَّداً ص وَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ ع عَلَى مُحَمَّدٍ ص وَ أَخْبَرَهُ بِقِصَّتِهِمْ وَ مَا تَعَاقَدُوا عَلَيْهِ وَ تَوَاثَقُوا- وَ أَمَرَهُ أَنْ يَبْعَثَ فُلَاناً إِلَيْهِمْ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ- ثُمَّ قَالَ:
«يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ أَهْلَ وَادِي الْيَابِسِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ- قَدِ اسْتَعَدُّوا وَ تَعَاقَدُوا وَ تَعَاهَدُوا- أَنْ لَا يَغْدِرَ رَجُلٌ بِصَاحِبِهِ وَ لَا يَفِرَّ عَنْهُ- وَ لَا يَخْذُلَهُ حَتَّى يَقْتُلُونِي وَ أَخِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُسَيِّرَ إِلَيْهِمْ فُلَاناً فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ- فَخُذُوا فِي أَمْرِكُمْ وَ اسْتَعِدُّوا لِعَدُوِّكُمْ- وَ انْهَضُوا إِلَيْهِمْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَ بَرَكَتِهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ عُدَّتَهُمْ وَ تَهَيَّئُوا وَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص فُلَاناً بِأَمْرِهِ- وَ كَانَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ أَنَّهُ إِذَا رَآهُمْ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ فَإِنْ تَابَعُوهُ وَ إِلَّا وَاقَعَهُمْ فَيَقْتُلُ مُقَاتِلِيهِمْ- وَ يَسْبِي ذَرَارِيَّهُمْ
وَ يَسْتَبِيحُ أَمْوَالَهُمْ- وَ يُخَرِّبُ ضِيَاعَهُمْ وَ دِيَارَهُمْ، فَمَضَى فُلَانٌ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ فِي أَحْسَنِ عُدَّةٍ وَ أَحْسَنِ هَيْئَةٍ يَسِيرُ بِهِمْ سَيْراً رَفِيقاً- حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى أَهْلِ وَادِي الْيَابِسِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْقَوْمَ نُزُولُ الْقَوْمِ عَلَيْهِمْ- وَ نَزَلَ فُلَانٌ وَ أَصْحَابُهُ قَرِيباً مِنْهُمْ، خَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ وَادِي الْيَابِسِ مِائَتَا رَجُلٍ مُدَجَّجِينَ بِالسِّلَاحِ، فَلَمَّا صَادَفُوهُمْ قَالُوا لَهُمْ: مَنْ أَنْتُمْ وَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمْ وَ أَيْنَ تُرِيدُونَ لِيَخْرُجْ إِلَيْنَا صَاحِبُكُمْ حَتَّى نُكَلِّمَهُ.
فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فُلَانٌ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا فُلَانٌ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ، قَالُوا مَا أَقْدَمَكَ عَلَيْنَا قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكُمُ الْإِسْلَامَ فَإِنْ تَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ لَكُمْ مَا لَهُمْ- وَ عَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ وَ إِلَّا فَالْحَرْبُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ، قَالُوا: لَهُ أَمَا وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى لَوْ لَا رَحِمٌ بَيْنَنَا وَ قَرَابَةٌ قَرِيبَةٌ لَقَتَلْنَاكَ وَ جَمِيعَ أَصْحَابِكَ قَتْلَةً تَكُونُ حَدِيثاً لِمَنْ يَكُونُ بَعْدَكُمْ- فَارْجِعْ أَنْتَ وَ مَنْ مَعَكَ وَ ارْبَحُوا الْعَافِيَةَ- فَإِنَّا إِنَّمَا نُرِيدُ صَاحِبَكُمْ بِعَيْنِهِ وَ أَخَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع.
فَقَالَ فُلَانٌ لِأَصْحَابِهِ: يَا قَوْمُ! الْقَوْمُ أَكْثَرُ مِنْكُمْ أَضْعَافاً وَ أَعَدُّ مِنْكُمْ- وَ قَدْ نَأَتْ دَارُكُمْ عَنْ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَارْجِعُوا نُعْلِمْ رَسُولَ اللَّهِ ص بِحَالِ الْقَوْمِ، فَقَالُوا لَهُ جَمِيعاً خَالَفْتَ يَا فُلَانُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَا أَمَرَكَ بِهِ- فَاتَّقِ اللَّهَ وَ وَاقِعِ الْقَوْمَ وَ لَا تُخَالِفْ رَسُولَ اللَّهِ ص، فَقَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ- الشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ- فَانْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ أَجْمَعُونَ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِمَقَالَةِ الْقَوْمِ وَ مَا رَدَّ عَلَيْهِمْ فُلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا فُلَانُ خَالَفْتَ أَمْرِي وَ لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرْتُكَ- وَ كُنْتَ لِي وَ اللَّهِ عَاصِياً فِيمَا أَمَرْتُكَ- فَقَامَ النَّبِيُّ ص وَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ- ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِنِّي أَمَرْتُ فُلَاناً أَنْ يَسِيرَ إِلَى أَهْلِ وَادِي الْيَابِسِ وَ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ وَ يَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ- فَإِنْ أَجَابُوهُ وَ إِلَّا وَاقَعَهُمْ- وَ أَنَّهُ سَارَ إِلَيْهِمْ وَ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ مِائَتَا رَجُلٍ- فَإِذَا سَمِعَ كَلَامَهُمْ وَ مَا اسْتَقْبَلُوهُ
بِهِ- انْتَفَخَ صَدْرُهُ وَ دَخَلَهُ الرُّعْبُ مِنْهُمْ- وَ تَرَكَ قَوْلِي وَ لَمْ يُطِعْ أَمْرِي، وَ إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَمَرَنِي عَنِ اللَّهِ أَنْ أَبْعَثَ إِلَيْهِمْ فُلَاناً مَكَانَهُ- فِي أَصْحَابِهِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ- فَسِرْ يَا فلانا [فُلَانُ] عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَ لَا تَعْمَلْ كَمَا عَمِلَ أَخُوكَ- فَإِنَّهُ قَدْ عَصَى اللَّهَ وَ عَصَانِي وَ أَمَرَهُ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْأَوَّلَ- فَخَرَجَ وَ خَرَجَ مَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ الْأَوَّلِ- يَقْتَصِدُ بِهِمْ فِي سَيْرِهِمْ حَتَّى شَارَفَ الْقَوْمَ- وَ كَانَ قَرِيباً مِنْهُمْ بِحَيْثُ يَرَاهُمْ وَ يَرَوْنَهُ، وَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ مِائَتَا رَجُلٍ- فَقَالُوا لَهُ وَ لِأَصْحَابِهِ مِثْلَ مَقَالَتِهِمْ لِلْأَوَّلِ- فَانْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ النَّاسُ مَعَهُ- وَ كَادَ أَنْ يَطِيرَ قَلْبُهُ مِمَّا رَأَى مِنْ عُدَّةِ الْقَوْمِ وَ جَمْعِهِمْ- وَ رَجَعَ يَهْرُبُ مِنْهُمْ.
فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ ع فَأَخْبَرَ مُحَمَّداً ص بِمَا صَنَعَ هَذَا- وَ أَنَّهُ قَدِ انْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ- فَصَعِدَ النَّبِيُّ ص الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ- وَ أَخْبَرَ بِمَا صَنَعَ هَذَا وَ مَا كَانَ مِنْهُ- وَ أَنَّهُ قَدِ انْصَرَفَ وَ انْصَرَفَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ- مُخَالِفاً لِأَمْرِي عَاصِياً لِقَوْلِي، فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ مِثْلَ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ صَاحِبُهُ- فَقَالَ لَهُ يَا فُلَانُ عَصَيْتَ اللَّهَ فِي عَرْشِهِ- وَ عَصَيْتَنِي وَ خَالَفْتَ قَوْلِي- وَ عَمِلْتَ بِرَأْيِكَ أَلَا قَبَّحَ اللَّهُ رَأْيَكَ- وَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ ع قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أَبْعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ يَفْتَحُ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَدَعَا عَلِيّاً ع وَ أَوْصَاهُ- بِمَا أَوْصَى بِهِ الْأَوَّلَ وَ الثَّانِيَ وَ أَصْحَابَهُ الْأَرْبَعَةَ آلَافِ فَارِسٍ- وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ اللَّهَ سَيَفْتَحُ عَلَيْهِ وَ عَلَى أَصْحَابِهِ.
فَخَرَجَ عَلِيٌّ ع وَ مَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ فَسَارَ بِهِمْ سَيْراً غَيْرَ سَيْرِ فُلَانٍ وَ فُلَانٍ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَعْنَفَ بِهِمْ فِي السَّيْرِ- حَتَّى خَافُوا أَنْ يَنْقَطِعُوا مِنَ التَّعَبِ وَ تَحْفَى 573 دَوَابُّهُمْ- فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَخَافُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ- وَ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ سَيَفْتَحُ عَلَيَّ وَ عَلَيْكُمْ- فَأَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ عَلَى خَيْرٍ، وَ إِلَى خَيْرٍ- فَطَابَتْ نُفُوسُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ وَ سَارُوا عَلَى ذَلِكَ السَّيْرِ وَ التَّعَبِ- حَتَّى إِذَا كَانُوا قَرِيباً مِنْهُمْ حَيْثُ يَرَوْنَهُمْ وَ يَرَاهُمْ
أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَنْزِلُوا- وَ سَمِعَ أَهْلُ وَادِي الْيَابِسِ بِقُدُومِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَصْحَابِهِ فَخَرَجُوا إِلَيْهِ مِنْهُمْ مِائَتَا رَجُلٍ شَاكِينَ بِالسِّلَاحِ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَلِيٌّ ع خَرَجَ إِلَيْهِمْ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ- فَقَالُوا لَهُمْ مَنْ أَنْتُمْ وَ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ- وَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمْ وَ أَيْنَ تُرِيدُونَ قَالَ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَخُوهُ وَ رَسُولُهُ إِلَيْكُمْ، أَدْعُوكُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ- وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَ لَكُمْ إِنْ آمَنْتُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَ عَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ، فَقَالُوا لَهُ إِيَّاكَ أَرَدْنَا وَ أَنْتَ طَلِبَتُنَا- قَدْ سَمِعْنَا مَقَالَتَكَ وَ مَا عَرَضْتَ عَلَيْنَا هَذَا مَا لَا يُوَافِقُنَا- فَخُذْ حِذْرَكَ وَ اسْتَعِدَّ لِلْحَرْبِ الْعَوَانِ 574 وَ اعْلَمْ أَنَّا قَاتِلُوكَ وَ قَاتِلُو أَصْحَابِكَ- وَ الْمَوْعِدُ فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ غَداً ضَحْوَةً، وَ قَدْ أَعْذَرْنَا فِيمَا بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ.
فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ ع وَيْلَكُمْ! تُهَدِّدُونِّي بِكَثْرَتِكُمْ وَ جَمْعِكُمْ! فَأَنَا أَسْتَعِينُ بِاللَّهِ وَ مَلَائِكَتِهِ وَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْكُمْ- وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، فَانْصَرَفُوا إِلَى مَرَاكِزِهِمْ وَ انْصَرَفَ عَلِيٌّ ع إِلَى مَرْكَزِهِ- فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّيْلُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُحْسِنُوا إِلَى دَوَابِّهِمْ- وَ يَقْضِمُوا وَ يُسْرِجُوا 575 .