کتابخانه روایات شیعه
قَالَتْ قُرَيْشٌ فَمَتَى يَكُونُ مَا تَعِدُنَا يَا مُحَمَّدُ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ وَ النَّارِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ يَعْنِي الْمَوْتَ وَ الْقِيَامَةِ فَسَيَعْلَمُونَ يَعْنِي فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ فُلَاناً وَ مُعَاوِيَةَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ أَصْحَابَ الضَّغَائِنِ مِنْ قُرَيْشٍ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً قَالُوا فَمَتَى يَكُونُ هَذَا يَا مُحَمَّدُ قَالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ: قُلْ إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ- أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً قَالَ أَجَلًا.
عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ يَعْنِي عَلِيّاً الْمُرْتَضَى مِنَ الرَّسُولِ ص وَ هُوَ مِنْهُ- قَالَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قَالَ فِي قَلْبِهِ الْعِلْمَ وَ مِنْ خَلْفِهِ الرَّصَدَ يُعَلِّمُهُ عِلْمَهُ- وَ يَزُقُّهُ الْعِلْمَ زَقّاً وَ يُعَلِّمُهُ اللَّهُ إِلْهَاماً، وَ الرَّصَدُ التَّعْلِيمُ مِنَ النَّبِيِّ ص لِيَعْلَمَ النَّبِيُ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ- وَ أَحاطَ عَلِيٌّ ع بِمَا لَدَى الرَّسُولِ مِنَ الْعِلْمِ وَ أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ مُنْذُ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ زَلْزَلَةٍ أَوْ خَسْفٍ- أَوْ قَذْفٍ أَوْ أُمَّةٍ هَلَكَتْ فِيمَا مَضَى أَوْ تَهْلِكَ فِيمَا بَقِيَ، وَ كَمْ مِنْ إِمَامٍ جَائِرٍ أَوْ عَادِلٍ يَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَ نَسَبِهِ- وَ مَنْ يَمُوتُ مَوْتاً أَوْ يُقْتَلُ قَتْلًا، وَ كَمْ مِنْ إِمَامٍ مَخْذُولٍ لَا يَضُرُّهُ خِذْلَانُ مَنْ خَذَلَهُ، وَ كَمْ مِنْ إِمَامٍ مَنْصُورٍ لَا يَنْفَعُهُ نُصْرَةُ مَنْ نَصَرَهُ-.
وَ عَنْهُ عَنْ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عزاب [غُرَابٍ] عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ قَالَ ذِكْرُ رَبِّهِ وَلَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
وَ قَوْلُهُ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً أَيْ طَلَبُوا الْحَقَ وَ أَمَّا الْقاسِطُونَ الْآيَةَ، قَالَ الْقَاسِطُ الْحَائِدُ عَنِ الطَّرِيقِ- قَوْلُهُ وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً قَالَ الْمَسَاجِدُ السَّبْعَةُ الَّتِي يَسْجُدُ عَلَيْهَا- الْكَفَّانِ وَ الرُّكْبَتَانِ [وَ عَيْنَا الرُّكْبَتَيْنِ] وَ الْإِبْهَامَانِ وَ الْجَبْهَةُ،
قَالَ وَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ الْمَسَاجِدُ الْأَئِمَّةُ ع
قَوْلُهُ وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ ص
يَدْعُوهُ كِنَايَةٌ عَنِ اللَّهِ كادُوا يَعْنِي قُرَيْشا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً أَيْ أَيِّداً- قَوْلُهُ حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ قَالَ الْقَائِمُ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي الرَّجْعَةِ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً
قَالَ هُوَ قَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لِزُفَرَ:
وَ اللَّهِ يَا ابْنَ صُهَاكَ! لَوْ لَا عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَعَلِمْتَ أَيُّنَا أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً
، قَالَ فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجْعَةِ قَالُوا مَتَى يَكُونُ هَذَا- قَالَ اللَّهُ قُلْ يَا مُحَمِّدُ إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ- أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً .
وَ قَوْلُهُ عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ... إلخ- قَالَ يُخْبِرُ اللَّهُ رَسُولَهُ الَّذِي يَرْتَضِيهِ- بِمَا كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَخْبَارِ- وَ مَا يَكُونُ بَعْدَهُ مِنْ أَخْبَارِ الْقَائِمِ ع وَ الرَّجْعَةِ وَ الْقِيَامَةِ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى عَنْ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ فِي قَوْلِهِ وَ أَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ- أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً فَقَالَ لَا بَلْ وَ اللَّهِ شَرٌّ أُرِيدَ بِهِمْ- حِينَ بَايَعُوا مُعَاوِيَةَ وَ تَرَكُوا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ص
، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ- لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً يَعْنِي مَنْ جَرَى فِيهِ شَيْءٌ مِنْ شِرْكِ الشَّيْطَانِ، عَلَى الطَّرِيقَةِ يَعْنِي عَلَى الْوَلَايَةِ- فِي الْأَصْلِ عِنْدَ الْأَظِلَّةِ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ ذُرِّيَّةِ آدَمَ، أَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً- لَكِنَّا وَضَعْنَا أَظَلَّتَهُمْ فِي مَاءِ الْفُرَاتِ الْعَذْبِ 546
73 سُورَةُ الْمُزَّمِّل مَكِّيَّةٌ آيَاتُهَا عِشْرُونَ 20
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا- نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ قَالَ: هُوَ النَّبِيُّ ص كَانَ يَتَزَمَّلُ بِثَوْبِهِ وَ يَنَامُ، فَقَالَ اللَّهُ: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا- نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا قَالَ انْقُصْ مِنَ الْقَلِيلِ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ أَيْ علَىَ الْقَلِيلِ قَلِيلًا وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا قَالَ بَيِّنْهُ تِبْيَاناً وَ لَا تَنْثُرْهُ نَثْرَ الرَّمْلِ- وَ لَا تَهُذَّهُ هَذَّ الشَّعْرِ- وَ لَكِنْ أَفْزِعْ بِهِ الْقُلُوبَ الْقَاسِيَةَ- قَوْلُهُ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا قَالَ قِيَامَ اللَّيْلَ- وَ هُوَ قَوْلُهُ إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا قَالَ أَصْدَقُ الْقَوْلِ
قَوْلُهُ وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا قَالَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ وَ تَحْرِيكُ السَّبَّابَتَيْنِ-.
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا يَقُولُ فَرَاغاً طَوِيلًا لِنَوْمِكَ وَ لِحَاجَتِكَ وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا يَقُولُ أَخْلِصْ إِلَيْهِ إِخْلَاصاً
، وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ وَ طَعاماً ذا غُصَّةٍ أَيْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَبْلَعَهُ- قَوْلُهُ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ أَيْ تَخْسِفُ- وَ قَوْلُهُ وَ كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا قَالَ مِثْلَ الرَّمْلِ يَنْحَدِرُ
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ- أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ- وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ فَفَعَلَ النَّبِيُّ ص ذَلِكَ- وَ بَشَّرَ النَّاسَ بِهِ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ- وَ قَوْلُهُ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ وَ كَانَ الرَّجُلُ يَقُومُ وَ لَا يَدْرِي- مَتَى يَنْتَصِفُ اللَّيْلُ وَ مَتَى يَكُونُ الثُّلُثَانِ- وَ كَانَ الرَّجُلُ يَقُومُ حَتَّى يُصْبِحَ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْفَظَهُ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ إِلَى قَوْلِهِ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ يَقُولُ مَتَى يَكُونُ النِّصْفُ وَ الثُّلُثُ نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَبِيٌّ قَطُّ إِلَّا خَلَا بِصَلَاةِ اللَّيْلِ- وَ لَا جَاءَ نَبِيٌّ قَطُّ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ
قَوْلُهُ
فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً يَقُولُ كَيْفَ إِنْ كَفَرْتُمْ تَتَّقُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً، وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ الْآيَةَ قَالَ تَشِيبُ الْوِلْدَانُ مِنَ الْفَزَعِ- حَيْثُ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ،
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً قَالَ هُوَ غَيْرُ الزَّكَاةِ.
74 سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ مَكِّيَّةٌ آيَاتُهَا سِتٌّ وَ خَمْسُونَ 56
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ- وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ قَالَ: أَنْذَرَ الرَّسُولُ ص، فَالْمُدَّثِّرُ يَعْنِي الْمُدَّثِّرَ بِثَوْبِهِ، « قُمْ فَأَنْذِرْ » قَالَ: هُوَ قِيَامُهُ فِي الرَّجْعَةِ يُنْذِرُ فِيهَا- قَوْلُهُ « وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ » قَالَ: تَطْهِيرُهَا تَقْصِيرُهَا- وَ قَالَ:
شِيعَتُنَا يُطَهَّرُونَ- قَوْلُهُ وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ الرُّجْزُ الْخَبِيثُ- قَوْلُهُ وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ يَقُولُ لَا تُعْطِي الْعَطِيَّةَ تَلْتَمِسُ أَكْثَرَ مِنْهَا
، وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ إِلَى قَوْلِهِ ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً
فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَ كَانَ شَيْخاً كَبِيراً مُجَرِّبا مِنْ دُهَاةِ الْعَرَبِ، وَ كَانَ مِنَ الْمُسْتَهْزِءِينَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص، وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَقْعُدُ فِي الْحُجْرَةِ وَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الشَّمْسِ مَا هَذَا الَّذِي يَقُولُ مُحَمَّدٌ أَ شِعْرٌ هُوَ أَمْ كِهَانَةٌ أَمْ خُطَبٌ! فَقَالَ دَعُونِي أَسْمَعْ كَلَامَهُ، فَدَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْشِدْنِي مِنْ شِعْرِكَ، قَالَ: مَا هُوَ شَعْرٌ وَ لَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ- الَّذِي ارْتَضَاهُ لِمَلَائِكَتِهِ وَ أَنْبِيَائِهِ، فَقَالَ: اتْلُ عَلَيَّ مِنْهُ شَيْئاً، فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ص حَم السَّجْدَةِ فَلَمَّا بَلَغَ قَوْلَهُ فَإِنْ أَعْرَضُوا يَا مُحَمَّدُ أَعْنِي قُرَيْشاً فَقُلْ لَهُمْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَ ثَمُودَ ، قَالَ: فَاقْشَعَرَّ الْوَلِيدُ وَ قَامَتْ كُلُّ شَعْرَةٍ
فِي رَأْسِهِ وَ لِحْيَتِهِ- وَ مَرَّ إِلَى بَيْتِهِ وَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى قُرَيْشٍ مِنْ ذَلِكَ، فَمَشَوْا إِلَى أَبِي جَهْلٍ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْحَكَمِ إِنَّ أَبَا عَبْدِ الشَّمْسِ صَبَا إِلَى دِينِ مُحَمَّدٍ أَ مَا تَرَاهُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْنَا، فَغَدَا أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ لَهُ: يَا عَمِّ نَكَّسْتَ رُءُوسَنَا- وَ فَضَحْتَنَا وَ أَشْمَتَّ بِنَا عَدُوُّنَا- وَ صَبَوْتَ إِلَى دِينِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ مَا صَبَوْتُ إِلَى دِينِهِ- وَ لَكِنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ كَلَاماً صَعْباً تَقْشَعِرُّ مِنْهُ الْجُلُودُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: أَ خُطَبٌ هُوَ قَالَ: لَا إِنَّ الْخُطَبَ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ وَ هَذَا كَلَامٌ مَنْثُورٌ- وَ لَا يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً- قَالَ أَ فَشِعْرُ هُوَ قَالَ لَا، أَمَّا إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ أَشْعَارَ الْعَرَبِ بَسِيطَهَا وَ مَدِيدَهَا- وَ رَمْلَهَا وَ رَجَزَهَا وَ مَا هُوَ بِشِعْرٍ- قَالَ فَمَا هُوَ قَالَ دَعْنِي أُفَكِّرْ فِيهِ- فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ- قَالُوا يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ مَا تَقُولُ فِيمَا قُلْنَاهُ قَالَ:
قُولُوا هُوَ سِحْرٌ فَإِنَّهُ أَخَذَ بِقُلُوبِ النَّاسِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ فِي ذَلِكَ « ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً » وَ إِنَّمَا سُمِّيَ وَحِيداً 547 لِأَنَّهُ قَالَ لِقُرَيْشٍ أَنَا أَتَوَحَّدُ بِكِسْوَةِ الْبَيْتِ سَنَةً- وَ عَلَيْكُمْ فِي جَمَاعَتِكُمْ سَنَةً، وَ كَانَ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ وَ حَدَائِقُ- وَ كَانَ لَهُ عَشْرُ بَنِينَ بِمَكَّةَ وَ كَانَ لَهُ عَشْرَةُ عَبِيدٍ عِنْدَ كُلِّ عَبْدٍ أَلْفُ دِينَارٍ يَتَّجِرُ بِهَا- وَ تِلْكَ الْقِنْطَارُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ- وَ يُقَالُ إِنَّ الْقِنْطَارَ جِلْدُ ثَوْرٍ مَمْلُوٌّ ذَهَباً
، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ - إِلَى قَوْلِهِ صَعُوداً قَالَ: جَبَلٌ يُسَمَّى صَعُوداً ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ قَالَ عَبَسَ وَجْهَهُ، وَ بَسَرَ قَالَ أَلْقَى شِدْقَهُ ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ- إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ إِلَى قَوْلِهِ ما سَقَرُ وَادٍ فِي النَّارِ لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ أَيْ لَا تُبْقِيهِ وَ لَا تَذَرُهُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ قَالَ تُلَوِّحُ عَلَيْهِ فَتُحْرِقُهُ، عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ قَالَ مَلَائِكَةٌ يُعَذِّبُونَهُمْ- وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَ هُمْ مَلَائِكَةٌ فِي النَّارِ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا
قَالَ لِكُلِّ رَجُلٍ تِسْعَةَ عَشَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُعَذِّبُونَهُمْ-.
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً قَالَ الْوَحِيدُ وَلَدُ الزِّنَا وَ هُوَ زُفَرُ وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً قَالَ أَجَلًا إِلَى مُدَّةٍ وَ بَنِينَ شُهُوداً قَالَ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَا يُورَثُ وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً مَلَّكَهُ الَّذِي مَلَّكَهُ مَهَّدَهُ لَهُ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً قَالَ لِوَلَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع جَاحِداً- عَانِداً لِرَسُولِ اللَّهِ ص فِيهَا سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ فَكَّرَ فِيمَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْوَلَايَةِ- وَ قَدَّرَ إِنْ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ لَا يُسَلِّمَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع الْبَيْعَةَ الَّتِي بَايَعَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ قَالَ عَذَابِ بَعْدَ عَذَابِ يُعَذِّبْهُ الْقَائِمِ ع ثُمَّ نَظَرَ إِلَى النَّبِيِّ ص وَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَ عَبَسَ وَ بَسَرَ مِمَّا أُمِرَ بِهِ ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ، قَالَ: زُفَرُ إِنَّ النَّبِيَّ ص سَحَرَ النَّاسَ بِعَلِيٍّ ع إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ أَيْ لَيْسَ هُوَ وَحْياً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فِيهِ نَزَلَتْ-.
وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ قَالَ الْيَمِينُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ أَصْحَابُهُ شِيعَتُهُ فَيَقُولُونَ لِأَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ فَيَقُولُونَ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ أَيْ لَمْ نَكُ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ قَالَ: حُقُوقُ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْخُمْسِ لِذَوِي الْقُرْبَى وَ الْيَتَامَى وَ الْمَسَاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيِل وَ هُمْ آلُ مُحَمِّدٍ ع وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ أَيْ يَوْمِ الْمُجَازَاةِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ أَيِ الْمَوْتُ- وَ قَوْلُهُ فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ قَالَ: لَوْ أَنَّ كُلَّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ- شَفَعُوا فِي نَاصِبِ آلِ مُحَمَّدٍ مَا قُبِلَ مِنْهُمْ مَا شَفَعُوا فِيهِ- ثُمَّ قَالَ فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ
قَالَ عَمَّا يُذْكَرُ لَهُمْ مِنْ مُوَالاةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ يَعِني مِنَ الْأَسَدِ- قَوْلُهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ قَالَ هُوَ أَهْلٌ أَنْ يُتَّقَى وَ أَهْلٌ أَنْ يَغْفِرَ-.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ- نَذِيراً لِلْبَشَرِ قَالَ يَعْنِي فَاطِمَةَ ع
، وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ- أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا مُحَمَّدُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يُذْنِبُ الذَّنْبَ- فَيُصْبِحُ وَ ذَنْبُهُ مَكْتُوبٌ عِنْدَ رَأْسِهِ وَ كَفَّارَتُهُ- فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ ع عَلَى النَّبِيِّ ص وَ قَالَ- يَسْأَلُكَ قَوْمُكَ سُنَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الذُّنُوبِ- فَإِنْ شَاءُوا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِهِمْ- وَ أَخَذْنَاهُمْ بِمَا كُنَّا نَأْخُذُ بِهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَرِهَ ذَلِكَ لِقَوْمِهِ
75 سُورَةُ الْقِيَامَةِ مَكِّيَّةٌ آيَاتُهَا أَرْبَعُونَ 40
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ يَعْنِي أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ قَالَ: نَفْسُ آدَمَ الَّتِي عَصَتْ فَلَامَهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- قَوْلُهُ أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ- بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ قَالَ:
أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ لَوْ شَاءَ اللَّهُ يُسَوِّيهَا- قَوْلُهُ بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ قَالَ يُقَدِّمُ الذَّنْبَ وَ يُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ وَ يَقُولُ سَوْفَ أَتُوبُ- قَوْلُهُ يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ أَيْ مَتَى يَكُونُ- قَالَ اللَّهُ فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ قَالَ: يُبْرِقُ الْبَصَرُ فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَطْرَفَ