کتابخانه روایات شیعه
القسم الاول اتصال الحجج و الأنبياء من أبينا آدم الى سيدنا محمد [ص]
مقدمة في بدء الخليقة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين و العاقبة للمتقين و لا عدوان الا على الظالمين و صلّى اللّه على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين.
(روي) عن عالم اهل البيت (عليهم السلام) انه قال لشيعته: اعلموا العقل و جنوده و اعرفوا الجهل و جنوده تهتدوا.
فقيل له: انا لا نعرف الا ما عرفتنا.
فقال عليه السلام: ان اللّه جل و علا خلق العقل و هو اول خلق خلقه من الروحانيين من يمين العرش من نوره فقال له أدبر فأدبر، ثم قال له أقبل فأقبل. فقال له: خلقتك خلقا عظيما و كرمتك على جميع خلقي. ثم خلق الجهل من البحر الاجاج الظلماني فقال له ادبر فلم يدبر ثم قال له اقبل فلم يقبل فلعنه و قال له استكبرت، ثم جعل للعقل خمسا و سبعين جندا فلما رأى الجهل ما اكرم اللّه به العقل اضمر له العداوة و قال يا رب هذا خلق مثلي خلقته و كرمته و قويته بالجنود و انا ضده فتضعفني و لا يكون لي قوة فاعطني من الجند مثل ما أعطيته.
فقال: نعم، فان عصيت بعد ذلك اخرجتك و جنودك من رحمتي.
قال: قد رضيت.
فاعطاه خمسا و سبعين جندا. فكان ما اعطاهما من الجنود ما فسره العالم عليه السّلام و هو كما يوضع في الجهة التي تتلوها إن شاء اللّه تعالى.
جند العقل
الخير وزير العقل، الاخلاص، العلم، التهيئة، الرفق، الستر، النفس، الصبر التذكر، التوبة، الدعاء، التصديق، الاسلام، الشهامة، المداراة، البركة، الرهبة، الحلم، النظافة، الراحة، الحفظ، المواساة، النشاط، السلامة، الحق، الايمان، الطمع في الغفران، سلامة العيب، البر للوالدين، الصمت، العفو، السهولة، الحكمة، المودة، الفرح، الالفة، العدل، الامانة، التوكل، الصلاة، العفة، الحقيقة، التقية، الرحمة، الصفا، الوقار، الاستغفار، السخاء، الحب في اللّه عز و جل، الفهم، الصوم، الزهد، التواضع، الانصاف، الحياء، الغنى باللّه عز و جل، التعطف، المحافظة، الإغضاء، الصدق، الرجاء، المعرفة، الجهاد، الكتمان، التؤدة، الاستسلام، القصد، العافية، القناعة، الوفاء، الشكر، الرضاء، الرأفة، الحج، صون الحديث، المعروف، التسليم، اليقين، القوام، السعادة، الطاعة.
جند الجهل
الشر وزير الجهل، الكفران، البلادة، المكاشفة، الخرق، التبرج، الجحود، الكفر، الطمع، المماكرة، الجرأة، الاضاعة، التطاول، الباطل، الحرص، التهتك، العقوق، الافطار، البلاء، الخيانة، الغباوة، الرعنة، الرياء، السفه، الجور، القنوط، الانكار، الافشاء، الكبر، الهذر، البغض، السخط، الغلظة، النميمة، التسرع، الاذاعة، الكذب، الشؤم، الجهل، الغضب، المنكر، الحمية، الاستكبار، العدوان، الخلع، المحق، البلوى، الشره، المعصية، التجبر، الشك، الفرقة، المكاثرة، الشقاوة، الاستنكاف، الحسد، الجزع، البخل، السهو، الاصرار، الكسل، الغدر، الحرص لغير اللّه، التعب، النسيان، المنع، الحزن، الحقد، النكول، الصعوبة، الهوى، العداوة، القساوة، نبذ الميثاق، الانتقام، الخفة، الاغترار، القحة، البغي، الفقر، القطيعة، التهاون، العصبية.
فلا يجمع هذه الخصال كلها التي هي جنود العقل الا نبي أو وصي نبي أو مؤمن قد امتحن اللّه قلبه للايمان، فاما ساير المؤمنين فلا يخلو احدهم من بعض هذه الجنود للخير حتى اذا استكمل وصفا من جنود الجهل كان في الدرجة العليا مع الأنبياء. تدرك معرفة العقل و جنوده بمجانبة الجهل و جنوده.
بدء الخليقة
و روي ان اللّه جل و علا خلق الجن و النسناس و أسكنهم الارض فسفكوا الدماء و غيّروا و بدلوا فأهبط اللّه إبليس اللعين في جند من الملائكة و كان اسمه عزازيل فأبادوا الجن و النسناس الى اطراف الارض و سكن ابليس و من معه العمران و كان يحكم بين أهل الارض و يتشبه بالملائكة، و لم يكن منهم، و يظهر الطاعة للّه عز و جل و يبطن المعصية، ثم لعنه اللّه، و أظهر معصية اللّه و حكم بخلاف ما أمر اللّه و غيّر و بدل فلما اراد- جل و علا- أن يخلق آدم (صلّى اللّه عليه) و ذلك بعد أن مضى للجن و النسناس سبعة آلاف سنة و بعد ان مضى لابليس (لعنه اللّه) حين من الدهر كشف عن اطباق السماوات ثم قال للملائكة انظروا الى أهل الارض من خلقي.
فلما رأى الملائكة الفساد في الارض و سفك الدماء عظم ذلك عليهم، فأوحى اللّه إليهم «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» يكون حجة لي على من في ارضي على خلقي.
فقالت الملائكة «أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ» فقالوا اجعله منا فانا لا نفسد في الأرض و لا نسفك الدماء. فقال: «إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ» اني اريد ان أخلق خلقا بيدي و أجعل من ذريته انبياء مرسلين و عبادا أئمة مهديين أجعلهم خلفاء على خلقي و حججا ينهونهم عن معصيتي و ينذرونهم من عذابي و يهدونهم الى طاعتي و يسلكون بهم الى سبيلي و ابتر النسناس عن أرضي و أهل مردة الجن العصاة عن بريتي و خلقي و أسكنهم في الهواء و في أقطار الأرض و أجعل بين الخلق و بين الجن حجابا فلا يرى نسل خلقي الجن و لا يجالسونهم.
فقالت الملائكة: «لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ»
قال اللّه عز و جل «إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ»
و كان ذلك تقدمة من اللّه عز و جل في آدم عليه السّلام قبل أن يخلقه؛ احتجاجا به عليهم.
قال فاغترف- تبارك و تعالى- من ذات اليمين بيمينه غرفة من الماء العذب الفرات فصلصلها فجمدت ثم قال لها: منك أخلق النبيين و المرسلين و عبادي الصالحين الأئمة المهديين و الدعاة الى الجنة و أتباعهم الى يوم القيامة و لا أبالي (و لا أسأل عما أفعل و هم يسألون) يعني خلقه.
ثم اغترف غرفة من الماء المالح الأجاج من ذات الشمال فصلصلها فجمدت فقال لها: منك أخلق الخنازير و الفراعنة و أئمة الكفر و الدعاة الى النار و اتباعهم الى يوم القيامة.
و شرط- جل و عز- في هؤلاء البدء ثم خلط الطينتين جميعا ثم أكفاهما مثله قدام عرشه.
و روي ان اللّه جل و علا فرق الطينتين ثم رفع لهما نارا فقال لهما ادخلوها ناري فدخلها اصحاب اليمين فكان أول من دخلها محمد و آل محمد عليهم السلام ثم اتبعهم أولو العزم من الرسل و أوصياؤهم و اتباعهم فكانت عليهم بردا و سلاما. و أبى أصحاب الشمال أن يدخلوها، فقال للجميع كونوا طينا باذني ثم خلق منه آدم.
قال: فمن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء و من كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء.
و قال العالم عليه السلام للذي حدثه من شيعته و مواليه: فما رأيت من فرق أصحابك و خلقهم ما أصاب من لطخ أصحاب الشمال، و ما رأيت من حسن سيما و وقار أعدائك ما أصاب من لطخ أصحاب اليمين.
و روي ان اللّه جل و عز أخذ عليهم الميثاق بالتوحيد و الرسالة و الامامة و ثبت المعرفة في قلوبهم و نسوا الموقف و سيذكرونه. و لو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه و رازقه.
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كل مولود يولد على الفطرة (يعني تلك المعرفة) ان يقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين.
و روي أنه سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض من عذبها و مالحها و مرّها و منتنها فجعلت الملوحة في العينين و لو لا ذلك لذابتا و جعلت المرارة في الأذنين و لو لا ذلك لدخلها الهوام و جعل النتن في الانف ليجد الانسان الروايح الطيبة و جعلت العذوبة في الفم ليجد به لذة المطعم و المشرب.
و لما خلق اللّه تعالى آدم عليه السلام و نفخ فيه الروح و أمر بالسجود له و انما كان السجود للّه تبارك و تعالى و الطاعة لآدم عليه السّلام و امتنع ابليس حسدا له و طغيانا و قال «خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ»*
و أخطأ إبليس اللعين في القياس لان الطين الذي خلق منه آدم أنور من النار لأن النار من الشجر و الشجر من الطين.
ثم قال ابليس: يا رب اعفني من السجود لآدم حتى أعبدك عبادة لم يعبدك بها أحد.
فأوحى اللّه تعالى: لست أقبل شيئا من عبادتك الا الطاعة لآدم.
فأبى ابليس اللعين ذلك، فلعنه اللّه و غضب عليه و أمر الملائكة بإخراجه ثم قال له «وَ إِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ» «قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» «قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»
فسئل العالم عن السبب في اجابته الى الإنظار. فقال له: انه لما هبط الى الأرض تحكّم فيها و غيّر و بدل، فغضب اللّه عليه فسجد أربعة آلاف سنة سجدة واحدة فجعل اللّه تلك السجدة سببا للاجابة للنظرة الى قيام صاحب الامر عليه السّلام و هو يوم الوقت المعلوم.
قال: فقال اللعين «فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» فروي أنه لا سلطان لابليس على المؤمنين في اخراجهم من ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام الى ولاية الجبت و الطاغوت، و له عليهم سلطان فيما سوى ذلك.