کتابخانه روایات شیعه
قال: فتزعزع الحجر حتى كاد أن يزول ثم أنطقه اللّه جل و عز فقال: يا محمّد سلّم الإمامة لعلي بن الحسين.
فقال علي عليه السّلام: اللّهم اسمح و اغفر.
فرجع محمد بن علي عليه السّلام عن منازعته و سلّم إليه و استغفر.
و روي عن العالم عليه السّلام: ان علي بن الحسين أخذ بيد أبي حمزة ديران بن أبي صفية الثمالي فقال: يا أبا حمزة علّمنا منطق الطير و أوتينا من كلّ شيء ان هذا لهو الفضل المبين.
و روي انّه كان معه في بعض أسفاره الى مكّة فبينا هم جلوس إذ جاءت ظبية فوقفت بازائه فحمحمت و عيناها تدمعان فقال لأصحابه: تدرون ما تقول هذه الظبية؟
فقالوا: اللّه و رسوله و أولياؤه أعلم.
فقال: انّها تذكر انّها عند فلان القرشي و لها خشف قد حبس عنها و لم يطعم شيئا منذ يوم و ليلة.
ثم وجّه الى القرشي فأحضره و استوهب منه الظبية و الخشف و حضر طعامه فجعل يطعمها ثم أمر أن تخرج الى البر فتخلّى لها السبيل. فمضت و هي تحمحم و معها خشفها، فقال: ما تدرون ما تقول؟
قلنا: لا.
فقال: انها تدعو لنا و تجزي خيرا.
و روي ان رجلا صار إليه و عنده أصحابه فقال له: من أنت؟
قال: أنا رجل منجم قايف عرّاف.
فنظر إليه ثم قال له: هل أدلّك على رجل قد مر منذ دخلت علينا في أربعة عشر ألف عام؟
قال: من هو؟
فقال له: ان شئت نبأتك بما أكلت و ما ادّخرت في بيتك؟
فقال له: نبئني.
فقال له: أكلت في هذا اليوم حيسا و لك في بيتك عشرون دينارا؛ منها ثلاثة دنانير دارية.
فقال له الرجل: اشهد انّك الحجّة العظمى و المثل الأعلى و كلمة التقوى.
فقال له: و أنت صديق قد امتحن اللّه قلبه للإيمان فآمنت.
و روي عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت عنده فسمع صوت العصافير فقال: يا أبا حمزة هل تدري ما تقول هذه العصافير؟
قلت: لا.
قال: تقدّس ربّها و تطلب منه قوت يومها.
... الى غير ذلك من دلائله عليه السّلام، فانها كثيرة و قد بيّنا في آخر بابه بعضها.
فلما قربت أيامه صلّى اللّه عليه أحضر أبا جعفر ابنه و أوصى إليه، فحضر جماعة من خواصّه الوصية الظاهرة و سلّم إليه بعد ذلك الاسم الأعظم و مواريث الأنبياء.
و كان فيما قاله من أمر ناقته ان يحسن إليها و يقدم لها العلف و لا تحمل بعده على الكد و السفر و تكون في الحظيرة. و قد كان حجّ عليها عشرين حجّة ما قرعها بخشبة.
و مضى (صلّى اللّه عليه) في سنة خمس و تسعين من الهجرة؛ و سنه سبع و خمسون.
و دفن بالبقيع في قبر أبي محمد الحسن بن علي عليه السّلام.
فأقام مع أمير المؤمنين عليه السّلام سنتين و شهورا. و روي عنه أحاديث كثيرة، و أقام مع أبيه و عمّه عليهما السّلام عشرين سنة، و منفردا بالإمامة خمسا و ثلاثين سنة و شهورا.
فروي ان الناقة خرجت الى قبره بالبقيع فضربت بجرانها عليه و لم تزل دموعها تجري و تهمل من عينها، فبعث ابو جعفر عليه السّلام بمن يردّها الى موضعها فعادت. فعلت ذلك ثلاث مرّات ثم أقيمت فلم تقم حتى ماتت. فأمر أبو جعفر عليه السّلام فحفر لها و دفنت.
و روي عن سعيد بن المسيب قال: قحط الناس يمينا و شمالا فمددت عيني فرأيت شخصا أسود على تل قد انفرد، فقصدت نحوه فرأيته يحرّك شفتيه. فلم يتمّ دعاءه حتى أقبلت غمامة. فلما نظر إليها حمد اللّه و انصرف. و أدركنا المطر حتى ظنناه الغرق. فاتبعته حتى دخل دار علي بن الحسين عليه السّلام فدخلت إليه فقلت له: يا سيدي في دارك غلام أسود
تفضّل علي بيعه.
فقال: يا سعيد و لم لا يوهب لك؟
ثم أمر القيم على غلمانه يعرض كلّ من في الدار عليه فجمعوا فلم أر صاحبي بينهم.
فقلت: فلم أره. فقال: انّه لم يبق إلّا فلان السائس. فأمر به فأحضر فاذا هو صاحبي.
فقلت له: هذا هو.
فقال له: يا غلام ان سعيدا قد ملكك فامض معه.
فقال لي الأسود: ما حملك على ان فرّقت بيني و بين مولاي؟
فقلت له: اني رأيت ما كان منك على التل.
فرفع يده الى السماء مبتهلا ثم قال: ان كانت سريرة ما بينك و بيني قد أذعتها عليّ فاقبضني إليك.
فبكى علي بن الحسين و بكى من حضره و خرجت باكيا. فلما صرت الى منزلي وافاني رسوله فقال لي: ان أردت أن تحضر جنازة صاحبك فافعل.
فرجعت معه و وجدت العبد قد مات بحضرته.
و روي عن أبي خالد الكابلي انّه قال: كنت أقول بمحمد بن الحنفية زمانا، فلقيني يحيى بن أم الطويل ابن داية علي بن الحسين عليه السّلام فدعاني الى صاحبه، فامتنعت عليه.
فقال لي: ما يضرّك ان تقضي حقّي و ان تلقاه مرّة واحدة؟
فصرت معه إليه فوجدته جالسا في بيت مفروش بالمعصفر ملبس الحيطان .. عليه ثياب مصبغة. فلم أطل عنده.
فلما نهضت قال لي: صر إليّ في غد إن شاء اللّه.
فخرجت من عنده و قلت ليحيى: ادخلتني الى رجل يلبس المصبغات
و عزمت أن لا أرجع إليه، ثم فكّرت في ان رجوعي غير ضائر، فصرت إليه في الوقت، فوجدت الباب مفتوحا و لم أر أحدا، فهممت بالرجوع، فناداني من داخل الدار ثلاثة أصوات، فظننت انّه يريد غيري .. حتى صاح بي (يا كنكر) ادخل- و هذا اسم سمّتني أمي به و لم يسمعه و لا علم به أحد غيري- فدخلت إليه فوجدته جالسا في بيت
مطين على حصير بردي و عليه قميص كرابيسي.
فقال لي: يا أبا خالد اني قريب عهد بعروس، و ان الذي رأيت بالأمس من آلة المرأة، و لم أحبّ مخالفتها.
فما برحت ذلك اليوم من عنده حتى رأيت العجائب، فقلت بإمامته و هداني اللّه به و على يديه.
و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه قال: لا تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن و الحسين و لا تخرج من الأعقاب الى يوم القيامة.
و روي عن علي بن الحسين عليه السّلام انّه قال: ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم: المدخل فينا من ليس منّا، و المخرج منّا من هو منّا، و القائل ان لهما في الاسلام نصيبا- يعني هذين الصنمين-
محمد الباقر عليه السّلام
و قام بالأمر بعده أبو جعفر محمّد بن علي عليهما السّلام.
روي عن العالم عليه السّلام انّه تزوج أبو محمد علي بن الحسين عليه السّلام بأم عبد اللّه بن الحسن بن علي عمّه و هي أم جعفر عليه السّلام و كان يسمّيها الصديقة و يقول: لم يدرك في آل الحسن مثلها امرأة.
روي عن أبي جعفر عليه السّلام انّه قال: كانت أمي أم عبد اللّه بنت الحسن جالسة عند جدار فتصدّع الجدار فقالت بيدها: لا و حق المصطفى ما اذن اللّه- جل و عز- لك في السقوط حتى أقوم.
فبقي معلقا حتى قامت و بعدت ثم سقط، فتصدّق عنها علي بن الحسين بمائة دينار.
و كان مولد أبي جعفر عليه السّلام في سنة ثمان و خمسين من الهجرة قبل أن يصاب الحسين عليه السّلام و كان مولده و منشؤه مثل مواليد آبائه عليهم السّلام.
فلما شبّ و دخل المسجد مع أبيه أتاه جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقبّل رأسه ثم قال له: ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جدّك يقرأ عليك السّلام و كان قال لي: تعيش حتى ترى محمد بن
علي بن الحسين ابني، فاذا رأيته فاقرأ عليه سلامي.
ثم أتاه في وقت آخر فقبّل رأسه ثم قال له: يا باقر.
فلما فعل جابر ذلك، أمر علي بن الحسين أبا جعفر عليه السّلام ألا يخرج من الدار. فكان جابر يأتيه طرفي النهار فيسلّم عليه. فلما مضى علي بن الحسين عليه السّلام كان أبو جعفر يمضي الى جابر لسنّه و صحبته جدّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام في الوقت بعد الوقت.
و روي عن عدّة من أصحابه انّهم قالوا: كنّا معه فمر به زيد بن علي عليه السّلام فقال لنا:
لترون أخي هذا و اللّه ليخرجن بالكوفة و ليقتلن و ليصلبن و يطاف برأسه.
و روي ان أصحابه كانوا مجتمعين عنده إذ سقط بين يديه ورشان و معه انثاه فرقّا لهما، فوقفا ساعة ثم طارا. فقال عليه السّلام: علّمنا منطق الطير و أوتينا من علم كلّ شيء. كلّ شيء أسمع لنا و أطوع و أعرف بحقّنا من هذه الأمة. إنّ هذا الورشان ظن بزوجته ظن سوء و صار إليّ فشكاها و أتى بها معه فحاكمها فحلفت له بالولاية انّها ما خانته فأخبرته بأنّها صادقة و نهيته عن ظلمها؛ لأنّه ليس من بهيمة و لا طائر يحلف بولايتنا كاذبا إلّا ابن آدم. فاصطلحا و طارا.
و روي عن محمد بن سالم قال: كنت مع أبي جعفر عليه السّلام في طريق مكّة إذ بصرت بشاة منفردة من الغنم تصيح الى سخلة لها قد انقطعت عنها و تسرع السير فقال أبو جعفر عليه السّلام: أ تدري ما تقول هذه الشاة لولدها؟
قلت: لا يا سيدي.
قال: تقول لها: اسرعي في القطيع فان أخاك عام أوّل تخلّف عني و عن القطيع في هذا المكان فاختلسه الذئب.
قال محمد بن مسلم: فدنوت من الراعي فقلت له: أرى هذه الشاة تصيح سخلتها فلعلّ الذئب أكل قبل هذا الوقت سخلا لها في هذا الموضع؟
قال: قد كان ذاك عام أوّل، فما يدريك؟
و روي ان الأسود بن سعيد كان عند أبي جعفر عليه السّلام فابتدأ أبو جعفر فقال له: نحن
حجج اللّه و نحن لسان اللّه و نحن وجه اللّه و نحن ولاة أمر اللّه.
ثم قال: يا أسود ان بيننا و بين الأرض ترا مثل تر البناء فاذا أمرنا بأمر في الأرض جذبنا بذلك التر فأقبلت إلينا تلك الأرض.
و روي عن الحكيم بن أبي نعيم قال: أتيت أبي جعفر عليه السّلام بالمدينة فقلت له: علي نذر بين الركن و المقام ان انا لقيتك الا أخرج من المدينة حتى أعلم انّك قائم آل محمّد.
فلم يجبني بشيء.
فأقمت ثلاثين يوما ثم استقبلني في طريق فقال: يا حكيم و انك لهاهنا.
قلت: قد أخبرتك بما جعلت للّه على نفسي فلم تأمرني و لم تنهني.
و قال: بكر عليّ الى المنزل.
فغدوت إليه فقال: سل عن حاجتك.
فقلت: قد جعلت عليّ نذرا صياما و صدقة إن أنا لقيتك لم أخرج من المدينة حتى أعلم انّك قائم آل محمّد أو لا. فان كنت أنت رابطتك و ان لم تكن انتشرت في الأرض و طلبت المعاش.
فقال: يا حكيم كلّنا قائم بأمر اللّه.
قلت: فأنت المهدي؟
قال: كلّنا نهدي الى اللّه.
قلت: فأنت صاحب السيف.
قال: كلّنا صاحب السيف و وارث السيف.
قلت: و أنت تقتل أعداء اللّه و تعزّ أولياء اللّه و يظهر بك دين اللّه.
قال: يا حكيم كيف أكون أنا هو و قد بلغت هذا السن. ان صاحب هذا الأمر أقرب عهد باللبن مني.
ثم قال- بعد كلام طويل-: سر في حفظ اللّه و التمس معاشك.
و روي عن عنبسة بن مصعب عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سئل أبو جعفر عليه السّلام عن القائم، فضرب بيده على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السّلام فأخبرته بذلك. قال: صدق
جابر، و قال: لعلّكم ترون ان الامام ليس هو القائم بعد الإمام الذي كان قبله. هذا اسم لجميعهم.
و روي عن محمد بن عمير عن عبد الصمد بن بشير عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام قال ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله دعا عليّا في المرض الذي مضى فيه فقال له: يا علي ادن مني حتى أسرّ إليك بما أسرّه اللّه إليّ و ائتمنك على ما ائتمني اللّه عليه.
فدنا منه فأسرّ إليه.
و فعل علي بالحسن.
و فعل الحسن بالحسين.
و فعل الحسين بأبي.
و فعل أبي بي.
و روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، و أخي علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم. فاذا استشهد فابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم. ثم ابني الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم. فاذا استشهد فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم و ستدركه يا علي. ثم ابني محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم و ستدركه يا حسين.
و قد روى هذا الحديث عبد اللّه بن عباس و اسامة بن زيد و عبد اللّه بن جعفر الطيار- رحمهم اللّه-
و روي عن أبي بصير قال: قلت: لأبي جعفر أنتم ورثة رسول اللّه؟
فقال لي: نعم. رسول اللّه وارث الأنبياء و نحن ورثته و ورثتهم.
قلت: تقدرون على أن تحيوا الموتى و تبرءوا الاكمه و الأبرص؟
فقال لي: باذن اللّه.
ثم قال: ادن مني يا أبا محمد.
فمسح يده على وجهي فأبصرت الشمس و السماء و الأرض و كلّ شيء في الدار.