کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

اثبات الوصية

كلمة الناشر ترجمة المؤلف‏ عقيدته‏ مؤلفاته‏ كتاب اثبات الوصية القسم الاول اتصال الحجج و الأنبياء من أبينا آدم الى سيدنا محمد [ص‏] مقدمة في بدء الخليقة جند العقل‏ جند الجهل‏ بدء الخليقة هبوط آدم [ع‏] فلما أفضى الأمر الى هبة اللّه عليه السّلام- و هو شيث بالعبرانية- قام ريسان (ابن نزلة الحورية) و اسمه أنوش عليه السّلام بأمر اللّه (جل و علا) فقام قينان بامر اللّه جل و عز فلما قبض اللّه تبارك و تعالى قينان عليه السّلام قام الحيلث بن قينان عليه السّلام بامر اللّه‏ فقام غنميشا بامر اللّه عز و جل على منهاج آبائه‏ فلما قبضه اللّه جل و علا قام بالامر بعده إدريس و هو هرمس و هو اخنوخ عليه السّلام بامر اللّه جل و عز و قام برد بن أخنوخ عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ فقام أخنوخ بن برد بن أخنوخ عليهم السّلام‏ فلما قضى و توفي قام بالأمر ابنه متوشلخ بن أخنوخ عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام لمك و هو ارفخشد بن متوشلخ عليه السّلام‏ فلما مضى لمك عليه السّلام قام نوح بن ارفخشد بأمر اللّه تبارك و تعالى‏ و قام سام بن نوح عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام ارفخشد عليه السّلام بأمر اللّه تعالى‏ فقام شالح عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام هود بن شالح بأمر اللّه جل و علا و قام فالغ بن هود عليهما السّلام بأمر اللّه جل جلاله بعد أبيه هود فقام يروغ بن فالغ عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام نوشا بن أمين عليه السّلام بالأمر لما اختاره اللّه‏ و قام صاروغ بن يروغ عليه السّلام مقام آبائه (صلوات اللّه عليهم) و قام تاجور بن صاروغ عليه السّلام و ولده بأمر اللّه جل و علا و قام تارخ و هو ابو ابراهيم الخليل (صلّى اللّه عليهما) بالأمر و إبراهيم (صلّى اللّه عليه) اختاره اللّه جل و علا لنبوّته‏ فقام إسماعيل بن إبراهيم بالنبوة و الأمر مقامه‏ و قام اسحاق بن إبراهيم بالأمر و النبوّة بعد أخيه إسماعيل‏ و قام يعقوب عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام يوسف عليه السّلام مقامه‏ قام ببرز بن لاوي بن يعقوب عليهم السّلام بأمر اللّه جلّ و عز و قام أحرب بن ببرز بن لاوي عليهم السّلام بأمر اللّه عزّ و جل‏ و قام ميتاح بن أحرب عليهما السّلام بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام عاق بن ميتاح عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام خيام بن عاق عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مادوم بن خيام عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام شعيب بالأمر بعد مادوم‏ يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهم السّلام‏ فقام فينحاس ابنه (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه جل و علا فقام بشير بن فينحاس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام ابلث بن جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل على سبيل آبائه‏ فقام أحمر بن ابلث مقام أبيه‏ و قام محتان بن أحمر عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى مقام أبيه‏ و قام عوق (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه عز و جل مقام آبائه‏ و قام طالوت عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام داود صلّى اللّه عليه بأمر اللّه بعد طالوت‏ فقام سليمان (صلوات اللّه عليه) بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام آصف بن برخيا بأمر اللّه‏ و قام صفورا بن آصف عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام مبنه بن صفورا عليهما السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام هندو بن مبنه عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام أسفرا بن هندوا بأمر اللّه جل و تعالى‏ فقام رامين بن اسفر عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام اسحاق بن رامين بأمر اللّه جل جلاله مقام آبائه عليهم السّلام‏ و قام ايم بن اسحاق بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام زكريا عليه السّلام بأمر اللّه‏ فقام اليسابغ عليه السّلام بما أوصاه به زكريا عليه السّلام من أمر اللّه جل و علا و قام روبيل بن اليسابغ بأمر اللّه جل و عز و تدبير ما استودعه‏ بعث اللّه عز و جل المسيح عيسى بن مريم عليه السّلام‏ و قام شمعون عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن زكريا عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام منذر بن شمعون بأمر اللّه جل‏ و قام دانيال عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام مكيخا ابن دانيال بأمر اللّه‏ فقام انشوا بن مكيخا بأمر اللّه تعالى‏ و قام رشيخا بن انشوا بأمر اللّه جل و علا و قام نسطورس بن رشيخا بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مرعيد بن نسطورس بأمر اللّه جل و عز و قام بحيرا عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام منذر بن شمعون بأمر اللّه‏ و قام سلمة بن منذر عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام برزة بن سلمة عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام أبي بن برزة عليه السّلام بأمر اللّه جل و تقدّس‏ و قام دوس بن أبي عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام أسيد بن دوس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عزّ و قام هوف عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن هوف- عليه‏ القسم الثاني اتصال الحجج و الاوصياء من سيدنا محمد [ص‏] حتى ولادة المهدي‏ مولد سيّدنا محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم‏ الوحي‏ حديث الدار تآمر قريش، و معجزاته [ص‏] المعراج‏ الهجرة و المبيت‏ الدعوة حجة الوداع‏ الوصية وفاة الرسول [ص‏] خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام‏ مولد الامام علي عليه السّلام‏ ايمان علي عليه السّلام‏ كفالة ابي طالب للنبي عليه السّلام‏ مولد علي عليه السّلام‏ علي ربيب الرسول‏ في الحوادث التي اعقبت وفاة النبي [ص‏] معجزات علي‏ رد الشمس للامام على عليه السّلام‏ كراماته الاخرى عليه السّلام‏ شهادة الامام علي عليه السّلام‏ الحسن السبط عليه السّلام‏ الحسين الشهيد عليه السّلام‏ علي السجاد عليه السّلام‏ محمد الباقر عليه السّلام‏ جعفر الصادق عليه السّلام‏ موسى الكاظم عليه السّلام‏ علي الرضا عليه السّلام‏ محمد الجواد عليه السّلام‏ علي الهادي عليه السّلام‏ الحسن العسكري عليه السّلام‏ قيام صاحب الزمان و هو الخلف الزكيّ بقيّة الله في أرضه و حجّته على خلقه المنتظر لفرج أوليائه من عباده عليه السّلام و رحمته و تحياته. الفهرست‏

اثبات الوصية


صفحه قبل

اثبات الوصية، ص: 154

كراماته الاخرى عليه السّلام‏

و روي انّه خرج على أصحابه بعد عشاء الآخرة في ليلة مظلمة و هو يهمهم همهمة لا تدرى و عليه قميص آدم و بيده عصا موسى و خاتم سليمان عليهم السّلام.

و روي انّه اجتاز في طريقه الى الشام «ببادوريا» فخرج أهل قرية منها يقال لها «قطفتا» فشكوا إليه ثقل الوضايع في الخراج و انها مخالفة لسائر و ضائع السواد بالعراق فقال لهم بالنبطية «و غرار و طاهوا غررنا» يعني رب جحش صغير خير من حمار كبير.

فكانوا كلّموه بالنبطية فأجابهم بكلامهم، ثم قال لهم: أنتم تبيعون ثماركم بضعف ما يبيعها غيركم من أهل السواد.

و روي انّه كان اذا جلس للناس فوقف الرجل بين يديه قال له: اقعد و استعد و أعد لنفسك فأنت تموت في يوم كذا و سنة كذا و سبب مرضك كذا.

و روي عن الحرث الهمداني قال: خرجنا مع أمير المؤمنين عليه السّلام حتى انتهينا الى «العاقول» فاذا هو بأصل شجرة قد وقع لحاؤها و بقي عودها فضربها بيده ثم قال:

ارجعي باذن اللّه خضراء مثمرة فاذا هي تهتزّ بأغصانها حملها الكمثرى فأكلنا و حملنا معنا.

و روي انّه قال في خطبة له بعد حمد اللّه و الثناء عليه: انّه يموت منّا من مات و ليس بميّت و يبقى من بقي منا حجّة عليكم.

و روي أنّه قال لأصحابه: اعرضوا عليّ مسائلكم فكان ممّا سألوه عن صياح البهائم من الوحش و الطير و الدّواب. فقال: أما الدراج فانّه يقول‏ «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏» و أما الديك فانّه يقول «اذكروا اللّه يا غافلين» و اما الحمار فيلعن العشّارين و ينهق في وجه الشياطين، و أما الضفدع فانّه يقول «سبحان المعبود بكلّ مكان .. سبحان المعبود في لجج البحار .. سبحان المسبّح بكلّ لسان»، و اما القنبرة فانّها تقول «اللّهم العن مبغضي آل محمّد»، و أما الفرس فانّه يقول «سبّوح قدّوس ربّ الملائكة و الروح»، و أما الورشان فيقول «آل محمّد خير البرية»، و أما القمري فيقول «جزى اللّه محبي آل محمّد خيرا».

اثبات الوصية، ص: 155

شهادة الامام علي عليه السّلام‏

و كان من حديث الضربة و ابن ملجم (لعنه اللّه) ما روي. و كانت الضربة لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة إحدى و أربعين من الهجرة. و روي أن الناس اجتمعوا حوله و ان أم كلثوم صاحت «وا أبتاه» فقال عمرو بن الحمق: ليس على أمير المؤمنين بأس، إنمّا هو خدش. فقال عليه السّلام انّي مفارقكم. ثم قال الى السبعين بلاء، حتى قالها ثلاث مرّات.

قال له عمرو بن الحمق: فهل بعد البلاء رخاء؟. فلم يجبه.

و روي عن العالم عليه السّلام ان معنى قوله «الى السبعين بلاء» ان اللّه- جلّ و عزّ- وقّت للفرج سنة سبعين. فلما قتل الحسين عليه السّلام غضب اللّه على أهل ذلك الزمان فأخّره الى حين.

و روي أن أم كلثوم بكت، فقال لها: يا بنية ما يبكيك؟ لو ترين ما أرى ما بكيت! ان ملائكة السبع سماوات مواكب؛ بعضهم خلف بعض، و النبيّون خلفهم؛ كلّ نبي كان قبل محمّد، و ها هو ذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عندي أخذ بيدي يقول لي انطلق يا علي فان أمامك خيرا لك مما أنت فيه.

ثم قال: اخلوني و أهل بيتي أعهد إليهم.

فقام الناس إلّا اليسير، فجمع أهل بيته و هم اثنا عشر ذكرا و بقي قوم من شيعته، فحمد اللّه و أثنى عليه و قال: ان اللّه تبارك و تعالى أحبّ أن يجعل فيّ سنّة نبيّه يعقوب إذ جمع بنيه و هم اثنا عشر ذكرا فقال «اني أوصي الى يوسف فاسمعوا له و أطيعوا أمره» و اني أوصي الى الحسن و الحسين فاسمعوا لهما و أطيعوا أمرهما.

فقام إليه عبد اللّه فقال: يا أمير المؤمنين أدون محمّد- يعني ابن الحنفية- فقال له:

أ جرأة في حياتي، كأنّي بك و قد وجدت مذبوحا في خيمته.

و أوصى الى الحسن و سلّم إليه الاسم الأعظم و النور و الحكمة و مواريث الأنبياء و قال له: إذا أنا متّ فغسّلني و كفّنّي و حنّطني و أدخلني قبري، فإذا أشرجت عليّ اللبن فارفع أوّل لبنة فاطلبني؛ فإنّك لن تراني.

اثبات الوصية، ص: 156

و قبض عليه السّلام في ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان فكان عمره خمسا و ستين سنة (و روي ثلاثا و ستين سنة) منها مع النبي و خمس و ثلاثون سنة، و بعده ثلاثون سنة. و دفن بظاهر الكوفة بالغري.

و قد روى الناس بما أوصى به الى الحسن عليه السّلام أن يحمل هو و أخوه الحسين عليه السّلام مقدم الجنازة فاذا وقفت الجنازة حفر في ذلك الموضع فانّهما يجدان خشبة كان نوح عليه السّلام حفرها له فدفناه فيها.

و روي أن الجنازة حملت الى مسجد السهلة و وجدت ناقة باركة هناك فحمل عليها و أقاموها و تبعوها فلما وقفت بالغري و بركت حفر في ذلك المكان فوجد الخشبة المحفورة فدفن فيها حسب ما أوصى، و ان آدم و نوحا و أمير المؤمنين عليهم السّلام في قبر واحد.

و كان حمله و دفنه ليلا؛ لم يتولّ أمره في ذلك سوى الحسن و الحسين عليهما السّلام.

و روي أنّه لما ضربه ابن ملجم (لعنه اللّه) و حمل الى منزله، اجتمع إليه الناس، فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: كلّ امرئ ملاق ما يفرّ منه، و الأجل تساق إليه النفس، و الهرب منه موافاته. كم اطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى اللّه- جلّ ذكره- إلّا اخفاءه.

هيهات .. علم مكنون. أمّا وصيتي لكم فاللّه- جل و تعالى- لا تشركوا به شيئا و محمّدا صلّى اللّه عليه و آله لا تضيّعوا سنته. أقيموا هذين العمودين و خلاكم ذم ما لم تشردوا كل امرئ مجهوده، و خفّف عن الجهلة ربّ رحيم، و دين قويم، و امام عليم، كنار في أعصار و دوي رياح تحت ظلّ غمامة اضمحل راكدها، فحطّها من الأرض حبا جاوركم بعدي خيرها ساكنة بعد حركة كاظمة بعد نطق ليعظكم هدى و خفرت أطوافي انّه أوعظ لكم من نطق البليغ، ودّعتكم وداع امرئ مرصد للتلاق، غدا تروى آثاري، و يكشف لكم عن سرائري، عليكم السلام الى يوم اللزازم، كنت بالأمس صاحبكم، و أنا اليوم عظة لكم. و غدا مفارقكم. ان أبق فأنا وليّ دمي، و ان أفن فالقيامة ميعادي و العفو أقرب للتقوى فاعفوا عفا اللّه عني و عنكم، أ لا تحبون أن يغفر اللّه لكم و اللّه غفور رحيم!

و روي انّه لما قتل لم يبق حول بيت المقدس حجر إلّا دمي.

و روي ان ابن عباس قال في صبيحة اليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين عليه السّلام: اني‏

اثبات الوصية، ص: 157

رأيت البارحة في منامي كأن جبل أبي قبيس قد انهدّ و تقطّع و سقط حوالي الكعبة و اظلمّت الكعبة و مكّة و ما حولهما من غبار الجبل حتى لم ير الناس بعضهم بعضا.

قال: فقلت: انا للّه و انّا إليه راجعون. ما أخوفني أن يكون ذلك لشي‏ء قد نال أمير المؤمنين عليه السّلام.

قال فورد الخبر بقتله في تلك الليلة التي رأيت فيها هذه الرؤيا.

و روي أن الحسن قام خطيبا بعد دفنه، فعلا منبر الكوفة و عليه عمامة سوداء مسدولة و طيلسان أسود، فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: انّه و اللّه قد قبض في هذه الليلة رجل، ما سبقه الأولون، و لا يدركه الآخرون، ان كان لصاحب راية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره، لا ينثني حتى يفتح اللّه على يديه، و اللّه ما ترك بيضاء و لا حمراء إلّا سبعمائة درهم من فضل عطائه، و لقد قبض في الليلة التي نزل فيها القرآن، و في الليلة التي قبض فيها يوشع بن نون، و في الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريم عليه السّلام.

الحسن السبط عليه السّلام‏

و قام أبو محمد الحسن بن علي عليه السّلام مقامه صلوات اللّه عليه.

ولدت سيّدة النساء فاطمة (صلوات اللّه عليها) بعد مبعث السيد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بخمس سنين، فأقامت بمكّة مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثماني سنين، و بالمدينة عشر سنين و شهورا. و ولدت أبا محمّد و سنّها احدى عشر سنة بعد الهجرة بثلاث سنين، و كانت ولادته مثل ولادة جدّه و أبيه، و ولد طاهرا مطهّرا، و ربّاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تولّى تعليمه و تلقينه و تأديبه بنفسه. و مضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و له سبع سنين و أشهر، و أقام مع أمير المؤمنين عليه السّلام ثلاثين سنة، و كان أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) في خلال ذلك يشير إليه و ينصّ عليه بآي من القرآن و الأحاديث. فلما حضرت وفاته دعاه و دعا بأبي عبد اللّه و بجميع أولاده و ثقات شيعته و سلّم إليه الوصيّة التي تسلّمها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أوصى بما أراد و احتاج.

و أمره بغسله و تكفينه و دفنه و قال له في رفع اللبن عند ما ذكرناه ففعل عليه السّلام ما أمره به.

و روي أن أبا عبد اللّه الجدلي كان فيمن حضر الوصيّة بالدفن فسأل أبا محمّد عن رفع‏

اثبات الوصية، ص: 158

اللبنة فقال: يا سبحان اللّه أ تراني كنت أغفل عن هذا!

فقال له: فوجدته في القبر؟

فقال: لا و اللّه.

ثم قال عليه السّلام: ما من نبي يموت في المغرب، و يموت وصيّه في المشرق إلّا جمع اللّه بينهما في ساعة واحدة.

و قام أبو محمّد بأمر اللّه- جل و علا- و اتّبعه المؤمنون و أتاه الناس فبايعوه و قالوا له:

يا ابن رسول اللّه نحن السامعون المطيعون لك.

قال: كذبتم فو اللّه ما وفيتم لمن كان خيرا منّي، فكيف تفون لي و كيف أطمئن إليكم إن كنتم صادقين، فموعدنا بيني و بينكم المعسكر في المدائن.

فركب، و تخلّف عنه أكثر الناس، فقام خطيبا، فحمد اللّه و أثنى عليه و ذكّرهم بأيام اللّه ثم قال: يا أيها الناس قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي، فلا جزاكم اللّه عن رسول اللّه و أهل بيته خيرا. مع أي إمام تقاتلون بعدي، مع الظالم الكافر الزنديق الذي لم يؤمن باللّه و برسوله قط، و لا أظهر الإسلام و من تقدّمه من الشجرة الملعونة في كتاب اللّه بني أمية إلّا خوفا من سيوف الحق. و لو لم يبق منهم إلّا عجوز درداء لبغت لدين اللّه الغوائل.

ثم نزل و وجّه برجل من كندة في أربعة آلاف على مقدّمته لحرب معاوية، و أمره أن يعسكر بالأنبار و لا يحدث شيئا حتى يأتيه أمره.

فلما نزل الكندي الأنبار، بعث إليه معاوية رسولا يعده و يمنيه و يبذل له الرغائب من المال و حطام الدّنيا و ان يولّيه من أعمال الشام و الجزيرة ما يختاره و يسوقه مال ما يقلّده، و حمل إليه خمسين ألف درهم صلة له و معونة على سفره، فقبض عدوّ اللّه الكندي المال و مضى الى معاوية.

فقام أبو محمّد عليه السّلام خطيبا فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس هذا فلان الكندي قدمته بين يدي اللّه لمحاربة عدوّ اللّه و ابن آكلة الأكباد فبعث إليه بمال و وعده و منّاه حطام الدّنيا و متاعها فباع دينه و آخرته بدنيا زائلة غير باقية و قد توجّه إليه، و قد

اثبات الوصية، ص: 159

أخبرتكم مرّة أخرى انّه لا وفاء لكم و لا ذمّة و لا خير عندكم و أنّكم عبيد الدّنيا. و اني موجّه مكانه رجلا و إني لأعلم انّه يفعل فعل صاحبه غير مفكّر في عاقبة أمره و مرجعه و لا مراقب للّه في دينه.

و بعث رجلا من (مراد) في أربعة آلاف و تقدّم إليه بمشهد من الناس و حذّره الغدر و النكث.

فلما صار الى الأنبار أتاه رسول معاوية بمثل ما أتى الكندي من الصلة و المواعيد، فتوجّه إليه مؤثرا لدنياه على آخرته و بايعا دينه بالتافه القليل الفاني و مختارا على الجنّة.

فقام أبو محمّد عليه السّلام خطيبا فحمد اللّه و أثنى عليه و قال: قد عرفتكم انّكم لا تفون بعهد و لا تستيمنون الى عقد، و قد غدر المرادي الذي اخترتموه و قبله ما اخترتم الكندي. فقام أناس فقالوا ان كان الرجلان غدرا فنحن ننصح و لا نغدر.

فقال لهم: كلّا و اني أعذر بيني و بينكم مع علمي بسوء ما تبطنون و تنطوون عليه، و موعدكم عسكري بالنخيلة.

ثم خرج، فعسكر بالنخيلة و أقام به عشرة أيام، فلم يلحق به منهم إلّا عدد يسير، فانصرف الى الكوفة و قام خطيبا، فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال: يا عجبا من قوم لا حياء لهم و لا دين .. من غدرة بعد غدرة. أما و اللّه لو وجدت أعوانا لقمت بهذا الأمر أي قيام، و نهضت به أي نهوض، و أيم اللّه لا رأيتم فرجا و لا عدلا أبدا مع ابن آكلة الأكباد و بني أمية و ليسومنكم سوء العذاب حتى تتمنّوا أن يليكم عبد حبشي مجدع، فأفّ لكم و بعدا و ترحا يا عبيد الدنيا و موالي الحطام.

ثم نزل و هو يقول: و اعتزلكم و ما تدّعون من دون اللّه.

فاتبعه من شيعة أمير المؤمنين عليه السّلام عدد يسير إشفاقا عليه و حقنا لدمه. و غلب ابن آكلة الأكباد على الملك مدّة أيام أبي محمّد عليه السّلام و أظهر من اللباس و الزي و الفرش و الاثاث مثل ما كانت ملوك الأعاجم تفعله و كان من أمره ما قص و روي و سارت الركبان بخبره.

و من دلايل أبي محمّد عليه السّلام ما روي انّه خرج الى مكّة في بعض السنين ماشيا حتى‏

اثبات الوصية، ص: 160

تورّمت رجله، فقال بعض مواليه لو ركبت لسكن عنك ما تجد.

فقال له: اذا أتينا هذا المنزل فيستقبلك عبد أسود معه دهن فاشتر منه و لا تماكسه.

فساروا حتى انتهوا الى الموضع فاذا بالأسود فقال أبو محمّد عليه السّلام لمولاه: دونك الرجل.

فقصده فأخذ منه بما استلم به و أعطاه الثمن فقال له الأسود: لمن تأخذ هذا الدهن؟

فقال: للحسن بن علي عليه السّلام.

فانطلق معه إليه فقال له: بأبي أنت و أمي لم أعلم ان الدهن يراد لك و لست أحبّ أن أقبل له ثمنا، فاني مولاك، و لكن ادع اللّه أن يرزقني ولدا ذكرا سويّا يحبّكم أهل البيت؛ لأنّي خلّفت أهلي في شهرها.

قال: فانطلق الى منزلك فقد فعل اللّه بك ذلك و وهب لك غلاما سويّا و هو لنا شيعة.

فانطلق الرجل فوجد امرأته قد ولدت غلاما؛ يروى انّه أبو هاشم السيد ابن محمّد الحميري و كان أبوه انتقل من أرض حمير الى أرض تهامة ثم عاد الى بلده.

و يروى عن أبي جعفر الثاني محمّد بن علي الرضا عليه السّلام انّه قال عن آبائه (صلوات اللّه عليهم) .. قال: أقبل أمير المؤمنين و معه أبو محمد عليهم السّلام و سلمان الفارسي فدخل المسجد و جلس فيه فاجتمع الناس حوله إذ أقبل رجل حسن الهيئة و اللباس فسلّم على أمير المؤمنين عليه السّلام و جلس ثم قال: يا أمير المؤمنين اني قصدت أن اسألك عن ثلاث مسائل ان أخبرتني بهن علمت انّك وصي رسول اللّه حقّا، و ان لم تخبرني بهنّ علمت انّك و هم شرع سواء.

فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: سل عمّا بدا لك.

فقال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه، و عن الرجل كيف يذكر و ينسى، و عن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام و الأخوال.

فالتفت أمير المؤمنين عليه السّلام الى أبي محمّد عليه السّلام فقال: يا أبا محمّد أجبه.

صفحه بعد