کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

اثبات الوصية

كلمة الناشر ترجمة المؤلف‏ عقيدته‏ مؤلفاته‏ كتاب اثبات الوصية القسم الاول اتصال الحجج و الأنبياء من أبينا آدم الى سيدنا محمد [ص‏] مقدمة في بدء الخليقة جند العقل‏ جند الجهل‏ بدء الخليقة هبوط آدم [ع‏] فلما أفضى الأمر الى هبة اللّه عليه السّلام- و هو شيث بالعبرانية- قام ريسان (ابن نزلة الحورية) و اسمه أنوش عليه السّلام بأمر اللّه (جل و علا) فقام قينان بامر اللّه جل و عز فلما قبض اللّه تبارك و تعالى قينان عليه السّلام قام الحيلث بن قينان عليه السّلام بامر اللّه‏ فقام غنميشا بامر اللّه عز و جل على منهاج آبائه‏ فلما قبضه اللّه جل و علا قام بالامر بعده إدريس و هو هرمس و هو اخنوخ عليه السّلام بامر اللّه جل و عز و قام برد بن أخنوخ عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ فقام أخنوخ بن برد بن أخنوخ عليهم السّلام‏ فلما قضى و توفي قام بالأمر ابنه متوشلخ بن أخنوخ عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام لمك و هو ارفخشد بن متوشلخ عليه السّلام‏ فلما مضى لمك عليه السّلام قام نوح بن ارفخشد بأمر اللّه تبارك و تعالى‏ و قام سام بن نوح عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام ارفخشد عليه السّلام بأمر اللّه تعالى‏ فقام شالح عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام هود بن شالح بأمر اللّه جل و علا و قام فالغ بن هود عليهما السّلام بأمر اللّه جل جلاله بعد أبيه هود فقام يروغ بن فالغ عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام نوشا بن أمين عليه السّلام بالأمر لما اختاره اللّه‏ و قام صاروغ بن يروغ عليه السّلام مقام آبائه (صلوات اللّه عليهم) و قام تاجور بن صاروغ عليه السّلام و ولده بأمر اللّه جل و علا و قام تارخ و هو ابو ابراهيم الخليل (صلّى اللّه عليهما) بالأمر و إبراهيم (صلّى اللّه عليه) اختاره اللّه جل و علا لنبوّته‏ فقام إسماعيل بن إبراهيم بالنبوة و الأمر مقامه‏ و قام اسحاق بن إبراهيم بالأمر و النبوّة بعد أخيه إسماعيل‏ و قام يعقوب عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام يوسف عليه السّلام مقامه‏ قام ببرز بن لاوي بن يعقوب عليهم السّلام بأمر اللّه جلّ و عز و قام أحرب بن ببرز بن لاوي عليهم السّلام بأمر اللّه عزّ و جل‏ و قام ميتاح بن أحرب عليهما السّلام بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام عاق بن ميتاح عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام خيام بن عاق عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مادوم بن خيام عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام شعيب بالأمر بعد مادوم‏ يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهم السّلام‏ فقام فينحاس ابنه (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه جل و علا فقام بشير بن فينحاس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام ابلث بن جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل على سبيل آبائه‏ فقام أحمر بن ابلث مقام أبيه‏ و قام محتان بن أحمر عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى مقام أبيه‏ و قام عوق (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه عز و جل مقام آبائه‏ و قام طالوت عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام داود صلّى اللّه عليه بأمر اللّه بعد طالوت‏ فقام سليمان (صلوات اللّه عليه) بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام آصف بن برخيا بأمر اللّه‏ و قام صفورا بن آصف عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام مبنه بن صفورا عليهما السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام هندو بن مبنه عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام أسفرا بن هندوا بأمر اللّه جل و تعالى‏ فقام رامين بن اسفر عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام اسحاق بن رامين بأمر اللّه جل جلاله مقام آبائه عليهم السّلام‏ و قام ايم بن اسحاق بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام زكريا عليه السّلام بأمر اللّه‏ فقام اليسابغ عليه السّلام بما أوصاه به زكريا عليه السّلام من أمر اللّه جل و علا و قام روبيل بن اليسابغ بأمر اللّه جل و عز و تدبير ما استودعه‏ بعث اللّه عز و جل المسيح عيسى بن مريم عليه السّلام‏ و قام شمعون عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن زكريا عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام منذر بن شمعون بأمر اللّه جل‏ و قام دانيال عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام مكيخا ابن دانيال بأمر اللّه‏ فقام انشوا بن مكيخا بأمر اللّه تعالى‏ و قام رشيخا بن انشوا بأمر اللّه جل و علا و قام نسطورس بن رشيخا بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مرعيد بن نسطورس بأمر اللّه جل و عز و قام بحيرا عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام منذر بن شمعون بأمر اللّه‏ و قام سلمة بن منذر عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام برزة بن سلمة عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام أبي بن برزة عليه السّلام بأمر اللّه جل و تقدّس‏ و قام دوس بن أبي عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام أسيد بن دوس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عزّ و قام هوف عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن هوف- عليه‏ القسم الثاني اتصال الحجج و الاوصياء من سيدنا محمد [ص‏] حتى ولادة المهدي‏ مولد سيّدنا محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم‏ الوحي‏ حديث الدار تآمر قريش، و معجزاته [ص‏] المعراج‏ الهجرة و المبيت‏ الدعوة حجة الوداع‏ الوصية وفاة الرسول [ص‏] خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام‏ مولد الامام علي عليه السّلام‏ ايمان علي عليه السّلام‏ كفالة ابي طالب للنبي عليه السّلام‏ مولد علي عليه السّلام‏ علي ربيب الرسول‏ في الحوادث التي اعقبت وفاة النبي [ص‏] معجزات علي‏ رد الشمس للامام على عليه السّلام‏ كراماته الاخرى عليه السّلام‏ شهادة الامام علي عليه السّلام‏ الحسن السبط عليه السّلام‏ الحسين الشهيد عليه السّلام‏ علي السجاد عليه السّلام‏ محمد الباقر عليه السّلام‏ جعفر الصادق عليه السّلام‏ موسى الكاظم عليه السّلام‏ علي الرضا عليه السّلام‏ محمد الجواد عليه السّلام‏ علي الهادي عليه السّلام‏ الحسن العسكري عليه السّلام‏ قيام صاحب الزمان و هو الخلف الزكيّ بقيّة الله في أرضه و حجّته على خلقه المنتظر لفرج أوليائه من عباده عليه السّلام و رحمته و تحياته. الفهرست‏

اثبات الوصية


صفحه قبل

اثبات الوصية، ص: 17

فلا يجمع هذه الخصال كلها التي هي جنود العقل الا نبي أو وصي نبي أو مؤمن قد امتحن اللّه قلبه للايمان، فاما ساير المؤمنين فلا يخلو احدهم من بعض هذه الجنود للخير حتى اذا استكمل وصفا من جنود الجهل كان في الدرجة العليا مع الأنبياء. تدرك معرفة العقل و جنوده بمجانبة الجهل و جنوده.

بدء الخليقة

و روي ان اللّه جل و علا خلق الجن و النسناس و أسكنهم الارض فسفكوا الدماء و غيّروا و بدلوا فأهبط اللّه إبليس اللعين في جند من الملائكة و كان اسمه عزازيل فأبادوا الجن و النسناس الى اطراف الارض و سكن ابليس و من معه العمران و كان يحكم بين أهل الارض و يتشبه بالملائكة، و لم يكن منهم، و يظهر الطاعة للّه عز و جل و يبطن المعصية، ثم لعنه اللّه، و أظهر معصية اللّه و حكم بخلاف ما أمر اللّه و غيّر و بدل فلما اراد- جل و علا- أن يخلق آدم (صلّى اللّه عليه) و ذلك بعد أن مضى للجن و النسناس سبعة آلاف سنة و بعد ان مضى لابليس (لعنه اللّه) حين من الدهر كشف عن اطباق السماوات ثم قال للملائكة انظروا الى أهل الارض من خلقي.

فلما رأى الملائكة الفساد في الارض و سفك الدماء عظم ذلك عليهم، فأوحى اللّه إليهم‏ «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» يكون حجة لي على من في ارضي على خلقي.

فقالت الملائكة «أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ» فقالوا اجعله منا فانا لا نفسد في الأرض و لا نسفك الدماء. فقال: «إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ» اني اريد ان أخلق خلقا بيدي و أجعل من ذريته انبياء مرسلين و عبادا أئمة مهديين أجعلهم خلفاء على خلقي و حججا ينهونهم عن معصيتي و ينذرونهم من عذابي و يهدونهم الى طاعتي و يسلكون بهم الى سبيلي و ابتر النسناس عن أرضي و أهل مردة الجن العصاة عن بريتي و خلقي و أسكنهم في الهواء و في أقطار الأرض و أجعل بين الخلق و بين الجن حجابا فلا يرى نسل خلقي الجن و لا يجالسونهم.

فقالت الملائكة: «لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ»

اثبات الوصية، ص: 18

قال اللّه عز و جل‏ «إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ»

و كان ذلك تقدمة من اللّه عز و جل في آدم عليه السّلام قبل أن يخلقه؛ احتجاجا به عليهم.

قال فاغترف- تبارك و تعالى- من ذات اليمين بيمينه غرفة من الماء العذب الفرات فصلصلها فجمدت ثم قال لها: منك أخلق النبيين و المرسلين و عبادي الصالحين الأئمة المهديين و الدعاة الى الجنة و أتباعهم الى يوم القيامة و لا أبالي (و لا أسأل عما أفعل و هم يسألون) يعني خلقه.

ثم اغترف غرفة من الماء المالح الأجاج من ذات الشمال فصلصلها فجمدت فقال لها: منك أخلق الخنازير و الفراعنة و أئمة الكفر و الدعاة الى النار و اتباعهم الى يوم القيامة.

و شرط- جل و عز- في هؤلاء البدء ثم خلط الطينتين جميعا ثم أكفاهما مثله قدام عرشه.

و روي ان اللّه جل و علا فرق الطينتين ثم رفع لهما نارا فقال لهما ادخلوها ناري فدخلها اصحاب اليمين فكان أول من دخلها محمد و آل محمد عليهم السلام ثم اتبعهم أولو العزم من الرسل و أوصياؤهم و اتباعهم فكانت عليهم بردا و سلاما. و أبى أصحاب الشمال أن يدخلوها، فقال للجميع كونوا طينا باذني ثم خلق منه آدم.

قال: فمن كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء و من كان من هؤلاء لا يكون من هؤلاء.

و قال العالم عليه السلام للذي حدثه من شيعته و مواليه: فما رأيت من فرق أصحابك و خلقهم ما أصاب من لطخ أصحاب الشمال، و ما رأيت من حسن سيما و وقار أعدائك ما أصاب من لطخ أصحاب اليمين.

و روي ان اللّه جل و عز أخذ عليهم الميثاق بالتوحيد و الرسالة و الامامة و ثبت المعرفة في قلوبهم و نسوا الموقف و سيذكرونه. و لو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه و رازقه.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كل مولود يولد على الفطرة (يعني تلك المعرفة) ان يقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين.

اثبات الوصية، ص: 19

و روي أنه سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض من عذبها و مالحها و مرّها و منتنها فجعلت الملوحة في العينين و لو لا ذلك لذابتا و جعلت المرارة في الأذنين و لو لا ذلك لدخلها الهوام و جعل النتن في الانف ليجد الانسان الروايح الطيبة و جعلت العذوبة في الفم ليجد به لذة المطعم و المشرب.

و لما خلق اللّه تعالى آدم عليه السلام و نفخ فيه الروح و أمر بالسجود له و انما كان السجود للّه تبارك و تعالى و الطاعة لآدم عليه السّلام و امتنع ابليس حسدا له و طغيانا و قال‏ «خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ»*

و أخطأ إبليس اللعين في القياس لان الطين الذي خلق منه آدم أنور من النار لأن النار من الشجر و الشجر من الطين.

ثم قال ابليس: يا رب اعفني من السجود لآدم حتى أعبدك عبادة لم يعبدك بها أحد.

فأوحى اللّه تعالى: لست أقبل شيئا من عبادتك الا الطاعة لآدم.

فأبى ابليس اللعين ذلك، فلعنه اللّه و غضب عليه و أمر الملائكة بإخراجه ثم قال له‏ «وَ إِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى‏ يَوْمِ الدِّينِ» «قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ» «قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى‏ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ»

فسئل العالم عن السبب في اجابته الى الإنظار. فقال له: انه لما هبط الى الأرض تحكّم فيها و غيّر و بدل، فغضب اللّه عليه فسجد أربعة آلاف سنة سجدة واحدة فجعل اللّه تلك السجدة سببا للاجابة للنظرة الى قيام صاحب الامر عليه السّلام و هو يوم الوقت المعلوم.

قال: فقال اللعين‏ «فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» فروي أنه لا سلطان لابليس على المؤمنين في اخراجهم من ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام الى ولاية الجبت و الطاغوت، و له عليهم سلطان فيما سوى ذلك.

و روي ان رجلا سأل العالم عليه السلام عن قول اللّه عز و جل‏ «وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ» فقال: ما زال مذ خلق اللّه آدم في كل زمان دولتين دولة للّه جل و عز و هي دولة الأنبياء و الاوصياء، و دولة لابليس. فاذا كانت الدولة للانبياء و الاوصياء عبد اللّه نبيّه في الظاهر، و اذا كانت دولة ابليس (لعنه اللّه) عبد اللّه في السر.

اثبات الوصية، ص: 20

هبوط آدم [ع‏]

قال: و كان مكث آدم في الجنة فيما روي سبع ساعات الدنيا؛ روي أنه دخلها قبل زوال الشمس و خرج قبل ان تغيب، و أنها كانت جنة تطلع فيها الشمس و القمر. و لو كانت جنة الخلد لما أخرج منها، و أنه لما ذاق الشجرة انتزعت عنه زينته و كان عليه أحسن الثياب و أنفس الجواهر فاستتر بورق الموز ثم أمر اللّه جل و عز الملائكة باخراجه فاخذوا بيده ليخرجوه فقال اللهم بحق محمد و علي و الحسن و الحسين تب علي فاوحى اللّه إليه: اهبط الى الأرض حتى أتوب عليك، فهبط و أهبط معه من الحمرات، فلما استوى على الأرض مدّ بصره فرأى ابليس قد سبقه الى الأرض.

و روي انه لم يصعد آدم شجرة الا صعد ابليس بحياله شجرة مثلها فرفع آدم يده ثم قال: يا رب انك تعلم اني لم أطقه و أنا في جوارك، و قد أهبطته معي الى الأرض حتى أطيقه.

فأوحى اللّه إليه: يا آدم السيئة سيئة و الحسنة عشر الى سبعمائة.

قال: يا رب زدني.

فأوحى اللّه إليه: لا يأتي احد من ولدك بمثل الجبال من الذنوب ثم يتوب منها الا غفرت له.

قال يا رب: زدني.

فأوحى اللّه إليه: أغفر الذنوب و لا أبالي.

قال: حسبي.

فقال ابليس: قد حلت بيني و بينه و منعتني منه.

فأوحى اللّه إليه: انه لا يولد له ولد الا ولد لك ولدان.

قال يا رب: زدني.

فأوحى اللّه إليه: «يَعِدُهُمْ وَ يُمَنِّيهِمْ وَ ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً»

قال: حسبي.

اثبات الوصية، ص: 21

فصار اللعين ضدّا لآدم عليه السّلام و ولده من ذلك الوقت.

و روي في قول اللّه عز و جل‏ «وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى‏ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً» قال: عهد إليه في النبي و الأئمة (صلّى اللّه عليهم) فلم يكن له منهم عزيمة أي قوة. و انما سموا اولو العزم لأن اللّه (جل ذكره) لما عهد إليهم في السيادة أجمع عزمهم ان ذلك كذلك.

و قد هبط آدم على الصفا و حوّاء على المروة، فاشتق للجبلين هذان الاسمان، و كان جبرئيل يأتيهما بأرزاقهما من الجنة ثم احتبس الرزق عنهما فاشتد جوعهما فنزلا الى الوادي بين الصفا و المروة فالتقيا و أكلا من ثمره.

و روي في خبر آخر أمر الحنطة و الطحين و العجين و الخبز؛ قال: و لم يكن آدم يقارب حوا. و قال هو لها: انما فرّق بيننا في الهبوط لأنك قد حرمت عليّ، فمكثا ما شاء اللّه على تلك الحال ثم هبط جبرئيل عليه السّلام.

و كان من خبر حج آدم و الجمع بينه و بين حوا ما قص به، و من مولد هابيل و قابيل و نشوئهما، فكان هابيل راعي غنم و قابيل حراثا، فقال لهما آدم عليه السّلام: اني احب ان تتقربا الى اللّه- عز ذكره- بقربان فلعله ان يتقبل منكما فتقرا بذلك عيني، فانطلق هابيل الى اكبر كبش في غنمه فقرّبه، و انطلق قابيل الى شر ما كان له من الطعام و أنقصه فقرّبه، فتقبل اللّه قربان هابيل و لم يتقبل قربان قابيل، فحسد أخاه و اظهر عداوته ثم أخذ حجرا ففض رأس أخيه هابيل به حتى قتله.

و كان من قصة الغراب و الدفن ما قص اللّه به. و رجع قابيل الى آدم، فلما لم ير معه أخاه هابيل قال له: اين تركت أخاك؟

قال له قابيل: أرسلتني راعيا لابنك؟

قال له: انطلق معي الى الموضع الذي فقدته فيه، فلما بلغ المكان و رأى آدم عليه السّلام أثر قتل هابيل اشتد حزنه عليه و لعن قابيل و نودي من السماء: لعنت كما قتلت أخاك، و لعن آدم الأرض كما بلعت دم هابيل، فانبعثت الأرض بعد ذلك دما و صار يجمد عليها و يجف.

و انصرف آدم حزينا فبكى على هابيل أربعين يوما، فأوحى اللّه إليه: اني أهب لك‏

اثبات الوصية، ص: 22

مكانه غلاما أجعله خليفتك و وارث علمك، فولد له شيث و هو هبة اللّه، فأوحى اللّه إليه ان سمه في اليوم السابع، فجرت سنة، فلما شب و كبر أوحى اللّه إليه اني متوفيك و رافعك إليّ يوم كذا و كذا فأوص الى خير ولدك هبة اللّه و سلم إليه الاسم الأعظم و اجعل العلم في تابوت و سلمه إليه فاني آليت الا اخلي أرضي من عالم أجعله حجة لي على خلقي، فجمع آدم عليه السّلام ولده الرجال و النساء ثم قال: يا ولدي ان اللّه عز و جل اوحى إليّ انه رافعي إليه، و أمرني ان اوصي الى خير ولدي هبة اللّه فانه قد اختاره لي و لكم من بعدي فاسمعوا له و أطيعوا أمره فانه وصيي و خليفتي. فقالوا: سمعنا و أطعنا.

فأمر بتابوت فعمل و جعل فيه العلم و الأسماء و الوصية ثم دفعه الى هبة اللّه و قال له:

انظر يا هبة اللّه فاذا انا مت فغسلني و كفّني و صلّ عليّ و أدخلني حفرتي في تابوت تتخذه لي. فاذا حضرت وفاتك و أحسست بذلك من نفسك فأوص الى خير ولدك فان اللّه لا يدع الخلق بغير حجة عالم منا أهل البيت و قد جعلتك حجة اللّه على خلقه فلا تخرج من الدنيا حتى تدع للّه حجة و وصيا من بعدك على خلقه و تسلم إليه التابوت و ما فيه كما سلمته إليك، و أعلمه أنه سيكون نبيا و اسمه نوح يكون في الطوفان و الغرق فمن أدرك فلكه و ركب معه فيه نجا و من تخلف عنه هلك. و أوص وصيك أن يحتفظ بالتابوت فاذا حضرت وفاته ان يوصي الى خير ولده و أكرمهم له و أفضلهم عنده، و ليوص من بعده الى من بعده. و احذر يا هبة اللّه الملعون قابيل و ولده و لا تناكحوهم و لا تخالطوهم.

قال ثم اعتلّ آدم عليه السّلام فدعا (هبة اللّه) و قال له قد اشتهيت من فواكه الجنة.

و روي انه قال له: امض الى الجنة فجئني منها بعنب.

فانطلق هبة اللّه لطلب ما أمره به، فاستقبله جبرئيل عليه السّلام و معه الملائكة فقال: اين تذهب؟

فقال: اشتهى آدم فاكهة فأمرني ان اطلبها له.

فقال جبرئيل: أعظم اللّه اجرك فيه. ان اباك آدم قبضه اللّه جل و عز إليه. ارجع.

فرجع فوجده قد قبض (صلّى اللّه عليه و سلّم)، فغسله و الملائكة يعينونه، و كفّنه و كان جبرئيل عليه السّلام قد هبط من الجنة بكفنه و حنوطه.

اثبات الوصية، ص: 23

فلما وضع للصلاة عليه قال هبة اللّه عليه السّلام: تقدم يا روح اللّه فصل عليه.

قال جبرئيل: بل تقدم أنت فصلّ عليه فانك قد قمت مقام من امر اللّه له بالسجود.

فلما سمع هبة اللّه ذلك تقدم فصلى عليه.

و أوحى إليه أن كبّر خمسا و سبعين تكبيرة، بعدد صفوف الملائكة الذين صلوا عليه.

و دفن بمكة في جبل ابي قبيس.

ثم ان نوحا عليه السّلام حمل بعد الطوفان عظامه في تابوت فدفنه في ظاهر الكوفة. فقبره هناك مع قبر نوح في الغري، و تابوت أمير المؤمنين عليه السّلام فوق تابوتهما (صلّى اللّه عليهم) في موضع واحد.

و كان عمره الف سنة؛ وهب لداود منها سبعين سنة فصار عمره بعد ذلك تسعمائة و ثلاثين سنة، و كانت كنيته- فيما روي عن الصادقين عليهم السّلام- ابا محمد.

و روي: انه لما كان اليوم الذي اخبره اللّه عز و جل أنه متوفيه فيه تهيأ آدم عليه السّلام للموت و أذعن به، فهبط عليه ملك الموت (صلى اللّه عليه).

فقال له: دعني حتى أتشهد و أثني على ربي خيرا بما صنع لدي قبل ان تقبض روحي. فقال له ملك الموت: افعل.

فقال: أشهد ان لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أني عبد اللّه و خليفته في أرضه ابتداني باحسانه و خلقني بيده و لم يخلق بيده سواي و نفخ فيّ من روحه ثم أجمل صورتي و لم يخلق على خلقي أحدا مثلي ثم أسجد لي ملائكته و علمني الاسماء كلها ثم اسكنني جنته و لم يكن يجعلها دار قرار و لا منزل شيطان و انما خلقني ليسكنني الأرض الذي أراد من التقدير و التدبير و قدر ذلك كله عليّ قبل أن يخلقني، فمضت قدرته فيّ و قضاؤه، و نافذ أمره ثم نهاني عن أكل الشجرة فعصيته، فأكلت منها، فأقالني عثرتي و صفح لي عن جرمي، فله الحمد على جميع نعمه حمدا يكمل به رضاه عني.

صفحه بعد