کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

اثبات الوصية

كلمة الناشر ترجمة المؤلف‏ عقيدته‏ مؤلفاته‏ كتاب اثبات الوصية القسم الاول اتصال الحجج و الأنبياء من أبينا آدم الى سيدنا محمد [ص‏] مقدمة في بدء الخليقة جند العقل‏ جند الجهل‏ بدء الخليقة هبوط آدم [ع‏] فلما أفضى الأمر الى هبة اللّه عليه السّلام- و هو شيث بالعبرانية- قام ريسان (ابن نزلة الحورية) و اسمه أنوش عليه السّلام بأمر اللّه (جل و علا) فقام قينان بامر اللّه جل و عز فلما قبض اللّه تبارك و تعالى قينان عليه السّلام قام الحيلث بن قينان عليه السّلام بامر اللّه‏ فقام غنميشا بامر اللّه عز و جل على منهاج آبائه‏ فلما قبضه اللّه جل و علا قام بالامر بعده إدريس و هو هرمس و هو اخنوخ عليه السّلام بامر اللّه جل و عز و قام برد بن أخنوخ عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ فقام أخنوخ بن برد بن أخنوخ عليهم السّلام‏ فلما قضى و توفي قام بالأمر ابنه متوشلخ بن أخنوخ عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام لمك و هو ارفخشد بن متوشلخ عليه السّلام‏ فلما مضى لمك عليه السّلام قام نوح بن ارفخشد بأمر اللّه تبارك و تعالى‏ و قام سام بن نوح عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام ارفخشد عليه السّلام بأمر اللّه تعالى‏ فقام شالح عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام هود بن شالح بأمر اللّه جل و علا و قام فالغ بن هود عليهما السّلام بأمر اللّه جل جلاله بعد أبيه هود فقام يروغ بن فالغ عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام نوشا بن أمين عليه السّلام بالأمر لما اختاره اللّه‏ و قام صاروغ بن يروغ عليه السّلام مقام آبائه (صلوات اللّه عليهم) و قام تاجور بن صاروغ عليه السّلام و ولده بأمر اللّه جل و علا و قام تارخ و هو ابو ابراهيم الخليل (صلّى اللّه عليهما) بالأمر و إبراهيم (صلّى اللّه عليه) اختاره اللّه جل و علا لنبوّته‏ فقام إسماعيل بن إبراهيم بالنبوة و الأمر مقامه‏ و قام اسحاق بن إبراهيم بالأمر و النبوّة بعد أخيه إسماعيل‏ و قام يعقوب عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام يوسف عليه السّلام مقامه‏ قام ببرز بن لاوي بن يعقوب عليهم السّلام بأمر اللّه جلّ و عز و قام أحرب بن ببرز بن لاوي عليهم السّلام بأمر اللّه عزّ و جل‏ و قام ميتاح بن أحرب عليهما السّلام بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام عاق بن ميتاح عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام خيام بن عاق عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مادوم بن خيام عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام شعيب بالأمر بعد مادوم‏ يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهم السّلام‏ فقام فينحاس ابنه (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه جل و علا فقام بشير بن فينحاس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام ابلث بن جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل على سبيل آبائه‏ فقام أحمر بن ابلث مقام أبيه‏ و قام محتان بن أحمر عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى مقام أبيه‏ و قام عوق (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه عز و جل مقام آبائه‏ و قام طالوت عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام داود صلّى اللّه عليه بأمر اللّه بعد طالوت‏ فقام سليمان (صلوات اللّه عليه) بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام آصف بن برخيا بأمر اللّه‏ و قام صفورا بن آصف عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام مبنه بن صفورا عليهما السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام هندو بن مبنه عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام أسفرا بن هندوا بأمر اللّه جل و تعالى‏ فقام رامين بن اسفر عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام اسحاق بن رامين بأمر اللّه جل جلاله مقام آبائه عليهم السّلام‏ و قام ايم بن اسحاق بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام زكريا عليه السّلام بأمر اللّه‏ فقام اليسابغ عليه السّلام بما أوصاه به زكريا عليه السّلام من أمر اللّه جل و علا و قام روبيل بن اليسابغ بأمر اللّه جل و عز و تدبير ما استودعه‏ بعث اللّه عز و جل المسيح عيسى بن مريم عليه السّلام‏ و قام شمعون عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن زكريا عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام منذر بن شمعون بأمر اللّه جل‏ و قام دانيال عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام مكيخا ابن دانيال بأمر اللّه‏ فقام انشوا بن مكيخا بأمر اللّه تعالى‏ و قام رشيخا بن انشوا بأمر اللّه جل و علا و قام نسطورس بن رشيخا بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مرعيد بن نسطورس بأمر اللّه جل و عز و قام بحيرا عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام منذر بن شمعون بأمر اللّه‏ و قام سلمة بن منذر عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام برزة بن سلمة عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام أبي بن برزة عليه السّلام بأمر اللّه جل و تقدّس‏ و قام دوس بن أبي عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام أسيد بن دوس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عزّ و قام هوف عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن هوف- عليه‏ القسم الثاني اتصال الحجج و الاوصياء من سيدنا محمد [ص‏] حتى ولادة المهدي‏ مولد سيّدنا محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم‏ الوحي‏ حديث الدار تآمر قريش، و معجزاته [ص‏] المعراج‏ الهجرة و المبيت‏ الدعوة حجة الوداع‏ الوصية وفاة الرسول [ص‏] خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام‏ مولد الامام علي عليه السّلام‏ ايمان علي عليه السّلام‏ كفالة ابي طالب للنبي عليه السّلام‏ مولد علي عليه السّلام‏ علي ربيب الرسول‏ في الحوادث التي اعقبت وفاة النبي [ص‏] معجزات علي‏ رد الشمس للامام على عليه السّلام‏ كراماته الاخرى عليه السّلام‏ شهادة الامام علي عليه السّلام‏ الحسن السبط عليه السّلام‏ الحسين الشهيد عليه السّلام‏ علي السجاد عليه السّلام‏ محمد الباقر عليه السّلام‏ جعفر الصادق عليه السّلام‏ موسى الكاظم عليه السّلام‏ علي الرضا عليه السّلام‏ محمد الجواد عليه السّلام‏ علي الهادي عليه السّلام‏ الحسن العسكري عليه السّلام‏ قيام صاحب الزمان و هو الخلف الزكيّ بقيّة الله في أرضه و حجّته على خلقه المنتظر لفرج أوليائه من عباده عليه السّلام و رحمته و تحياته. الفهرست‏

اثبات الوصية


صفحه قبل

اثبات الوصية، ص: 180

و لك الجنّة خالصا؟

قلت: أعود و الجنة.

فمسح يده على عيني فرجعت كما كنت.

و روي عن أبي حمزة الثمالي عن جابر بن يزيد الجعفي قال: كنت يوما عند أبي جعفر عليه السّلام، فالتفت الي فقال لي: يا جابر ما لك حمار فتركبه؟

قلت: لا يا سيدي.

فقال لي: اني أعرف رجلا بالمدينة له حمار يركبه فيأتي المشرق و المغرب في ليلة.

و روي عنه عليه السّلام انّه قال: نحن جنب اللّه- عز و جل- و نحن خيرة اللّه و نحن مستودع مواريث الأنبياء و نحن أمناء اللّه و نحن حجج اللّه و نحن حبل اللّه و نحن رحمة اللّه على خلقه. بنا يفتح اللّه و بنا يختم اللّه. من تمسّك بنا لحق، و من تخلّف عنّا غرق. و نحن القادة الغرّاء المحجلون.

ثم قال- بعد كلام طويل-: فمن عرفنا و عرف حقّنا و أخذ بأمرنا فهو منّا و إلينا.

و روي عن الفضيل بن يسار قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: ان الامام منّا يسمع الكلام في بطن أمه فاذا وقع الى الأرض رفع له عمود من نور يرى به أعمال العباد.

و روي عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: لا و اللّه لا يكون عالم بشي‏ء جاهل بشي‏ء. ان اللّه أجلّ و أكرم و أعز و أعدل من أن يفرض طاعة عبد و يجعله حجّة ثم يحجب عنه علم أرضه و سمائه.

ثم قال: لا يحجب ذلك عنه.

و روي ان حبابة الوالبية دخلت على أبي جعفر عليه السّلام فقال لها: يا حبابة ما الذي أبكاك؟

قالت: كثرة همومي و ظهر في رأسي البياض.

قال: يا حبابة ادني.

فدنت منه فوضع يده في مفرق رأسها و دعا لها بكلام لم يفهم. ثم دعا لها بالمرآة فنظرت فاذا شمط رأسها قد أسود و عاد حالكا. فسرّت بذلك و سر أبو جعفر بسرورها.

اثبات الوصية، ص: 181

فقالت: بالذي أخذ ميثاقكم على النبيين أي شي‏ء كنتم في الأظلة؟

فقال: يا حبابة، نورا بين يدي العرش قبل أن يخلق اللّه آدم، فأوحى إلينا فسبّحنا فسبّحت الملائكة بتسبيحنا و لم يكن تسبيح قبل ذلك الوقت. فلما خلق اللّه آدم سلك ذلك النور فيه.

و كان أبو جعفر عليه السّلام عمره سبع و خمسون سنة، و كانت ولادته في سنة ثمان و خمسين للهجرة، فأقام مع أبي عبد اللّه الحسين سنتين و شهورا و مع علي بن الحسين خمسا و ثلاثين سنة، و منفردا بالإمامة تسع عشرة سنة و شهورا.

و كانت وفاته سنة مائة و خمس عشرة. و في أربع سنين من إمامته توفي الوليد بن عبد الملك، و كان ملكه تسع سنين و شهورا، و بويع لسليمان؛ و أمر الإمامة مكتوم و الشيعة في شدّة شديدة.

و في ست سنين و شهور من إمامة أبي جعفر عليه السّلام توفي سليمان و بويع لعمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، فرفع اللعن عن أمير المؤمنين عليه السّلام.

و روي عنه عليه السّلام انّه قال و هو بالمدينة: قد توفي هذه الليلة رجل تلعنه ملائكة السماء و تبكي عليه أهل الأرض.

و بويع ليزيد بن عبد الملك، و كان شديد العداوة و العناد لأبي جعفر عليه السّلام و لأهل بيته فروي انّه بعث إليه فأحضره ليوقع به. فلما ادخل إليه حرّك بشفتيه بدعاء لم يسمع، فقام إليه فأجلسه معه على سريره ثم قال له: تعرض عليّ حوائجك؟

قال: تردني الى بلدي.

فقال له: ارجع. و كتب الى عمّاله يمنعه الميرة في طريقه فمنع عنها بمدينة مدين و أغلق الباب دونه. فصعد الى الجبل فقرأ بأعلى صوته‏ «وَ إِلى‏ مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً - الى قوله تعالى- بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» و كان في المدينة شيخ من بقايا العلماء فخرج الى أهل المدينة فنادى بأعلى صوته: هذا و اللّه شعيب يناديكم. فقالوا له: ليس هذا شعيبا. هذا محمد بن علي بن الحسين أمرنا أن نمنعه الميرة.

فقال لهم: افتحوا له الباب و إلّا فتوقّعوا العذاب.

اثبات الوصية، ص: 182

فأطاعوه و فتحوا الباب و أمرهم بحمل الميرة إليه ففعلوا.

فرجع الى المدينة و أقام بها. فلما قربت وفاته عليه السّلام دعا بأبي عبد اللّه جعفر ابنه عليهما السّلام فقال: ان هذه الليلة التي وعدت فيها ثم سلّم إليه الاسم الأعظم و مواريث الأنبياء و السلاح و قال له: يا أبا عبد اللّه! اللّه اللّه في الشيعة. فقال أبو عبد اللّه: و اللّه لا تركتهم يحتاجون الى أحد.

فقال له: ان زيدا سيدعو بعدي الى نفسه فدعه و لا تنازعه فان عمره قصير.

فروى ان خروج زيد كان في يوم الأربعاء و قتله في يوم الأربعاء- جدّد اللّه على قاتله العذاب.

و قام أبو عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السّلام مقام أبيه- صلوات اللّه عليه-

روي عن العالم عليه السّلام انّه قال: ولد أبو عبد اللّه عليه السّلام في سنة ثلاث و ثمانين من الهجرة في حياة جدّه علي بن الحسين- صلوات اللّه عليهم- و كانت امّه أم فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر و كان أبوها القاسم من ثقات أصحاب علي بن الحسين. و كانت من أتقى نساء زمانها، و روت عن علي بن الحسين أحاديث؛ منها: قوله لها: يا أم فروة اني لأدعو لمذنبي شيعتنا في اليوم و الليلة مائة مرّة- يعني الاستغفار- لأنّا نصبر على ما نعلم و هم يصبرون على ما لا يعلمون.

و كان مولده و منشأه- و ما روي من أمر العمود و غيره- على منهاج آبائه صلّى اللّه عليهم.

و مضى علي بن الحسين و له اثنتا عشرة سنة و قام بأمر اللّه جلّ و علا في سنة خمس عشرة و مائة و سنة اثنتين و ثلاثين سنة. و لم يزل أبو جعفر عليه السّلام يشير إليه في حياته مدّة أيامه ثم نصّ عليه؛ فمنها: ما رواه زرارة و أبو الجارود أن أبا جعفر عليه السّلام أحضر أبا عبد اللّه عليه السّلام و هو صحيح لا علّة به فقال له: اني أريد أن آمرك بأمر.

فقال له: مرني بما شئت.

فقال: ايتني بصحيفة و دواة.

فاتاه بها فكتب له وصيته الظاهرة ثم أمر أن يدعو له جماعة من قريش فدعاهم‏

اثبات الوصية، ص: 183

و أشهدهم على وصيته إليه.

و روي عن جابر قال: قال يا جابر اني كنت سمّيته أحمد ثم أشفقت عليه فسميته جعفر عليه السّلام.

و روي عن سدير الصيرفي مثله.

و روي عن جابر الجعفي و عنبسة بن مصعب جميعا انّهما سألا أبا جعفر عليه السّلام عن القائم عليه السّلام و ضرب بيده على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: هذا و اللّه قائم آل محمّد بعدي.

و روي عن فضيل بن يسار قال: كنت عند أبي جعفر عليه السّلام فأقبل أبو عبد اللّه عليه السّلام فقال:

هذا خير البرية بعدي.

جعفر الصادق عليه السّلام‏

قال عنبسة: فلما قبض أبو جعفر عليه السّلام دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فأخبرته بذلك فقال: لعلّكم ترون ان ليس كلّ امام منا هو القائم بأمر اللّه بعد الامام الذي قبله. هذا اسم لجميعهم.

فلما أفضى أمر اللّه جلّ و عزّ إليه، جمع الشيعة و قام خطيبا فحمد اللّه و أثنى عليه و ذكّرهم بأيّام اللّه ثم قال: ان اللّه أوضح أئمة الهدى من أهل بيت نبيّه صلّى اللّه عليه و آله عن دينه و أبلج بهم عن سبيل منهاجه، و فتح بهم عن باطن شاسع علمه، فمن عرف واجب حقّ إمامه وجد طعم حلاوة ايمانه، و علم فضل طلاوة اسلامه، لأنّ اللّه نصب الامام علما لخلقه، و جعله حجّة على أهل عالمه، و ألبسه تاج الوقار، يمدّ بسبب من السماء لا ينقطع عند موته و لا ينال ما عند اللّه إلّا بمعرفته، فهو عالم بما يرد عليه من ملبسات الدعاء، و مغيبات السماء، و مشبهات الفتن، ثم لم يزل اللّه يختارهم لخلقه من ولد الحسين بن علي من عقب كلّ إمام اماما، يصطنعهم لذلك و يجتبيهم و يرضاهم لخلقه، و يختارهم علما بيّنا، و هاديا منيرا، و حجة عالما ... أئمة من اللّه عز و جل، يهدون بالحق و به يعدلون ..

حجج اللّه، و دعاته على خلقه، و مفاتيح الكلام، و دعائم الاسلام .. يدين بهديهم العباد.

و يستهل بنورهم البلاد. جعلهم اللّه حياة للأنام، و مصابيح الظلام. جرت بذلك فيهم مقادير

اثبات الوصية، ص: 184

اللّه على محتومها. و الامام هو المنتجب المرتضى، و القائم المرتجى، اصطفاه اللّه بذلك و اصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه، و في البرية حين برأه، قبل خلق نسمة عن يمين عرشه و هو في علم الغيب عنده مرعيا بعين اللّه جلّ و عز يحفظه و يكلأه بستره، مذودا عنه حبايل ابليس و جنوده، مصروفا عنه قوارف السوء، مبرأ من العاهات، محجوبا من الآفات، معصوما من الفواحش كلّها، مخصوصا بالحلم و البر، منسوبا الى العفاف و العلم، صامتا عن النطق إلّا فيما يرضاه اللّه، أيّده اللّه بروحه، و استودعه سرّه، و ندبه لعظيم أمره، فقام للّه بالعدل، عند تحيّر أهل الجهل، بالنور الساطع و الحق الأبلج الذي مضى عليه الصادقون من آبائهم. فانظروا معاشر المسلمين نظر طالب الرشاد، و تدبروا هذه الامور تدبّر تارك للعناد، و لا تلحوا في الضلالة بعد المعرفة و لا تتبعوا الظن و لا هوى الأنفس فلقد جاءكم من ربّكم الهدى.

و روي انّه عليه السّلام كان يجلس للعامة و الخاصة و يأتيه الناس من الأقطار يسألونه عن الحلال و الحرام و عن تأويل القرآن و فصل الخطاب فلا يخرج أحد منهم إلّا راضيا بالجواب.

و روي عبد الأعلى بن أعين قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما الحجة على المدعي بهذا الأمر؟

قال: أن يكون أولى الناس بمن قبله و يكون عنده سلاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يكون صاحب الوصيّة الظاهرة، الذي اذا قدمت المدينة سألت العامة و الخاصّة و الصبيان الى من أوصى فلان فيقولون الى فلان.

و روي عن عبد الأعلى قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: بلغني ان محمّد بن عبد اللّه بن الحسن يدّعي الوصية في السرّ.

فقال: من ادّعى الوصية في السر فليأت ببرهان في العلانية.

قلت: و ما البرهان؟

قال: يحلّل حلال اللّه و يحرّم حرامه.

و روي عنه انّه قال: اذا لم تدروا أين المسلك و المذهب فعليكم بالذي يجلس مجلس‏

اثبات الوصية، ص: 185

صاحبكم الأول.

و في خبر آخر انّه قال: اذا ادّعى مدع فاسألوه.

و روي عنه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل‏ «وَ اعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ» يعني لو يغب عنكم طرفة عين و فيكم الحجّة منه قائمة.

و روي عن يونس بن ظبيان و المفضل بن عمر و أبو سلمة السراج و الحسين بن نويرة قالوا: كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال لنا: أعطينا خزائن الأرض و مفاتيحها، و لو أشاء أن أقول باحدى رجليّ هذه اخرجي ما فيك من الذهب؛ و فحص بإحدى رجليه خطا من الأرض ثم قال بيده. فاستخرج سبيكة من ذهب قدر شبر فناولناها ثم قال: انظروا فيها حسنا حتى لا تشكّوا.

ثم قال: انظروا في الأرض.

فنظرنا فاذا سبايك كثيرة بعضها على بعض تتلألأ.

فقال له بعض القوم: يا ابن رسول اللّه! أعطيتم هذا و شيعتكم محتاجون؟

فقال: ان اللّه سيجمع لشيعتنا الدّنيا و الآخرة و يدخلهم جنّات النعيم و يدخل عدوّنا نار جهنّم.

و روي عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل‏ «وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ» قال هم الأئمة عليهم السّلام. و روي المأمونون يعني الحجج.

و روي عن داود بن كثير الرقي قال: خرجت مع أبي عبد اللّه عليه السّلام الى الحجّ، فلما كان أوّل وقت الظهر قال لي في أرض قفر: يا داود قد حانت الظهر فاعدل بنا عن الطريق.

فعدلنا فنزلنا في أرض قفر لا ماء فيها، فوكزها برجله فنبعت لنا عين من ماء كأنّها قطع الثلج، فتوضأ و توضأت و صلينا.

فلما هممنا بالسير التفتّ فاذا أنا بجذع نخلة فقال: يا داود أ تحبّ أن أطعمك رطبا؟

فقلت: نعم.

فضرب بيده الى الجذع و هزه فاهتزّ اهتزازا شديدا فاذا قد تدلّى منه كبايس بأعذاقها،

اثبات الوصية، ص: 186

فأطعمني أنواعا كثيرة من الرطب ثم مسح بيده على النخلة و قال: عودي جذعا نخرا باذن اللّه. فعادت كسيرتها الاولى.

و في إحدى عشرة سنة من إمامته، مات الوليد بن يزيد بن عبد الملك، و بويع لابنه يزيد بن الوليد فملك ستة أشهر، و بويع لأخيه إبراهيم فمكث أربعة أشهر ثم بويع لمروان ابن محمد الجعدي المعروف بالحمار في سنة سبع و عشرين و مائة في اثنتي عشر سنة من إمامة أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال أبو عبد اللّه: مروان خاتم بني أميّة و ان خرج محمد بن عبد اللّه قتل.

و روى عنه عليه السّلام من قدمنا ذكره من رجاله.

قالوا: كنّا عنده إذ أقبل رجل فسلّم و قبّل رأسه و جلس فمسّ أبو عبد اللّه عليه السّلام ثيابه ثم قال: ما رأيت اليوم أشدّ بياضا و لا أحسن من هذه.

فقال الرجل: يا سيدي هذه ثياب بلادنا و قد جئتك منها بجرابين.

فقال: يا معتب اقبضها منه.

ثم خرج الرجل فقال عليه السّلام: ان صدق الوصف و قرب الوقت فهذا الرجل صاحب الرايات السود الذي يأتي بها من خراسان.

ثم قال: يا متعب الحقه فاسأله عن اسمه و هل هو عبد الرحمن؟ قال لنا ان كان اسمه فهو هو.

فرجع متعب فقال: اسمه عبد الرحمن ثم عاد الى أبي عبد اللّه عليه السّلام سرّا فعرفه انّه قد دعا إليه خلقا كثيرا فأجابوه فقال له أبو عبد اللّه: ان ما تومي إليه غير كائن لنا حتى يتلاعب به الصبيان من ولد العباس.

فمضى الى محمّد بن عبد اللّه بن الحسن فدعاه فجمع عبد اللّه أهل بيته و هم بالأمر و دعا ابا عبد اللّه عليه السّلام للمشاورة فحضر فجلس بين المنصور و بين السفاح؛ عبد اللّه ابني محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس و وقعت المشاورة. فضرب ابو عبد اللّه يده على منكب أبي العباس عبد اللّه السفاح فقال: لا و اللّه اما ان يملكها هذا أولا.

صفحه بعد