کتابخانه روایات شیعه
و قبض عليه السّلام و أنّه كان له فيما روي ألف و أربعمائة و خمسين سنة. و في خبر آخر انّه كان سنه حين بعث ثمانمائة و خمسين سنة. و لبث في قومه تسعمائة و خمسين سنة و عاش بعد خروجه من السفينة خمسمائة سنة فكان عمره ألفي سنة و ثلاثمائة سنة.
و روي أيضا انّه عاش ألفي و ثمانمائة سنة و ان ملك الموت لمّا هبط لقبض روحه أتاه و هو جالس في مشرقة الشمس فسلّم عليه و عرفه ان اللّه عز و جل قد أمره بقبض روحه فقال نوح: اتركني حتى انتقل من هذا الموضع.
فقام إلى فيء شجرة فنام تحتها ثم أذن لملك الموت فدنا منه فقال له: يا أطول ولد آدم عمرا كيف وجدت الدّنيا؟
فقال: ما أذكر منها شيئا إلّا انتقالي من الشمس الى ظلّ هذه الشجرة.
فقبض روحه (صلّى اللّه عليه) و تولّى سام عليه السّلام ابنه غسله و دفنه و الصلاة عليه.
و قبره في ظاهر الكوفة بالغري مع آدم عليه السّلام.
و روي بين آدم و نوح عشرة أيام بينهما من السنين ألفي سنة و مائتي و اثنان و أربعون سنة. و كانت أعمار قوم نوح ثلاثمائة سنة.
و قام سام بن نوح عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل
فآمن به شيعة نوح و أقام ولد قابيل و عوج ابن عناق على كفرهم و طغيانهم و خالف حام و يافث على أخيهم سام و لم يؤمنا به. و ولد لحام كنعان بن النمرود. و كان ملوك النبط من ولد حام و يافث و استخلف سام بالأمر و هو أبو النبيين و المرسلين و الأوصياء و أبو العرب و العجم (صلّى اللّه عليه)، و حام أبو الحبشة و السند و الهند، و يافث أبو البربر و الروم و الصقالبة و الترك.
فلما انقضت أيّامه عليه السّلام أوحى اللّه إليه أن يستودع نور اللّه و حكمته و الاسم الأعظم و ميراث النبوّة ابنه ارفخشد عليه السّلام فدعاه و أوصاه و سلّم إليه.
و قام ارفخشد عليه السّلام بأمر اللّه تعالى
و حيث قام ارفخشد عليه السّلام بأمر اللّه تعالى آمن به شيعة أبيه و اتبعوه فعند ذلك ملك أفريدون و هو ذو القرنين و كان من قصته ان اللّه تبارك
و تعالى بعثه إلى قومه فدعاهم الى اللّه فكذّبوه و جحدوا نبوته ثم أخذوه فضربوه على قرنه الأيمن فأماته اللّه مائة عام ثم أحياه فبعثه فجحدوا نبوّته و ضربوه على قرنه الأيسر فأماته اللّه مائة عام ثم أحياه و جعل دلائله في قرنيه فكان موضع الضربتين نورا يتلألأ و كان إذا غضب و صرخ خرج من قرنيه الرعود و البروق و الصواعق.
و ملّكه اللّه مشارق الأرض و مغاربها و قتل به الجبّارين و هو الذي أوقع بيبوراسب و كان من قصته ما نبأنا اللّه به من أمر ياجوج و ماجوج و السند و غير ذلك من المشرق و المغرب لا يدع جبّارا إلّا قصمه. و كان زمانه زمان عدل و خصب و بركة.
و روي أن الخضر بن ارفخشد بن سام بن نوح كان على مقدّمته و كان من قصّة الخضر ما جاءت به الرواية الثانية أنّه لما عرج بالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلى السماء مر و معه جبرئيل عليه السّلام في بقعة من الأرض فاشتم منها روايح المسك فسأل جبرئيل عليه السّلام عنها فقال له: كان ملك من الملوك ذا عدل و حسن سيرة و كان له ابن واحد لا ولد له غيره فلما شبّ الولد اعتزل أباه و الملك و لزم العبادة و رفض الدنيا فاجتمع أهل المملكة الى الأب فوصفوا حسن سيرته فيهم و عرفوه و انّهم مشفقون من حادثة تحدث عليه فيخرج الملك في عقبه و سألوه أن يزوّج ابنه من بعض بنات الملوك لعلّ اللّه عز و جل أن يرزقه ولدا ذكرا من ابنه هذا يكون الملك له بعد الملك إذ كانوا آيسين من تقلّد ابنه الزاهد شيئا من أمره.
فاختار الملك بعض بنات الملوك فزوّج ابنه بها ثم احضرها فعرّفها صورة أمر ابنه الزاهد و سألها أن تتألفه و ترفق به و تحسن خدمته مقدار أن يرزقه اللّه تعالى منها الولد.
و زيّنها بأحسن الزينة و أمر بإدخالها إليه فدخلت و هو يصلّي فلما فرغ من صلاته التفت إليها فسألها عن شأنها فأخبرته ان أباه زوّجه بها و انّها من بنات الملوك و قالت له: انّك لا تستغني عمّن يخدمك و يؤنسك و يعينك على أمرك، فرقّ لها ثم قال لها: خير القول أصدقه، انّي لست من الدنيا و أسبابها في شيء، فإن أردت المقام معي على هذا أبثك سرّي على أن تكتميه و إلّا فلا.
فأجابته الى المقام معه و وجّه الملك إليها يسألها عن حالها فأخبرته انّها بخير. فأخبر
بذلك أهل المملكة فاستبشروا ثم أتوا إليه بعد مدّة فسألوه البعثة إليها و مسألتها هل بها حمل فوجّه إليها الملك بذلك فقالت لرسوله انّها بخير و على ما تحبّ. فلم تسأل أنها حملت.
فلما مضى من الأيام أكثر من مدّة أيام الحمل و هي على حالها استحضرها و سألها عن حالها فلم تخبره و قالت أنا بخير و ما أزيد على هذا شيئا. فأحضر القوابل فنظرن إليها فوجدنها بكرا.
فأحضر الملك أهل مملكته و عرّفهم ذلك فأشاروا أن يفرّق بينهما و ان يزوّجه امرأة ثيبا قد عرفت الرجال، لتعامله بما يبعثه على القرب منها. ففعل الملك و أحضر المرأة و قال لها ما أرادوا و وصّاها و وجّه بها إليه.
فلما نظر إليها ابنه خاطبها بمثل ما كان خاطب به الاولى فأجابته بذلك الجواب فأنس بها و عرفها صورة أمره فأقامت معه ما شاء اللّه.
ثم ان الملك بعث إليها يسألها عن حالها فوجهت إليه انّها مع رجل كالمرأة لا حاجة لها فيه.
فأحضره الملك فأغلظ عليه في القول ثم حبسه في بيت و سدّ الباب في وجهه و تركه ثلاثة أيام فلما كان في اليوم الثالث فتح الباب فلم يجده في البيت فهو الخضر عليه السّلام.
ثم خرج من مدينة ذلك الملك رجلان في تجارة فركبا البحر فكسر بهما فخرجا في جزيرة من جزائر البحر فوجدا فيها رجلا يصلّي فلما فرغ من صلاته سألهما عن حالهما فعرفاه و شأنهما و ذكرا بلدهما فعرفهما و اجتازت به سحابة فدعا بها و سألها إلى أين أمرت أن تمضي فعرفته فقال لها: امض الى حيث أمرت. ثم دعا بسحابة اخرى فسألها فأخبرته انّها أرسلت لتمطر في موضع كذا و كذا. فأمرها بأخذ الرجلين على ظهرها الى منازلهما فبعثت السحابة و ألقت كلّ واحد منهما على سطح دار قد عرفاه جميعا.
فنزل أحدهما من السطح واضعا في نفسه الكتمان و نزل الآخر واضعا في نفسه الإذاعة فلم يستقر في منزله حتى صاح بصيحة الى الملك فحمل إليه فأخبره ان ابنه في الجزيرة و وصفها له فسأله كيف نعلم صدقك؟ فقال له: كنت و فلان، و حدّثه بحديثهما
فأحضر الملك الآخر فسأله فجحد و ألحّ عليه فأقام على الجحود فقال المذيع للملك:
وجّه معي بجماعة حتى أتاك به فان لم أفعل افعلن بي ما تشاء. ففعل الملك ذلك و حبس الرجل المنكر فرجع المذيع و الجماعة فأخبروا أنّهم لم يصادفوا أحدا. فأطلق الملك الرجل المنكر و صلب المذيع.
ثم عمل أهل تلك البلدة بالمعاصي فأمرني اللّه أن أقلب تلك المدينة على أهلها فرفعتها حتى صارت في الهواء ثم قلبتها فلما صارت على وجه الأرض خرج منها رجل و امرأة و ساخت المدينة بأهلها فكان الرجل الذي كتم على الخضر و المرأة التي كتمت عليه فاجتمعا و حدّث كلّ واحد منهما صاحبه بأمره فتزوّجها الرجل و أولدها أولادا و احتاجا إلى خدمة الناس فاتصلت المرأة بابنة الملك فبينما هي ذات يوم تسرّح رأسها سقط المشط من يدها فقالت «تعس من كفر باللّه» فأخبرت ابنة الملك أباها بما قالت فدعا المرأة فأقرّت له بقولها، فأحضر زوجها و أولادها فاستتابهم و دعاهم إلى دينه فأبوا عليه، فغلى لهم الزيت ثم كان يطرح فيه واحدا بعد واحد و هم مقيمون على أمرهم، فلما بلغ إليها قال لها قبل أن يطرحها: هل لك من حاجة؟ قالت: نعم تحفر لجماعتنا حفيرة و تأمر بدفننا فيها ففعل.
فرائحة تلك الحفيرة يفوح منها المسك إلى يوم القيامة.
ثم كان من قصّة الخضر مع موسى عليهما السّلام ما هو مبيّن في موضعه. و كان ملك ذي القرنين خمسمائة عام ثم ملك بعده منوشهر مائة و ست و عشرين سنة و هو الذي كرى الفرات يعني حفره و اتخذ الأساورة و الزي و السلاح و الضياع و البساتين و كان زمانه زمان صلاح و لين.
فلما حضرت ارفخشد النبيّ المغمور الصامت عليه السّلام الوفاة أوحى اللّه جل و عز إليه أن يستودع أمر اللّه و نوره ابنه شالح فدعاه و أوصى إليه بما كان أبوه أوصاه به و سلّم إليه ما في يده.
فقام شالح عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل
و معه المؤمنون و سلك سبيل آبائه و جرى مجراهم
و على سنّتهم إلى أن حضرته الوفاة فأمره اللّه أن يستودع الأسماء و الحكمة و النبوّة إلى ابنه هود (صلّى اللّه عليه) و دعاه إليه و أوصى و مضى عليه السّلام.
و قام هود بن شالح بأمر اللّه جل و علا
فأظهر اللّه تبارك و تعالى نبوّته فسلم له العقب من ولد سام و قال الآخرون من ولد حام و يافث و كان هود عليه السّلام أشبه الناس بآدم (صلّى اللّه عليه) و كان تاجرا.
و روي انّ طوله كان أربعين ذراعا و كانت أعمار أهل زمانه أربعمائة سنة و كانت منازلهم في أحقاف الرمل الذي في طريق مكّة و كانت جبالا و عيونا و مراعي فطحنتها الرياح فصارت رمالا و كانوا قد عذّبوا بالقحط ثلاث سنين فلم يرجعوا عمّا هم عليه و بعثوا وفدا منهم إلى مكّة ليستسقوا قال: فرفعت لهم ثلاث سحائب فاختاروا منها التي فيها العذاب و هي الريح الصرصر فعصفت عليهم سبع ليال و ثمانية أيّام حسوما و كان رئيسهم الخلجان فقالوا من أشدّ منّا قوّة نحن ندفع الريح أن تدخل مدينتنا فقاموا متضامين بعضهم إلى بعض فكانت الريح ترمي بهم كأجذاع النخل فصار الخلجان الى هود فقال له: انا نرى الريح اذا أقبلت أقبل معها خلق كمثال الآباء معهم الأعمدة هم الذين يفعلون الأفاعيل بنا.
فقال لهم هود: أولئك الملائكة. فقال له الخلجان: أ فترى ربّك ان نحن آمنا بك يديل لنا منهم؟
قال هود: ان أهل الطاعة لا يدال منهم لأهل المعاصي و لكنّي أسأل اللّه أن يكشف عنكم العذاب.
فقال الخلجان: فكيف لنا بالرجال الذين هلكوا؟
قال هود: يبد لكم اللّه بهم من هم خير منهم.
فقالوا: لا خيرة لنا في الحياة بعدهم.
فأهلكهم اللّه بالريح.
فلما انقضت أيام هود بعدهم أمره اللّه عز و جل بأن يستودع أمر اللّه و نوره و حكمته
ابنه (فالغ) فدعاه و أوصى إليه.
و مضى هود (صلّى اللّه عليه) و دفن فيما روي على شاطئ البحر تحت جبل على صومعة.
و روي انّه صار الى مكّة هو و شيعته بعد أن أهلك اللّه قومه فأقام بها إلى أن مات صلوات اللّه عليه.
و قام فالغ بن هود عليهما السّلام بأمر اللّه جل جلاله بعد أبيه هود
و سلك مسلكه و جرى في الأمور و السيرة مجراه حتى إذا حضرت وفاته و انقطع أجله أوحى اللّه تعالى إليه أن يستودع النور و الاسم الأعظم ابنه يروغ فدعاه و أوصى إليه و مضى عليه السّلام.
فقام يروغ بن فالغ عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز
و ملك الأرض في أيامه فراشيات اثنتي عشرة سنة و كانت معه ساحرة تعمل السحر و لم يزل يروغ بن فالغ القائم بأمر اللّه مستخفيا الى أن قتله الجبّار في زمانه من ولد عوج بن عناق (لعنه اللّه) و قتل من أولاده خمسة كلّهم أنبياء و أوحى اللّه جل و عزّ في ذلك الزمان إلى ألف و أربعمائة نبي أن يقتلوا أهل ذلك الزمان و من كان أعان على قتل يروغ و أولاده ففعلوا.
فعند ذلك ملك طهمسعان مائتين و ثماني و تسعين سنة فكثر الخصب في زمانه و عمل البساتين و زكت الزروع و الغروس و أعان ولد عوج على الأنبياء حتى قتل منهم ثمانمائة و أربعة عشر نبيّا.
فقام نوشا بن أمين عليه السّلام بالأمر لما اختاره اللّه
و جمع له أنبياء ذلك الزمان فاجتمع إليه المؤمنون و الشيعة و الصديقون و ورثه اللّه العلم و الحكمة و ما كان خلفه يروغ بن فالغ من مواريث النبوّة فلم يزل يجاهد حتى رفعه اللّه إليه من غير موت، و أمره قبل أن يرفعه إليه أن يستودع نور اللّه و حكمته صاروغ بن يروغ بن فالغ فأوصى إليه و سلّم ما في يده إليه.
و قام صاروغ بن يروغ عليه السّلام مقام آبائه (صلوات اللّه عليهم)
فلما حضرته وفاته أوحى اللّه إليه أن يستودع الاسم الأعظم و النور ابنه تاجور بن صاروغ ففعل و أوصى و سلّم إليه و مضى على منهاج آبائه صلوات اللّه عليهم.
و قام تاجور بن صاروغ عليه السّلام و ولده بأمر اللّه جل و علا
فمن آمن بهم كان مؤمنا و من جحدهم كان كافرا و من جهل أمرهم كان ضالّا ثم أوحى اللّه إليه أن يستودع الاسم الأعظم و ميراث النبوّة و ما في يده تارخا ابنه ففعل صلّى اللّه عليه.
و قام تارخ و هو ابو ابراهيم الخليل (صلّى اللّه عليهما) بالأمر
في أربع و ستين سنة من ملك رهو بن طهمسعان، و في رواية اخرى أربع و ثمانين سنة و هو نمرود.
و إبراهيم (صلّى اللّه عليه) اختاره اللّه جل و علا لنبوّته
و انتجب لرسالته و تفصيل حكمته خليله إبراهيم (صلّى اللّه عليه) و كان بين نوح و إبراهيم عليهما السّلام ألف سنة.