کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

اثبات الوصية

كلمة الناشر ترجمة المؤلف‏ عقيدته‏ مؤلفاته‏ كتاب اثبات الوصية القسم الاول اتصال الحجج و الأنبياء من أبينا آدم الى سيدنا محمد [ص‏] مقدمة في بدء الخليقة جند العقل‏ جند الجهل‏ بدء الخليقة هبوط آدم [ع‏] فلما أفضى الأمر الى هبة اللّه عليه السّلام- و هو شيث بالعبرانية- قام ريسان (ابن نزلة الحورية) و اسمه أنوش عليه السّلام بأمر اللّه (جل و علا) فقام قينان بامر اللّه جل و عز فلما قبض اللّه تبارك و تعالى قينان عليه السّلام قام الحيلث بن قينان عليه السّلام بامر اللّه‏ فقام غنميشا بامر اللّه عز و جل على منهاج آبائه‏ فلما قبضه اللّه جل و علا قام بالامر بعده إدريس و هو هرمس و هو اخنوخ عليه السّلام بامر اللّه جل و عز و قام برد بن أخنوخ عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ فقام أخنوخ بن برد بن أخنوخ عليهم السّلام‏ فلما قضى و توفي قام بالأمر ابنه متوشلخ بن أخنوخ عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام لمك و هو ارفخشد بن متوشلخ عليه السّلام‏ فلما مضى لمك عليه السّلام قام نوح بن ارفخشد بأمر اللّه تبارك و تعالى‏ و قام سام بن نوح عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام ارفخشد عليه السّلام بأمر اللّه تعالى‏ فقام شالح عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام هود بن شالح بأمر اللّه جل و علا و قام فالغ بن هود عليهما السّلام بأمر اللّه جل جلاله بعد أبيه هود فقام يروغ بن فالغ عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام نوشا بن أمين عليه السّلام بالأمر لما اختاره اللّه‏ و قام صاروغ بن يروغ عليه السّلام مقام آبائه (صلوات اللّه عليهم) و قام تاجور بن صاروغ عليه السّلام و ولده بأمر اللّه جل و علا و قام تارخ و هو ابو ابراهيم الخليل (صلّى اللّه عليهما) بالأمر و إبراهيم (صلّى اللّه عليه) اختاره اللّه جل و علا لنبوّته‏ فقام إسماعيل بن إبراهيم بالنبوة و الأمر مقامه‏ و قام اسحاق بن إبراهيم بالأمر و النبوّة بعد أخيه إسماعيل‏ و قام يعقوب عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام يوسف عليه السّلام مقامه‏ قام ببرز بن لاوي بن يعقوب عليهم السّلام بأمر اللّه جلّ و عز و قام أحرب بن ببرز بن لاوي عليهم السّلام بأمر اللّه عزّ و جل‏ و قام ميتاح بن أحرب عليهما السّلام بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام عاق بن ميتاح عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام خيام بن عاق عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مادوم بن خيام عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام شعيب بالأمر بعد مادوم‏ يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهم السّلام‏ فقام فينحاس ابنه (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه جل و علا فقام بشير بن فينحاس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام ابلث بن جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل على سبيل آبائه‏ فقام أحمر بن ابلث مقام أبيه‏ و قام محتان بن أحمر عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى مقام أبيه‏ و قام عوق (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه عز و جل مقام آبائه‏ و قام طالوت عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام داود صلّى اللّه عليه بأمر اللّه بعد طالوت‏ فقام سليمان (صلوات اللّه عليه) بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام آصف بن برخيا بأمر اللّه‏ و قام صفورا بن آصف عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام مبنه بن صفورا عليهما السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام هندو بن مبنه عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام أسفرا بن هندوا بأمر اللّه جل و تعالى‏ فقام رامين بن اسفر عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام اسحاق بن رامين بأمر اللّه جل جلاله مقام آبائه عليهم السّلام‏ و قام ايم بن اسحاق بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام زكريا عليه السّلام بأمر اللّه‏ فقام اليسابغ عليه السّلام بما أوصاه به زكريا عليه السّلام من أمر اللّه جل و علا و قام روبيل بن اليسابغ بأمر اللّه جل و عز و تدبير ما استودعه‏ بعث اللّه عز و جل المسيح عيسى بن مريم عليه السّلام‏ و قام شمعون عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن زكريا عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام منذر بن شمعون بأمر اللّه جل‏ و قام دانيال عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام مكيخا ابن دانيال بأمر اللّه‏ فقام انشوا بن مكيخا بأمر اللّه تعالى‏ و قام رشيخا بن انشوا بأمر اللّه جل و علا و قام نسطورس بن رشيخا بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مرعيد بن نسطورس بأمر اللّه جل و عز و قام بحيرا عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام منذر بن شمعون بأمر اللّه‏ و قام سلمة بن منذر عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام برزة بن سلمة عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام أبي بن برزة عليه السّلام بأمر اللّه جل و تقدّس‏ و قام دوس بن أبي عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام أسيد بن دوس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عزّ و قام هوف عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن هوف- عليه‏ القسم الثاني اتصال الحجج و الاوصياء من سيدنا محمد [ص‏] حتى ولادة المهدي‏ مولد سيّدنا محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم‏ الوحي‏ حديث الدار تآمر قريش، و معجزاته [ص‏] المعراج‏ الهجرة و المبيت‏ الدعوة حجة الوداع‏ الوصية وفاة الرسول [ص‏] خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام‏ مولد الامام علي عليه السّلام‏ ايمان علي عليه السّلام‏ كفالة ابي طالب للنبي عليه السّلام‏ مولد علي عليه السّلام‏ علي ربيب الرسول‏ في الحوادث التي اعقبت وفاة النبي [ص‏] معجزات علي‏ رد الشمس للامام على عليه السّلام‏ كراماته الاخرى عليه السّلام‏ شهادة الامام علي عليه السّلام‏ الحسن السبط عليه السّلام‏ الحسين الشهيد عليه السّلام‏ علي السجاد عليه السّلام‏ محمد الباقر عليه السّلام‏ جعفر الصادق عليه السّلام‏ موسى الكاظم عليه السّلام‏ علي الرضا عليه السّلام‏ محمد الجواد عليه السّلام‏ علي الهادي عليه السّلام‏ الحسن العسكري عليه السّلام‏ قيام صاحب الزمان و هو الخلف الزكيّ بقيّة الله في أرضه و حجّته على خلقه المنتظر لفرج أوليائه من عباده عليه السّلام و رحمته و تحياته. الفهرست‏

اثبات الوصية


صفحه قبل

اثبات الوصية، ص: 26

فقام غنميشا بامر اللّه عز و جل على منهاج آبائه‏

فلما حضرته الوفاة اوحى اللّه إليه ان استودع نور الحكمة و ما في يديك من التابوت و الاسم الأعظم اخنوخ و هو إدريس عليه السلام و هو هرمس، فأحضره و اوصى إليه و سلم إليه العلم و التابوت.

فلما قبضه اللّه جل و علا قام بالامر بعده إدريس و هو هرمس و هو اخنوخ عليه السّلام بامر اللّه جل و عز

و جمع اللّه له علم الماضين و زاده ثلاثين صحيفة و هو قوله عز و جل ان هذا لفي الصحف الاولى صحف ابراهيم و موسى، يعني الصحف التي انزلت على هبة اللّه و إدريس.

و كان اخنوخ جسيما وسيما عظيم الخلق. و سمي إدريس لكثرة دراسته في الكتب.

و هو أول من قرأ و كتب و سن سنن الاسلام بعد هبة اللّه و أول من خاط الثياب و كان اللباس قبل ذلك الجلود.

فعند ذلك و في ايامه ملك بيوراسب من ولد قابيل الف سنة و كان ولد قابيل الفراعنة الجبابرة لا يملكون و لا يقعدون على ترتيب الابن و ابن الابن كما يملك هؤلاء من ولد هبة اللّه فصار رسما لمن غلب من الظالمين الطغاة بعدهم يملك الرجل ثم يملك أخوه و ابن اخيه و ابن عمه و الأبعد دون الولد و ولد الولد.

و كان بيوراسب أول من احدث في ملكه الفراسة فمن هناك سمي كتاب الفراسة و كان قد وقع إليه كلام من كلام اذب فاتخذه سحرا و أحاله عن معناه. و كان بيوراسب يعمل السحر بذلك الكلام و طغى في الأرض و كان اذا أراد شيئا من مملكته نفخ بقصبة كانت له من ذهب فيأتيه بنفخته كلما يريد فمن هناك تنفخ اليهود بالشبور. فركب الجبار (لعنه اللّه) ذات يوم الى نزهة فمر برياض لرجال من شيعة إدريس عليه السّلام حسنة خضرة فسأل عنها فقيل انها لرجل من الرافضة و كان من لا يتبعه على كفره و يرفضه يسمى رافضيا. فدعا به و قال له أ تبيعني هذه الأرض فقال له عيالي أحوج إليها منك؟ فغضب و انصرف عنه. فشاور في أمره امرأة كانت له و أخبرها بقوله فاشارت إليه بقتله فابى قتله الا بحجة عليه.

اثبات الوصية، ص: 27

فقالت له: فانا أحتال لك في قتله، ائت بقوم يشهدون عندك انهم قد سمعوه قد برئ منك و من دينك. ففعل و قتل ذلك المؤمن و أخذ ضيعته.

فغضب اللّه- جل و عز- للمؤمن و أوحى الى إدريس أن ائت هذا الجبار العنيد فقل له:

ما رضيت إن قتلت عبدي المؤمن حتى أخذت ضيعته و أفقرت عياله، أما و عزّتي لأنتقمن له منك و لأسلبنك ملكك و لأخربن مدينتك و لأطعمنّ الكلاب لحم امرأتك.

فقال الجبار لإدريس: اخرج عني و أرح نفسك.

ثم ان الملك اخبر امرأته بنبوة إدريس و ما قال له.

فقالت له: لا يهولك أمره فاني سأبعث إليه بمن يقتله اغتيالا فجمع إدريس عليه السّلام شيعته فأخبرهم بما أرسل به من الرسالة الى الجبار و ما قالته له امرأته، فأشفقوا عليه.

ثم ان امرأة الجبار بعثت بأربعين رجلا ليقتلوا إدريس فقصدوا مجلسه الذي كان يجلس فيه و كان منزله مسجد السهلة بظاهر الكوفة فوجدوه قد تنحى عن القرية مع نفر من اصحابه. فلما كان في السحر ناجى ربه و سأله ان لا يمطر السماء على اهل القرية و لا ما حولها حتى يسأله ذلك.

فاوحى اللّه إليه قد اجبتك.

فأخبر شيعته بذلك و أمرهم بالخروج من تلك النواحي، و كانت عدتهم عشرين رجلا، فتفرقوا في اقصى القرى و السواد. و صار إدريس الى كهف جبل شاهق و وكل اللّه به ملكا باستطعامه في كل ليلة و سلب اللّه ذلك الجبار ملكه و خرب مدينته و اطعم الكلاب لحم امرأته. و مكث إدريس غائبا عشرين سنة و أمسكت السماء من المطر، و الأرض عن النبات فقحط الناس و اشتد البلاء حتى هلك خلق منهم جوعا، و اعلموا ان ذلك بدعوة إدريس عليه السّلام فتضرعوا و سألوا اللّه العفو و التوبة. فاوحى اللّه الرحيم- جل و تعالى- الى إدريس انهم قد سألوني و قد رحمتهم فاسألني حتى أمطر السماء و أنبت الأرض.

و ابى إدريس ذلك. فاوحى اللّه إليه: لم تسألني فأجبتك و أنا أسألك ان لم تسألني. فابى ان يسأله.

فامر اللّه الملك ان يحبس عنه الرزق و اوحى إليه ان اهبط من الجبل.

اثبات الوصية، ص: 28

فهبط و قد اشتد جوعه فرأى دخانا فقصده فوجد عجوزا كبيرة و قد خبزت قرصين على مقلي. فقال لها: ايتها المرأة اطعميني فاني مجهود بالجوع.

فقالت له: هما قرصان احدهما لي و الآخر لولدي فان اطعمتك قرصي تلفت و ان أطعمتك قرص ابني هلك.

فقال لها: ابنك صغير و نصف قرص يكفيه.

فأجابته. فأخذت القرص فكسرته نصفين و دفعت إليه.

فلما رأى الصبي انّه شورك في قرصه تضوّر و اضطرب و مات.

فقالت امّه: يا عبد اللّه قتلت ولدي.

فقال لها إدريس: أنا أحييه بإذن اللّه.

فأخذ بعضدي الصبي ثم قال: أيتها الروح الخارجة ارجعي الى بدن هذا الغلام بإذن اللّه.

فلما سمعت المرأة كلامه و نظرت الى ابنها قد تحرّك و عاش قالت: اشهد إنّك إدريس و خرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية: ابشروا بالفرج.

و جلس إدريس على تل من مدينة الملك الجبّار فاجتمع إليه نفر من شيعته فقالوا له:

ما رحمتنا هذه العشرين سنة قد مسّنا الضرّ و الجوع و الجهد ادع اللّه لنا فقال: لا أدعو حتى يأتيني الجبّار و جميع أهل مملكته مشاة حفاة.

و اتصل الخبر بالملك، فبعث بجماعة و أمرهم باحضاره فلما قربوا منه دعا عليهم فماتوا ثم بعث إليه بخمسمائة رجل فدعا عليهم فماتوا فصار أهل المدينة إلى الجبّار فقالوا: أيّها الملك إن إدريس نبيّ مستجاب الدعوة و لو دعا على الخلق لماتوا. و سألوه المصير إليه.

فصار إليه هو و أهل مملكته مشاة حفاة فوقفوا بين يديه خاضعين طالبين، فقال إدريس: اما الآن فنعم.

فسأل اللّه أن يمطرهم، فأظللهم سحابة من ساعتهم حتى ظنّوا انّه الغرق. فلم يزل إدريس يدبّر أمر اللّه و علمه و حكمته حتى ما ظهر من ذلك و ما بطن حتى أراد اللّه‏

اثبات الوصية، ص: 29

عزّ و جلّ ان يرفعه إليه فأوحى إليه أن يستودع نور اللّه و الحكمة و التابوت ابنه برد فأحضره و أوصى إليه و سلّم إليه مواريث الأنبياء و رفعه اللّه جلّ و عزّ إليه و كانت سنه في الوقت الذي رفع فيه ثلاثمائة و ستا و خمسين سنه لما أفضى الأمر الى برد بن اخنوخ.

و قام برد بن أخنوخ عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏

فلم يزل قائما يحفظ ما استودع و المؤمنون معه على حال تقيّة و استخفاء إلى أن حضرت وفاته فأوحى اللّه إلى برد أن أوص إلى ابنك اخنوخ فأوصى إليه و أمره بمثل ما كان أوصى به و مضى.

فقام أخنوخ بن برد بن أخنوخ عليهم السّلام‏

بأمر اللّه عز و جل إلى أن حضرته الوفاة على سبيل من تقدّمه من آبائه عليهم السّلام.

فلما قضى و توفي قام بالأمر ابنه متوشلخ بن أخنوخ عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏

و لم يزل يدين و يحفظ ما استودع سرا و خفاء على حال غيبة من الجبابرة من أولاد قابيل و أصحابه على منهاج آبائه عليهم السّلام يهدي إلى الحقّ و إلى طريق مستقيم فلما أراد اللّه قبضه أوحى إليه ان أوص إلى ابنك لمك و هو ارفخشد ففعل و مضى.

و قام لمك و هو ارفخشد بن متوشلخ عليه السّلام‏

بأمر اللّه جلّ و علا مقام آبائه (صلّى اللّه عليهم) فلما أراد اللّه أن يقبضه اختار جل و عز لإظهار نبوّته و رسالته القائم المنتظر ابنه نوحا عليه السّلام فأمر لمك بتسليم الأمر إليه و الاسم الأعظم و الوصية و التابوت و جميع علوم الأنبياء فأحضره و أوصى إليه و سلّم إليه جميع مواريث الأنبياء عليهم السّلام.

فلما مضى لمك عليه السّلام قام نوح بن ارفخشد بأمر اللّه تبارك و تعالى‏

و هو أوّل ذوي العزم من الرسل و أظهر نبوّته و أمره اللّه جلّ و علا بإظهار الدعوة فأقبل نوح عليه السّلام يدعو قومه و الملك في بني راسب و أهل مملكته عوج بن عناق و كان دعاؤه إيّاهم في أوّل أمره سرّا

اثبات الوصية، ص: 30

فلم يجيبوه فلم يزل يدعوهم تسعمائة و خمسين سنة كلّما مضى منهم قرن تبعهم قرن على ملّة آبائهم و كان اسمه عبد الغفّار و إنمّا سمّي نوحا لأنّه كان ينوح على قومه إذا كذّبوه و كان الذي آمن به العقب من ولد هبة اللّه و الذين كذّبوه العقب من ولد قابيل و عوج ابن عناق بني عمّهم مع كثرتهم و عظم أمرهم و سلطانهم في الأرض و كانوا إذا دعاهم يقولون له: أ نؤمن لك و اتبعك الأرذلون؟ يعنون العقب من ولد شيث، يعيّرونهم بالفقر و الفاقة و أنّه لا مال لهم و لا عزّ و لا سلطان في الأرض.

و كانت شريعة نوح عليه السّلام التوحيد و خلع الانداد و الفطرة و الصيام و الصلاة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و بعث بعد أن صارت ثمانمائة و خمسين سنة يدعوهم فلا يزيدهم دعاؤه إلّا فرارا منه و طغيانا. فلمّا طال عليه تكذيب قومه و طال على شيعته الأمد صاروا إليه فقالوا له: يا نبي اللّه قد كنّا نتوقع الفرج بظهورك فنحن على مثل تلك الحال فادع اللّه لنا أن يفرّج عنّا فناجى نوح ربّه.

فأوحى اللّه إليه: مر شيعتك فليأكلوا التمر و يغرسوا النوى فاذا صار نخلا فرّجت عنكم.

فأمرهم بذلك.

فارتد من أصحابه الثلث و بقي الثلثان صابرين فأكلوا التمر و غرسوا النوى و جلسوا يحرسون نباته و حمله حتى إذا حمل بعد سنين كثيرة أخذوا من ثمره و صاروا به الى نوح مستبشرين.

فناجى اللّه في ذلك.

فأوحى اللّه إليه: مرهم فليأكلوا من هذا التمر و ليغرسوا النوى فإذا أنبتت و أثمر فرّجت عنهم.

فأخبرهم بذلك فارتد الثلثان و بقي الثلث صابرين.

فأكلوا تلك الثمرة و غرسوا النوى و لم يزالوا يحرسونه عدّة من السنين حتى أثمر ثم أتوا نوحا عليه السّلام فقالوا له يا رسول اللّه قد تفانينا و تهافتنا فلم يبق منا إلّا القليل و قد أدركت‏

اثبات الوصية، ص: 31

هذه الثمرة من الغرس الثالث.

فنادى نوح ربّه جل و علا و سأله و تضرّع إليه و قال: يا ربّ لم يبق من شيعتي الا القليل و ان لم أرجع إليهم بما فيه فرجهم تخوفت عليهم.

فأوحى اللّه إليه‏ «أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا» و أمره أن يجعل جذوع النخل الأول عرض السفينة و الثانية جوانبها و الثالثة سقوفها.

فروي انّ قومه مروا عليه و على شيعته و قد غرسوا النوى فجعلوا يضحكون و يقولون قد قعد (فلما قطع النخل و نحته جعلوا يمرّون و يضحكون و يقولون قد) قعد نجارا فلمّا الف السفينة جعلوا يقولون قد جلس في البر ملّاحا.

و روي انّه عملها في دورين و هما ثمانون سنة و كان طولها ألف و مائتي ذراع و عرضها مائة ذراع و ارتفاعها ثمانون ذراعا و كان بنيتها في المكان الذي هو مسجد الكوفة.

و أوحى اللّه جل و عز إليه‏ «لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ» فعند ذلك دعا عليهم فقال‏ «رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً» فروي ان اللّه تعالى أعقم النساء قبل الغرق أربعين سنة فلم يغرق إلّا الرجال البالغين.

و أوحى اللّه إليه ان احمل في السفينة من كلّ زوجين اثنين. فحمل كلّ شي‏ء إلّا ولد الزنا.

و كان ميعاده في إهلاك القوم أن يفور التنور ففار فجاءت ابنته فقالت ان التنور قد فار. فقام عليه السّلام الى الماء فختمه فوقف حتى أدخل في السفينة ما أراد إدخاله ثم جاء الى الخاتم ففضّه و كشف الطبق ففار الماء و أرسل اللّه إليهم المطر و زعموا ان التنور كان يفور و فار الفرات و فاضت العيون و الأودية «وَ نادى‏ نُوحٌ ابْنَهُ‏ ... يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا» فأجابه بما قص اللّه في كتابه.

و روي ان فرش الأنبياء عليهم السّلام لا توطأ و ان اللّه جلّ و علا نفى عنه ان يكون ابنه لما لم يتبعه فقال له انّه ليس من أهلك انّه عمل غير صالح، فأغرق اللّه الكفّار و أنجى المؤمنين الذين كانوا في السفينة.

اثبات الوصية، ص: 32

و روي ان السفينة طافت بالبيت سبعة أشواط وسعت بين الصفا و المروة ثم استوت على الجودي في اليوم السابع. و الجودي فرات الكوفة الموضع الذي منه بدأت فصار الطواف حول البيت سنة.

و إنمّا سمّى الطوفان لأن الماء طغى فوق كلّ شي‏ء أربعين ذراعا و تصبب ماء الأرض و بقي ماء السماء فصار بحرا حول الدنيا. فماء البحر من بقية ذلك الماء و هو ماء سخط.

فخرج نوح عليه السّلام و من معه من السفينة و عدّتهم ثمانية نفر، و روي ان عدّتهم أربعة نفر.

فلما رأى العظام قد تفرّقت من ذلك الماء الحار هاله و اشتد حزنه فأوحى اللّه إليه: هذا آثار دعوتك. اما اني آليت على نفسي ألّا أعذب خلقي بالطوفان بعد أبدا.

و أمره أن يأكل العنب الأبيض فأكله فأذهب اللّه عنه الحزن و خرج معه من السفينة ابنة واحدة من بناته و ثلاثة بنين و أربعة من المؤمنين و كان نوح التاسع، فجاء كلّ واحد من الأربعة من المؤمنين يخطب ابنته على حدته سرّا من أصحابه بذلك فضاق ذرعا و شكا الى اللّه جل ذكره و قال يا ربّ لم يبق من أصحابي إلّا هؤلاء الأربعة و كلّ قد خطب ابنتي و ان زوّجت واحدا أغضب الباقون.

فأوحى اللّه إليه أن يأخذ كساء فيجعل ابنته تحت الكساء و يجعل معها هرّة و قردة و خنزيرة و يستر الجميع ثم يرفع الكساء فانّك ترى أربع جوار لا تعرف ابنتك منهن فزوّج كلّ واحد من أصحابك بواحدة منهم.

فروي عن العالم عليه السّلام انّه قال: فمن هناك تناسخ الخلق.

و عقد نوح في وسط المسجد قبة فأدخل إليها أهله و ولده و المؤمنين إلى أن مصر الأمصار و أسكن ولده البلدان فسمّيت الكوفة قبّة الاسلام بسبب تلك القبة.

ثم أوحى اللّه إلى نوح عليه السّلام: قد انقضت أيّامك فاجعل الاسم الأعظم و ميراث الأنبياء عند ابنك سام فإنّي لا أترك الأرض بغير حجّة عالم يكون على خلقي و أمره أن يبشّر المؤمنين بأن اللّه سيفرّج عن الناس بنبي اسمه هود يهلك من يكفر به بالريح. فمن أدركه فليؤمن به. و يأمرهم أن يفتحوا الوصية في كلّ سنة و ينظروا فيها.

صفحه بعد