کتابخانه روایات شیعه
و روي أيضا انّ نبوّته ظهرت و له ثمانون سنة و كانت مدّة نبوّته أربعين سنة و كان عمره مائة و عشرين سنة.
و لمّا حضرت وفاته أمره اللّه أن يستودع نور اللّه و حكمته و مواريث الأنبياء عليهم السّلام إسماعيل ابنه فدعاه و أوصى إليه و سلّم إليه جميع ما في يده.
و توفي (صلّى اللّه عليه) و دفن في أرض كان قد ابتاعها بناحية بيت المقدس.
و كان بين نوح و إبراهيم عليه السّلام ألف و خمسمائة سنة. و نمرود قد ملك مشارق الأرض و مغاربها و هو صاحب النسور.
و كان أبو إبراهيم توفي و إبراهيم طفل و بقيت أمّه ابنة آزر فلما شب و ترعرع و استقل بنفسه ماتت عنه امّه.
فقام إسماعيل بن إبراهيم بالنبوة و الأمر مقامه
و لم يزل يدبّر أمر اللّه جل و عز و هو أوّل من تكلّم بالعربية و أبو العرب و كان إبراهيم عليه السّلام قد خلف عنده سبعة أعنزة فكانت أصل ماله.
و أقام أكثر أيّامه بمكّة و تزوّج بهالة بنت الحارث فولدت (قيدار) و كان فيه شبه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كان لإسماعيل ثلاث عشر ذكرا كان كبيرهم و رئيسهم (قيدار) و هو أوّل من ركب الخيل و كسا البيت و لبس العمائم و أطعم الحاجّ.
و عاش مائة و عشرين سنة إسماعيل، كما روي أن أباه إبراهيم عاش مائة و خمسا و سبعين سنة.
فلما حضرت وفاته أوحى اللّه إليه أن يستودع الاسم و نور اللّه و حكمته أخاه اسحاق.
و روي انّه شريكه في الوصيّة و تقدّمه إسماعيل بالسن لأنّه أكبر منه بخمس سنين فسلم الأمر إلى اسحاق و توفي إسماعيل عليه السّلام و دفن بمكة و هو: اسماعيل صادق الوعد و كان وعد رجلا إلى موضع يجتمعان فيه فأنسى الرجل و حضر إسماعيل الموضع و أقام فيه ثلاثة أيام ينتظره فلما كان في اليوم الرابع فقده الرجل فجاء إلى الموضع الذي وعده فوجده فيه ينتظر فأعظم ذلك و أكبره فقال له إسماعيل: لو لم تحضر لأقمت حتى يصير
المحشر من هذا المكان.
و قام اسحاق بن إبراهيم بالأمر و النبوّة بعد أخيه إسماعيل
و كان من حديث اسحاق عليه السّلام في قول اللّه عز و جل «فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ»
قال ان الملائكة لمّا جاءت في هلاك قوم لوط عليه السّلام قالوا «إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ» فقالت سارة و من يطيق قوم لوط يعني كثرة عددهم، فبشرناها باسحاق و من وراء اسحاق يعقوب، فصكت وجهها و قالت: عجوز عقيم.
و هي يومئذ ابنة تسعين سنة و إبراهيم له أكثر من مائة سنة فلما ولد لإبراهيم اسحاق قال من حوله: أ لا تعجبون من هذه العجوز و هذا الشيخ وجدا صبيّا منقطعا فأخذاه يزعمان انّه ولدهما و هل تلد مثل هذه العجوز.
و كان اللّه جل و علا قد صوّره على صورة إبراهيم و العجوز سارة فلما رأوه قالوا:
نشهد انّه ابن الشيخ إبراهيم و العجوز سارة.
فلما قام اسحاق بالأمر بعد أخيه إسماعيل عليه السّلام سلم له المؤمنون و جميع شيعة أبيه و أخيه.
و تزوّج اسحاق من أخواله بالشام و ولد له يعقوب عليه السّلام و العيص و كان من حديثهما ما اقتص و كان لا يفرّق الناس بين إبراهيم و بين ابنه اسحاق حتى شاب إبراهيم فكان يعرف منه بالشيب.
فلما حضرت وفاة اسحاق أوحى اللّه إليه ان يستودع الاسم الأعظم و النور و جميع ما في يديه من المواريث ابنه يعقوب عليه السّلام و هو إسرائيل اللّه فأحضره و سلّم إليه.
و مضى اسحاق عليه السّلام و دفن في بيت المقدس و كان عمره مائة و ثمانين سنة.
و قام يعقوب عليه السّلام بالأمر بعده
و هو إسرائيل اللّه و آمن به المؤمنون، و جحد نبوّته الكفّار و الشّكاك.
و تزوّج بالشام بابنتي خالته و كان في ذلك الوقت يجمع بين الاختين فولد منهما اثنا
عشر ذكرا.
و غلب العيص أخوه على بيت المقدس و الملك الجبّار في ذلك الوقت (فيتساد) ملك مائة سنة و هو أوّل من قطع القطائع بغير حقّ فصارت سنة للظالمين إلى هذا الوقت و أخذ من الناس الخراج.
و خرج يعقوب عليه السّلام يريد بيت المقدس و اتصل الخبر بأخيه العيص فخرج بجميع جيشه يستقبله ليقتله و بلغ يعقوب فأهدى إليه هدية يتألّفه بها و كتب إليه كتابا وقع على عنوانه: عبدك يعقوب.
فلما قرأ العيص كتابه عطف عليه و فرّق جيشه عن نفسه فلما قرب منه جمع يعقوب عليه السّلام أولاده حوله خوفا منه و أمرهم إذا قرب منه العيص أن يمنعوه من الدنو منه و كانوا أولي قوّة و بأس شديد فلما قرب منه منعه الأسباط من التقدّم إليه.
و روي ان العيص كان قد صمّم إذا سلم عليه أخوه يعقوب أن يعتنقه ثم يقرص حلقه فيقتله فقالوا له تنح عن نبي اللّه، فارتاع العيص لذلك.
و دخل يعقوب بيت المقدس و قام يصلّي و حوله الأسباط الاثنا عشر و المؤمنون، و العيص ناحية يراهم. فلما جنّ عليه الليل كشف له عن بصيرته فرأى العيص و نظر الى الملائكة الليل كلّهم ينزلون من السماء و يصعدون و يسلّمون على يعقوب و يسبّحون و يهللون و يقدّسون، فاغتاظ لذلك و علم انّه لا طاقة له به و حسده.
فاستأذنه العيص في التنحي عنه فاذن له، فعبر مع ولده البحر فأقام هناك، و ولده الأصغر عملاق. فالأصغر أبو الأشراف من الروم و عملاق أبو العمالقة الذين قاتلهم يوشع ابن نون عليه السّلام.
و رأى يوسف عليه السّلام الرؤيا فقصّها على أبيه و كان من حديثه ما أخبر اللّه عز و جل به في كتابه و جاءت به الروايات من قصّته مع اخوته الأسباط. و حزن يعقوب حتى ابيضت عيناه و تقوّس ظهره فروي عن العالم عليه السّلام انّه يعلم ان يوسف باق لم يأكله الذئب فقال:
كان يعلم بجميع أمره. فقيل له: فمن أي شيء كان حزنه؟ فقال: من خوف البداء فيما وعده اللّه به من الجمع فيما بينه و بين يوسف.
و كانت مدّة المحنة عشرين سنة (و روي) سبع عشر سنة فلما أراد اللّه إزالتها و كشفها رفع يعقوب عليه السّلام يديه ثم قال يا من لا يعلم أحد كيف هو و حيث هو و قدرته إلّا هو يا من سد الهواء بالسماء و كبس الأرض على الماء و اختار لنفسه أحسن الأسماء ائتني بروح من عندك و فرج قريب.
فما انفجر عمود الصبح حتى أتي بالقميص و طرح على وجهه فرد اللّه عليه بصره و ولده.
و خرج الى مصر و جمع اللّه مع ذلك أهله و ماله. و خرج يوسف عليه السّلام لتلقيه فلما رآه يعقوب ترجّل له و الأسباط.
و لم ينكر ذلك و يعظّمه إيّاه فأخرج اللّه الإمامة من عقبه و جعلها في ولد أخيه الأكبر لاوي بن يعقوب لأنّه لم يعرف أباه حقّه.
ثم صار بهم إلى منزله فرفع أبويه إلى سرير الملك و هو العرش الذي ذكره اللّه و هما أبوه و خالته لأن امّه راحيل كانت توفيت قبل الرؤيا التي رآها و تكفلت خالته بتربيته.
و دخل فلبس ثياب العزّ و الملك و خرج فلما رأوه سجدوا للّه شكرا فعند ذلك قال يوسف «هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا»
و مكث يعقوب مع يوسف عليهما السّلام بمصر سنتين فلما حضرت وفاته فأوحى اللّه إليه أن يسلم مواريث الأنبياء و النور و الاسم الأعظم إلى يوسف فدعاه و جمع أولاده و أوصى إليه ثم قبض (صلّى اللّه عليه) و سنّه مائة و ست و أربعون سنة.
و قام يوسف عليه السّلام مقامه
و وضعه بين يديه أربعين يوما يبكي عليه و يعدّد حتى ركب إليه الملك في زمانه مع عظماء أهل مملكته فكلّموه و وعظوه.
و حمله من مصر الى بيت المقدس ليدفنه مع آبائه فوجد العيص قد رجع إلى بيت المقدس فمنع من دفنه و نازعهم فيه فوثب ابن شمعون [و] كان ايدا على العيص فوكزه فقتله فدفن يعقوب و العيص في مكان واحد.
و رجع يوسف إلى مصر فلم يزل يدبّر أمر اللّه و معه أهله و المؤمنون فمن أطاعه كان
مؤمنا و من عصاه كان كافرا.
و كان يوسف عليه السّلام اماما ملكا يلبس الديباج و الوشي و الابريسم المنسوج بالذهب و الجوهر و لم يكن نزل تحريم لبس ذلك.
و ملك اثنين و سبعين سنة و عاش مائة و عشرين سنة و كان له ابنان يقال لأحدهما افرائيم و هو جدّ يوشع بن نون و الآخر ميشا.
فلما قربت وفاته أوحى اللّه إليه عز و جل ان استودع نور اللّه و حكمته و جميع المواريث التي في يديك ببرز بن لاوي بن يعقوب فاحضر ببرز بن لاوي و جمع آل يعقوب و هم يومئذ ثمانون رجلا فقال لهم: ان هؤلاء القبط سيظهرون عليكم و يسومونكم سوء العذاب و نعوت الإمامة مكتومة ثم ينجيكم اللّه و يفرّج عنكم برجل من ولد لاوي اسمه موسى بن عمران طوال جعد آدم مفلفل الشعر أحلج على لسانه شامة و على أرنبة أنفه شامة و لن يظهر حتى يخرج قبله سبعون كذّابا، و روي خمسون كلّ يدّعي انّه هو، ثم يظهر و ينصر اللّه بني إسرائيل و يفرّج عنهم.
و سلم التابوت و النور و الحكمة و جميع المواريث الى ببرز بن لاوي عليه السّلام و مضى (صلّى اللّه عليه).
و دفن بمصر في صندوق من مرمر في بطن النيل ثم استخرجه موسى عليه السّلام من ذلك الموضع و مضى به الى الأرض المقدّسة فدفنه فيها.
و كان سبب حمله من مصر أن المطر احتبس على بني إسرائيل فأوحى اللّه جل و علا الى موسى عليه السّلام ان اخرج عظام يوسف.
فسأل موسى عن الموضع فأتي بعجوز عمياء مقعدة فقالت أنا أعرف موضعه و لا أخبرك به حتى تعطيني ثلاث خصال: تطلق لي رجلي و تعيد لي صورتي و شبابي و عيني و تجعلني معك في الجنّة و كانت العجوز من بني إسرائيل فأوحى اللّه إلى موسى ان اعطها ما سألت فانّما تعطى على ما سئلت ففعل فدلّته فأخرجه و نقله إلى الأرض المقدّسة (صلوات اللّه عليه).
قام ببرز بن لاوي بن يعقوب عليهم السّلام بأمر اللّه جلّ و عز
يدبره على سبيل آبائه عليهم السّلام فروي انّه كان إذا ولد في بني إسرائيل كلّ واحد منهم يدّعي انّه هو و يسمّى عمران ثم يأتي عمران ولد فيسمّى الولد موسى يتعرّضون بذلك لقيام القائم موسى عليه السّلام. فما ظهر موسى حتى خرج سبعون كذّابا «و روي» خمسون من بني إسرائيل كلّ واحد منهم يدّعي انّه هو و عند ذلك ملك الأرض بعد فرعون يوسف فيقابوس مائة و خمسون سنة و بنى مدينة سمّاها قيفدون و هو الذي كانت الشياطين معه قبل سليمان بن داود عليهما السّلام.
فلما حضرت ببرز عليه السّلام الوفاة أوحى اللّه إليه ان يستودع نور اللّه و حكمته و ما في يديه ابنه أحرب فدعاه و أوصى إليه بمثل ما كان يوسف (صلّى اللّه عليه) أوصى به ففعل ذلك.
و قام أحرب بن ببرز بن لاوي عليهم السّلام بأمر اللّه عزّ و جل
و اتبعه المؤمنون و جرى على منهاج آبائه حتى إذا حضرته الوفاة أوحي إليه أن يجعل الوصيّة إلى ابنه ميتاح فأحضره و أوصى إليه و سلّم مواريث الأنبياء و ما في يديه إليه و مضى (صلّى اللّه عليه).
و قام ميتاح بن أحرب عليهما السّلام بأمر اللّه جل ذكره
و اتبعه المؤمنون و هم الأقلون عددا في ذلك الزمان المستخفون من الجبّار المتوقعون الفرج.
فلما حضرت ميتاح الوفاة أوحى اللّه إليه أن يوصي إلى ابنه عاق فأحضره و أوصى إليه.
و قام عاق بن ميتاح عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا
و اتبعه المؤمنون على سبيل من تقدّمه من آبائه فلما حضرته الوفاة أوحى اللّه تعالى إليه أن يوصي إلى ابنه خيام فأحضره و أوصى إليه و مضى صلّى اللّه عليه.
و قام خيام بن عاق عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى
و نوره حكمته إلى أن حضرته الوفاة أوحى اللّه إليه أن يستودع نور اللّه و حكمته ابنه مادوم فاتبعه المؤمنون مدّة زمانه على
خوف و استخفاء و أودع نور اللّه و حكمته ابنه مادوم.
و قام مادوم بن خيام عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا
و نوره حكمته الى ان حضرته الوفاة فأوحى اللّه إليه أن يوصي إلى شعيب فأحضره و أوصى إليه و مضى عليه السّلام و كان شعيب من ولد نابت بن إبراهيم صلّى اللّه عليه لم يكن من ولد اسماعيل و اسحاق صلوات اللّه عليهم.
فقام شعيب بالأمر بعد مادوم
فعند ذلك ظهر ملك فرعون ذو الأوتاد و هو فرعون موسى عليه السّلام و اسمه الوليد بن ريان بن مصعب و كان ملكه أربعمائة سنة و في سنة من ملكه بعث اللّه أيوب صاحب البلاء صلّى اللّه عليه و كانت امرأته رحمة بنت يوسف عليه السّلام و هو أيوب بن أموص بن العيص بن اسحاق بن يعقوب و كان من قصّة شعيب عليه السّلام ان اللّه بعثه الى قوم نبيا حين كبرت سنّه فدعاهم إلى التوحيد و الإقرار و الطاعة فلم يجيبوه فغاب عنهم ما شاء اللّه ثم عاد إليهم شابّا فدعاهم فقالوا ما صدقناك شيخا فكيف نصدّقك شابا (فروي) ان أمير المؤمنين عليه السّلام كان يعيد ذكر هذا الحديث و يكرّره و يتمثّل به كثيرا و كان سبب نبوّة شعيب ان قومه اتخذوا ميكائيل و موازين مختلفة يأخذون بالأوفر و يعطون بالأنقص. و في الحديث طول.
و بلغ فرعون قرب أمر موسى بن عمران عليه السّلام و ان زوال ملكه و هلاكه على يديه و في أيامه فوكّل القوابل بالنساء الحوامل فلم يكن يولد غلام إلّا ذبح و إذا ولدت المرأة جارية استحييت و تركت فغلظ الأمر على بني إسرائيل من فرعون و اجتمعوا الى فقيه كان لهم عالم فقالوا: لا نقرب النساء حتى لا يذبح الأطفال من أولادنا فقال عمران عليه السّلام و كان عالما مؤمنا تقيّا من أولاد المؤمنين: و اللّه لا تركت ما أمر اللّه به فان أمره عز و جل واقع و لو كره المشركون اللّهم من حرّم ذلك فانّي لا أحرّمه و من تركه فإنّي لا أتركه.