کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

اثبات الوصية

كلمة الناشر ترجمة المؤلف‏ عقيدته‏ مؤلفاته‏ كتاب اثبات الوصية القسم الاول اتصال الحجج و الأنبياء من أبينا آدم الى سيدنا محمد [ص‏] مقدمة في بدء الخليقة جند العقل‏ جند الجهل‏ بدء الخليقة هبوط آدم [ع‏] فلما أفضى الأمر الى هبة اللّه عليه السّلام- و هو شيث بالعبرانية- قام ريسان (ابن نزلة الحورية) و اسمه أنوش عليه السّلام بأمر اللّه (جل و علا) فقام قينان بامر اللّه جل و عز فلما قبض اللّه تبارك و تعالى قينان عليه السّلام قام الحيلث بن قينان عليه السّلام بامر اللّه‏ فقام غنميشا بامر اللّه عز و جل على منهاج آبائه‏ فلما قبضه اللّه جل و علا قام بالامر بعده إدريس و هو هرمس و هو اخنوخ عليه السّلام بامر اللّه جل و عز و قام برد بن أخنوخ عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ فقام أخنوخ بن برد بن أخنوخ عليهم السّلام‏ فلما قضى و توفي قام بالأمر ابنه متوشلخ بن أخنوخ عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام لمك و هو ارفخشد بن متوشلخ عليه السّلام‏ فلما مضى لمك عليه السّلام قام نوح بن ارفخشد بأمر اللّه تبارك و تعالى‏ و قام سام بن نوح عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام ارفخشد عليه السّلام بأمر اللّه تعالى‏ فقام شالح عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام هود بن شالح بأمر اللّه جل و علا و قام فالغ بن هود عليهما السّلام بأمر اللّه جل جلاله بعد أبيه هود فقام يروغ بن فالغ عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام نوشا بن أمين عليه السّلام بالأمر لما اختاره اللّه‏ و قام صاروغ بن يروغ عليه السّلام مقام آبائه (صلوات اللّه عليهم) و قام تاجور بن صاروغ عليه السّلام و ولده بأمر اللّه جل و علا و قام تارخ و هو ابو ابراهيم الخليل (صلّى اللّه عليهما) بالأمر و إبراهيم (صلّى اللّه عليه) اختاره اللّه جل و علا لنبوّته‏ فقام إسماعيل بن إبراهيم بالنبوة و الأمر مقامه‏ و قام اسحاق بن إبراهيم بالأمر و النبوّة بعد أخيه إسماعيل‏ و قام يعقوب عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام يوسف عليه السّلام مقامه‏ قام ببرز بن لاوي بن يعقوب عليهم السّلام بأمر اللّه جلّ و عز و قام أحرب بن ببرز بن لاوي عليهم السّلام بأمر اللّه عزّ و جل‏ و قام ميتاح بن أحرب عليهما السّلام بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام عاق بن ميتاح عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام خيام بن عاق عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مادوم بن خيام عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام شعيب بالأمر بعد مادوم‏ يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهم السّلام‏ فقام فينحاس ابنه (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه جل و علا فقام بشير بن فينحاس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام ابلث بن جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل على سبيل آبائه‏ فقام أحمر بن ابلث مقام أبيه‏ و قام محتان بن أحمر عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى مقام أبيه‏ و قام عوق (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه عز و جل مقام آبائه‏ و قام طالوت عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام داود صلّى اللّه عليه بأمر اللّه بعد طالوت‏ فقام سليمان (صلوات اللّه عليه) بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام آصف بن برخيا بأمر اللّه‏ و قام صفورا بن آصف عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام مبنه بن صفورا عليهما السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام هندو بن مبنه عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام أسفرا بن هندوا بأمر اللّه جل و تعالى‏ فقام رامين بن اسفر عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام اسحاق بن رامين بأمر اللّه جل جلاله مقام آبائه عليهم السّلام‏ و قام ايم بن اسحاق بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام زكريا عليه السّلام بأمر اللّه‏ فقام اليسابغ عليه السّلام بما أوصاه به زكريا عليه السّلام من أمر اللّه جل و علا و قام روبيل بن اليسابغ بأمر اللّه جل و عز و تدبير ما استودعه‏ بعث اللّه عز و جل المسيح عيسى بن مريم عليه السّلام‏ و قام شمعون عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن زكريا عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام منذر بن شمعون بأمر اللّه جل‏ و قام دانيال عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام مكيخا ابن دانيال بأمر اللّه‏ فقام انشوا بن مكيخا بأمر اللّه تعالى‏ و قام رشيخا بن انشوا بأمر اللّه جل و علا و قام نسطورس بن رشيخا بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مرعيد بن نسطورس بأمر اللّه جل و عز و قام بحيرا عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام منذر بن شمعون بأمر اللّه‏ و قام سلمة بن منذر عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام برزة بن سلمة عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام أبي بن برزة عليه السّلام بأمر اللّه جل و تقدّس‏ و قام دوس بن أبي عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام أسيد بن دوس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عزّ و قام هوف عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن هوف- عليه‏ القسم الثاني اتصال الحجج و الاوصياء من سيدنا محمد [ص‏] حتى ولادة المهدي‏ مولد سيّدنا محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم‏ الوحي‏ حديث الدار تآمر قريش، و معجزاته [ص‏] المعراج‏ الهجرة و المبيت‏ الدعوة حجة الوداع‏ الوصية وفاة الرسول [ص‏] خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام‏ مولد الامام علي عليه السّلام‏ ايمان علي عليه السّلام‏ كفالة ابي طالب للنبي عليه السّلام‏ مولد علي عليه السّلام‏ علي ربيب الرسول‏ في الحوادث التي اعقبت وفاة النبي [ص‏] معجزات علي‏ رد الشمس للامام على عليه السّلام‏ كراماته الاخرى عليه السّلام‏ شهادة الامام علي عليه السّلام‏ الحسن السبط عليه السّلام‏ الحسين الشهيد عليه السّلام‏ علي السجاد عليه السّلام‏ محمد الباقر عليه السّلام‏ جعفر الصادق عليه السّلام‏ موسى الكاظم عليه السّلام‏ علي الرضا عليه السّلام‏ محمد الجواد عليه السّلام‏ علي الهادي عليه السّلام‏ الحسن العسكري عليه السّلام‏ قيام صاحب الزمان و هو الخلف الزكيّ بقيّة الله في أرضه و حجّته على خلقه المنتظر لفرج أوليائه من عباده عليه السّلام و رحمته و تحياته. الفهرست‏

اثبات الوصية


صفحه قبل

اثبات الوصية، ص: 135

و وصّاه به، و قال له: يا بني هذا فضل من اللّه عليك و منحة و هدية مني إليك الهمنيه في أمرك و هو ابن أخيك لأبيك و أمّك دون ساير اخوانك ثم اطلعه على مكنون سر علمه و دلائله و أخبره بما بشّر به عن الأنبياء و المرسلين صلّى اللّه عليهم، و ما رواه فيه أفاضل الأحبار، و عبّاد الرهبان، و أقيال العرب و كهّان العجم.

و لم يكن لأبي طالب يومئذ ولد، و كان فردا وحيدا، امرأته فاطمة بنت أسد بن هاشم ابن عبد مناف بنت عمه و كانت ممنوعة من الولد تنذر لذلك النذور، و تتقرّب الى الأصنام و تستشفع بالأزلام الى الرحمن و تعتر العتائر، و تضخ وجوه الأصنام، بذكي المسك و خالص العنبر، تطلب الولد. و كانت كلّما لقيت كاهنا أو حبرا عالما من السدنة بشّرها انها تبتني ولدا لم تلده و تربيه و يأمرها إذا رزقته أن تضمّه و تكنفه و تحفظه و لا تبعده فتسألهم أن يسمّوه و يصفوه لها فيقولون ذاك نور منير بشير نذير مبارك في صغره منبئ في كبره، يوضح السبيل، و يختم الرسل، يبعث بالدين الفاضل و يزهق العمل الباطل، يظهر من أفعاله السداد و يتبيّن باتّباعه الرشاد، و ينهج اللّه له الهدى، و يبيّن به التقى.

فكانت فاطمة بنت أسد ترقب ذلك و تنتظره. فلما طال انتظارها، و ذهل اصطبارها، أنشأت تقول:

طال الترقّب للميعاد إذ عدمت‏

مني الحوائل ولدا من عناصيري‏

لما أتيت الى الكهّان بشّرني‏

عند السؤال عليم بالمخابير

فقال يوعدني و الدمع مبتدر

يا فاطم انتظري خير التباشير

نورا منيرا به الأنباء قد شهدت‏

و الكتب تنطق عن شرح المزامير

انى بذاك فقد طال الطلاع الى‏

وجه المبارك يزهو في الدياجير

فلما مات عبد المطلب كفل أبو طالب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأحسن كفالة، و حن عليه، و دأب في حياطته و تمسّك به و التحف عليه و عطف على جوانبه.

و كان أبو طالب محترما معظّما كشّافا للكروب غير هذر و لا مكثار و لا عاق بل بر وصول، جواد بما يملك، سمح بما يقدر، لا يثنيه عن مبادرة الخطاب وجل، و لا يدركه لدى الخصام ملل، فشغف برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شغفا شديدا. و ولهت بحبّه فاطمة بنت أسد

اثبات الوصية، ص: 136

و ذهلت بمحبته و دلاله التي وعدت بها فكانت تقول: و إله السماء لقد قبل نذري و شكر سعيي و أجيبت دعوتي، لأنزلن محمّدا من قلبي منزلة صميم الاحشاء و لألهون برؤيته عن كلّ نظرائه، و من أولى بذلك ممّن أعطي مثله، و ليس هذا من أمر الخلق بل هو من عند الإله العظيم.

فكانت قد جعلته صلّى اللّه عليه و آله نصب عينها ان غاب لحظة لم يغب عنها مثاله و لم يفقد شخصه و تذهل حتى تحضره فتشتغل بتغذيته و غسله و تنظيفه و تلبيسه و تدهينه و تعطيره و اصلاح شأنه و تعاهد ارضاعه بالنهار فإذا كان بالليل اشتغلت بفرشه و نومه و توسيده و تمهيده و تعوّذه و تنيمه‏

قال: و كانت في دار أبي طالب نخلة منعوتة بكثرة الحمل موصوفة بالرّقة و عذوبة الطعم شهية المضغ يعقب طعمها رايحة طيبة عطرية كرائحة الزعفران المذاب بالعسل، كثيرة اللحا قليلة السحا، دقيقة النوى فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأتي إليها كلّ غداة مع أتراب له منهم أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب ابن عمه و أبو سلمة بن عبد الأسد و مشروح بن نويبة فيلتقطون ما يتساقط تحتها من ثمرها بهبوب الرياح و وقوع الطير و نقره.

و كانت فاطمة بنت أسد لا ترى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسابق اترابه على البسر و البلح و الرطب في أوانه، و كان الغلمة يبادرون لذلك و هو- عليه السّلام- يمشي بينهم و عليه السكينة و الوقار بتواضع و ابتسام و يتعجب من حرصهم و عجلتهم، فكان ان وجد شيئا ساقطا بعدهم أخذه و إلّا انصرف بوجه منبسط طلق و بشر حسن.

فكانت فاطمة تعجب من شدّة حيائه و طيب شأنه و رقّة قلبه و سرعة دمعته و كثرة رخمته، فربما جمعت له من تمر النخلة قبل مجيئهم فاذا أقبل صلّى اللّه عليه و آله قدّمته إليه، فيحبّ أن يأكله معهم.

قالت فاطمة: و دخل على أترابه يوما و أنا مضطجعة و لم أره معهم فقلت: اين محمد؟.

قالوا: مع عمّه أبي طالب وراءنا.

اثبات الوصية، ص: 137

فسكنت نفسي قليلا، و لقط الغلمان ما كان تحت النخلة. و جاء بعدهم محمّد فلم ير تحتها شيئا، فصار إليها و وقف تحتها، و كانت باسقة، فأومأ بيده إليها، فانثنت بعراجينها حتى كادت تلحق بثمارها الأرض، فلقط منها ما أراد ثم رفع يده و أومأ إليها، فرجعت، و حسبني راقدة.

قالت: و كنت مضطجعة، فلما رأيت ذلك استطير في روعي، و لم أملك نفسي فأتيت أبا طالب فخلوت به، فقلت له: كان من أمر محمّد صلّى اللّه عليه و آله كيت و كيت.

فقال: مهلا يا فاطمة لا تذكري من هذا شيئا فانّه حلم و أضغاث.

فقلت: كلا و اللّه، بل هو حقّ يقين في يقظة لا في نوم، و رأي العين لا رؤيا، و اني لأرجو اللّه أن يحقّق ظنّي فيه و ان يكون الذي بشّرت بتربيته و وعدت الفوز عند كفالته.

فكانت فاطمة لا تفارق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ليل و لا نهار، و لا تغفل عنه و عن خدمته و تفقّد مطعمه فكان صلّى اللّه عليه و آله يسمّيها أمي، و هجرت الأصنام، و قطّعت القربان إليها من الذبائح في الأعياد تسأل الولد. و تسلّت برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و التبني له و خدمته عن كلّ شي‏ء. فلما قطعت عادتها، وجد عليها السدنة من ذلك و منعوها من الدخول على الصنم الأعظم، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يحضر قريشا في مشاهدهم كلّها غير السجود للأصنام، و الذبائح للأنصاب، و في حال شرب الخمر و وصف الشعر، و قول الزور، فانّه كان يجتنبهم مذ كان طفلا حتى استكمل فدخل يوما على سادن من سدنة الأصنام، فقال له: لم تعتب على أمي فاطمة و تمنعها من زيارة هذه الأحجار المؤثرة فينا الاعتبار؟.

فقال له السادن: لأنها أتت بأمور متشابهة، و قطعت بر الآلهة، و هي لمن عبدها نافعة، و لمن جاء إليها شافعة، و ستعلم ابنة أسد انها لا ترزقها ولدا.

فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: أ أصنام ترزقكم الولدان، و تأتيكم بالغيث عند المحل في السنوات الشداد؟.

قال له السادن: نعم! أو ما علمت نحن نحمد ذلك عند الأصنام عاجلا في الفاقة و آجلا مدّخرا.

اثبات الوصية، ص: 138

و التفت الى السدنة فقال: هذا غلام مات أبوه و جدّه و امّه و ظئره و هو طفل فكفله من لا يعبأ به و لا يدلّه على رشده- و هو عمّه و امرأة عمّه.

فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله: فأخبرني عن هذه الأصنام من خلقها و من ابتدع الامم السالفة و رزقها؟.

قال السادن: اللّه فعل ذلك، و هو لجميع الخلق مالك.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: فان أمي تجعل قربانها للّه الحي القائم القديم فهو أحقّ من الأصنام.

ثم انطلق الى فاطمة من ساعته و حدّثها بما جرى بينه و بين السادن و قال لها: قرّبي إلى اللّه قربانك.

فاصطفت القربان و قالت: هذا للّه خالصا .. جعلته ذخرا .. قبلته من محمّد حبيبي.

فما أصبحت من ليلتها حتى اكتست حسنا الى حسنها و جمالا إلى جمالها.

فحملت فولدت عقيلا ثم حملت فولدت طالبا ثم حملت فولدت جعفرا، و كان وجهها في كلّ يوم يزداد نورا و ضياء لما حملت بأزكاهم و أطهرهم و أبرّهم و أرضاهم عليّ، فولدته و نالها في ولادته بعض الصعوبة ثم جاءت به الى بيت أبيه حتى حنكه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و وضعه في حجره و قمطه في حضنه قبل كلّ أحد من الناس.

ثم رزقت بعد علي أم هاني و اسمها فاختة و هي المباركة الطيبة اخت الطاهرين من ولد أبيها أبي طالب.

مولد علي عليه السّلام‏

و كانت فاطمة حملت بعلي عليه السّلام في عشر ذي الحجة و ولدته في النصف من شهر رمضان، و حملت به أيام الموسم. و بعد حملها بخمسة أيام كانت جالسة و قد كسيت نورا و جمالا، و وجهها يزهر، و جبهتها تتلألأ بين الأكارم من الفواطم من قريش، منهنّ فاطمة بنت عمرو بن عائذ جدّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لأبيه، و فاطمة بنت زائرة بن الأصم أم خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت عبد اللّه بن ورام، و فاطمة بنت الحرث بن عكرمة، و ممّن لم‏

اثبات الوصية، ص: 139

يحضرن و يلحقن من الفواطم اللواتي يقربن من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و من علي عليه السّلام بالنسب و اللحمة: فاطمة بنت النضر أم ولد قصي. فانهنّ لجلوس يتفاخرن بالذراري و الأولاد إذ أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كان وجهه المرآة مصقولة و المهاة مجلوة ينثني كغصن مياد و قد تبعه بعض الكهان ينظر إليه نظرا شافيا.

فجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الى فاطمة أم علي بين العجائز من الفواطم و جلس الكاهن بازائه لا يمر به كاهن مثله و لا حبر و لا قايف و لا عايف إلّا همس إليه و غمزه و استوقفه، ينظرون إليه فبعض يشير إليه بسبّابته و بعض يعضّ على شفته.

فغاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بقيامه و دخل الى منزل عند عمّه.

فقال الكاهن للعجائز: من هذا الفتى الذي قد زها بحسنه على كلّ الفتيان و الرجال و النساء؟.

قالوا: هذا المحبّب في قومه محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب ذو الفضل و العرف و السؤدد فقال الكاهن: يا معشر قريش ايذنوا بالحرب، بعد الهرب، من سيف النبيّ المنتجب، الويل منه للعرب و للأصنام و النصب.

ثم نادى: يا أهل الموسم الحافل، و الجمع الشامل، قرب ظهور الدين الكامل، و مبعث النبيّ الفاضل، ثم أنشأ يقول:

اني رأيت نبيّا ما كنت أعرفه‏

حقا تيقنه قلبي باثبات‏

في الكتب أنزله لما تخيره‏

و كنت أعرف ما في شرح توراة

من فضل أحمد من كالبدر طلعته‏

يزهو جمالا على كلّ البريات‏

من أمّة عصمت من كلّ خائنة

و صار مجتنبا رجس الخسارات‏

ما زلت أرمقه من حسن بهجته‏

كالشمس من برجها تبدي الطليعات‏

فان بقيت الى يوم السباق و قد

نادى قريشا لتبليغ الرسالات‏

كنت المجيب له لبيك من كتب‏

أنت المفضّل من خير البريات‏

يا خير من حملت حواء أو وضعت‏

من أوّل الدهر في رجع الكريرات‏

قد كنت أرقب هذا قبل فجوته‏

حتى تلمسته قبضا براحات‏

اثبات الوصية، ص: 140

فاليوم أدركت غنما كنت أرقبه‏

من عند ربّي جبار السموات‏

فيا لها فرحة يعتادها نجح‏

لما حبيت بتحبير التحيات‏

فكيف ينزل من نال الرياح و من‏

أهدى له موهب من خير خيرات‏

ذاك النبيّ الذي لا شك منتجب‏

جبريل يقصده بالوحي تارات‏

في كلّ يوم بوحي اللّه يمنحه‏

ينبيه عن كلّ معلوم الدلالات‏

قال: فقالت فاطمة بنت أسد: فرأيت حبرا منهم يسمع شعر الكاهن و دموعه تسحّ على خدّيه فتبعته فقلت له: أقسمت عليك بدينك و سفرك و كتابك لتخبرني بالأمر على حقيقته، فان الحكيم لا يكتم من استنصحه نصيحة يقوي بها بصيرته.

فنظر الحبر الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نظرا مستقصيا ثم قال: و اللّه هذا غلام همام، آباؤه كرام، يكفله الأعمام، دينه الاسلام، شريعته الصلاة و الصيام، تظلّه الغمام، يجلي بوجهه الظلام، من كفله رشد، و من أرضعه سعد، و هو للأنام سند، يبقى ذكره ما بقي الأبد.

ثم ذكر كفالة أبي طالب إيّاه و عدّد سيرته و خاتمة أمره و عقباه.

ثم قال: و تكفله منكم امرأة تطلب بذلك زيادة العدد فسيكون هذا المبارك المحمود لها في طيب الغرس أفضل ولد.

قالت: فقلت له: لقد أصبت فيما وصفت الى حيث انتهيت، و قلت الحق عند ما شرحت، انا المرأة التي أكفله، زوجة عمّه الذي يرجوه و يؤمله.

فقال لها: ان كنت صادقة فستلدين غلاما، رابع أربعة من أولادك شجاعا قمقاما عالما إماما مطواعا همّاما، بدينه قوّاما، لربّه مصلّيا صوّاما، غير خرق و لا نزق و لا أحيف و لا جنف، اسمه على ثلاثة أحرف، يلي هذا النبي في جميع أموره، و يواسيه في قليله و كثيره، يكون سيفه على أعدائه، و بابه الذي يؤتى منه الى أوليائه، يقصع في جهاده الكفّار قصعا، و يدع أهل النكث و الغدر و النفاق دعا، يفرّج عن وجه نبيّه الكربات، و تجلي به دياجر حندس الغمرات، أقربهم منه رحما، و أمسهم لحما، و أسخاهم كفّا، و أنداهم يدا، يصاهره على أفضل كريمة، و يقيه بنفسه في أوقات شدّته، تعجب من صبره ملائكة الحجاب إذا قهر أهل الشرك بالطعن و الضراب، يهاب صوته أطفال المهاد، و ترعد

اثبات الوصية، ص: 141

من خيفته الفرائص يوم الجلاد، مناقبه معروفة، و فضائله مشهورة، هزبر دفاع، شديد مناع، مقدام كرّار، مصدّق غير فرّار، أحمش الساقين، غليظ الساعدين، عريض المنكبين، رحب الذراعين، شرّفه اللّه بأمينه، و اختصه لدينه، و استودعه سرّه، و استحفظه علمه، عماد دينه، و مظهر شريعته، يصول على الملحدين، و يغيظ اللّه به المنافقين، ينال شرف الخيرات، و يبلغ معالي الدرجات، يجاهد بغير شكّ، و يؤمن من غير شرك، له بهذا الرسول وصلة منيعة، و منزلة رفيعة، يزوّجه ابنته، و يكون من صلبه ذرّيته، يقوم بسنّته، و يتولّى دفنه في حفرته، قائد جيشه، و الساقي من حوضه، و المهاجر معه عن وطنه الباذل دونه دمه، سيصح لك ما ذكرت من دلالته إذا رزقتيه، و ترين ما قلته فيه عيانا كما صح لي دلائل محمّد المحمود باللّه، ان ما وصفته من امرهما موجود مذكور في الأسفار و الزبور، و صحف إبراهيم و موسى، ثم أنشأ يقول:

لا تعجبي من مقالي سوف تختبري‏

عمّا قليل ترين القول قد وضحا

أما النبي الذي قد كنت أذكره‏

فاللّه يعلم ما قولي له مزحا

يأوي الرشاد إليه مثل ما سكنت‏

أمّ الى ولد إذ صادفت نجحا

ثم المؤازر و الموصى إليه اذا

تتابع الصيد من أطرافه كلحا

فأحمد المصطفى يعطيه رايته‏

يحبوه بابنته يا خير ما منحا

بذاك أخبرنا في الكتب اولنا

و الجن تسترق الأسماع متّضحا

صفحه بعد