کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

اثبات الوصية

كلمة الناشر ترجمة المؤلف‏ عقيدته‏ مؤلفاته‏ كتاب اثبات الوصية القسم الاول اتصال الحجج و الأنبياء من أبينا آدم الى سيدنا محمد [ص‏] مقدمة في بدء الخليقة جند العقل‏ جند الجهل‏ بدء الخليقة هبوط آدم [ع‏] فلما أفضى الأمر الى هبة اللّه عليه السّلام- و هو شيث بالعبرانية- قام ريسان (ابن نزلة الحورية) و اسمه أنوش عليه السّلام بأمر اللّه (جل و علا) فقام قينان بامر اللّه جل و عز فلما قبض اللّه تبارك و تعالى قينان عليه السّلام قام الحيلث بن قينان عليه السّلام بامر اللّه‏ فقام غنميشا بامر اللّه عز و جل على منهاج آبائه‏ فلما قبضه اللّه جل و علا قام بالامر بعده إدريس و هو هرمس و هو اخنوخ عليه السّلام بامر اللّه جل و عز و قام برد بن أخنوخ عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ فقام أخنوخ بن برد بن أخنوخ عليهم السّلام‏ فلما قضى و توفي قام بالأمر ابنه متوشلخ بن أخنوخ عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام لمك و هو ارفخشد بن متوشلخ عليه السّلام‏ فلما مضى لمك عليه السّلام قام نوح بن ارفخشد بأمر اللّه تبارك و تعالى‏ و قام سام بن نوح عليهما السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام ارفخشد عليه السّلام بأمر اللّه تعالى‏ فقام شالح عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام هود بن شالح بأمر اللّه جل و علا و قام فالغ بن هود عليهما السّلام بأمر اللّه جل جلاله بعد أبيه هود فقام يروغ بن فالغ عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام نوشا بن أمين عليه السّلام بالأمر لما اختاره اللّه‏ و قام صاروغ بن يروغ عليه السّلام مقام آبائه (صلوات اللّه عليهم) و قام تاجور بن صاروغ عليه السّلام و ولده بأمر اللّه جل و علا و قام تارخ و هو ابو ابراهيم الخليل (صلّى اللّه عليهما) بالأمر و إبراهيم (صلّى اللّه عليه) اختاره اللّه جل و علا لنبوّته‏ فقام إسماعيل بن إبراهيم بالنبوة و الأمر مقامه‏ و قام اسحاق بن إبراهيم بالأمر و النبوّة بعد أخيه إسماعيل‏ و قام يعقوب عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام يوسف عليه السّلام مقامه‏ قام ببرز بن لاوي بن يعقوب عليهم السّلام بأمر اللّه جلّ و عز و قام أحرب بن ببرز بن لاوي عليهم السّلام بأمر اللّه عزّ و جل‏ و قام ميتاح بن أحرب عليهما السّلام بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام عاق بن ميتاح عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام خيام بن عاق عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مادوم بن خيام عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام شعيب بالأمر بعد مادوم‏ يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف عليهم السّلام‏ فقام فينحاس ابنه (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه جل و علا فقام بشير بن فينحاس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام ابلث بن جبرئيل بن بشير عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل على سبيل آبائه‏ فقام أحمر بن ابلث مقام أبيه‏ و قام محتان بن أحمر عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى مقام أبيه‏ و قام عوق (صلّى اللّه عليه) بأمر اللّه عز و جل مقام آبائه‏ و قام طالوت عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام داود صلّى اللّه عليه بأمر اللّه بعد طالوت‏ فقام سليمان (صلوات اللّه عليه) بأمر اللّه جل ذكره‏ و قام آصف بن برخيا بأمر اللّه‏ و قام صفورا بن آصف عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام مبنه بن صفورا عليهما السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام هندو بن مبنه عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز فقام أسفرا بن هندوا بأمر اللّه جل و تعالى‏ فقام رامين بن اسفر عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل‏ و قام اسحاق بن رامين بأمر اللّه جل جلاله مقام آبائه عليهم السّلام‏ و قام ايم بن اسحاق بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام‏ فقام زكريا عليه السّلام بأمر اللّه‏ فقام اليسابغ عليه السّلام بما أوصاه به زكريا عليه السّلام من أمر اللّه جل و علا و قام روبيل بن اليسابغ بأمر اللّه جل و عز و تدبير ما استودعه‏ بعث اللّه عز و جل المسيح عيسى بن مريم عليه السّلام‏ و قام شمعون عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن زكريا عليه السّلام بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام منذر بن شمعون بأمر اللّه جل‏ و قام دانيال عليه السّلام بالأمر بعده‏ و قام مكيخا ابن دانيال بأمر اللّه‏ فقام انشوا بن مكيخا بأمر اللّه تعالى‏ و قام رشيخا بن انشوا بأمر اللّه جل و علا و قام نسطورس بن رشيخا بأمر اللّه جل و تعالى‏ و قام مرعيد بن نسطورس بأمر اللّه جل و عز و قام بحيرا عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا فقام منذر بن شمعون بأمر اللّه‏ و قام سلمة بن منذر عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام برزة بن سلمة عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام أبي بن برزة عليه السّلام بأمر اللّه جل و تقدّس‏ و قام دوس بن أبي عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا و قام أسيد بن دوس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عزّ و قام هوف عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز و قام يحيى بن هوف- عليه‏ القسم الثاني اتصال الحجج و الاوصياء من سيدنا محمد [ص‏] حتى ولادة المهدي‏ مولد سيّدنا محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم‏ الوحي‏ حديث الدار تآمر قريش، و معجزاته [ص‏] المعراج‏ الهجرة و المبيت‏ الدعوة حجة الوداع‏ الوصية وفاة الرسول [ص‏] خطبة أمير المؤمنين عليه السّلام‏ مولد الامام علي عليه السّلام‏ ايمان علي عليه السّلام‏ كفالة ابي طالب للنبي عليه السّلام‏ مولد علي عليه السّلام‏ علي ربيب الرسول‏ في الحوادث التي اعقبت وفاة النبي [ص‏] معجزات علي‏ رد الشمس للامام على عليه السّلام‏ كراماته الاخرى عليه السّلام‏ شهادة الامام علي عليه السّلام‏ الحسن السبط عليه السّلام‏ الحسين الشهيد عليه السّلام‏ علي السجاد عليه السّلام‏ محمد الباقر عليه السّلام‏ جعفر الصادق عليه السّلام‏ موسى الكاظم عليه السّلام‏ علي الرضا عليه السّلام‏ محمد الجواد عليه السّلام‏ علي الهادي عليه السّلام‏ الحسن العسكري عليه السّلام‏ قيام صاحب الزمان و هو الخلف الزكيّ بقيّة الله في أرضه و حجّته على خلقه المنتظر لفرج أوليائه من عباده عليه السّلام و رحمته و تحياته. الفهرست‏

اثبات الوصية


صفحه قبل

اثبات الوصية، ص: 130

الأبصار لمحات. و لا على متون السحاب نفحات، إلّا و هي في قدرتك متحيرات، أما السماء فتخبر عن عجائبك، و أما الأرض فتدلّ على مدائحك، و أما الرياح فتنشر فوائدك، و اما السحاب فتهطل مواهبك، و كلّ ذلك يحدث بتحننك و يخبر العارفين بشفقتك و أنا المقرّ بما أنزلت عند اعتدال نفسه و فراغك من خلقه رفع وجهه فواجهه من عرشك رسم فيه لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه فقال الهي من المقرون باسمك فقلت محمّد صلّى اللّه عليه و آله خير من أخرجته من صلبك، و اصطفيته بعدك، من ولدك، و لولاه ما خلقتك، فسبحانك لك العلم النافذ و القدر الغالب، لم تزل الآباء تحمله، و الأصلاب تنقله، كلّما أنزلته ساحة صلب جعلت له فيها صنعا يحثّ العقول على طاعته، و يدعوها الى مقته حتى نقلته الى (هاشم) خير آبائه بعد اسماعيل، فأي أب و جدّ، و والد اسرة، و مجتمع عترة، و مخرج طهر، و مرجع فخر، جعلت يا ربّ هاشما، لقد أقمته لدن بيتك، و جعلت له المشاعر و المتاجر، ثم نقلته من هاشم الى عبد المطلب فانهجته سبيل إبراهيم، و ألهمته رشدا للتأويل، و تفصيل الحق، و وهبت له عبد اللّه و أبا طالب و حمزة و فديت عبد اللّه بالقربان و لقد بلغت يا الهي ببني أبي طالب الدرجة التي رفعت إليها فضلهم في الشرف الذي مددت به أعناقهم و الذكر الذي حلّيت به اسماءهم و جعلتهم معدن النور و جنته، و صفوة الدين و ذروته، و فريضة الوحي و سنّته، ثم أذنت لعبد اللّه في نبذه عند ميقات تطهير أرضك من كفّار الامم الذين نسوا عبادتك، و جهلوا معرفتك، و اتخذوا اندادا، و جحدوا ربوبيتك، و أنكروا وحدانيتك، و جعلوا لك شركاء و أولادا، و صبوا الى عبادة الأوثان، و طاعة الشيطان، فدعاك نبينا صلوات اللّه عليه لنصرته فنصرته بي و بجعفر و حمزة فنحن الذين اخترتنا له و سميتنا في دينك لدعوتك أنصارا لنبيّك، قائدنا الى الجنّة خيرتك، و شاهدنا أنت ربّ السموات و الأرضين، جعلتنا ثلاثة ما نصب له عزيز إلّا أذللته بنا و لا ملك إلّا طحطحته بنا أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركّعا سجّدا، وصفتنا يا ربنا بذلك و أنزلت فينا قرآنا جليت به عن وجوهنا الظلم، و أرهبت بصولتنا الامم، إذا جاهد محمّد رسولك عدوا لدينك تلوذ به اسرته، و تحفّ به عترته كأنّهم النجوم الزاهرة اذا توسطهم القمر المنير ليلة تمه، فصلواتك على محمّد عبدك و نبيّك و صفيّك و خيرتك و آله‏

اثبات الوصية، ص: 131

الطاهرين، أي منيعة لم تهدمها دعوته، و أي فضيلة لم تنلها عترته جعلتهم خير أئمّة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، و يجاهدون في سبيلك.

و يتواصلون بدينك، طهّرتهم بتحريم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهلّ و نسك به لغير اللّه، تشهد لهم و ملائكتك انّهم باعوك أنفسهم، و ابتذلوا من هيبتك ابدانهم، شعثة رءوسهم، تربة وجوههم، تكاد الأرض من طهارتهم أن تقبضهم إليها و من فضلهم أن تميد بمن عليها. رفعت شأنهم بتحريم أنجاس المطاعم و المشارب. فأي شرف يا ربّ جعلته في محمّد و عترته فو اللّه لأقولن قولا لا يطيق أن يقوله أحد من خلقك، أنا علم الهدى، و كهف التقى و محلّ السخاء، و بحر الندى، و طود النهى، و معدن العلم، و النور في ظلم الدجى و خير من أمر و اتّقى و أكمل من تقمّص و ارتدى، و أفضل من شهد النجوى بعد النبيّ المصطفى، و ما أزكي نفسي و لكن أحدث بنعمة ربّي أنا صاحب القبلتين، و حامل الرايتين، فهل يوازي فيّ أحد؟ و أنا أبو السبطين فهل يساوي بي بشر؟ و أنا زوج خير النسوان فهل يفوقني رجل؟ أنا القمر الزاهر بالعلم الذي علّمني ربّي، و الفرات الزاخر، أشبهت من القمر نوره و بهاءه و من الفرات بذله و سخاءه، أيّها الناس بنا أنار اللّه السبل، و أقام الميل، و عبد اللّه في أرضه، و تناهت إليه معرفة خلقه، و قدّس اللّه جل و تعالى بإبلاغنا الألسن، و ابتهلت بدعوتنا الأذهان، فتوفى اللّه محمّدا صلّى اللّه عليه و آله سعيدا شهيدا، هاديا مهديا، قائما بما استكفاه، حافظا لما استرعاه، تمم به الدين، و أوضح به اليقين، و أقرّت العقول بدلالته و أبانت حجج أنبيائه، و اندمغ الباطل زاهقا و وضح العدل ناطقا، و عطل مظانّ الشيطان، و أوضح الحق و البرهان. اللّهم فاجعل فواضل صلواتك و نوامي بركاتك و رأفتك و رحمتك على محمّد نبي الرحمة و على أهل بيته الطاهرين.

اثبات الوصية، ص: 133

مولد الامام علي عليه السّلام‏

قام أمير المؤمنين عليه السّلام، مقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

روي عن سيّدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انّه قال: كنت أنا و علي نورا في جبهة آدم عليه السّلام فانتقلنا من الأصلاب الطاهرة الى الأرحام المطهّرة الزاكية حتى صرنا في صلب عبد المطلب فانقسم النور قسمين فصار قسم في عبد اللّه و قسم في أبي طالب فخرجت من عبد اللّه و خرج علي من أبي طالب و هو قول اللّه جل و عز «الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً»

و روي ان فاطمة بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين عليه السّلام كانت في الليلة التي ولدت فيها آمنة بنت وهب أم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حاضرة عندها و انها رأت مثل الذي رأته آمنة، فلما كان الصبح انصرف أبو طالب من الطواف فاستقبلته فقالت له: لقد رأيت الليل عجبا، قال لها و ما رأيت؟ قالت: ولدت آمنة بنت وهب مولودا أضاءت له الدّنيا بين السماء و الأرض نورا حتى مددت عيني فرأيت سعفات هجر، فقال لها أبو طالب انظري سبتا فستأتين بمثله. فولدت أمير المؤمنين عليه السّلام بعد ثلاثين سنة و روي ان السبت ثلاثون سنة و روي انّه ثمان و عشرون سنة.

و روي ان فاطمة بنت أسد لما حملت بأمير المؤمنين عليه السّلام كانت تطوف بالبيت فجاءها المخاض و هي في الطواف فلما اشتد بها دخلت الكعبة فولدته في جوف البيت على مثال ولادة آمنة النبي صلّى اللّه عليه و آله ما ولد في الكعبة قبله و لا بعده غيره.

اثبات الوصية، ص: 134

ايمان علي عليه السّلام‏

و روى عبد اللّه بن محمد بن غياث عن أبي نصر رجاء بن سهل الصاغاني قال حدّثنا وهب بن منبّه القرشي عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السّلام انّه سئل عن بدو ايمان أمير المؤمنين عليه السّلام برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال أبو عبد اللّه جعفر عليه السّلام: اذا ذكرت الفضائل و المناقب ففي شرح ايمان أمير المؤمنين عليه السّلام برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما تنفتح الأذهان، و تكثر الرغائب لأن حبّ عليّ عليه السّلام فرض على المؤمنين، و غيظ على المنافقين، فمن أحبّ عليّا فلرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحبّ و من أمسك عنه فقد عصى اللّه و نكب عن سبيل النجاة لأنّه أول من آمن برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و صلّى معه، و صدّق بما جاء من اللّه و سارع الى مرضاة اللّه و مرضاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و صبر على البأساء و الضرّاء في كلّ شدّة و عسر، و كان أكثر أصحابه نصحا له، و أكثرهم و أشدّهم مواساة بنفسه و ذات يده له، و كان ممّا منّ اللّه به على أمير المؤمنين عليه السّلام في دلائله، و اختصه بفضائله، و منحه من الكرامة، و الحباء و شرّفه بسوابق الزلفى، انّه كان في حجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قبل مبعثه، يغذوه بما يغذو به نفسه.

كفالة ابي طالب للنبي عليه السّلام‏

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجر أبي طالب يغذّيه و يحوطه، و ذلك أن أبا الحرث عبد المطلب بن هاشم كان يكفل الأرامل و الأيتام و يغيث الملهوف و يجير المظلوم و ينظر المعسر و يحمل الكلّ و يقري الضيف، و يمنع من الضيم، و كان برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حفيّا في السر و الاعلان يتفقّده في مطعمه و أغذيته، و يعدله قريشا، يخضع له الأشراف، و يذلّ له عظماء الملوك و يدين بدينه جميع أهل الملل و الأديان، و ترعد لهيبته فرائص الجبارين و يظهر على من خالفه و ناوأه حتى يقرنهم في الأصفاد و يبيع ذراريهم في الأسواق و يتخذ ابناءهم عبيدا، و شجعانهم جنودا، و تعينه الملائكة على نصرته فطوبى لمن آمن به من عشيرته و طوبى لامّته.

فلما مرض مرضه الذي مات فيه وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في حجر أبي طالب عليه السّلام‏

اثبات الوصية، ص: 135

و وصّاه به، و قال له: يا بني هذا فضل من اللّه عليك و منحة و هدية مني إليك الهمنيه في أمرك و هو ابن أخيك لأبيك و أمّك دون ساير اخوانك ثم اطلعه على مكنون سر علمه و دلائله و أخبره بما بشّر به عن الأنبياء و المرسلين صلّى اللّه عليهم، و ما رواه فيه أفاضل الأحبار، و عبّاد الرهبان، و أقيال العرب و كهّان العجم.

و لم يكن لأبي طالب يومئذ ولد، و كان فردا وحيدا، امرأته فاطمة بنت أسد بن هاشم ابن عبد مناف بنت عمه و كانت ممنوعة من الولد تنذر لذلك النذور، و تتقرّب الى الأصنام و تستشفع بالأزلام الى الرحمن و تعتر العتائر، و تضخ وجوه الأصنام، بذكي المسك و خالص العنبر، تطلب الولد. و كانت كلّما لقيت كاهنا أو حبرا عالما من السدنة بشّرها انها تبتني ولدا لم تلده و تربيه و يأمرها إذا رزقته أن تضمّه و تكنفه و تحفظه و لا تبعده فتسألهم أن يسمّوه و يصفوه لها فيقولون ذاك نور منير بشير نذير مبارك في صغره منبئ في كبره، يوضح السبيل، و يختم الرسل، يبعث بالدين الفاضل و يزهق العمل الباطل، يظهر من أفعاله السداد و يتبيّن باتّباعه الرشاد، و ينهج اللّه له الهدى، و يبيّن به التقى.

فكانت فاطمة بنت أسد ترقب ذلك و تنتظره. فلما طال انتظارها، و ذهل اصطبارها، أنشأت تقول:

طال الترقّب للميعاد إذ عدمت‏

مني الحوائل ولدا من عناصيري‏

لما أتيت الى الكهّان بشّرني‏

عند السؤال عليم بالمخابير

فقال يوعدني و الدمع مبتدر

يا فاطم انتظري خير التباشير

نورا منيرا به الأنباء قد شهدت‏

و الكتب تنطق عن شرح المزامير

انى بذاك فقد طال الطلاع الى‏

وجه المبارك يزهو في الدياجير

فلما مات عبد المطلب كفل أبو طالب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأحسن كفالة، و حن عليه، و دأب في حياطته و تمسّك به و التحف عليه و عطف على جوانبه.

و كان أبو طالب محترما معظّما كشّافا للكروب غير هذر و لا مكثار و لا عاق بل بر وصول، جواد بما يملك، سمح بما يقدر، لا يثنيه عن مبادرة الخطاب وجل، و لا يدركه لدى الخصام ملل، فشغف برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله شغفا شديدا. و ولهت بحبّه فاطمة بنت أسد

اثبات الوصية، ص: 136

و ذهلت بمحبته و دلاله التي وعدت بها فكانت تقول: و إله السماء لقد قبل نذري و شكر سعيي و أجيبت دعوتي، لأنزلن محمّدا من قلبي منزلة صميم الاحشاء و لألهون برؤيته عن كلّ نظرائه، و من أولى بذلك ممّن أعطي مثله، و ليس هذا من أمر الخلق بل هو من عند الإله العظيم.

فكانت قد جعلته صلّى اللّه عليه و آله نصب عينها ان غاب لحظة لم يغب عنها مثاله و لم يفقد شخصه و تذهل حتى تحضره فتشتغل بتغذيته و غسله و تنظيفه و تلبيسه و تدهينه و تعطيره و اصلاح شأنه و تعاهد ارضاعه بالنهار فإذا كان بالليل اشتغلت بفرشه و نومه و توسيده و تمهيده و تعوّذه و تنيمه‏

قال: و كانت في دار أبي طالب نخلة منعوتة بكثرة الحمل موصوفة بالرّقة و عذوبة الطعم شهية المضغ يعقب طعمها رايحة طيبة عطرية كرائحة الزعفران المذاب بالعسل، كثيرة اللحا قليلة السحا، دقيقة النوى فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأتي إليها كلّ غداة مع أتراب له منهم أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب ابن عمه و أبو سلمة بن عبد الأسد و مشروح بن نويبة فيلتقطون ما يتساقط تحتها من ثمرها بهبوب الرياح و وقوع الطير و نقره.

و كانت فاطمة بنت أسد لا ترى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يسابق اترابه على البسر و البلح و الرطب في أوانه، و كان الغلمة يبادرون لذلك و هو- عليه السّلام- يمشي بينهم و عليه السكينة و الوقار بتواضع و ابتسام و يتعجب من حرصهم و عجلتهم، فكان ان وجد شيئا ساقطا بعدهم أخذه و إلّا انصرف بوجه منبسط طلق و بشر حسن.

فكانت فاطمة تعجب من شدّة حيائه و طيب شأنه و رقّة قلبه و سرعة دمعته و كثرة رخمته، فربما جمعت له من تمر النخلة قبل مجيئهم فاذا أقبل صلّى اللّه عليه و آله قدّمته إليه، فيحبّ أن يأكله معهم.

قالت فاطمة: و دخل على أترابه يوما و أنا مضطجعة و لم أره معهم فقلت: اين محمد؟.

صفحه بعد