کتابخانه روایات شیعه
و قام برزة بن سلمة عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز
و اتبعه المؤمنون الى أن حضرته الوفاة فأوحى اللّه إليه أن يستودع و يوصي الى «أبي بن برزة» و يستودعه النور و الحكمة ففعل.
و قام أبي بن برزة عليه السّلام بأمر اللّه جل و تقدّس
و تبعه المؤمنون الى أن حضرته الوفاة فأوحى اللّه إليه أن يستودع نور اللّه و حكمته ابنه «دوس» فأحضره و سلّم إليه.
و قام دوس بن أبي عليه السّلام بأمر اللّه جل و علا
و تبعه المؤمنون الى أن حضرته الوفاة و أوحى اللّه إليه أن يستودع نور اللّه و حكمته «أسيد» فأحضره و أوصى إليه.
و قام أسيد بن دوس عليه السّلام بأمر اللّه جل و عزّ
و تبعه المؤمنون الى أن حضرته الوفاة فأوحى اللّه إليه أن يستودع نور اللّه و حكمته «هوف» فأحضره و أوصى إليه.
و قام هوف عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز
و تبعه المؤمنون فلما حضرته الوفاة أوحى اللّه إليه أن يستودع ما في يديه ابنه «يحيى بن هوف» فأحضره و أوصى إليه و سلّم إليه.
و قام يحيى بن هوف- عليه
و على من تقدّمه السلام من النبيّين و الأوصياء و الأئمة أجمعين- بأمر اللّه جل جلاله الى أن حضرته الوفاة فأوحى اللّه إليه أن يستودع نور اللّه و حكمته و مواريث الأنبياء (و أنا) و هو سيّدنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله و أسماه بالعبرانية و السريانية في التوراة و الإنجيل و الزبور و أسماء وصيّه معروفة مشهورة لا يجحدها إلّا كافر ضال غوي شقي معاند مفتتن.
انتهى هذا القسم و يتلوه سيرة سيّدنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و نشأته و مهاجرته و فتوحه و مغازيه و محنته بقومه و عشائره من قريش ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا حسبنا اللّه و نعم الوكيل.
القسم الثاني اتصال الحجج و الاوصياء من سيدنا محمد [ص] حتى ولادة المهدي
مولد سيّدنا محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم
روى الخاصة و العامة ان اللّه جل و علا لما أراد أن يخلق سيّدنا محمّد أمر جبرئيل عليه السّلام أن يأتيه بالقبضة البيضاء التي هي قلب الأرض و نورها فهبط جبرئيل عليه السّلام في ملائكة الفراديس عليه و عليهم السلام فقبض قبضة من موضع قبره و هي يومئذ بيضاء نقية فعجنت بماء التسنيم و زعزت حتى جعلت كالدرّة البيضاء ثم غمست في جميع أنهار الجنّة و طيف بها في السموات و الأرض و البحار و عرفت الملائكة محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و فضله قبل أن تعرف آدم عليه السّلام.
و لما خلق اللّه تعالى آدم عليه السّلام سمع من تخطيط أثناء جبهته نشيشا كنشيش الذرّ فقال سبحانك ربي ما هذا؟.
قال اللّه عز و جل: هذا تسبيح خاتم النبيين و سيّد المرسلين من ولدك و لو لاه ما خلقتك و لا خلقت سماء و لا أرضا و لا جنّة و لا نارا فخذه بعهدي و ميثاقي على ان لا تودعه إلّا في الأصلاب الطاهرة.
قال آدم عليه السّلام: نعم الهي و سيدي قد أخذته بعهدك و ميثاقك على أن لا أودعه إلّا في المطهرين من الرجال و المحصنات من النساء. و روي أن المحصنات هن الصالحات العفائف.
قال: و كان نور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يرى في دايرة غرّة جبين آدم عليه السّلام كالشمس في دوران فلكها و كالبدر في ديجور ليله فكان آدم عليه السّلام كلّما أراد أن يتغشى حوا يتطهّر و يتطيب و يأمرها أن تفعل ذلك و يقول يا حوا تطهّري فلعلّ اللّه أن يستودع هذا النور المستودع ظهري عن قليل طهارة بطنك.
قال: فلم تزل حوا كذلك حتى بشّرها اللّه عزّ و جل بشيث أبي الأنبياء و رأس المرسلين، و فتح لآدم و حوا نهر من الجنّة و بسط اللّه عليهما الرحمة و اجتمعا في ذلك اليوم فحملت بشيث عليه السّلام.
و كان أبا الأنبياء عليهم السّلام فأصبح آدم عليه السّلام و ذلك النور مفقود من وجهه و نظر إليه في جبهة حوا فسر بذلك و كانت حوا تزداد في كلّ يوم حسنا و كانت طير الأرض و سباع الآجام إليها يشيرون و الى نورها يشتاقون.
و بقي آدم لا يقربها لطهارتها و طهارة ما في بطنها و قابلتها الملائكة كلّ يوم بالتحيات من عند ربّ العالمين و تؤتى كل يوم بماء التسنيم من الجنّة تشربه حتى خلق اللّه عز و جل لنور محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
فلم تزل كذلك حتى وضعت شيئا فنظرت الى نور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد صار بين عينيه و ضرب اللّه بينهما و بين الملعون إبليس حجابا من النور في غلظ خمسمائة عام فلم يزل إبليس محبوسا في قرار محبسه حتى بلغ شيث سبع سنين و عمود النور بين السماء و الأرض ثم لم يزل ذلك النور في الأرض ممدودا حتى أدرك شيث.
فلما أيقن آدم عليه السّلام بالموت أخذ بيد شيث و قال له يا بني ان اللّه أمرني أن آخذ عليك العهد و الميثاق من أجل هذا النور المستودع وجهك ان لا تضعه إلّا في أطهر نساء العالمين و اعلم ان ربّي جل و عز أخذ عليّ فيه قبلك عهدا غليظا.
ثم قال آدم عليه السّلام: ربّي و سيدي انّك أمرتني أن آخذ على شيث من بين ولدي جميعا عهدا من أجل هذا النور الذي في وجهه فأسألك أن تبعث إليّ ملائكة يكونون شهودا عليه.
فما استتم عليه السّلام الدعوة حتى نزل جبرئيل عليه السّلام في سبعين ألف ملك معهم حريرة بيضاء
و قلم من أقلام الجنّة فسلّم عليه و قال له ان اللّه يقرأ عليك السلام و يقول لك قد آن لحبيبي محمّد أن ينتقل إلى الأصلاب و الأرحام الطاهرة و هذه حريرة بيضاء و قلم لك من الجنّة تشهد لك بغير كتاب فاكتب على ابنك شيث كتابا بالعهد و الامانة بشهادة هؤلاء الملائكة.
و طوى الحريرة طيّا شديدا و ختمها بخاتم جبرئيل عليه السّلام و كسا (شيئا) حلتين حمراوين أضوأ من نور الشمس و في رقة لجج الماء و زوجه اللّه قبل أن تزول الملائكة بحوراء اهبطها له من الجنّة تسمى (نزله) فحملت ب (أنوش) فلما حملت به سمعت الأصوات من كلّ مكان «هنيئا هنيئا لك ابشري فقد أودعك اللّه نور محمّد المصطفى»، و ضرب لها حجابا من النور عن أعين الناس و مكايد الشيطان (لعنه اللّه).
و كان إبليس لا يتوجّه في وجه من الأرض إلّا نظر الى ذلك الحجاب مضروبا عليه فلم يزل كذلك حتى وضعت (أنوش) فلما وضعته نظرت الحوراء «نزله» الى نور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين عينيه فلما ترعرع دعاه أبوه شيث فقال له: يا أبتي أمرني ربّي أن أتخذ عليك عهدا و ميثاقا، أ لا تتزوج إلّا بأطهر نساء العالمين.
فحمد اللّه و قبل وصيته.
و أوصى انوش الى ابنه «قينان» بمثل ذلك من وصيّة آبائه عليهم السّلام.
و أوصى قينان الى ابنه «مهائيل» و أوصى مهائيل ابنه «بردا» فتزوج بردا امرأة يقال لها «برة» فحملت ب «أخنوخ» و هو إدريس، فلما ولد إدريس نظر أبوه الى النور يلوح بين عينيه فقال: يا بني أوصيك بهذا النور كلّ الوصاية، فقبل وصيّته و تزوّج امرأة يقال لها «بزرعا» فولدت له «متوشلخ».
و ولد لمتوشلخ لمك، كان لمك رجلا أشقر قد أعطي قوّة و بطشا فتزوج امرأة يقال لها «قنسوس» بنت «تركاسل» فولدت له نوحا و تحول إليه نور رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلما نظر الى النور في وجهه قال: يا بني ان هذا النور هو النور الذي تتوارثه الأنبياء عليهم السّلام و هو نور المصطفى محمّد صلّى اللّه عليه و آله ينتقل بالعهود و المواثيق الى يوم خروجه و اني آخذ عليك عهدا و ميثاقا أ لا تتزوّج إلّا بأطهر نساء العالمين.
فقبل نوح وصيّة أبيه فتزوّج امرأة يقال لها (عمودة) و كانت من المؤمنات فولدت (ساما) و فيه نور محمّد صلّى اللّه عليه و آله فلما نظر نوح الى النور في وجه سام سلّم إليه تابوت آدم عليه السّلام و كان التابوت من الياقوت و يقال انّه من درّة بيضاء له بابان مغلقان بسلسلة من ذهب أحمر ابريز و عروتان من الزمرد و فيه العهد و الديباجة و زوّجه امرأة من بنات الملوك لم يكن لها في الحسن شبه فولدت له «ارفخشد» و سلّم إليه التابوت فتزوج امرأة يقال لها «مرجانة» فحملت بغابر، و هو هود النبيّ صلّى اللّه عليه. فلما وضعته سمعت نداء الأصوات من كل مكان «هذا نور محمّد صلّى اللّه عليه و آله تكسّر به الأصنام كلّها و يقتل به من طغى و كفر».
فخرج أجمل نوره جمالا و أشدّه زهرا فزوّج امرأة يقال لها (منساحا) فولدت له (فالغا) و ولد لفالغ (شالخ) و ولد لشالخ (ارغو) و ولد لارغو (سروع) و ولد لسروع (ناحور) و ولد لناحور (تارخ) فتزوج امرأة يقال لها (أدنى بنت سمن) فولدت له (الخليل) إبراهيم صلّى اللّه عليه، فلما ولد إبراهيم ضرب له علمان من نور، علم في شرق الأرض و علم في غربها فصارت الدنيا كلّها نورا واحدا و ضرب له عمود من نور في وسط الدّنيا لا حق بأعنان السماء له اشراق و طنين تهتز الملائكة من حسن طنين ذلك العمود فقالت ربنا ما هذا؟. فنوديت: هذا نور محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
قال و رفع لإبراهيم صلّى اللّه عليه كما رفع لآدم من قبل، فقال: ربي و سيدي ما رأيت لك خلقة أحسن من هذه الخليقة و لا امة من أمم الأنبياء هي أنور من هذه الامة فمن هذا؟ فنودي: هذا محمّد حبيبي أجريت ذكره قبل أن أخلق سمائي و أرضي و جعلته نبيّا و أبوك آدم مدرة بين الروح و الجسد و لقد لقيته أنت في الذروة الأولى ثم أجريته في صلبك الى صلب ابنك اسماعيل.
و كان إبراهيم قد خبر سارة بخبره ان اللّه عز و جل سيرزقها ولدا طيّبا فطمعت في نور محمّد صلّى اللّه عليه و آله و كان إبراهيم صلّى اللّه عليه قد خبرها بعظيم نوره و بهائه فلم تزل متوقعة لذلك حتى حملت هاجر باسماعيل.