کتابخانه روایات شیعه
اللّه من أمر منسأته الى قوله لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ
و قام آصف بن برخيا بأمر اللّه
و أعطاه اللّه عز و جل من الاسم الأعظم حرفا و كان يرى المعجزات.
و في أيامه ملك «كشتاسب» مائة و ستا و عشرين سنة، و في أربعة و ثلاثين سنة من ملكه ظهر أمر «الهرابذة» و بنى مدينة بفارس سمّاها «نشا» و تسلّط اليهود على نسل داود فقتلوا منهم مائة و عشرين نبيّا و قتلوا من شيعة الأنبياء خلقا كثيرا فعند ذلك لعنهم اللّه باللعنة التي لعن بها ابليس و مسخهم قردة و خنازير و أنواعا شتى من المسوخ في البر و البحر و منهم الجري و المارماهي و الزمار على حسب ذنوبهم و كفرهم مسخ كلّ صنف و كان أمر اللّه مفعولا.
و لما حضرت «آصف» الوفاة أوحى اللّه إليه أن يستودع نور اللّه و حكمته و جميع ما في يديه ابنه «صفورا» فدعاه و سلّم إليه التابوت و الوصيّة و مضى.
و قام صفورا بن آصف عليهما السّلام بأمر اللّه جل و عز
فاتبعه المؤمنون من بني اسرائيل فلما حضرته الوفاة أوحى اللّه إليه ان استودع الاسم الأعظم و التابوت و الحكمة و النبوّة الى ابنك «مبنه» و أحضره و أوصاه و سلّم إليه و مضى.
و قام مبنه بن صفورا عليهما السّلام بأمر اللّه جل و علا
فعند ذلك و في أيامه ملك أردشير بن اسفنديار مائة و اثنتي عشرة سنة.
و في خمس سنين من ملكه بنى مدينة بفارس و سماها «اصطخر» و سيكون فيها ملحمة عظيمة في آخر الزمان على ما روي عن عالم أهل البيت عليهم السّلام.
و لما حضرت مبنه الوفاة أوحى اللّه إليه ان يستودع و يوصي «هندوا» فأحضره و أوصى إليه و سلّمه ما في يديه و مضى.
و قام هندو بن مبنه عليه السّلام بأمر اللّه جل و عز
فلما حضرت وفاته أوحى اللّه إليه ان استودع مواريث الأنبياء ابنك «اسفر بن هندوا» فأحضره و سلّم إليه و مضى عليه السّلام.
فقام أسفرا بن هندوا بأمر اللّه جل و تعالى
و تبعه المؤمنون فعند ذلك ملكت حماه بنت شهرزان ثلاثين سنة و كان في ملكها تخفيف الخراج و صلاح أمر الناس و لم يخرج عليها أحد إلّا ظهرت عليه، و كانت امرأة بغية، و كانت لها امرأة تخدمها تطلب لها كلّ ليلة رجلا شابّا جميلا تدخله إليها فيبيت عندها ليلتها فاذا أصبح أمرت به فقتل لئلا يشنع عليها و يذيع خبرها.
فعند ذلك- قال عالم أهل البيت عليهم السّلام- لو كانت الدنيا تعدل عند اللّه جناح بعوضة لما أعطى ملكها امرأة بغية.
فلما حضرت «اسفر» الوفاة أوحى اللّه إليه ان استودع النور و الحكمة و المواريث ابنك «رامن» فأحضره و أوصى إليه و سلّمه ما في يده و مضى عليه السّلام.
فقام رامين بن اسفر عليه السّلام بأمر اللّه عز و جل
و تبعه المؤمنون و قد كانوا قلوا و فنوا و بقي منهم عدد يسير الى ان حضرت وفاته فأوحى اللّه إليه ان يستودع ما في يده «اسحاق» فأحضره و أوصى إليه و سلّمه جميع المواريث و النور و الحكمة و الاسم الأعظم و مضى.
و قام اسحاق بن رامين بأمر اللّه جل جلاله مقام آبائه عليهم السّلام
فلما حضرته الوفاة أوحى اللّه إليه ان استودع الاسم الأعظم ابنك «أيم» فأحضره و أوصى إليه و سلّم ما في يديه و مضى صلّى اللّه عليه.
و قام ايم بن اسحاق بأمر اللّه جل و عز مقام آبائه عليهم السّلام
فلما حضرته الوفاة أوحى اللّه إليه ان يستودع الاسم الأعظم و يوصي الى ابنه «زكريا» روي ان اسمه «زمرتا» فأحضره و أوصى إليه و مضى صلوات اللّه عليه.
فقام زكريا عليه السّلام بأمر اللّه
و هو «زكريا بن ايم» و يروى ابن (اردن) و اتبعه المؤمنون من ولد داود من سبط يهودا.
و كان زكريا متزوجا (ايساع) اخت (حنة) (أم مريم أمّ عيسى).
و روي ان زكريا عليه السّلام لم يزل خائفا من اليهود مستخفيا، ثم هرب منهم فالتجأ الى شجرة فنشرت لحاها ثم نادته «يا زكريا ادخلني» فدخلها فانضم عليه اللحاء فلم يوجد فاتاهم ابليس فدلهم عليه فاتوا الشجرة فنشروها و نشروه عليه السّلام معها فروي ان اللّه عز و جل قبض روحه قبل وصول المنشار إليه، و رفع عنه الألم.
و كان اللّه أوحى إليه قبل ذلك أن يسلّم مواريث الأنبياء و ما في يديه الى عيسى عليه السّلام و روي في خبر آخر ان اللّه أوحى الى زكريا أن يستودع النبوّة و مواريث الأنبياء و ما في يديه الى نبي من بني اسرائيل يقال له (اليسابغ).
فقام اليسابغ عليه السّلام بما أوصاه به زكريا عليه السّلام من أمر اللّه جل و علا
و أعطاه ثلاث آيات متظاهرات بيّنات ليريها بني اسرائيل فأبى أكثرهم إلّا طغيانا و كفرا.
فعند ذلك ملك (دارا بن شهزادان) اثنتي عشرة سنة و هو أوّل من صنع السكك و أعد لنفسه الأموال و الخزاين فلما أراد اللّه أن يقبض (اليسابغ) أوحى إليه أن يستودع النور و الحكمة و الاسم الأعظم ابنه «روبيل».
و قام روبيل بن اليسابغ بأمر اللّه جل و عز و تدبير ما استودعه
و ملك في أيامه (دارا بن شهزادان) أربع عشرة سنة و بعد سنة من ملكه بنى مدينة و سمّاها «داراجرد» ثم ملك بعده (الاسكندر) أربع عشرة سنة و ذلك كلّه في وقت إمامة (روبيل).
و قتل «الاسكندر» (دارا بن دارا) و هدم بيوت النيران و قتل (الهرابذة) و كان في زمانه العدل و الإنصاف فلما مات (الاسكندر) و كان أصحابه يعبدون الحجارة فحملوه في
تابوت من ذهب الى بلاد الروم و كان بنى بعد سنتين من ملكه مدينة باصبهان سمّاها «جي» فأسرف كفرة بني اسرائيل في قتل المؤمنين و تعذيبهم فدعوا اللّه أن يخرجهم من بينهم و يبعد بين أقطارهم فبعث اللّه إليهم ملائكة فسيرهم على الماء و معهم الكتاب المنزل على موسى عليه السّلام.
و ملك عند ذلك (أشبح بن اشبحان) مائتي سنة و ستين سنة، و في احدى و خمسين سنة من ملكه
بعث اللّه عز و جل المسيح عيسى بن مريم عليه السّلام
فقال العالم عليه السّلام: ان امرأة عمران لما نذرت ما في بطنها محررا، و المحرّر للمسجد و خدمة العلماء و قال في خبر آخر ان اللّه أوحى الى عمران اني أهب لك ابنا يبرئ الاكمه و الأبرص و يحيي الموتى باذني.
فلما ولدت امرأته بنتا و هي مريم قالت انّي وضعتها انثى و ليس الذكر كالانثى- تريد أن الانثى لا تكون نبيا مرسلا.
و انما كان الوعد لعمران بعيسى عليه السّلام من ابنته مريم فنشأت مريم أحسن نشوء و لزمت العبادة و الصلاة في الكنائس و البيع مع العلماء و أحصنت .. لم ترغب في أحد من الرجال و كان زكريا قد كفلها في حياته فكان إذا دخل إليها و هي في المحراب وجد عندها رزقا.
قال: يا مريم انّى لك هذا قالت هو من عند اللّه.
قال: كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء و فاكهة الشتاء في الصيف و روي انّه كان الرزق علما من العلوم و روي انّه حمل مريم كان ثلاث ساعات و روي سبع ساعات من النهار و روي تسعة أيام و ان جبرئيل عليه السّلام أتاها بسبع تمرات من العجوة و هي الصرفان فأكلتها فحملت بعيسى و روي ان جبرئيل عليه السّلام نفخ في جيبها و قد دخلت الى المغتسل للتطهير فخرجت و قد انتفخ بطنها فخافت من حالتها و من زكريا فخرجت هاربة على وجهها و ان نساء بني اسرائيل و من كان يتعبّد معها رأوا بطنها فشتمنها و نتفن شعرها و خمشن وجهها فأنطق اللّه المسيح عليه السّلام في بطنها فقال و حق النبي المبعوث بعدي في آخر الزمان لئن أخرجني اللّه من بطن أمي مريم لأقيمن عليكن الحد.
و مضت مريم على وجهها حتى أتت قرية في غربي الكوفة يقال لها «بشوشا»
و يروى (بانقيا) و هي اليوم تعرف بالنخيلة. و فيها عظام هود و شعيب و صالح و عدّة من الأنبياء و الأوصياء عليهم السّلام فاشتد بها الطلق فاستندت الى جذع نخلة نخرة قد سقط رأسها فولدته فاخضرت النخلة من وقتها و أثمرت و أينعت و سقط منها على مريم رطب جني، و كان فيما روي في كانون من زمان الشتاء فلذلك تطعم النفساء التمر و الرطب.
و اشتد خوفها من زكريا و من خالتها و كانت امها حنة قد ماتت و كفلتها ايساع حتى قالت يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا و روي انّها قالت يا ليتني قبل أن أرى في بني اسرائيل ما قد رأيت من الافتتان بسبي و باتهامهم لي إشفاقا منهم فناداها عيسى عليه السّلام أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا يعني نفسه و «هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا» ثم ضرب برجله فانبعث من تحت رجله عين ماء جار فقال لها «كلي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً» أي صمتا «فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا»
فطابت نفسها و أكلت و شربت ثم حملته و رجعت الى الشام و كان مجيئها من الشام الى الكوفة و رجوعها في ثلاثة أيام فلقيها زكريا عليه السّلام و معه خالتها فكلّماها فأشارت إليه ان كلمهما فانطقه اللّه حتى «قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا» إلى قوله «وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» فطابت نفس زكريا و ايساع خالتها و ظهرت حجّتهم عند أهل بيتهم و عند الناس.
فأقبلت الى منزلها و قد حملت عيسى عليه السّلام على صدرها فخرج من عواتق القرية سبعون عاتقا فقلن لها قد «جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا» ... الآية، فأشارت إليه، فقال عيسى عليه السّلام لهن:
يا ويلكن ا تفترين على أمي، اني عبد اللّه ... إلى قوله «ما دُمْتُ حَيًّا»
و تكلّم بالحكمة ثم صمت بعد ذلك الى أن أذن اللّه له بالكلام و روي انّه بعد ذلك بسبع سنين و روي بعد أربع سنين فأوتي الحكمة فأخبرهم بما يأكلون و ما يدخرون في بيوتهم.
و روي أن إبليس مضى في طلبه في وقت ولادته فلما وجده وجد الملائكة قد حفّت به فذهب ليدنو فصاحت به فقال: من أبوه؟ فقالوا له: مثله كمثل آدم. فقال: و اللّه لأضلّن به أربعة أخماس الخلق.
ثم نشأ و أرسله اللّه عز و جل و كان مربوع الخلق الى الحمرة و البياض سبط الشعر كان رأسه يقطر من غير ماء يصيبه و كانت شريعته التوحيد شريعة نوح و إبراهيم و موسى فأنزل اللّه عليه الإنجيل و أخذ عليه ميثاق الأنبياء بتحليل الحلال و تحريم الحرام و الأمر و النهي و الإنجيل مواعظ و أمثال ليس فيه قصص و لا حدود و لا فرائض و لا مواريث و أنزل اللّه عليه تخفيفا ممّا كان في التوراة و هو قوله «وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ» فآمن به المؤمنون بالحجج و كذّبه بنو اسرائيل فافترقوا فيه فرقا يختلفون فيه حتى قال بعضهم انّه إله و قال بعضهم انّه ابن اللّه جلّ اللّه و تعالى فاقشعرت الأرض و تشوّك الشجر من ذلك الزمان.
ثم أحيا الموتى و أبرأ الاكمه و الأبرص باذن اللّه.
و روي انّه لم يحي إلّا ميتا واحدا و انّه قام خطيبا في بني اسرائيل فحمد اللّه و أثنى عليه ثم قال يا بني اسرائيل لا تأكلوا حتى تجوعوا فاذا جعتم فكلوا و لا تشبعوا فانّكم إذا شبعتم غلظت رقابكم سمنت جنوبكم و نسيتم ربّكم. انّي أصبحت فيكم ادامي الجوع و طعامي ما تنبت الأرض للوحوش و البهائم، و سراجي القمر، و فراشي التراب، و وسادي الحجر، ليس لي بيت يخرب و لا مال يتلف، و لا ولد يموت، و لا امرأة تحزن، و كان صلّى اللّه عليه قد بعث بالسياحة و التقشف فمر و هو يسيح في الأرض بقوم يبكون فقال من أي شيء يبكي هؤلاء القوم؟ قالوا له على ذنوبهم فقال عليه السّلام يتركونها يغفر اللّه لهم.
و اتبعه الحواريون و كانوا اثني عشر رجلا و هم التلاميذ و وجّه الى البلدان بالرسل و دعاهم الى التوحيد فاتصل به ان ملكا في بعض البلدان يأكل الناس هو و أهل مملكته و انّهم يسمنون الناس و يغذونهم بأغذية تزول بها أفهامهم حتى يسمنوا ثم يأكلونهم فأمر المسيح عليه السّلام أحد خواصّه أن يرسل ببعض ثقاته إليهم ينذرهم و يحذّرهم فوجّه إليهم و كان بينه و بينهم مسيرة ثلاثة أشهر فلما دخل الى مدينتهم اتاهم ابليس فأغراهم به حتى أخذوه فحبسوه في الموضع الذي يسمنون فيه الناس و سقوه ما كانوا يسقونهم فمكث على عادته و كانت العادة أن يخرجوا الرجل بعد شهر من محبسه فيذبحوه فلما مضى للرجل سبعة و عشرون يوما قال المسيح للمرسل به ادرك أخاك فانّه لم يبق من أيامه إلّا
ثلاثة أيام فخرج الرجل مبادرا حتى صار الى شاطئ البحر فوجد مركبا صغيرا فجلس فيه فقال له الملّاحون- و كان في المركب ثلاثة نفر- أين تريد؟.
فلم يخبرهم فلما ألحوا عليه عرّفهم الموضع الذي يريده فجعلوا يتضاحكون به و صاحب السكان من بينهم يهزأ منه و يقول كيف تبلغ مسيرة ثلاثة أشهر في يوم واحد.
فاغتم و أوقع اللّه عليه السبات فانتبه و هو على باب المدينة فخرج من المركب فلما دنا من باب المدينة وجد المسيح عليه السّلام يطلع من السور فكلّمه و سأله من خبره فقال له الرجل أرى انّك كنت صاحب السكان في المركب ثم دخل الى المدينة و صار الى الملك فزجره و وعظه فأتاه ابليس فأغراه به فأخذوه و أدخلوه الى المجلس الذي يسمنون فيه فلما رآه صاحبه وثب إليه فسأله عن خبره فأمره بالخروج فقال له أين أخرج و انما أردت إذا خرجت أن أصير إليك. فقال: تنتظرني على باب المدينة.
فخرج و الحرس جلاس فلم يره منهم أحد.
و أغرى ابليس بالرجل و قال لهم هذا و أمثاله آفة الملوك و الوجه أن يعذّب حتى يرتدع به غيره و أشار أن يرجم بالحجارة و يسحب على الحصباء لوجهه و ساير جسده حتى يترضض فيألم جسده، ففعل به ذلك و غلظ عليه الأمر، فشكا الى اللّه عز و جل و قال يا ربّ ان كان أجلي قد قرب فاقبضني إليك و إلّا ففرّج عني فلم يبق فيّ موضع للصبر فأوحى اللّه إليه أن لك عندي منزلة لم تبلغها إلّا بالصبر على أغلظ المحن و قد فرّجت عنك و أمرت كلّ ما في المدينة بطاعتك فاخرج فخرج الى صنم لهم من حجارة فأمره أن ينبعث من سائره الماء فنبع الماء من عينيه و أنفه و أذنه و فمه و ساير أعضائه فغرق خلق من أهل المدينة، و علم الباقون السبب في غرقهم فصاروا إليه خاضعين طالبين، و آمنوا و نزلوا على حكمه و اتبعوه فأمر الصنم ان يبتلع الماء فابتلعه و بقي من مات بذلك العذاب مطروحا فأحياهم باذن اللّه جميعا فآمن به جميع أهل المدينة.