کتابخانه روایات شیعه
و روى علان الكلابي عن اسحاق بن اسماعيل النيسابوري قال: حدّثني الربيع بن سويد الشيباني قال: حدّثني ناصح البادودي قال: كتبت الى أبي محمد عليه السّلام أعزيه في أبي الحسن و قلت في نفسي و أنا أكتب: لو قد حير ببرهان يكون حجّة لي؟
فأجابني عن تعزيتي و كتب بعد ذلك: من سأل آية أو برهانا فأعطي ثم رجع عمّن طالب منه الآية عذب ضعف العذاب، و من صبر أعطي التأييد من اللّه، و الناس مجبولون على جبلة ايثار الكتب المنشرة، فاسأل السداد فانما هو التسليم أو العطب، و للّه عاقبة الامور.
و حدّثني علان عن الحسن بن محمد عن محمد بن عبيد اللّه قال: لما مضى أبو الحسن عليه السّلام انتهبت الخزانة فأخبر أبو محمد عليه السّلام، فأمر باغلاق الباب الكبير ثم دعا بالحريم و العيال و الغلمان فجعل يقول لواحد واحد: رد كذا و كذا؛ و يخبره بما أخذ، فيردّه حتى ما فقد من الخزانة شيء إلّا رد بعلامته و عينه و الحمد للّه ربّ العالمين.
و عنه قال: كنت يوما كتبت إليه أخبره باختلاف الموالي و أسأله اظهار دليل، فكتب:
انما خاطب اللّه عز و جل ذوي الألباب و ليس أحد يأتي بآية أو يظهر دليلا أكثر مما جاء به خاتم النبيين و سيّد المرسلين، فقالوا كاهن و ساحر كذّاب، فهدى اللّه من اهتدى، غير ان الأدلة يسكن إليها كثير من الناس، و ذلك ان اللّه جل جلاله يأذن لنا فنتكلّم و يمنع فنصمت، و لو أحبّ اللّه ألا يظهر حقّا لما بعث النبيين مبشّرين و منذرين يصدعون بالحق في حال الضعف و القوّة في أوقات، و ينطقون في أوقات؛ ليقضي اللّه أمره و ينفذ في الناس حكمه؛ في طبقات شتى. فالمستبصر على سبيل نجاة مستمسك بالحق متعلّق بفرع أصيل غير شاك و لا مرتاب لا يجد عنه ملجأ. و طبقة لم تأخذ الحق من أهله فهم كراكب البحر يموج عند موجه و يسكن عند سكونه. و طبقة استحوذ عليهم الشيطان شأنهم الردّ على أهل الحق و دفعهم بالباطل و الهوى كفّارا؛ حسدا من عند أنفسهم. فدع من ذهب يمينا و شمالا فان الراعي اذا أراد أن يجمع غنمه جمعها في أهون سعي. ذكرت اختلاف موالينا فاذا كانت الوصيّة و الكتب فلا ريب من جلس مجلس الحكم فهو أولى بالحكم، أحسن رعاية من استرعيت و إيّاك و الإذاعة و طلب الرئاسة، فانّهما يدعوان الى
الهلكة.
ثم قال: ذكرت شخوصك الى فارس فاشخص خار اللّه لك و تدخل مصر إن شاء اللّه آمنا و اقرأ من تثق به من موالينا السلام و مرهم بتقوى اللّه العظيم و اداء الامانة و اعلمهم ان المذيع علينا حرب لنا.
قال: فلما قرأت خار اللّه لك في دخولك مصر إن شاء اللّه آمنا لم أعرف المعنى فيه فقدمت بغداد عازما على الخروج الى فارس فلم يقيّض لي و خرجت الى مصر.
قال: و لمّا همّ المستعين في أمر أبي محمّد عليه السّلام بما همّ و أمر سعيد الحاجب بحمله الى الكوفة و ان يحدث في الطريق حادثة، انتشر الخبر بذلك في الشيعة فأقلقهم، و كان بعد مضي أبي الحسن عليه السّلام بأقل من خمس سنين فكتب إليه محمد بن عبد اللّه و الهيثم بن سبابة: قد بلغنا- جعلنا اللّه فداك- خبر أقلقنا و غمّنا و بلغ منّا.
فوقّع: بعد ثلاثة يأتيكم الفرج.
قال: فخلع المستعين في اليوم الثالث و قعد المعتز و كان كما قال صلّى اللّه عليه.
و حدث محمد بن عمر الكاتب عن علي بن محمد بن زياد الصيمري صهر جعفر بن محمود الوزير على ابنة أم أحمد و كان رجلا من وجوه الشيعة و ثقاتهم و مقدما في الكتابة و الأدب و العلم و المعرفة قال: دخلت على أبي أحمد عبد اللّه بن عبد اللّه بن طاهر و بين يديه رقعة من أبي محمّد عليه السّلام فيها: اني نازلت اللّه عز و جل في هذا الطاغي يعني المستعين و هو آخذه بعد ثلاث، فلما كان في اليوم الثالث خلع و كان من أمره ما رواه الناس في احداره الى واسط و قتله.
و حدّثنا الحميري عن أبي جعفر العامري عن علان بن حمويه الكلابي عن محمد بن الحسن النخعي عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي محمّد عليه السّلام إذ دخل عليه شاب حسن الوجه فقلت في نفسي: ترى من هذا فقال أبو محمد: هذا ابن أم غانم صاحب الحصاة التي طبع فيها آبائي عليهم السّلام و قد جاءني بها لأطبع له فيها. هات حصاتك.
قال: فاخرج فاذا فيها موضع أملس فطبع بخاتم في اصبعه فانطبع.
قال: و اسم هذا الشاب اليماني مهجع بن سمعان بن غانم بن أم غانم اليمانية.
و عنه عن أبي هاشم قال: شكوت الى أبي محمد عليه السّلام ضيق الحبس و كلب القيد فكتب الي: أنت تصلّي اليوم في منزلك الظهر.
فصلّيت في منزلي كما قال عليه السّلام؛ لأني اطلقت من وقتي.
و عنه عن جعفر بن محمد القلانسي قال: كتب محمد أخي الى أبي محمّد عليه السّلام و امرأته حامل تسأله الدعاء بخلاصها و ان يرزقها اللّه ذكرا أو تسأله أن تسميه فكتب إليه: رزقك اللّه ذكرا سويّا، و نعم الاسم محمّد و عبد الرحمن.
فولدت ابنين توأما فسمّى أحدهما محمّدا و الآخر عبد الرحمن.
و عنه عن أبي هاشم الجعفري قال: سأل محمّد بن صالح الأرمني أبا محمّد عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل «يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ» فقال: هل يمحو إلّا ما كان، و هل يثبت الّا ما لم يكن؟
فقلت في نفسي: هذا خلاف ما يقول هشام الفوطي. انّه لا يعلم الشيء حتى يكون.
فنظر إليّ شزرا و قال: تعالى اللّه الجبّار العالم بالشيء قبل كونه الخالق إذ لا مخلوق و الربّ إذ لا مربوب و القادر قبل المقدور عليه.
فقلت: اشهد انّك وليّ اللّه و حجّته و القائم بقسطه و انّك على منهاج أمير المؤمنين عليه السّلام.
و عنه قال: قال لي أبو هاشم: كنت عند أبي محمد عليه السّلام فسأله محمد بن صالح الأرمني عن قول اللّه عز و جل «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا» فقال أبو محمد: ثبتت المعرفة و نسوا الموقف و سيذكرونه و لو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه و لا من رازقه.
قال أبو هاشم: فجعلت أتعجب في نفسي من عظيم ما أعطى اللّه الى أوليائه عليهم السّلام فأقبل أبو محمّد عليه السّلام فقال: الا ما أعجب أعجبت منه يا أبا هاشم؟ ما ظنّك بقوم من عرفهم عرف اللّه، و من أنكرهم أنكر اللّه، و لا مؤمن إلّا و هو لهم مصدّق و بمعرفتهم موقن.
و عن الحميري أيضا قال: قال لي أبو هاشم: سمعته عليه السّلام يقول: من الذنوب التي لا تغفر قول الإنسان: ليتني لا أؤاخذ إلا بهذا.
فقلت في نفسي: ان هذا لهو العلم الدقيق و قد ينبغي للرجل أن يتفقد من نفسه كل
شيء.
فأقبل عليّ فقال: صدقت يا أبا هاشم، فالزم ما حدّثتك به نفسك، فان الاشراك في الناس أخفى من دبيب النمل على الصفاء في الليلة الظلماء و من دبيبه على المسح الأسود.
و عنه عن أبي هاشم قال سمعت أبا محمّد عليه السّلام يقول: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»* اقرب الى اسم اللّه الأعظم من سواد العين الى بياضها.
و عنه عن محمد بن الحسن بن شموذ عمّن حدّثه قال: كتبت الى أبي محمد عليه السّلام حين أخذ المهتدي: يا سيدي الحمد للّه الذي شغله عنّا فقد بلغني انّه يتهدّد شيعتك و يقول و اللّه لأجلينهم عن جديد الأرض فوقّع بخطّه عليه السّلام: ذاك أقصر لعمره عد من يومك هذا خمسة أيام فانّه يقتل من يوم السادس بعد هوان و استخفاف و ذلّ يلحقه.
فكان كما قال عليه السّلام.
و عن محمد بن الحسن بن شموذ قال: كتب إليه ابن عمّنا محمد بن زيد يشاوره في شراء جارية نفيسة بمائتي دينار لابنه فكتب: لا تشترها فان بها جنونا و هي قصيرة العمر مع جنونها.
قال فأضرت عن أمر هاشم مررت بعد أيام و معي ابني علي مولاها فقلت اشتهي أن استعيد عرضها و أراها فأخرجها إلينا، فبينما هي واقفة بين أيدينا حتى صار وجهها في قفاها، فلبثت على تلك الحال ثلاثة أيام و ماتت.
و عنه عن أبي غانم قال: سمعت أبا محمد عليه السّلام يقول: سنة ستين تفترق شيعتنا.
و روى سعد بن عبد اللّه عن أبي هاشم قال: كنت عن أبي محمد عليه السّلام و كنت في إضافة فأردت أن أطلب منه دنانير فاستحييت فلما صرت الى منزلي وجّه إليّ بمائة دينار و كتب إليّ: اذا كانت لك حاجة فلا تستحي و لا تحتشم و اطلبها يأتك ما تحب إن شاء اللّه. 12
عنه عن أبي هاشم عن الحجاج بن سفيان العبدي قال: خلفت ابني بالبصرة عليلا و كتبت الى أبي محمّد عليه السّلام اسأله الدعاء فوقع: رحم اللّه ابنك انّه كان مؤمنا.
قال الحجاج: فورد عليّ الكتاب: انّه توفي في ذلك اليوم و كان شاكّا في الإمامة
للاختلاف الذي وقع في السنة.
و عن سعد بن عبد اللّه عن علان بن محمد الكلابي عن إسحاق بن محمد النخعي قال:
حدّثني محمد بن رئاب الرقاشي قال: كتبت الى أبي محمّد عليه السّلام اسأله عن مشكاة و ان يدعو لامرأتي و كانت حاملا ان يرزقها ذكرا و ان يسميه فرجع الجواب:
المشكاة قلب محمّد صلّى اللّه عليه و آله.
و كتب في آخر الكتاب: أعظم اللّه أجرك و أخلف عليك.
فولدت ولدا ميتا و حملت بعده فولدت غلاما.
و عنه عن إسحاق قال حدّثني علي بن حميد الذارع قال: كتبت الى أبي محمّد عليه السّلام أسأله الدعاء بالفرج ممّا نحن فيه من الضيق، فرجع الجواب: الفرج سريع. يقدم عليك مال من ناحية فارس.
فمات ابن عم لي بفارس ورثته و جاءني مال بعد أيام يسيرة.
و عنه عن اسحاق عن محمد بن عبد العزيز البلخي قال: أصبحت يوما و جلست في شارع سوق الغنم فاذا أنا بأبي محمّد عليه السّلام قد أقبل يريد باب العامة بسر من رأى فقلت في نفسي: تراني ان صحت يا أيها الناس هذا حجّة اللّه عليكم فاعرفوه يقتلوني.
فلما دنا مني و نظرت إليه أومأ إليّ بإصبعه السبابة و وضعها على فيه ان اسكت، فأسرعت إليه حتى قبّلت رجله، فقال لي: اما انّك لو أذعت لهلكت.
و رأيته تلك الليلة يقول: انما هو الكتمان أو القتل فابقوا على أنفسكم.
و عنه عن أحمد بن محمد الأقرع قال حدّثني أبو حمزة قصر الخادم قال: سمعت مولاي أبا محمد غير مرّة يكلّم غلمانه الروم بالرومية و الصقالبة بالصقلبية و الاتراك بالتركية فعجبت من ذلك و قلت في نفسي: هذا ولد بالمدينة و لم يظهر لأحد حتى مضى أبوه عليه السّلام، فأقبل عليّ فقال: ان اللّه تبارك و تعالى يبيّن الحجّة من ساير الناس و يعطيه اللغات و معرفة الأنساب و الآجال و الحوادث و لو لا ذلك لم يكن بين الحجّة و المحجوج فرق.
و عنه قال: كتبت الى أبي محمد عليه السّلام أسأله هل يحلم الامام؟ فقلت في نفسي بعد
نفوذ الكتاب: الاحتلام شيطاني و قد أعاذ اللّه أولياءه من ذلك. فوقع إليّ: حال الائمة في النوم مثل حالهم في اليقظة لا يغيّر النوم منهم شيئا و قد أعاذ اللّه أولياءه لمة الشيطان كما حدثتك نفسك.
و روى الكلابي عن أبي الحسين بن علي بن بلال و أبو يحيى النعماني قالا: ورد كتاب من أبي محمد و نحن حضور عند أبي طاهر من بلال فنظرنا فيه فقال النعماني: فيه لحن أو يكون النحو باطلا- و كان هذا بسر من رأى- فنحن في ذلك إذ جاءنا توقيعه: ما بال قوم يلحنوننا و ان الكلمة نتكلّم بها تنصرف على سبعين وجها؛ فيها كلّها المخرج منها و المحجّة.
و عنه عن إسماعيل بن محمد العباسي قال: قعدت لأبي محمّد عليه السّلام على ظهر الطريق فلما مر بي قمت إليه و شكوت الحاجة و حلفت له انّه ليس عندي درهم فما فوقه فقال لي: تحلف باللّه كاذبا قد دفنت مائتي دينار و ليس قولي هذا دفعا عن العطية. اعطه يا غلام إذا صرت الى الدار مائة دينار.
ثم قال: اما انّك تحرمها أحوج ما تكون إليها- يعني المائتين.
فاضطررت بعد ذلك الى ما أنفقه فمضيت لأنبشها فاذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها و هرب.
علان الكلابي عن إسحاق عن علي بن زيد بن علي قال: كان لي فرس و كنت به متعجبا فدخلت على أبي محمّد عليه السّلام فقال لي: ما فعل فرسك؟
قلت: كان تحتي و هو على الباب.
فقال: استبدل به قبل المساء ان قدرت.
فقمت من عنده مفكّرا في بيعه ثم نفست فيه و كان الراغب فيه الطالب له كثير بأوفر الثمن فلما كان في الليل أتاني السائس باكيا صارخا فقال: نفق الفرس فاغتممت.
قال: و دخلت عليه بعد أيام و قد فكّرت في أن يخلف عليك يا غلام ادفع إليه برذوني الكميت الذي أركبه، هذا أفره من فرسك و أطول عمرا و أشد و أقوى.
سعد عن أبي هاشم قال: كنت محبوسا عند أبي محمد عليه السّلام في حبس المهتدي فقال
لي: يا أبا هاشم ان هذا الطاغية أراد أن يعبث بأمر اللّه عز و جل في هذه الليلة و قد بتر اللّه عمره و جعله للمتولي بعده و ليس لي ولد و سيرزقني اللّه ولدا بمنّه و لطفه.
فلما أصبحنا شغبت الاتراك على المهتدي و أعانهم العامة لمّا عرفوا من قوله بالاعتزال و القدر فقتلوه و نصبوا مكانه المعتمد و بايعوا له، و كان المهتدي قد صحح العزم على قتل أبي محمّد عليه السّلام فشغله اللّه بنفسه حتى قتل و مضى الى أليم عذاب اللّه.
و عنه عن أبي هاشم قال كنت عند أبي محمّد عليه السّلام قال: اذا قام القائم أمر بهدم المنابر التي في المساجد.
فقلت في نفسي: لأي معنى هذا؟
فقال لي: معنى هذا انّها محدثة مبتدعة لم يبنها نبي و لا حجّة.
الحميري عن الحسن بن علي عن إبراهيم بن مهزيار عن محمد بن أبي الزعفران عن أم أبي محمّد عليهما السّلام قال: قال لي يوما من الأيام: يصيبني في سنة ستين و مائتين حرارة أخاف ان أنكب منها نكبة.
قالت: فأظهرت الجزع و أخذني البكاء.
قال: لا بد من وقوع أمر اللّه لا تجزعي.
فلما كان في صفر سنة ستين و مائتين أخذها المقيم و المقعد و جعلت تخرج في الاحايين الى خارج المدينة تجسس الأخبار حتى ورد عليها الخبر حين حبسه المعتمد في يدي علي بن جرين و حبس أخاه جعفرا معه و كان المعتمد يسأل عليّا عن أخباره في كلّ مكان و وقت فيخبره انّه يصوم النهار و يصلّي بالليل فسأله يوما من الأيام عن خبره فأخبره بمثل ذلك فقال له أمض الساعة إليه و اقرأه مني السلام و قل له انصرف الى منزلك مصاحبا.