کتابخانه روایات شیعه
[مقدمة الناشر]
المؤلّف و الكتاب في سطور
المؤلّف:
هو الحسن الملقب برضيّ الدين و المكنى بأبي نصر نجل الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسيّ 1 ، من أعلام القرن السادس الهجري.
كان من أكابر علماء الإماميّة، و أجلاء هذه الطائفة و ثقاتهم، روى عن والده أمين الدين الفضل الطبرسيّ، و عنه مهذب الدين الحسين بن أبي الفرج ردة النيلي. و هو من اسرة علمية تسلسل فيها العلم و الفضل.
فأبوه صاحب مجمع البيان في تفسير القرآن الذي لا يزال حتّى اليوم مرجعا لكل طالب تفسير، و صاحب أعلام الورى بأعلام الهدى، و جوامع الجامع و غير ذلك من المؤلّفات القيّمة.
و ولده عليّ بن الحسن كان من العلماء المؤلّفين و هو صاحب كتاب «مشكاة الأنوار» المطبوع في النجف الأشرف سنة 1370، و يمكن اعتبار كتابه تتميما لكتاب والده (مكارم الأخلاق).
كل الذين تحدثوا عنه لم يذكروا لا مكان ولادته و لا تاريخها، و لا مكان وفاته و لا تاريخها، رغم كونه من العلماء البارزين، و اكتفوا بالقول بأنّه كان من أعلام القرن السادس الهجري، و إنّما ذكر المقدس السيّد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة ج 23 ص 9- 15، انه توفي في سبزوار سنة 548 ه و نقلت جنازته الى المشهد الرضوي،
و دفن هناك في موضع يعرف بقتلكاه، و انه كان قبل انتقاله الى سبزوار يسكن المشهد الرضوي، و انه انتقل الى سبزوار سنة 523، و على هذا يكون قد أقام في سبزوار خمسا و عشرين سنة.
هذا كل ما أمكننا أن نعرفه عن حياته. على أن بعضهم يناقش تاريخ الوفاة المذكور و محل دفنه المذكور في أعيان الشيعة، و ينسبون كل ذلك الى والده صاحب التفسير حيث ان والده مدفون بخراسان (المشهد الرضوي) في شارع الموسوم بشارع الطبرسيّ و قبره مزار لحدّ اليوم. و مهما كان الأمر فان ما وصلنا من أخباره العلمية كله ثناء عليه.
فقد وصفه صاحب أمل الآمل 2 بأنه كان محدّثا فاضلا، و وصفه في رياض العلماء 3 بالمحدّث الجليل.
و وصفه في مستدرك الوسائل: بالفقيه النبيل المحدّث الجليل.
و قال المجلسي (ره) في مقدّمة البحار: بأنه قد أثنى عليه جماعة من الأخيار.
الى غير ذلك من الصفات التي ذكرها هؤلاء و غيرهم.
الكتاب
هو مكارم الأخلاق و معالم الأعلاق، الحاوي لمحاسن الأفعال و الآداب، من سيرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و آدابه و أخلاقه، و أوصافه، و سائر حالاته، و حالات الأئمة المعصومين عليهم السلام و ما روت في ذلك عنه و عن أهل بيته صلوات اللّه عليه و عليهم.
قال المجلسي (ره) في مقدّمة بحاره: و كتاب المكارم في الاشتهار كالشمس في رائعة النهار.
و قال غيره من العلماء: إن مكارم الأخلاق قد ألّف في حياة والده، و هو كتاب نفيس نافع مشهور، حسن الترتيب، كثير الجمع، اشتهر و انتشر في عصر مؤلّفه.
طبع هذا الكتاب القيّم مرّات و مرّات في كل من مصر و إيران. فقد طبع لأول مرة في مصر في مطبعة عبد الواحد الطوبي و عمر حسين الخشاب في شعبان سنة 1303 ه و انتشر و اشتهر و كثر الإقبال عليه، ثمّ أعيد طبعه في مطبعة بولاق، و في مطبعة أحمد البابي الحلبيّ سنة 1306، و لكنه مع الأسف الشديد حرّف في جميع الطبعات المصرية تحريفا فظيعا و تغييرا شنيعا. و لما كانت نسخ هذا الكتاب المخطوطة كثيرة في كل من العراق و إيران، و اطلع عليها جماعة من العلماء و الفضلاء، جمعوا عدة نسخ من مخطوطة الكتاب و قاموا بتصحيحه و تدقيقه و طبعه في إيران. و طبع بعد ذلك عدة طبعات في كل من إيران و العراق. و نظرا لأهمية الكتاب، و نفاد نسخه من الأسواق التجارية، و كثرة الطلب، قامت هذه المؤسّسة الثقافية بإعادة طبعه و نشره بعد التصحيح الدقيق و التعليق اللازم خدمة للعلم، و اللّه من وراء القصد.
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد الأحد الصمد الذي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ و الصلاة و السلام على محمد عبده المجتبى و رسوله المصطفى أرسله إلى كافة الورى بَشِيراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً و على أهل بيته أئمة الهدى و مصابيح الدجى الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا وَ السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى .
و بعد فإن الله سبحانه و تعالى لما جعل التأسي بنبيه مفتاحا لرضوانه و طريقا إلى جنانه بقوله عز و جل لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ و اتباعه و اقتفاء أثره سببا لمحبته و وسيلة إلى رحمته بقوله عز من قائل قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ حداني هذا الفوز العظيم إلى جمع كتاب يشتمل على مكارم أخلاقه و محاسن آدابه و ما أمر به أمته
فَقَالَ ع إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ.
لأن العلم بالشيء مقدم على العمل به فوجدت في كلام أمير المؤمنين علي ع ما يحتوي على حقيقة سير الأنبياء و هي الانقطاع بالكل عن الناس إلى الله في الرجاء و الخوف و عن الدنيا إلى الآخرة.
و خص من جملتهم نبينا محمدا ص كمال هذه السيرة و حثنا و رغبنا على الاقتداء به
فَقَالَ ع بَعْدَ كَلَامٍ لَهُ طَوِيلٍ لِمُدَّعٍ كَاذِبٍ يَدَّعِي بِزَعْمِهِ أَنَّهُ يَرْجُو اللَّهَ كَذَبَ وَ الْعَظِيمِ مَا بَالُهُ [وَ] لَا يَتَبَيَّنُ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ وَ كُلُّ مَنْ رَجَا عُرِفَ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ إِلَّا رَجَاءَ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَدْخُولٌ وَ كُلُّ خَوْفٍ مُتَحَقِّقٌ إِلَّا خَوْفَ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَعْلُولٌ يَرْجُو اللَّهَ فِي الْكَبِيرِ