کتابخانه روایات شیعه
وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ وَ شارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ وَ عِدْهُمْ وَ ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً وَ قَالَ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ - يَا ابْنَ مَسْعُودٍ خَفِ اللَّهَ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ وَ لَا تُؤْثِرَنَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ بِاللَّذَّاتِ وَ الشَّهَوَاتِ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ فَأَمَّا مَنْ طَغى وَ آثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى يَعْنِي الدُّنْيَا الْمَلْعُونَةَ وَ الْمَلْعُونُ مَا فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَخُونَنَّ أَحَداً فِي مَالٍ يَضَعُهُ عِنْدَكَ أَوْ أَمَانَةٍ ائْتَمَنَكَ عَلَيْهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها - يَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَتَكَلَّمْ بِالْعِلْمِ إِلَّا بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ وَ رَأَيْتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا وَ قَالَ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ وَ قَالَ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وَ قَالَ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَهْتَمَّ لِلرِّزْقِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَ قَالَ وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ وَ قَالَ وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَ إِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً إِنَّ مَنْ يَدَعُ الدُّنْيَا وَ يُقْبِلُ عَلَى تِجَارَةِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَّجِرُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ [تِجَارَتِهِ] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ - فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ لِي بِتِجَارَةِ الْآخِرَةِ فَقَالَ ص لَا تُرِيحَنَّ لِسَانَكَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَهَذِهِ التِّجَارَةُ الْمُرْبِحَةُ وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَ يَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ كُلُّ مَا أَبْصَرْتَهُ بِعَيْنِكَ وَ اسْتَخْلَاهُ قَلْبُكَ فَاجْعَلْهُ لِلَّهِ فَذَلِكَ تِجَارَةُ الْآخِرَةِ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِذَا تَكَلَّمْتَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ تَعْرِفْ حَقَّهَا فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ عَلَيْكَ
وَ لَا يَزَالُ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنْ يَرُدَّ غَضَبَ اللَّهِ عَنِ الْعِبَادِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَنَالُوا مَا يَنْقُصُ مِنْ دِينِهِمْ بَعْدَ إِذْ سَلِمَتْ دُنْيَاهُمْ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ أَحِبَّ الصَّالِحِينَ فَإِنَّ الْمَرْءَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ فَأَحِبَّ الْعُلَمَاءَ فَإِنَّهُ يَقُولُ وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً يَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِيَّاكَ أَنْ تُشْرِكَ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ وَ إِنْ نُشِرْتَ بِالْمِنْشَارِ أَوْ قُطِعْتَ أَوْ صُلِبْتَ أَوْ أُحْرِقْتَ بِالنَّارِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ اصْبِرْ مَعَ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ وَ يُسَبِّحُونَهُ وَ يُهَلِّلُونَهُ وَ يَحْمَدُونَهُ وَ يَعْمَلُونَ بِطَاعَتِهِ وَ يَدْعُونَهُ بُكْرَةً وَ عَشِيّاً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَ لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَخْتَرْ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ شَيْئاً فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَ يَقُولُ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ وَ يَقُولُ وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ وَ يَقُولُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ - يَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَيْكَ بِالسَّكِينَةِ وَ الْوَقَارِ وَ كُنْ سَهْلًا لَيِّناً عَفِيفاً مُسْلِماً تَقِيّاً نَقِيّاً بَارّاً طَاهِراً مُطَهَّراً صَادِقاً خَالِصاً سَلِيماً صَحِيحاً لَبِيباً صَالِحاً صَبُوراً شَكُوراً مُؤْمِناً وَرِعاً عَابِداً زَاهِداً رَحِيماً عَالِماً فَقِيهاً يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً وَ الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقاماً وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ وَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ
وَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ وَ قَالَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَى قَوْلِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَحْمِلَنَّكَ الشَّفَقَةُ عَلَى أَهْلِكَ وَ وُلْدِكَ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْمَعَاصِي وَ الْحَرَامِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ - وَ عَلَيْكَ بِذِكْرِ اللَّهِ وَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَ الْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَيْرٌ أَمَلًا يَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ يَهْدِي النَّاسَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُهُمْ بِالْخَيْرِ وَ هُوَ غَافِلٌ عَنْهُ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَيْكَ بِحِفْظِ لِسَانِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَيْكَ بِإِصْلَاحِ السَّرِيرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ احْذَرِ يَوْماً تُنْشَرُ فِيهِ الصَّحَائِفُ وَ تَظْهَرُ فِيهِ الْفَضَائِحُ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ إِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَ كَفى بِنا حاسِبِينَ - يَا ابْنَ مَسْعُودٍ اخْشَ اللَّهَ بِالْغَيْبِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ وَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ انْصَحِ الْأُمَّةَ وَ ارْحَمْهُمْ فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ بَلْدَةٍ أَنْتَ فِيهَا وَ أَرَادَ أَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ نَظَرَ إِلَيْكَ فَرَحِمَهُمْ بِكَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى وَ ما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِيَّاكَ أَنْ تُظْهِرَ مِنْ نَفْسِكَ الْخُشُوعَ وَ التَّوَاضُعَ لِلْآدَمِيِّينَ وَ أَنْتَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ رَبِّكَ مُصِرٌّ عَلَى الْمَعَاصِي وَ الذُّنُوبِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ - يَا ابْنَ مَسْعُودٍ لَا تَكُنْ مِمَّنْ يُشَدِّدُ عَلَى النَّاسِ وَ يُخَفِّفُ عَنْ نَفْسِهِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى
لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِذَا عَمِلْتَ عَمَلًا فَاعْمَلْ بِعِلْمٍ وَ عَقْلٍ وَ إِيَّاكَ وَ أَنْ تَعْمَلَ عَمَلًا بِغَيْرِ تَدَبُّرٍ وَ عِلْمٍ فَإِنَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ يَقُولُ وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً يَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَيْكَ بِالصِّدْقِ وَ لَا تَخْرُجَنَّ مِنْ فِيكَ كَذِبَةٌ أَبَداً وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَ أَحْسِنْ وَ ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْإِحْسَانِ وَ صِلْ رَحِمَكَ وَ لَا تَمْكُرْ بِالنَّاسِ وَ أَوْفِ النَّاسَ بِمَا عَاهَدْتَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ .
الفصل الخامس في وصية رسول الله ص لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه
يَقُولُ مَوْلَايَ أَبِي طَوَّلَ اللَّهُ عُمُرَهُ الْفَضْلُ بْنُ الْحَسَنِ هَذِهِ الْأَوْرَاقُ مِنْ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص لِأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّتِي أَخْبَرَنِي بِهَا الشَّيْخُ الْمُفِيدُ أَبُو الْوَفَاءِ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئُ الرَّازِيُّ وَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَابَوَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِجَازَةً قَالا أَمْلَى عَلَيْنَا الشَّيْخُ الْأَجَلُّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ قُدِّسَ سِرُّهُ وَ أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ الشَّيْخُ الْعَالِمُ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَتْحِ الْوَاعِظُ الْجُرْجَانِيُّ فِي مَشْهَدِ الرِّضَا ع قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ قُدِّسَ سِرُّهُ قَالَ أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ رَجَاءُ بْنُ يَحْيَى الْعَبَرْتَائِيُّ الْكَاتِبُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ فِيهَا مَاتَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمُّ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الهناء [الْهُنَائِيِ] قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ: قَدِمْتُ الرَّبَذَةَ فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ جُنْدَبِ بْنِ جُنَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَحَدَّثَنِي أَبُو ذَرٍّ قَالَ دَخَلْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي صَدْرِ نَهَارِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فِي مَسْجِدِهِ فَلَمْ أَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَداً مِنَ النَّاسِ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ ص وَ عَلِيٌّ ع إِلَى جَانِبِهِ جَالِسٌ فَاغْتَنَمْتُ خَلْوَةَ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ
وَ أُمِّي أَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَقَالَ نَعَمْ وَ أَكْرِمْ بِكَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ فَاحْفَظْهَا فَإِنَّهَا جَامِعَةٌ لِطُرُقِ الْخَيْرِ وَ سُبُلِهِ فَإِنَّكَ إِنْ حَفِظْتَهَا كَانَ لَكَ بِهَا كِفْلَانِ يَا أَبَا ذَرٍّ اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ كُنْتَ لَا تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ عِبَادَةِ اللَّهِ الْمَعْرِفَةُ بِهِ فَهُوَ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ فَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ وَ الْفَرْدُ فَلَا ثَانِيَ لَهُ وَ الْبَاقِي لَا إِلَى غَايَةٍ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَا فِيهِمَا وَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ شَيْءٍ وَ هُوَ اللَّهُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ثُمَّ الْإِيمَانُ بِي وَ الْإِقْرَارُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَنِي إِلَى كَافَّةِ النَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً ثُمَّ حُبُّ أَهْلِ بَيْتِيَ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً وَ اعْلَمْ يَا أَبَا ذَرٍّ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ أَهْلَ بَيْتِي فِي أُمَّتِي كَسَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَ مَنْ رَغِبَ عَنْهَا غَرِقَ وَ مِثْلَ بَابِ حِطَّةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَنْ دَخَلَهَا كَانَ آمِناً- يَا أَبَا ذَرٍّ احْفَظْ مَا أُوصِيكَ بِهِ تَكُنْ سَعِيداً فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ يَا أَبَا ذَرٍّ نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَ الْفَرَاغُ يَا أَبَا ذَرٍّ اغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ وَ صِحَّتَكَ قَبْلَ سُقْمِكَ وَ غِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَ فَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ وَ حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِيَّاكَ وَ التَّسْوِيفَ بِعَمَلِكَ فَإِنَّكَ بِيَوْمِكَ وَ لَسْتَ بِمَا بَعْدَهُ فَإِنْ يَكُنْ غَدٌ لَكَ فَكُنْ فِي الْغَدِ كَمَا كُنْتَ فِي الْيَوْمِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ غدا [غَدٌ لَكَ] لَمْ تَنْدَمْ عَلَى مَا فَرَّطْتَ فِي الْيَوْمِ- يَا أَبَا ذَرٍّ كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ يَوْماً لَا يَسْتَكْمِلُهُ وَ مُنْتَظِرٍ غَداً لَا يَبْلُغُهُ يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ نَظَرْتَ إِلَى الْأَجَلِ وَ مَسِيرِهِ لَأَبْغَضْتَ الْأَمَلَ وَ غُرُورَهُ يَا أَبَا ذَرٍّ كُنْ كَأَنَّكَ فِي الدُّنْيَا غَرِيبٌ أَوْ كَعَابِرِ سَبِيلٍ وَ عُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالْمَسَاءِ وَ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالصَّبَاحِ وَ خُذْ مِنْ صِحَّتِكَ قَبْلَ سُقْمِكَ وَ مِنْ حَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا اسْمُكَ غَداً يَا أَبَا ذَرٍّ إِيَّاكَ أَنْ تُدْرِكَكَ الصَّرْعَةُ عِنْدَ الْعَثْرَةِ فَلَا تُقَالَ الْعَثْرَةُ وَ لَا تُمَكَّنَ مِنَ الرَّجْعَةِ وَ لَا يَحْمَدَكَ مَنْ خَلَّفْتَ بِمَا تَرَكْتَ وَ لَا يَعْذِرَكَ مَنْ تَقْدَمُ عَلَيْهِ بِمَا اشْتَغَلْتَ بِهِ
يَا أَبَا ذَرٍّ كُنْ عَلَى عُمُرِكَ أَشَحَّ مِنْكَ عَلَى دِرْهَمِكَ وَ دِينَارِكَ يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ يَنْتَظِرُ أَحَدُكُمْ إِلَّا غِنًى مُطْغِياً أَوْ فَقْراً مُنْسِياً أَوْ مَرَضاً مُفْسِداً أَوْ هَرَماً مُقْعِداً أَوْ مَوْتاً مُجْهِزاً أَوِ الدَّجَّالَ فَإِنَّهُ شَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ أَوِ السَّاعَةَ وَ السَّاعَةُ أَدْهَى وَ أَمَرُّ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَا يُنْتَفَعُ بِعِلْمِهِ وَ مَنْ طَلَبَ عِلْماً لِيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ لَمْ يَجِدْ رِيحَ الْجَنَّةِ يَا أَبَا ذَرٍّ مَنِ ابْتَغَى الْعِلْمَ لِيَخْدَعَ بِهِ النَّاسَ لَمْ يَجِدْ رِيحَ الْجَنَّةِ يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا سُئِلْتَ عَنْ عِلْمٍ لَا تَعْلَمُهُ فَقُلْ لَا أَعْلَمُهُ تَنْجَ مِنْ تَبِعَتِهِ وَ لَا تُفْتِ بِمَا لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ تَنْجُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ- يَا أَبَا ذَرٍّ يَطَّلِعُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَيَقُولُونَ مَا أَدْخَلَكُمُ النَّارَ وَ قَدْ دَخَلْنَا الْجَنَّةَ بِتَأْدِيبِكُمْ وَ تَعْلِيمِكُمْ فَيَقُولُونَ إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَ لَا نَفْعَلُهُ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَقُومَ بِهَا الْعِبَادُ وَ إِنَّ نِعَمَ اللَّهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعِبَادُ وَ لَكِنْ أَمْسُوا وَ أَصْبِحُوا تَائِبِينَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فِي آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ وَ أَعْمَالٍ مَحْفُوظَةٍ وَ الْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً وَ مَنْ يَزْرَعْ خَيْراً يُوشِكْ أَنْ يَحْصُدَ خَيْراً وَ مَنْ يَزْرَعْ شَرّاً يُوشِكْ أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً وَ لِكُلِّ زَارِعٍ مِثْلُ مَا زَرَعَ لَا يُسْبَقُ بَطِيءٌ لِحَظِّهِ وَ لَا يُدْرِكُ حَرِيصٌ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ وَ مَنْ أُعْطِيَ خَيْراً فَاللَّهُ أَعْطَاهُ وَ مَنْ وُقِيَ شَرّاً فَاللَّهُ وَقَاهُ- يَا أَبَا ذَرٍّ الْمُتَّقُونَ سَادَةٌ وَ الْفُقَهَاءُ قَادَةٌ وَ مُجَالَسَتُهُمُ الزِّيَادَةُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَرَى ذَنْبَهُ كَأَنَّهُ صَخْرَةٌ يَخَافُ أَنْ تَقَعَ عَلَيْهِ وَ إِنَّ الْكَافِرَ يَرَى ذَنْبَهُ كَأَنَّهُ ذُبَابٌ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً جَعَلَ ذُنُوبَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مُمَثَّلَةً وَ الْإِثْمَ عَلَيْهِ ثَقِيلًا وَبِيلًا وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً أَنْسَاهُ ذُنُوبَهُ يَا أَبَا ذَرٍّ لَا تَنْظُرْ إِلَى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ وَ لَكِنِ انْظُرْ إِلَى مَنْ عَصَيْتَهُ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَشَدُّ ارْتِكَاضاً مِنَ الْخَطِيئَةِ مِنَ الْعُصْفُورِ حِينَ يُقْذَفُ بِهِ فِي شَرَكِهِ- يَا أَبَا ذَرٍّ مَنْ وَافَقَ قَوْلَهُ فِعْلُهُ فَذَاكَ الَّذِي أَصَابَهُ حَظُّهُ وَ مَنْ خَالَفَ قَوْلَهُ فِعْلُهُ فَإِنَّمَا يُوبِقُ نَفْسَهُ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ رِزْقَهُ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ يَا أَبَا ذَرٍّ دَعْ مَا لَسْتَ مِنْهُ فِي شَيْءٍ فَلَا تَنْطِقْ بِمَا لَا يَعْنِيكَ وَ اخْزُنْ لِسَانَكَ