کتابخانه روایات شیعه

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الدروع الواقية

مقدمة التحقيق‏ تقديم: حول كتاب الدروع الواقية مؤلف الكتاب: ما قيل عنه رحمه اللّه تعالى: مؤلّفاته: منهج التحقيق: مقدمة المؤلف‏ الفصل الاول: فيما يعمل أول ليلة من كل شهر الفصل الثاني: فيما يؤكل أول الشهر لئلا ترد له حاجة. الفصل الثالث: فيما نذكره مما يعمل أول كل شهر الفصل الرابع: فيما نذكره من صوم داود عليه السّلام‏ الفصل الخامس: فيما نذكره من صوم جماعة من الانبياء و أبناء الانبياء صلوات اللّه جل جلاله عليهم‏ الفصل السادس: فيما نذكره من صيام أول خميس في العشر الاول من كل شهر الفصل السابع: فيما نذكره من الرواية في أدب الصائم هذه الثلاثة الأيام‏ الفصل الثامن: فيما نذكره من الرواية في سبب صوم هذه الأيام أيضا الفصل التاسع: فيما نذكره من الرواية في هل هذه الثلاثة الأيام من الشهر الفصل العاشر: فيما نذكره من الرواية في تعيين أول خميس من الشهر، الفصل الحادي عشر: فيما نذكره من الرواية بأنه اذا اتفق خميسان في أوله‏ الفصل الثاني عشر: فيما نذكره مما يعمله من ضعف عن صيام الثلاثة الايام. الفصل الثالث عشر: فيما نذكره من الاخبار في أنه يجزئ مد من الطعام عن اليوم. الفصل الرابع عشر: فيما نذكره من صوم اليوم الثالث عشر و الرابع عشر الفصل الخامس عشر: فيما نذكره من فضل قراءة سورة الاعراف في كل شهر. الفصل السادس عشر: فيما نذكره من فضل قراءة سورة الانفال في كل شهر. الفصل السابع عشر: فيما نذكره من فضل قراءة سورة الانفال و براءة في كل شهر. الفصل الثامن عشر: فيما نذكره من فضل قراءة سورة يونس عليه السّلام في كل شهر. الفصل التاسع عشر: فيما نذكره من فضل قراءة النحل في كل شهر. الفصل العشرون: فيما نذكره من زيارة الحسين صلوات اللّه عليه في كل شهر الفصل الحادي و العشرون: فيما نذكره من الرواية بأدعية ثلاثين فصلا، [اليوم الأول‏] اليوم الثاني: اليوم الثالث: اليوم الرابع: اليوم الخامس: اليوم السادس: اليوم السابع: اليوم الثامن: اليوم التاسع: اليوم العاشر: اليوم الحادي عشر: اليوم الثاني عشر: اليوم الثالث عشر: اليوم الرابع عشر: اليوم الخامس عشر: اليوم السادس عشر: اليوم السابع عشر: اليوم الثامن عشر: اليوم التاسع عشر: اليوم العشرون: اليوم الحادي و العشرون: اليوم الثاني و العشرون: اليوم الثالث و العشرون: اليوم الرابع و العشرون: اليوم الخامس و العشرون: اليوم السادس و العشرون: اليوم السابع و العشرون: اليوم الثامن و العشرون: اليوم التاسع و العشرون: اليوم الثلاثون: الفصل الثاني و العشرون: فيما نذكره من الرّواية الثانية في ثلاثين فصلا لكل يوم فصل منفرد اليوم الأول‏ اليوم الثاني: اليوم الثالث: اليوم الرابع: اليوم الخامس: اليوم السادس: اليوم السابع: اليوم الثامن: اليوم التاسع: اليوم العاشر: اليوم الحادي عشر: اليوم الثاني عشر: اليوم الثالث عشر: اليوم الرابع عشر: اليوم الخامس عشر: اليوم السادس عشر: اليوم السابع عشر: اليوم الثامن عشر: اليوم التاسع عشر: اليوم العشرون: اليوم الحادي و العشرون: اليوم الثاني و العشرون: اليوم الثالث و العشرون: اليوم الرابع و العشرون: اليوم الخامس و العشرون: اليوم السادس و العشرون: اليوم السابع و العشرون: اليوم الثامن و العشرون: اليوم التاسع و العشرون: اليوم الثلاثون: الفصل الثالث و العشرون في رواية أخرى بتعيين أيّام الشّهور و ما فيها من وقت السّرور و المحذور الفصل الرابع و العشرون فيما نذكره من حديث اليوم الّذي ترفع فيه أعمال كل شهر

الدروع الواقية


صفحه قبل

الدروع الواقية، ص: 12

كتاب (اقبال الاعمال) المختص بأعمال السنة.

كتاب (الدروع الواقية) في أعمال الشهر.

كتاب (جمال الاسبوع) في أعمال أيام الاسبوع.

كتاب (فلاح السائل) في أعمال اليوم و الليلة.

و لعل التأمل البسيط في مجمل فصول هذا الكتاب المهم و السفر القيّم يكشف عن القدرة الرائعة لمؤلفه رحمه اللّه في انتقاء الدرر المبعثرة في تراث الدعاء الخالد لمدرسة أهل البيت عليهم السّلام و تنضيده في عقد جميل براق قل أن يكون له نظير، فلا غرو ان يحضى بهذه المنزلة الكبيرة و الاهتمام الجدي من قبل العلماء و الباحثين، و عموم المؤمنين.

هذا يشكّل الجانب الاول الذي يمكن للقارئ أن يستقرأه من خلال مطالعته المتعجلة لهذا الكتاب، و أما الملاحظة الأخرى و التي يمكن لنا استشفافها من خلال هذا الاستقراء، فهي القدرة الرائعة للمؤلف رحمه اللّه على تطويع العبارات الادبية المختلفة- التي يزدان بها كتابه- على خدمة المبنى الخاص الذي انتحاه في تأليفه لهذا الكتاب، و الحق يقال ان المرء لا يسعه إلّا الاقرار بهذه الملكة الرائعة، و التي تظهر بوضوح من خلال الصفحات الاولى لكتابه و التي هي المقدمة الخاصة به، و يبدو إنّ هذا الاعجاب لا ينحصر بنا بل يتعدانا الى الشيخ الكفعمي صاحب كتاب البلد الامين و مهج الدعوات حيث أورد و عند تأليفه لما اسماه بملحقات الدروع الواقية (اي كتابنا هذا) عين مقدمة السيد رحمه اللّه، أو لعل النساخ قد أوردوها جهلا أو عمدا في مقدمة هذه الملحقات.

و اذا كان لهذا الامر من الحسن الشي‏ء الكثير إلّا أنّه قد أوقع الآخرين بالخلط بين الاثنين، و عدم التمييز بينهما، طالما أنّ الكتاب لا زال حتى شروعنا في تحقيق هذا الكتاب رهين المخطوطات المتفرّقة و المبعثرة في المكتبات العامة

الدروع الواقية، ص: 13

و الخاصة، و هذا مما لا يمكّن بيسر التأمل بجميع جوانب الكتاب و قراءته تفصيليا، ينضاف الى ذلك شدة التشابه الكبير في فصوله المذكورة، فكان أن حصل نتيجة ذلك خلط بين النسختين، بين كتاب الدروع الواقية للسيد ابن طاووس، و بين ملحقات الدروع الواقية للشيخ الكفعمي رحمهما اللّه برحمته الواسعة.

و يبدو ان ما وقع بين يدي العلّامة المجلسي رحمه اللّه هو النسخة الثانية المختصرة، أو ما يسمى بملحقات الدروع الواقية للشيخ الكفعمي، حيث يظهر ذلك بوضوح من خلال التأمّل في نقولاته عن الكتاب في بحاره، كما اخطأ الكثير من النساخ عند اثباتهم لاسم الدروع على ملحقاته، و هذا ما أوقعنا في أول الامر في حيرة أمام نسختين متفاوتتين في الحجم بشكل بيّن، و باختلاف لا يمكن الاعراض عنه في متنيهما، الّا ان هذه الحيرة لم تثبّط من جدنا في محاولتنا لتحقيق هذا الكتاب النفيس حيث تبيّن لنا بعد البحث عن حقيقة هذا التفاوت انّا أمام كتابين مختلفين و إن كانا ينبعثان من أصل واحد، و هذه النتيجة الحاسمة تشكّلت لدينا نتيجة جملة قاطعة من الأدلة الواقعية.

فلمّا كان لدينا تصور واضح حول وجود نسخة خطية لكتاب أنجز تأليفه الشيخ ابراهيم بن علي العاملي الكفعمي رحمه اللّه ليكون مكمّلا و ملحقا، او حتى مختصرا- كما يبدو لمن يتأمّله- مع بعض الاختلاف اليسير في عباراته، فان هذه الملاحظة المهمة كان معضدة لما تحققنا منه عند مطالعتنا للنسخة الثانية- الصغيرة الحجم و التي أثبت عليها اسم الدروع الواقية اشتباها- باكملها دون اهمال سطر منها، و هو ما اكد صحة وجود هذين الكتابين تحت اسم واحد رغم اختلاف مؤلفيهما و التفاوت البيّن بين متنيهما.

حقا ان هناك تشابها كبيرا بين النسختين بشكل قد يخدع به الكثيرون، كما في مقدمتيهما و ترتيب فصوليهما و محتوييهما و غير ذلك من الموارد المتعددة، الا ان‏

الدروع الواقية، ص: 14

هناك و في نسخة الكفعمي (اي الملحقات) العديد من الادلة القطعية الدالة على عدم وحدتهما، و اليك عزيزي القارئ بعض هذه الموارد:

1- في الفصل الرابع عشر منه ذكر ما نصه: قال المحتاج الى بارئ الخليقة من نطفة امشاج، أكثر الناس زللا، و أقلهم عملا، الكفعمي مولدا، اللويزي محتدا، الجبعي أبا، التقي لقبا، الامامي مذهبا، ابراهيم بن علي بن حسن بن محمد بن صالح اصلح اللّه شأنه، و صانه عما شانه: لما وصلت في رقم فصول الشهر الى الفصل الرابع عشر لم اجد فيه كمال النصف .... مع ان المصنف طاب ثراه ذكره في ديباجته، و أناره في مشكاة زجاجه ...

2- و في الفصل السادس عشر منه قال ما نصه: و اعلم ان السيد ابو القاسم علي بن موسى بن جعفر الطاووس مصنف هذا الكتاب سهى قلمه عن فضل سورة يونس عليه السّلام، و لم يرد له فضلا مفردا كما فعل في سورة الاعراف و في سورة الانفال ايضا، بل تعداها و ذكر سورة النحل و فضل قراءتها في كل شهر، و نحن نذكر ما اهمله رحمه اللّه من فضل سورة يونس عليه السلام.

3- و بعد ايراده لليوم الثلاثين من الشهر و الدعاء فيه قال ما نصه:

قال كاتب هذا الكتاب ابراهيم بن علي الخثعمي الكفعمي وفقه اللّه لمرضاته و جعل يومه خيرا من ماضيه: لما وصل المصنف السيد ابو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد الطاووس قدس اللّه روحه في كتابه الى هذا المكان اشار الى رواية مروية عن مولانا الهادي عليه السلام، و ان فيها ادعية اذا دعا بها الداعي صرف اللّه عنه نحوس الايام المحذورة، و لم يذكرها طاب ثراه في كتابه ليهجم بالطالب على الطلب عفوا من غير ما تعب ...

كما اننا و من خلال مطابقة هذه النسخة و التي اسميت كأخواتها- اشتباها بالدروع الواقية مع نقولات البحار وجدنا اتفاقا كاملا بينهما و اختلافا مع‏

الدروع الواقية، ص: 15

نسخة الدروع الاصلية.

و مما يعضد نسختنا ايضا- بعد ان سقط الاعتماد على النسخة السابقة لما ذكرناه سابقا من انها تخص كتاب الملحقات للشيخ الكفعمي رحمه اللّه نقولات الشيخ الحر العاملي رحمه اللّه منها في الموارد التي اعتمدها عن كتاب الدروع، مضافا الى ما أورده النوري رحمه اللّه في الفائدة الثالثة من خاتمة المستدرك من إيراده لنص فقرة وردت في كتاب الدروع قائلا: قال السيد علي بن طاوس في آخر الدروع الواقية: و هذا جعفر بن احمد عظيم ... عظيم الشأن من الاعيان، ذكر الكراجكي في كتاب الفهرست ان صنف مائتين و عشرين كتابا بقم و الري ... الخ.

كما يؤيد ذلك ايضا ما علم من تصنيف الشيخ الكفعمي لما اسمي بملحقات الدروع الواقية، و عدم الخلاف في صحة ذلك ...

مؤلف الكتاب:

لعله مما يزداد به تأريخ مدينة الحلة الجميلة الواقعة في وسط العراق،- و حيث ترتكز في اعماق جذورها اقدم الحضارات البشريّة و اعرقها- بروز الكثير من رجالات الطائفة الأفذاذ و اعلامها، امثال: المحقّق الحلّي، و العلامة الحلّي، و الشيخ ابن ادريس، و آل نما، و آل طاووس، و غيرهم، و حيث قامت على ارضها الطيّبة مدرسة فقهيّة خاصة بها اقر بمكانتها الجميع، و اعترفوا بفضلها، و علو منزلتها التي ضاهت في بعض الأحيان مدرسة النجف العلميّة، فتخرج منها جملة كبيرة من الأعلام الكبار اغنوا المكتبة الاسلامية بالكثير من المؤلفات القيّمة و المهمة التي امست بحق و حتى يومنا هذا مناهج دراسية تدور عليها رحى البحث و المناقشة في جميع الحوزات العلميّة، و تلك منزلة قل نظيرها.

بلى في هذه المدينة الطيّبة ولد مؤلف كتابنا، السيد علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن احمد- و هو الطاووس- بن اسحاق بن الحسن بن محمد بن‏

الدروع الواقية، ص: 16

سليمان بن داود بن الحسن المثنى السبط ابن مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام، و بالتحديد قبل ظهر يوم الخميس منتصف شهر محرم الحرام سنة 589 ه.

نشأ رحمه اللّه في بيت عريق يفوح عطر العلم الالهي من جنباته، و يؤمّه المسلمون للتزود من بركاته، فأخذ العلم في باكورة حياته عن جده ورّام و ابيه رحمهما اللّه، حيث تعلم الخط و العربية، و قرأ علوم الشريعة المحمديّة المباركة، و درس الفقه، فتفوق على أقرانه، و بزهم بذكائه الملفت للانتباه.

هاجر الى بغداد في حدود سنة 625 ه، و بقي فيها نحوا من خمس عشرة سنة، ثم عاد الى مدينته في أواخر عهد المستنصر المتوفى سنة 640 ه. استطاع السيد ابن طاووس رحمه اللّه في بغداد- و كنتيجة طبيعية لما يتميز به من منزلة علمية عالية- أن يفرض له وجودا قويا و مكانة مرموقة دفعت بالكثيرين الى الاعتراف بها و الاقرار بحقيقتها، بل و أرغمت الخلافة الرسمية الى التودد اليها، و محاولة الاسترشاد بقدرتها، مما أدى بالتالي الى نشوء علاقة قوية و متينة بين الخليفة العباسي آنذاك و هو المستنصر و بين السيد رحمه اللّه، مما مكن الأخير من التوسط لحل الكثير من مشاكل عوام الناس، و دفع الضرر عنهم، و توفير لقمة العيش لهم.

و لقد كان بلغ حب الخليفة العباسي للسيد رحمه اللّه حدا دفعه الى مفاتحته صراحة في مسألة تسليم الوزارة له، بعد محاولاته السابقة بتسليمه منصب الافتاء و نقابة الطالبيين، و حيث كان رد السيد الرفض القاطع لتسلم هذا المنصب الحساس و المهم، لاسباب موضوعية ذكرها هو للمستنصر، حيث قال له: أن كان المراد بوزارتي على عادة الوزراء يمشون امورهم بكل مذهب و كل سبب، سواء كان ذلك موافقا لرضا اللّه جل جلاله و رضا سيد الانبياء و المرسلين أو مخالفا لهما في الآراء، فانك من ادختله في الوزارة بهذه القاعدة قام‏

الدروع الواقية، ص: 17

بما جرت عليه العوائد الفاسدة، و أن اردت العمل في ذلك بكتاب اللّه جل جلاله و سنة رسوله صلّى اللّه عليه و آله فهذا أمر لا يحتمله من في دارك و لا مماليكك و لا خدمك و لا حشمك و لا ملوك الاطراف، و يقال لك اذا سلكت سبيل العدل و الانصاف و الزهد: أن هذا علي بن طاووس علوي حسني ما أراد بهذه الأمور الا ان يعرف أهل الدهور أن الخلافة لو كانت اليهم كانوا على هذه القاعدة من السيرة، و ان في ذلك ردا على الخلفاء من سلفك و طعنا عليهم.

و هكذا يبدو بوضوح لا يقبل الخفاء عظم المنزلة التي يتمتع بها السيد رحمه اللّه، و أثر التربية العالية، و النشأة الطاهرة له.

و لا غرو في ذلك، فلا يخفى على أحد عمق الاثر التربوي الذي يخلفه الانحدار الأسري الطيب، اذا اقترن بالجد و الاجتهاد لا بالتواكل و الاسترزاق كدأب البعض، حيث يكون هذا الانحدار المشرف حافزا قويا للانطلاق أكثر نحو آفاق الشرف و العز.

فعائلة آل طاووس تعد من الأسر الجليلة العريقة التي حازت على الكثير من أوسمة الفخر و الشرف و العلياء، و تعد من بيوتات الحلة التي كان لها الفضل الكبير في رفد حركة النهضة العلميّة التي شهدتها هذه المدينة و خصوصا بعد انحسار الهجوم المغولي الذي أدى الى سقوط مدينة بغداد مركز الخلافة الاسلامية و حاضرة العالم الاسلامي الكبرى، و ما ترتب على ذلك من مجازر رهيبة أستباح فيها المغول كل شي‏ء و لم يراعوا حرمة شي‏ء، و حيث كان نصيب المراكز العلميّة و الفكريّة- التي كانت قبلة لجميع طلبة العلم في اصقاع المعمورة- الثقل الاكبر، و النصيب الاوفر، بل و يكفي أن نورد ما ذكره بعض المؤرخين عن ذلك، حيث قال: تراكمت الكتب التي ألقاها التتار في نهر دجلة حتى صارت معبرا يعبر عليه الناس و الدواب و اسودت مياه دجلة بما القي فيها من الكتب!!!

الدروع الواقية، ص: 18

و الحق يقال ان عظم هذه المأساة الكبرى التي خلفها اكتساح المغول المتوحشين لحواظر العالم الاسلامي و خصوصا بغداد كان اكبر من أن يوصف أو أن يتصور، و ما كان الحال الذي آلت اليه الدولة الاسلامية العظيمة التي بلغت دعوتها أقاصي المعمورة، و داست سنابك خيولها المباركة الأبعاد النائية، إلّا نتيجة منطقية لحالة التفسخ و الانحراف الذي أصاب مركز الخلافة الاسلامية، و تشجيع الدولة لمظاهر التفرقة الطائفيّة، و اطلاقها لايدي المماليك في شؤون الدولة يعيثون فيها فسادا و تخريبا.

و من هنا فقد كانت المعادلة غير متوازنة بين القوتين المتصارعتين، بين المغول الاشداد المتمرسين على القتال و الكثيري العدّة و العدد، و بين الخلافة المهزوزة و المنشغلة بفتنها و لهوها و ابتعاد عموم المسلمين عنها و عدم ايمانهم بشرعيتها.

اذن لقد كانت النتيجة محسومة سلفا، بيد ان هذا الامر لم يكن ليدركه أو ليقدره المستعصم القصير النظر، و المتأثر الى حد كبير بما يمليه عليه افراد حاشيته و مستشاريه من المماليك و الجهلة، ممن لا يصيخون للحق سمعا، و لا للعقل انصاتا.

و لقد كانت الصورة واضحة بينة امام ناظري رجالات الشيعة و وجوهها، و كانوا يدركون فداحة الخطب الذي ستؤول اليه الامور بعد سقوط مركز الحكم الاسلامي في بغداد، فقدموا النصح المخلص المتوالي للخليفة و رجاله ممن يمتلكون ظلما ناصية الدولة الاسلامية، فأولوا من قبل الدولة و رجالها آذانا صماء و إعراضا متعمدا، كانت نتيجته ما كان مما حدثنا به التأريخ بشكل واسع و مفصّل.

صفحه بعد