کتابخانه روایات شیعه
الفصل الثامن: فيما نذكره من الرواية في سبب صوم هذه الأيام أيضا
. رَوَيْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِنَا إِلَى جَدِّي أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ، فِيمَا رَوَاهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قُلْتُ: لِمَ تَصُومُونَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ مِنْ وَسَطِ الشَّهْرِ؟
قَالَ: «لِأَنَّهُ لَمْ يُعَذَّبْ قَوْمٌ قَطُّ إِلَّا فِي أَرْبِعَاءَ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، فَنَرُدُّ عَنَّا نَحْسَهُ» 56 .
وَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْعِلَلِ لِلْقَزْوِينِيِّ، عَنِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «الْأَرْبِعَاءُ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَيَّامِ وَ آخِرُ الْأَيَّامِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً 57 » 58 .
وَ مِنْ ذَلِكَ: مَا رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ خَمِيسَيْنِ بَيْنَهُمَا أَرْبِعَاءُ، فَقَالَ: أَمَّا الْخَمِيسُ فَيَوْمٌ تُعْرَضُ فِيهِ الْأَعْمَالُ، وَ أَمَّا الْأَرْبِعَاءُ فَيَوْمٌ خُلِقَتْ فِيهِ النَّارُ، وَ أَمَّا الصَّوْمُ فَجُنَّةٌ» 59 .
أقول: و قد تقدم قبل ذلك أن هذه الايام كان ينزل فيها العذاب على الامم، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بصومها.
الفصل التاسع: فيما نذكره من الرواية في هل هذه الثلاثة الأيام من الشهر
(أربعاء بين خميسين، أو خميس بين أربعاءين؟) اعلم: أن الظاهر من عمل أصحابنا رضوان اللّه جل جلاله عليهم في وقت تعيين صوم هذه الايام من كل شهر يمكن صومها فيه، كما قدمناه في الفصل الذي قبل.
هذا،
وَ قَدْ رَوَيْتُ مِنْ كِتَابِ تَهْذِيبِ الْأَحْكَامِ بِإِسْنَادِي إِلى جَدِّي أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ قَدَّسَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ رُوحَهُ وَ نَوَّرَ ضَرِيحَهُ، فَقَالَ مَا هَذَا لَفْظُهُ: وَ الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ زُرْعَةَ، عَنْ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ فَقَالَ:
«فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْماً، خَمِيسٌ وَ أَرْبِعَاءُ وَ خَمِيسٌ، وَ الشَّهْرُ الَّذِي يَأْتِي أَرْبِعَاءُ وَ خَمِيسٌ وَ أَرْبِعَاءُ».
فليس بمناف لما قدمناه من الاخبار، لان الانسان مخير بين أن يصوم أربعاء بين خميسين، أو خميسا بين أربعاءين، و على أيهما عمل فليس عليه شيء 60 .
و الذي يدل على ما ذكرناه
مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الصِّيَامِ.
فَقَالَ: «ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الشَّهْرِ: الْأَرْبِعَاءُ، وَ الْخَمِيسُ، وَ الْجُمُعَةُ».
فَقُلْتُ: إِنَّ أَصْحَابَنَا يَصُومُونَ أَرْبِعَاءَ بَيْنَ خَمِيسَيْنِ فَقَالَ: «لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَ لَا بَأْسَ بِخَمِيسٍ بَيْنَ أَرْبِعَاءَيْنِ».
هذا آخر لفظ جدي أبي جعفر الطوسي في تهذيب الاحكام 61 .
أقول: فلما رأيته ما طعن على الرواية الاولى، و ذكر صريحا حديثا عن الرضا عليه السّلام بالتخيير بين الأربعاء بين خميسين و خميس بين أربعاءين، ذكرت ذلك استظهارا في العبادة، و تحصيل السعادة.
الفصل العاشر: فيما نذكره من الرواية في تعيين أول خميس من الشهر،
(و آخر خميس منه.)
رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ بِإِسْنَادِهِمْ إِلَى أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ مِنْ كِتَابِ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الْفَقِيهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ خَمِيسَانِ فَصُمْ (أَوَّلَهُمَا فَإِنَّهُ أَفْضَلُ، وَ إِذَا كَانَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ خَمِيسَانِ فَصُمْ) 62 آخِرَهُمَا فَإِنَّهُ أَفْضَلُ» 63 .
الفصل الحادي عشر: فيما نذكره من الرواية بأنه اذا اتفق خميسان في أوله
(و أربعاءان في وسطه، أو خميسان في آخره، أن صوم الاول منهما أفضل أو الآخر، و تأويل ذلك)
وَجَدْنَا ذَلِكَ مِنْ نَوَادِرِ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيِّ، وَ رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ هَارُونَ بْنِ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِيثَمٍ، عَنْ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ الشَّهْرِ خَمِيسَيْنِ فَصَوْمُ آخِرِهِمَا أَفْضَلُ، وَ إِذَا كَانَ وَسَطُ الشَّهْرِ أَرْبِعَاءَيْنِ فَصَوْمُ آخِرِهِمَا أَفْضَلُ» 64 .
أقول: لعل المراد بذلك أن من فاته صوم الخميس الاول أو الاربعاء الاول، فان صوم الآخر منهما أفضل من تركهما، لانه لو لا هذا الحديث كان يعتقد الانسان أنه اذا فاته الاول منهما ترك صوم الآخر منهما، أو لغير ذلك من التأويل.
أقول: و أما اتفاق خميسين في آخره،
فَإِنَّنَا رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا إِلَى أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ كِتَابِ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الْفَقِيهُ، قَالَ: وَ رُوِيَ: أَنَّهُ سُئِلَ الْعَالِمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ خَمِيسَيْنِ يَتَّفِقَانِ فِي آخِرِ الْعَشْرِ.
فَقَالَ: «صُمِ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا فَلَعَلَّكَ لَا تَلْحَقُ الثَّانِيَ» 65 .
أقول: هذان الحديثان يحتمل أنهما لا يتنافيان، بل لكل واحد منهما معنى غير الآخر، و ذلك أنه اذا كان يوم الثلاثين من الشهر يوم الخميس، و قبله خميس آخر في العشر، فينبغي صوم الخميس الاول منهما، لجواز أن يهل الشهر ناقصا فيذهب منه صوم يوم الخميس الثلاثين.
و اذا كان يوم الخميس الاخير يوم تاسع و عشرين من الشهر، و قبله خميس آخر في العشر الاخير، فَإِنَّ الافضل هاهنا صوم الخميس التاسع عشرين [من] الشهر، لانه على يقين أنه ما يخاف فواته.
الفصل الثاني عشر: فيما نذكره مما يعمله من ضعف عن صيام الثلاثة الايام.
رَوَيْنَاهُ بِعِدَّةِ طُرُقٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ [عَلَيْهِ] قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّنِي قَدِ اشْتَدَّ عَلَيَّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَمَا يُجْزِئُ عَنِّي أَنْ أَتَصَدَّقَ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ؟! فَقَالَ: «صَدَقَةُ دِرْهَمٍ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِ يَوْمٍ» 66 .
و من ذلك
بِإِسْنَادِنَا إلى مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ الصَّوْمَ يَشْتَدُّ عَلَيَّ.
فَقَالَ: «لَدِرْهَمٌ تَصَدَّقُ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامٍ» ثُمَّ قَالَ: «وَ مَا أُحِبُّ أَنْ تَدَعَهُ» 67 .
وَ رَوَيْنَا بِإِسْنَادِنَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عُقْبَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَدْ كَبِرَ سِنِّي وَ ضَعُفْتُ عَنِ الصِّيَامِ، فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي كُلِّ شَهْرٍ؟
فَقَالَ: «يَا عُقْبَةُ، تَصَدَّقْ بِكُلِّ دِرْهَمٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ».
فَقَالَ: قُلْتُ: دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؟! فَقَالَ: «لَعَلَّهَا كَثُرَتْ عِنْدَكَ، فَأَنْتَ تَسْتَقِلُّ الدِّرْهَمَ؟».
قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيَّ سَائِغَةٌ.