کتابخانه روایات شیعه
الدنيا انعاما كثيرا، و في الاخرة نعيما و ملكا كبيرا، و ابدأ في ذلك بمن تريد تقديمه في الدعاء علينا، و أنزل علينا و كلّ محسن الينا رحمتك يا أرحم الراحمين.
و أما الصلاة في أول ليلة من الشهر، فانني وجدت في بعض الروايات
عَنْ مَوْلَانَا جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ: إِنَّ مَنْ صَلَّى أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ وَ قَرَأَ سُورَةَ الْأَنْعَامِ فِي صَلَاتِهِ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَهُ كُلَّ خَوْفٍ وَ وَجَعٍ أَمِنَ فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ مِمَّا يَكْرَهُهُ 24 بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى.
أقول: و أما ما يعمله عند وقت رؤية الهلال من يخاف من عدو يؤذيه ببعض الأهوال، فإننا
رُوِّينَا: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ- بِإِسْنَادِهِ- قَالَ: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا خِفْتَ أَحَداً فَأَرَدْتَ أَنْ تُكْفَى أَمْرَهُ وَ شَرَّهُ- أَوْ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَاعْتَمِدْ لَيْلَةَ الْهِلَالِ كَأَنَّكَ تُومِئُ إِلَيْهِ بِالْخِطَابِ وَ قُلْ: أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَ أَصابَهُ الْكِبَرُ وَ لَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ 25 فَاحْتَرَقَتْ (ثَلَاثاً)، وَ تُومِئُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ نَحْوَ دَارِ الرَّجُلِ الَّذِي تَخَافُهُ (وَ تَقُولُ): اللَّهُمَ 26 طُمَّهُ بِالْبَلَاءِ طَمّاً، وَ عُمَّهُ بِالْبَلَاءِ عَمّاً، وَ ارْمِهِ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ، وَ طَيْرِكَ الْأَبَابِيلِ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ.
ثُمَّ تَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الشَّهْرِ وَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَإِنْ نَجَعَ وَ بَلَغَ مَا تُرِيدُهُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَ إِلَّا فَعَلْتَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، تَلْتَمِسُ
الْهِلَالَ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَ تَقُولُ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَ الثَّانِيَةِ وَ الثَّالِثَةِ، فَإِنْ نَجَعَ وَ إِلَّا بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ، وَ لَنْ تَحْتَاجَ إِلَيْهِ بِإِذْنِ اللَّهِ» 27 .
الفصل الثاني: فيما يؤكل أول الشهر لئلا ترد له حاجة.
رَوَيْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِنَا إِلَى هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيِّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامِ بْنِ سُهَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْخَيْرِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْفَارِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الطَّبَرِيُّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبَانٍ الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: «نِعْمَ اللُّقْمَةُ الْجُبُنُّ، تُعْذِبُ الْفَمَ وَ تُطَيِّبُ النَّكْهَةَ وَ تَهْضِمُ مَا قَبْلَهُ وَ تُشَهِّي الطَّعَامَ، وَ مَنْ يَعْتَمِدْ أَكْلَهُ رَأْسَ الشَّهْرِ أَوْشَكَ أَنْ لَا تُرَدَّ (لَهُ) 28 حَاجَةٌ» 29 .
أقول: فإياك أن تستبعد مثل هذه الآثار، و قد رواها هارون بن موسى و هو من الأخيار، و كم للّه جل جلاله في بلاده و عباده من الأسرار، ما لم يطلع عليه إلا من شاء من رسله و خواصه الأطهار. فيجب التسليم و الرضا و القبول، ممن شهدت بوجوب تصديقه العقول.
الفصل الثالث: فيما نذكره مما يعمل أول كل شهر
(من صلاة و دعاء و صدقة صادرة عن من تدبيره من جملة تدبير اللّه جل جلاله و فضله، ليسلم العبد بذلك من خطر الشهر كله.)
رَوَيْنَا بِإِسْنَادِنَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ الْقُمِّيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْأَشْعَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْوَشَّاءِ- يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ إِلْيَاسَ الْخَزَّازَ قَالَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ إِذَا دَخَلَ شَهْرٌ جَدِيدٌ يُصَلِّي أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ رَكْعَتَيْنِ، يَقْرَأُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلَاثِينَ مَرَّةً بِعَدَدِ أَيَّامِ الشَّهْرِ، وَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَ يَتَصَدَّقُ بِمَا يَتَسَهَّلُ، فَيَشْتَرِي بِهِ سَلَامَةَ ذَلِكَ الشَّهْرِ كُلِّهِ 30 .
وَ وَجَدْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مَرْوِيّاً أَيْضاً عَنْ مَوْلَانَا جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. .
أَقُولُ: وَ رَأَيْتُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ زِيَادَةً: فَقَالَ: «وَ يُسْتَحَبُّ إِذَا فَرَغْتَ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ أَنْ تَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً 33 ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ 34 حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ 35 وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ 36 لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 37 رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ 38 رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ 39 » 40 .
يقول السيد الامام، العالم العامل، الفقيه الكامل، العلّامة الفاضل، الزاهد العابد، البارع الورع، رضي الدين، ركن الاسلام، جمال العارفين، أفضل السادة، أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاووس كبت اللّه أعداءه: قد عرفت أن
الْعِتْرَةَ مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ الَّذِينَ كَانُوا قَائِمِينَ مَقَامَهُ فِي فِعَالِهِ وَ مَقَالِهِ، قَالُوا: «إِنَّ مَا نَرْوِيهِ فَإِنَّهُ عَنْهُ، وَ مَأْخُوذٌ مِنْهُ».
فهم قدوة لمن اقتدى بفعلهم و قولهم، و هداة لمن عرف شرف محلهم، فاقتد في
السلامة من خطر كل شهر كما 41 أشار اليه مولانا محمد بن علي الجواد صلوات اللّه عليه.
أقول: (و ينبغي أن تذكر) 42 عند صدقتك أن هذه الصدقة التي في يديك للّه جل جلاله، و من احسانه اليك، و الذي تشتريه من السلامة هو أيضا من ذخائره التي يملكها هو جل جلاله، و تريد أنت منه جل جلاله أن ينعم بها عليك، و أنت ملكه على اليقين لا تشك في ذلك ان كنت من العارفين، فاحضر بقلبك عند صلاتك و صدقتك هذه أنك تشتري ما يملكه اللّه جل جلاله لمن يملكه اللّه جل جلاله، فالمشتري- و هو أنت، كما قلناه- ملكه، و الذي تشتري به السلامة- و هو الصدقة- ملكه، و أن السلامة التي تشتريها ملكه، فاحذر أن تغفل عما أشرنا اليه، فقد كررناه ليكون على خاطرك الاعتماد عليه.
أقول: فاذا أديت الامانة في صلاتك و صدقتك، و خلصت نيتك في معاملتك للّه جل جلاله و مراقبتك، فكن واثقا بالسلامة من أخطار شهرك، و مصدقا في ذلك ولاة أمرك، و حسن الظن باللّه جل جلاله في صيانتك و نصرك.
أقول: و مما ينبغي أن تعرفه من سبيل أهل التوفيق و تعلمه فهو أبلغ في الظفر بالسلامة على التحقيق، و ذلك أن تبدأ في قلبك عند صلاة الركعتين و عند الصدقة و الدعاء بتقديم ذكر سلامة من يجب الاهتمام بسلامته قبل سلامتك، و هو الذي تعتقد أنه إمامك و سبب سعادتك في دنياك و آخرتك.
و اعلم أنه صلوات اللّه عليه غير محتاج الى توصلك بصلاتك و صدقتك و دعائك في سلامته من شهره، لكن اذا نصرته جازاك اللّه جل جلاله بنصره،
و جعلك في حصن حريز، قال اللّه جل جلاله وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ 43 .
و لأن من كمال الوفاء لنائب خاتم الانبياء، أن تقدمه قبل نفسك في كل خير تقدر عليه، و دفع كل محذور أن يصل اليه، و كذا عادة كل انسان مع من هو أعز من نفسه عليه.
و لانك اذا استفتحت أبواب القبول، بطاعة اللّه جل جلاله و الرسول، يرجى أن تفتح الابواب لاجلهم، فتدخل أنت نفسك في ضيافة الدخول تحت ظلهم، و على موائد فضلهم.
يَقُولُ السَّيِّدُ الْإِمَامُ، الْعَالِمُ الْعَامِلُ، الْفَقِيهُ الْكَامِلُ، الْعَلَّامَةُ الْفَاضِلُ، الزَّاهِدُ الْعَابِدُ الْوَرِعُ، رَضِيُّ الدِّينِ، رُكْنُ الْإِسْلَامِ، جَمَالُ الْعَارِفِينَ، أَفْضَلُ السَّادَةِ، أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّاوُسُ كَبَّتَ اللَّهُ أَعْدَاءَهُ: وَ قَدْ رُوِّينَا أَنَّ صَلَاةَ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ رَكْعَتَانِ، يُقْرَأُ فِي الْأُولَى الْحَمْدُ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مَرَّةً، وَ فِي الثَّانِيَةِ الْحَمْدُ وَ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ مَرَّةً.
و لعل هذه الرواية الخفيفة مختصة بمن يكون وقته ضيقا عن قراءة ثلاثين مرة في كل ركعة، إما على طريق سفر أو لأجل مرض أو غير ذلك من الأعذار.
أقول: و وجدت جماعة من العجم يعملون على أن الاختيار في أيام الشهور على شهور الفرس دون الشهور العربية، و ما كان الامر كما عملوا به، لامور: