کتابخانه روایات شیعه
مقدمة المؤلف
ربّ يسّر و تمّم بالخير بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه الذي أنزل على عبده الكتاب و جعله للناس بشيرا و نذيرا، و بين فيه لاولى الألباب بينات، و جعله تبيان كل شيء و سراجا منيرا، أنزله بالحق مصدّقا لما بين يديه من الكتب، و أنطقه بالصدق لما يعول عليه من السرب. يقضي له بصفة القدم كل شيء بجوهر ذاته، يقضي الى الحكم بسرمديّته حدوث معلولاته و سماته فيا له من حكيم بما له من قدرته في كل ما دبر و أتقن من أفعاله، أبت حكمته أن يرضى لخلقه السوء و الفحشاء و ارتفعت قدرته أن يجرى في ملكه الا ما شاء.
و الصلاة و السلام و التحية من كل الأنام على خير الأنبياء و نير الأصفياء، المدعو بحبيب اللّه في الأرض و السماء، محمد المصطفى على البرية بالخلق و الفضايّل المرضية، المبعوث بكتاب أزعج بفصاحته مصاقع الخطباء، و ابكم ببلاغته شقاشق البلغاء، و على الأئمة الهادين من عترته الراشدين، صلاة تامة دائمة توازي غناءهم و تجازي عناءهم و سلم تسليما كثيرا كثيرا.
أما بعد: فيقول الفقير الى رحمة ربه الغني ميرزا محمد المشهدي بن محمد رضا بن اسمعيل بن جمال الدين القمي:
ان اولى ما صرفت في تحصيله كنوز الأعمار، و أنفقت في نيله المهج و الأفكار علم التفسير، الذي هو رئيس العلوم الدينية و رأسها، و مبنى قواعد الشرع و أساسها، الذي لا يتم لتعاطيه و إجالة النظر فيه، الا من فاق في العلوم الدينية كلها و الصناعات الادبية بأنواعها.
و قد كنت فيما مضى، قد رقمت تعليقات على التفسير المشهور للعلامة الزمخشري، و أجلت النظر فيه. ثم على الحاشية للعلامة النحرير و الفاضل المهرير الشيخ الكامل بهاء الدين العاملي. ثم سنح لي أن أؤلف تفسيرا يحتوي على دقائق اسرار التنزيل و نكات أبكار التأويل، مع نقل ما روى في التفسير و التأويل، عن الائمة الأطهار و الهداة الأبرار، الا أن قصور بضاعتي، يمنعني عن الاقدام، و يثبطني عن الانتصاب في هذا المقام، حتى وفقني ربي للشروع في ما قصدته، و الإتيان بما أردته. و من نيتي أن أسميه بعد تمامه بكنز الدقائق و بحر الغرائب ليطابق اسمه ما احتواه، و لفظه معناه:
فرات بن ابراهيم الكوفي، أستاذ المحدثين في زمانه، قائل في تفسيره 36 :
حدثنا أحمد بن موسى، قال: حدثني الحسن بن ثابت، قال: حدثني أبي. عن شعبة بن الحجاج، عن الحكم، عن ابن عباس- رضي اللّه عنه 37 - قال: أخذ النبي- صلّى اللّه عليه و آله- يد 38 عليّ- عليه السلام- فقال: ان القرآن أربع 39
أرباع: ربع فينا أهل البيت خاصة، و ربع في أعدائنا. و ربع حلال و حرام، و ربع فرائض و أحكام. و أنزل 40 لنا كرائم القرآن.
و قال 41 - أيضا: حدثنا أحمد بن [موسى، قال: حدثنا] الحسن 42 بن إسماعيل بن صبيح و الحسن بن علي بن الحسن بن عبيدة بن عقبة 43 بن نزار بن سالم السلولي، قالا: حدثنا محمد بن الحسن بن مطهرة، قال حدثنا صالح- يعني ابن الأسود- عن جميل بن عبد اللّه النخعي، عن زكريا بن ميسرة، عن أصبغ بن نباتة، قال: قال علي بن أبي طالب- عليه السلام: أنزل 44 القرآن أربع أرباع، فربع فينا، و ربع في أعدائنا 45 ، و ربع سنن 46 و أمثال، و ربع فرائض و أحكام. و لنا كرائم القرآن.
و قال 47 - أيضا: حدثنا أبو الخير مقداد بن علي الحجازي المدني، قال:
حدثنا أبو القسم عبد الرحمن العلوي الحسيني، قال: حدثنا «الفاضل أستاذ المحدثين في زمانه، فرات بن ابراهيم الكوفي رحمة اللّه عليه، قال: حدثني» 48 محمد بن سعيد بن وخيم 49 الهمداني و محمد بن عيسى بن زكريا، قال:
حدثنا عبد الرحمن بن سراج، قال: حدثنا حماد بن أعين، عن الحسن 50 بن عبد الرحمن، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين 51 علي بن أبي طالب- عليه السلام- قال: القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، و ربع في أعدائنا 52 ، و ربع فرائض و أحكام، و ربع حلال و حرام. و لنا كرائم القرآن.
و اعلم ان للقرآن بطنا و للبطن بطن، و له ظهر. و للظهر ظهر. فإذا جاءك عنهم- صلوات اللّه عليهم- شيء و له باطن، فلا تنكره، لأنهم أعلم به.
يدل على هذا
، ما رواه صاحب شرح الآيات الباهرة 53 ، عن علي بن محمد، عن محمد بن الفضل 54 ، عن شريس، عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر- عليه السلام- عن شيء من تفسير القرآن، فأجابني. ثم سألته ثانية، فأجابني بجواب آخر.
فقلت: جعلت فداك، أجبتني 55 في هذه المسألة بجواب غير هذا.
فقال لي: يا جابر! ان للقرآن بطنا. و للبطن بطن، و له ظهر و للظهر ظهر.
و ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن.
و ان الاية ينزل أولها في شيء و آخرها في شيء، و هو كلام متصل، يتصرف عن وجوه.
و يؤيده