کتابخانه روایات شیعه
الثّمانية و الشعرين اثنان و عشرون حرفا تدلّ على لغات السّريانيّة و العبرانيّة. و منها خمسة أحرف متحرّفة في سائر اللّغات من العجم و الأقاليم و اللّغات كلّها و هي خمسة أحرف تحرّف من الثّمانية و العشرين حرفا من اللّغات. فصارت الحروف ثلاثة و ثلاثين حرفا.
و أمّا الخمسة المختلفة فتححج 12144 لا يجوز ذكرها أكثر ممّا ذكرناه. ثمّ جعل الحروف بعد إحصائها و إحكام عدّتها، فعلا منه. كقوله- عزّ و جلّ-: كُنْ فَيَكُونُ . و كُنْ منه صنع، و ما يكون به المصنوع.
فالخلق الأوّل من اللّه- عزّ و جلّ- الإبداع؛ لا وزن له، و لا حركة، و لا سمع، و لا لون، و لا حسّ. و الخلق الثّاني حروف 12145 ؛ لا وزن لها، و لا لون. و هي مسموعة موصوفة غير منظور إليها. و الخلق الثّالث ما كان من الأنواع كلّها محسوسا ملموسا 12146 ذا ذوق منظورا 12147 إليه. و اللّه- تبارك و تعالى- سابق للإبداع، لأنّها ليس قبله- عزّ و جلّ- شيء 12148 ، و لا كان معه شيء. و الإبداع سابق للحروف 12149 . و الحروف لا تدلّ على غير نفسها.
قال المأمون: كيف لا تدلّ على غير نفسها 12150 ؟] 12151 .
قال الرّضا- عليه السّلام-: لأنّ اللّه- تبارك و تعالى- لا يجمع منها شيئا بغير معنى أبدا. فإذا ألّف منها أحرفا أربعة أو خمسة أو ستّة، أو أكثر من ذلك أو أقلّ، لم يؤلّفها لغير معنى، و لم يك إلّا لمعنى محدث لم يكن قبل ذلك شيئا 12152 .
قال عمران: فكيف لنا بمعرفة ذلك؟
قال الرّضا- عليه السّلام-: أمّا المعرفة، فوجه ذلك و بيانه أنّك تذكر الحروف، إذا لم ترد بها غير نفسها، ذكرتها فردا [فقلت:] 12153 ا ب ت ث ج ح خ؛ حتّى تأتي إلى 12154 آخرها فلم تجد لها معنى 12155 غير أنفسها. و إذا ألّفت و جمعت منها 12156 ، و جعلتها اسماء و صفة لمعنى
ما طلبت و وجه ما عنيت 12157 ، كانت دليلة على معانيها داعية إلى الموصوف بها. أ فهمته؟
قال: نعم.
و في تفسير عليّ بن إبراهيم 12158 : ثمّ قال- عزّ و جلّ-: أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ - إلى قوله:- كُنْ فَيَكُونُ [قال:] 12159 فإنّ خزائنه في الكاف و النون.
تفسير سورة الصّافّات
سورة الصّافّات مكّيّة.
و آياتها مائة و إحدى أو اثنتان و ثمانون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في كتاب ثواب- الاعمال 12160 ، بإسناده إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ سورة الصّافّات، في كلّ يوم جمعة، لم يزل محفوظا من كلّ آفة، مدفوعا عنه كلّ بليّة في الحياة الدّنيا، مرزوقا [في الدنيا] 12161 في أوسع ما يكون من الرّزق. و لم يصبه اللّه في ما له و لا ولده و لا بدنه، بسوء من شيطان رجيم، و لا من جبّار عنيد. و إن مات في يومه، أو ليلته، بعثه اللّه شهيدا، و أماته شهيدا. و أدخله الجنّة مع الشّهداء في درجة من الجنّة.
و في مجمع البيان 12162 : أبيّ بن كعب قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله-: و من قرأ سورة الصّافات، أعطي من الأجر عشر حسنات، بعدد كلّ جنّيّ و شيطان.
و تباعدت عنه مردة الشياطين. و برئ من الشّرك. و شهد له حافظاه يوم القيامة أنّه كان مؤمنا بالمرسلين.
و في الكافي 12163 : محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن سليمان الجعفريّ قال:
رأيت أبا الحسن- عليه السّلام- يقول لابنه القاسم: قم، فاقرأ عند رأس أخيك
وَ الصَّافَّاتِ حتّى تستتمّها.
فقرأ. فلمّا بلغ أَ هُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا 12164 قضي الفتى. فلمّا سجّي 12165 ، و خرجوا، أقبل عليه يعقوب بن جعفر، فقال له: كنّا نعهد الميّت إذا نزل به الموت، يقرأ عنده يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ، فصرت تأمرنا بالصّافّات؟! فقال: يا بنيّ، لم تقرأ عند 12166 مكروب من موت قطّ، إلّا عجّل اللّه راحته.
وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (2) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (3):
قيل 12167 : أقسم بالملائكة الصّافّين.
و في مجمع البيان 12168 : اختلف في معني الصَّافَّاتِ على وجوه:
أحدها: أنّها الملائكة تصفّ أنفسها صفوفا في السّماء، كصفوف المؤمنين للصّلاة.
عن ابن عبّاس، و مسروق، و الحسن، و قتادة، و السّديّ.
و ثانيها: أنّها الملائكة تصفّ أجنحتها في الهواء، إذا أرادت النّزول إلى الأرض، واقفة تنتظر ما يأمرها اللّه- تعالى. عن الجبّائي.
و ثالثها: أنّها جماعة المؤمنين يقومون مصطفّين في الصّلاة و الجهاد. عن أبي مسلم.
فَالزَّاجِراتِ زَجْراً . اختلف فيها- أيضا- على وجوه:
أحدها: أنّها الملائكة تزجر الخلائق عن المعاصي. عن السّديّ و مجاهد. و على هذا، فإنّه يوصل اللّه مفهومه إلى قلوب العباد، كما يوصل مفهوم إغواء الشّياطين إلى قلوبهم؛ ليصحّ التّكليف.
و ثانيها: أنّها الملائكة الموكّلة بالسّحاب، تزجرها و تسوقها. عن الجبّائي.
و ثالثها: أنّها زواجر القرآن و آياته الناهية عن القبائح. عن قتادة.
و رابعها: أنّهم المؤمنون يرفعون أصواتهم عند قراءة القرآن. لأنّ الزّجرة الصّيحة. عن أبي مسلم.
فَالتَّالِياتِ ذِكْراً اختلف فيها- أيضا- على أقوال: