کتابخانه روایات شیعه
و لا شكّ أنّه عنى بذلك من يقول بإمامة الأئمّة 17885 الاثني عشر، و يدين بأنّهم أفضل الأنام بعد رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله-. فإنّ هذا دأبه 17886 و ديدنه 17887 فيهم 17888 . يشنع في مواضع كثيرة من كتابه عليهم، و ينسب القبائح و الفضائح إليهم. و لا نعلم أنّ 17889 أحدا منهم استجاز الوصف بعلم الغيب لأحد من الخلق. و إنّما يستحقّ الوصف بذلك من يعلم جميع المعلومات لا بعلم مستفاد. و هذه صفة القديم- سبحانه- العالم لذاته لا يشركه فيها 17890 أحد من المخلوقين. و من اعتقد أنّ غير اللَّه- سبحانه- يشركه في هذه الصّفة، فهو خارج عن ملّة الإسلام.
فأمّا
ما نقل عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- و رواه عنه الخاصّ و العامّ، من الأخبار بالغائبات في خطب الملاحم و غيرها، مثل قوله - يومئ إلى صاحب الزّنج 17891 -: «كأنّي به- يا أحنف- و قد سار بالجيش الّذي ليس له غبار و لا لجب، و لا قعقعة لجم 17892 ، و لا صهيل خيل. يثيرون الأرض بأقدامهم، كأنّها أقدام النّعام».
و
قوله يشير إلى مروان بن الحكم:
«أما إنّ له إمرة كلعقة 17893 الكلب أنفه. و هو أبو الأكبش الأربعة 17894 . و ستلقى الأمّة منه و من 17895
ولده موتا أحمر».
و ما نقل من هذا الفنّ عن أئمّة الهدى من أولاده- عليهم السّلام- مثل
ما قاله أبو عبد اللَّه- عليه السّلام- : لعبد اللَّه بن الحسن- و قد اجتمع 17896 هو و جماعة من العلوّيّة و العبّاسيّة ليبايعوا ابنه محمّدا-: «و اللَّه ما هي إليك، و لا إلى 17897 ابنيك، و لكنّها لهم- و أشار إلى العبّاسيّة- و أنّ ابنيك لمقتولان» ثمّ قام 17898 و توكّأ على يد عبد العزيز بن عمران الزّهريّ فقال له: «أ رأيت صاحب الرّداء الأصفر؟». يعني أبا جعفر المنصور. قال: نعم. فقال: «إنّا و اللَّه 17899 نجده يقتله» فكان كما قال 17900 .
قال 17901 : و مثل
قول الرضا : «بورك 17902 قبر 17903 بطوس، و قبران ببغداد». فقيل له: قد 17904 عرفنا واحدا، فما 17905 الآخر؟ قال: «ستعرفونه». ثمّ قال: «قبري و قبر هارون هكذا»- و ضمّ أصبعيه 17906 -.
و
قوله في القصّة المشهورة لأبي حبيب النباجي 17907 - و قد ناوله قبضة من
التّمر-: «لو زادك رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله- لزدناك».
و
قوله في حديث علي بن أحمد الوشّاء- حين قدم مرو 17908 من الكوفة-: «معك حلّة في السّفط 17909 الفلانيّ، دفعتها إليك ابنتك و قالت 17910 : اشتر لي بثمنها فيروزجا»
- و الحديث مشهور-.
إلى غير ذلك ممّا روي عنهم- عليهم السّلام-، فإنّ جميع ذلك متلقّى عن الرّسول- صلّى اللَّه عليه و آله- ممّا أطلعه اللَّه- تعالى- عليه. فلا معنى لنسبة 17911 من روى عنهم- عليهم السّلام- هذه الأخبار المشهورة إلى أنّه يعتقد كونهم عالمين للغيب. و هل هذا إلّا سبب قبيح و تضليل 17912 ، بل تكفير!؟ و 17913 لا يرتضيه من هو بالمذهب خبير. و اللَّه يحكم [بينه و] 17914 بينهم. و إليه المصير.
و أقول: بعض ذلك متلقّى عن الرّسول- صلّى اللَّه عليه و آله- و بعضه بتحديث الملك. و كلاهما إلقاء من اللَّه- تعالى- للغيب إليهم. و لا ينافي ذلك اختصاص الغيب باللّه- تعالى-. إذ معناه: لا يعلمه غيره إلّا بإلقائه- تعالى- بأحد الطّريقين المذكورين.
وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فيرجع لا محالة أمرك و أمرهم إليه.
فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ ، فإنّه كافيك.
و في تقديم الأمر بالعبادة على التّوكّل، تنبيه على أنّه إنّما ينفع العابد.
وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123) أنت و هم، فيجازي كلا ما يستحقّه.
و قرأ 17915 نافع و حفص و ابن عامر 17916 بالياء هنا و في آخر النّمل.
تفسير سورة يوسف
سورة يوسف مكّيّة.
و قال المعدل 17917 ، عن ابن عبّاس: غير أربع آيات نزلن بالمدينة، ثلاث من أوّلها، و الرّابعة: لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَ إِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ 17918 .
و هي مائة و إحدى عشرة آية بالإجماع.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
في كتاب ثواب الأعمال 17919 ، بإسناده إلى أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال : «من قرأ سورة يوسف في كلّ يوم، أو في كلّ ليلة، بعثه اللَّه يوم القيامة و جماله مثل جمال يوسف. و لا يصيبه فزع يوم القيامة. و كان من خيار عباد اللَّه الصّالحين.
و قال: إنّها كانت في التّوراة مكتوبة.
و في الكافي 17920 : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، رفعه قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام- : لا تعلّموا نساءكم سورة يوسف، و لا تقرئوهنّ إيّاها، فإنّ فيها الفتن. و علّموهنّ سورة النور، فإن فيها المواعظ.
و في مجمع البيان 17921 : ابيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللَّه عليه و آله- أنّه 17922 قال :
علّموا أرقّاءكم سورة يوسف. فإنّه أيّما مسلم قرأها 17923 ، و علّمها أهله و ما ملكت يمينه، هوّن اللَّه- تعالى- عليه سكرات الموت، و أعطاه القوّة أن لا يحسد مسلما 17924 .
و روى إسماعيل بن أبي زياد 17925 ، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- عن أبيه، عن آبائه- عليهم السّلام- قال: قال رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله- :
لا تنزلوا نساءكم الغرف. و لا تعلّموهنّ الكتابة. و لا تعلّموهنّ سورة يوسف.
و علّموهنّ الغزل 17926 و سورة النّور.
و في كتاب الخصال 17927 ، عن جابر بن يزيد الجعفيّ قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر- عليه السّلام- يقول: ليس على النّساء أذان- إلى أن قال:- و يكره لهنّ تعلّم سورة يوسف.
و في تفسير العيّاشيّ 17928 ، عن مسعدة بن صدقة قال: قال جعفر بن محمّد- عليه السّلام-: قال والدي- عليه السّلام- :
و اللَّه، إنّي لأصانع بعض ولدي، و أجلسه على فخذي، و أكثر له المحبة 17929 ، و أكثر له الشّكر، و إنّ الحقّ لغيره 17930 من ولدي، و لكن محافظة 17931 عليه منه، و من غيره، [لئلّا] 17932 يصنعوا به ما فعل بيوسف إخوته.