کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج1، ص: 393
واجبات العلاقة الزوجية
هدى من الآيات:
يبين القرآن هنا مجموعة من الحدود في العلاقة الزوجية، و التي هي طائفة من حقوق المرأة في الاسرة، تستعرضها هذه الآيات من زاوية الطلاق. لان حالة الطلاق، تعتبر قمة النشاز في العلاقة العائلية، و التي تتعرض حينها الحقوق للضياع.
فالحديث عنها يعني الحديث عن الالتزام بالحقوق في الحالات العادية.
المسلم المتقي: هو الذي يلتزم بحقوق الناس، ابتداء من عائلته، ثم ليس في الحالات العادية فحسب، و انما في الأوقات الصعبة أيضا كالطلاق.
في البدء يذكر القرآن: جانبا من احكام الإيلاء حيث يحلف الزوج الا يباشر زوجته، فعليه ان يكفر عن حلفه و يباشرها أو يطلقها. و هذه حالة يدخل فيها الحلف طرفا في الحقوق الزوجية،/ 371 و ذكرت هنا بمناسبة الحديث عن الأيمان الباطلة.
باعتبار الإيلاء مثلا لاستغلال اليمين في الإضرار بالآخرين.
من هدى القرآن، ج1، ص: 394
ثم يستعرض احكام الطلاق، حيث يجب على المرأة أن تعتد حتى يستكشف ما في رحمها من حمل. و خلال فترة العدة، يجوز للزوج ان يرجع إليها.
و لا يجوز ان تستمر عملية الطلاق ثم العودة الا مرتين، ففي الثالثة لا بد لهم من الاختيار النهائي، فان استطاعا الالتزام بالواجبات الزوجيّة فليبقيا على العلاقة، و الا فتسريح بإحسان.
و في الطلقة الثالثة لا تحل له الا بعد ان تتزوج من غيره، و بعد العدة لا يجوز الإمساك بالمطلقة، لأنها حرة كما لا يجوز له ان يمنعها من الزواج بمن شاءت.
و بمناسبة الحديث عن الطلاق، يأتي الحديث عن الرضاع باعتباره موضع تفاهم بين الزوجين، ثم يعود الحديث الى حقوق الزوج المتوفى عن زوجته. فعليها ان تبقى في حداد أربعة أشهر و عشرا.
و بعدئذ يواصل القرآن الحديث عن المطلقات، و يحذّر من ان يصبحن اداة لمتعة أهل الشيطان، بل السبيل الوحيد لهن الزواج من رجال آخرين.
و من حقوق المطلقات أيضا المهر. حيث يجب ان يدفع كله، بالرغم من الطلاق.
الا في حالة واحدة هي الطلاق قبل الدخول حيث يدفع نصف المهر.
و من الطلاق ينتقل القرآن الى الالتزام بالصلاة. خصوصا الوسطى لكي لا ننسى ربنا. فهو الذي يبارك تلك العلاقات و يحل المشاكل، و يعطينا ايمانا نقاوم به مغريات الشيطان و سلبيات أنفسنا.
/ 372 و بعد ان يذكر بعض الحقوق المستحبة للنساء، كالوصية لهن بالبقاء في البيت بعد وفاة الزوج، أو الإحسان إليهن بعد الطلاق، بعدئذ ينتهي الدرس.
من هدى القرآن، ج1، ص: 395
ان أسلوب عرض القرآن لحقوق المرأة هنا يختلف عن أسلوبه في السور الاخرى.
لأنه هنا يبيّن لنا: ضرورة الالتزام التام بحدود الله، و في الأوقات الحرجة، حيث يكاد الشيطان يتغلب على ارادة الإنسان. و لهذا تجد القرآن يذكرنا هنا بالتقوى مرة بعد اخرى، و يطالبنا بتذكر الله و تذكر انه عليم بعباده و إنّه بصير خبير. و علينا ان نحذره حذرا شديدا، كل ذلك ليكرس روح التقوى- في نفوسنا. تلك الروح التي هي واحدة من أهم ميزات الشخصية المؤمنة.
بينات من الآيات:
التقوى في العلاقة الزوجية:
[226] لا يجوز ان يضر الزوج بزوجته، فيجعلها في بيته دون ان يؤدي إليها حقوقها، و التي منها حقها في المتعة الجنسية. بل عليه ان يباشرها لا أقل مرة كل اربعة أشهر. فاذا حلف يمينا ان يمتنع عن المباشرة الجنسية، لسبب أو آخر، فانه يمنح له فرصة اربعة أشهر. بعدها يجب عليه: اما العودة إليها و كفارة حلفه، و اما طلاقها.
جاء في الحديث المأثور عن الباقر و الصادق عليهما السلام انهما قالا: «إذ الى الرجل، لا يقرب امرأته، فليس لها قول و لا حق في الأربعة أشهر، و لا إثم عليه في الكف عنها في الأربعة أشهر، فان مضت الاربعة أشهر قبل ان يمسها/ 373 فما سكتت و رضيت فهو في حل وسعة، فان رفعت أمرها قيل له: أما ان تفيء فتمسّها، و أمّا ان تطلق، و عزم الطلاق ان يخلي عنها
» «1» لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ بالرغم من ان نقض اليمين حرام. الا ان هذا اليمين مرتبط بحقوق الناس.
(1) نور الثقلين ج 1 ص 220
من هدى القرآن، ج1، ص: 396
و الله يغفر نقضه، للنية الصالحة وراء هذا النقض.
[227] وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فعليهم الالتزام بحقوق الزوجة و تقوى اللّه فيها.
فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [228] بعد الطلاق الذي يقع بسبب أو أخر، يجب على المرأة ان تعتد و لا تتزوج خلال فترة تتحدد بعادتها بثلاثة قروء و السؤال ما هي القروء الثلاثة؟ جاء في بعض كتب اللغة .. أن هنا فرقا بين (القرء) بفتح القاف. فهو للحيض و (القرء) بضم القاف فهو للطهر، و أنّ جمع الاول يأتي على (أقراء)، بينما يأتي جمع الثاني على (قروء).
و هكذا تكون الآية دالة على أنه تكفي حيضتان و ثلاثة مرات طهر. فاذا دخلت في الحيضة الثالثة بانت. و على ذلك افتى المشهور كما
جاء في حديث شريف عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «إن عليا كان يقول: انما القرء: الطهر، فيقرر فيه الدم فتجمعه، فاذا جاء الحيض قذفته،/ 374 قلت رجل طلّق امرأته من غير جماع بشهادة عدلين، قال إذا دخلت في الحيضة الثالثة انقضت عدتها و حلت للأزواج، قلت: ان أهل العراق يروون ان عليا (ع) يقول: انه أحق برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة، فقال: كذبوا
ع)قأ «1» و هكذا إذا حاضت المطلقة ثم طهرت، حتى ثلاث مرات فقد خرجت من العدة و إذا لم تحض تنتظر ثلاثة أشهر، تخرج بعدها من العدة، و تصبح حرة في التصرف في
(1) البرهان ج 1 ص 219
من هدى القرآن، ج1، ص: 397
نفسها.
ان العدة حق من حقوق الزوج على الزوجة كما هو حكم من احكام الله. ذلك انه في هذه الفترة يراجع الزوج نفسه و قد يعود إليها، و حكم من الله، إذ انها تحافظ على ماء الرجل عن الاختلاط بماء غيره، و بالتالي تمنع ضياع نسب الإفراد. و ظهور طبقة من الشذاذ في المجتمع.
وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ينتظرن فترة ثلاثة مرات تذهب عنهن عادتهن الشهرية (الحيض) فاذا ظهر خلال الفترة اثار الحمل فعليهن إظهاره.
وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً / 375 ففي هذا الوقت، وقت العدة، يحق للزوج الرجوع بشرط ان يكون رجوعه الى الزوجة بعد تصميم على بناء حياة زوجية عادلة.
وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ و ليس من الصحيح تحميل الزوجة واجبات دون ان تعطى لها حقوق، مثلا، حين يفرض عليها واجب التربص و الانتظار، يعطي لها حق النفقة خلال الفترة و الواقع: أن هذا قانون انساني عام حيث يجب ان تربط الحقوق بالمسؤولية في اي تشريع.
وَ لِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ إذ جعل الرجل هو الحاكم في محيط الاسرة. و بيده الطلاق، و عليه النفقة، و له
من هدى القرآن، ج1، ص: 398
الطاعة.
وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ عزيز في قدرته على الرجال و النساء. حكيم في تشريع الواجبات و الزام الناس بها.
[229] الطلاق، لا يتكرر الى ما لا نهاية، ذلك ان تكرار الطلاق يجعل الزوج في وضع الحاكم المطلق الذي لا تتحدد تصرفاته. انما يمكنه ان يطلق فقط ثلاث مرات حيث تحرم عليه المرأة الا بعد ان تتزوج برجل.
الطَّلاقُ مَرَّتانِ و بعدهما على الزوج ان يختار أحد الأمرين.
فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ و زواج صالح و معاشرة معروفة.
أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ / 376 أو إنهاء العلاقة الزوجية للأخير، و اعطاءها حقوقها و اضافة الإحسان الى الحقوق.