کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج2، ص: 115
الجواب: ان الانحراف يحدث عند الإنسان بسبب ضغط الشهوات، فالخوف من الموت، و حب الوطن و الأولاد و الراحة و ما أشبه هو الذي يجعل الواحد منا يفكر بالمقلوب، و يعكس الحقائق الكونية.
أما لو تجاوز الإنسان ذاته في سبيل أهدافه، و استعد للتضحية، فليس هناك أي سبب لانحرافه.
وَ لَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً [69] هذا الصراط المستقيم ينتهي بصاحبه الى الانتماء للصفوة المختارة من عباد اللَّه، و ما أحسن هذا الانتماء!!.
وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً [70] و هذه هي الدرجة الرفيعة التي لا يصل الشخص الى مستواها الّا بجهد بالغ، و بتوفيق من اللَّه، و ليس رخيصا و لا/ 107 سهلا الحصول على بطاقة الانتماء الى حزب اللَّه الغالب المنتصر.
ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ عَلِيماً يعلم سرائر الناس فيقبل انتماء خالصي النية فقط.
من هدى القرآن، ج2، ص: 116
[سورة النساء (4): الآيات 71 الى 76]
/ 108
[اللغة]
71 [انفروا]: أصله الفزع.
[ثبات]: جماعات في تفرقة وحدتها ثبة.
72 [ليبطئن]: التبطئة التأخر عن الأمر.
من هدى القرآن، ج2، ص: 118
الجهاد مظهر الطاعة و نجاة المستضعفين
هدى من الآيات:
الجهاد أبرز مظاهر الطاعة و من يطع الرسول في الجهاد يسهل عليه تطبيق سائر الواجبات الدينية لأنها لا تنطوي على صعوبات الجهاد أو أخطاره الجسيمة.
و إذ يتحدث القرآن عن الطاعة للرسول و الكفر بالطاغوت يضرب لنا مثلا من واقع الطاعة المفترضة و هو الجهاد الذي يأتي مباشرة بعد تكوّن الامة، و انفصالها عن المجتمع الجاهلي و طاغوته الذي يتبعونه، إذ لا يلبث ان يتفجر الصراع بين الجاهلية و بين الأمة، و على أبناء الأمة الاستعداد لخوض الصراع، و ذلك يكون بالتحذر، و الانطلاق للجهاد جميعا أو في مجموعات.
و بالتسارع في تنفيذ امر الجهاد حتى لا يكون المسلم كأولئك المتقاعسين الذين يتثاقلون عن الجهاد حتى تنتهي المعركة، فان كانت في صالح الجاهلية زعموا انهم ربحوا حين لم يساهموا في الحرب،/ 109 و الا تميزوا غيظا و حسرة و كأنهم
من هدى القرآن، ج2، ص: 119
ليسوا من أبناء الامة أبدا.
صفة المسارعة في القتال تأتي بعد الايمان بأن الآخرة أفضل من الدنيا، و ان اللَّه عنده أجر عظيم للمقاتلين خسروا أو ربحوا المعركة.
و هدف القتال هو إنقاذ المستضعفين من براثن الطغاة و الظلم، فان قتال المسلمين هو من أجل اللَّه بينما قتال الكفار من أجل تثبيت نظام الطاغوت و قهر الشعوب.
بينات من الآيات:
واجب الاعداد
[71] ان يكون أبناء الامة على استعداد للانطلاق في معارك الدفاع عن قيمها الرسالية هو منتهى الجدية في الحياة و الفاعلية و الطاعة للقيادة.
و ليس المهم العمل حين تدق طبول الحرب، بل الاستعداد قبل ذلك في أيام السلم حيث يسترخي الناس، و يغالبهم نعاس الأمن، و يحسبون ان الحياة لهو و لعب.
آنئذ يستعد المسلمون للمعارك المحتملة فاذا حانت ساعة الحرب خفوا إليها في شكل مجموعات (ثبات) أو وحدات صغيرة منسقة و مستعدة للعمليات الحربية أو نفروا إليها جميعا بصورة (التعبئة العامة).
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً / 110 انها تشكل خلفيّة جيش الرسالة، الاعداد المسبق و التضحية و التنظيم (الحذر- النفر- الثبات أو الجميع).
من هدى القرآن، ج2، ص: 120
المصلحية داء الجهاد ..
[72] و لا تكونوا- أيها المؤمنون- مثل أولئك الجبناء الذين يتكاسلون و يتقاعسون عن الحرب و ينتظرون نتائجها و هم في بيوتهم، فاذا دارت ضد المسلمين بداوا يشمتون و يفرحون بأنهم لم يكونوا معهم علما بأن تثاقلهم عن الجهاد قد يكون هو سبب هزيمة المسلمين و لكن هؤلاء لا يحسبون لأنفسهم حسابا و دائما يتصورون سائر المسلمين هم المسؤولون بل و يجدون بينهم و بين سائر المسلمين فارقا و كأنهم من غير المسلمين.
و الدليل على ذلك: انهم يتميزون حسرة و حسدا إذا انتصر المسلمون و حصلوا على مكاسب مادية في معركتهم.
ان اللَّه يذم هؤلاء لكي لا يصبح الواحد منا هكذا يرى نفسه و كأنه من غير المسلمين فلا يتحمل مسئولية الجهاد و يقول عنهم:
وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً أي يشكر ربه لأنه لم يوفق لحضور المعركة (شهيدا)، بينما كان هو السبب وراء تقاعسه عن الجهاد، و اللَّه سيحاسبه على ذلك غدا.
[73] وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ/ 111 وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً و كأنه أمة و سائر المسلمين امة اخرى، علما بأن مكاسب المسلمين سوف تصيبه كواحد في المجتمع الاسلامي يستفيد من تقدم هذا المجتمع الاقتصادي و رفاهه الحضاري.
من هدى القرآن، ج2، ص: 121
كيف نصنع الارادة
؟ [74] ان المثل السابق نموذج من الناس يفتقرون الى الارادة الرسالية حتى يقرروا الاقدام و المبادرة في قضايا الامة و لا ينتظرون الآخرين.
انها تأتي نتيجة الايمان الصادق باليوم الآخر و تفضيله على الدنيا و بالتالي بيع الدنيا في مقابل الحصول على الآخرة و بهدف بلوغ أجر اللَّه العظيم هناك.
فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ يشري: أي يبيع و حين يقول القرآن فليقاتل يريد ان يبين ان هؤلاء هم المرشحون للقتال الخالص لوجه اللَّه.
وَ مَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً .
أهداف الجهاد
[75] ان الهدف الغيبي للقتال أن يكون القتال من أجل الحصول على الأجر العظيم في الآخرة.
اما الهدف الظاهر للقتال الذي يكون في سبيل اللَّه فهو محاولة إنقاذ المحرومين الذين تظلمهم القوى الطاغوتية القاهرة، و لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم.