کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج3، ص: 345
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فالتذكر يربط الحقائق، و يستنتج من خلاله المعلومات، و يلقي بالمسؤوليات و الواجبات.
بين البصيرة و الاستنباط:
[58] حين يزود الإنسان بسلاح البصيرة النافذة و يتذكر يستنبط الحقائق المختلفة، أو بالأحرى الأبعاد المختلفة من الظاهرة الواحدة، فمن ظاهرة السحاب و المطر و إحياء الأرض يتوصل إلى أن نبات الأرض مختلف بالرغم من أن الماء الذي ينزله اللّه على الأرض واحد، مما يدل على أن استجابة الأرض للماء شرط أساسي لحياة الأرض، كذلك استجابة البشر لرسالة/ 298 اللّه شرط لانتفاعه بها.
وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ الَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً أي عسيرا و بخيلا.
كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ فالذين لا يشكرون النعمة و لا يقدرونها حق قدرها لا ينتفعون بالآيات، كما أن الأرض الخبيثة لا تنتفع بالمواسم الخيرة، و في القصص التالية عبر كافية لهذه الحقيقة.
لماذا نوح بالذات؟
[59] لأن اللّه رب العالمين و رب الإنسان الذي يحب للبشرية التكامل و الرقي، فقد أرسل نوحا الى قومه و لم يرسل غيره، لأنه منهم و أثره في تطورهم أبلغ، و لم يدع نوح قومه الى نفسه بل الى ربهم اللّه الذي لا إله غيره.
من هدى القرآن، ج3، ص: 346
لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [60] أما الملأ الذين كانوا يستثمرون الجماهير و يتسلطون قهرا عليهم فقد قاوموا رسالة اللّه.
قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ / 299 إنهم وقفوا عقبة إمام انتشار نور الهداية بين الناس، فاتهموا نوحا بالضلالة، و زعموا أنهم يرون ذلك رؤية ظاهرة.
[61] و نفى نوح وجود أيّ نوع من الضلالة عنده، و بيّن لهم انه رسول أرسل إليهم من قبل الرب الذي ينزل بركاته على العالمين.
قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَ لكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ [62] و ينبغي أن يستجيب الجميع لنوح لعدة أسباب:
أولا: لأنه مبلغ لرسالات الرب، و من الطبيعي أن تكون تلك الرسالات ذات محتوى تكاملي للبشر، لأنها صادرة من ربهم الذي يطوّرهم الى الأفضل.
ثانيا: لأنه ناصح يعمل في سبيل رشدهم.
ثالثا و أخيرا: لأنه أعلم منهم، و علمه مستلهم من اللّه، و يرتبط بتعاليم اللّه و شرائعه.
أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَ أَنْصَحُ لَكُمْ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [63] و ليس بعيدا أن يبعث اللّه رسولا لعدة أسباب هي:
من هدى القرآن، ج3، ص: 347
أولا: لان اللّه رب الناس الذي ينزل بركاته المادية المشهودة عليهم في كل لحظة.
ثانيا: لأن البشر بحاجة الى تذكرة حتى يهتدوا و يكتملوا، و الرب يوفر كلما يحتاج البشر إليه.
/ 300 ثالثا: لأن اللّه لا يعذب الناس حتى يبعث سلفا رسولا إليهم، فينذرهم، و يوفر لهم فرصة التقوى و الحذر من العذاب، و لكي يوفر لهم بالتالي فرصة الرحمة و الرخاء و الحياة السعيدة.
أَ وَ عَجِبْتُمْ و لا عجب مما تقتضيه سنن الحياة و فطرة البشر، و من ذلك ..
أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَ لِتَتَّقُوا وَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [64] و لكن مع كل ذلك البيان كذب قوم نوح برسالة اللّه، و جاءت العاقبة المناسبة للمؤمنين حيث أنجاهم اللّه، و الكافرين أغرقهم اللّه لأنهم لم يستفيدوا من نعمة البصيرة.
فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَ أَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ هكذا تتجلى صفة الربوبية في قصة نوح و قومه، إن اللّه يبعث رسالته رحمة بالناس و تكميلا لنواقصهم، بيد انهم يرفضون الانتفاع بها، كما الأرض الخبيثة لا تستجيب للسماء حين تبعث إليها السحاب الثقال.
من هدى القرآن، ج3، ص: 348
[سورة الأعراف (7): الآيات 65 الى 72]
/ 301
[اللغة]
66 [سفاهة]: السفاهة خفة الحلم، و ثوب سفيه إذا كان خفيفا.
69 [آلاء] الآلاء النعم.
من هدى القرآن، ج3، ص: 349
71 [رجس]: الرجس العذاب.
من هدى القرآن، ج3، ص: 350
/ 302
الإنسان بين رسالات الرب و الأسماء التافهة
هدى من الآيات:
تتكرر قصة نوح بين هود رسول اللّه و قومه عاد، حيث أمرهم بتقوى اللّه، و لكنهم اتهموه بالسفاهة، و كادوا يكذّبونه، فنفى هود عن نفسه السفاهة، و قال: إنه رسول من اللّه الذي ينزل بركاته على العالمين، و بيّن أنّ ذلك لم يكن بعيدا عن سنن اللّه، و عن حكمة العقول، إذ ان اللّه أنزل بركاته المادية على عاد، و جعلهم الوارثين للأرض بعد قوم نوح و زادهم من نعمه، فكان عليهم أن يعترفوا بنعم اللّه و يتذكروا أن الرب الرحيم الذي أنعم بها عليها هو الذي أرسل رسالته المباركة بواسطته.
لكن عادا كذبوا هودا و تحدّوه و نازلوه و استعجلوا العذاب، بيد أن هودا كان يرى في تكذيبهم رجسا و غضبا، لأنهم خضعوا لمجموعة أصنام لا رصيد لها من الواقع، بل هي حروف بلا معاني و بلا سلطان من اللّه عليها، ثم استجاب هود لتحديهم و طلب منهم الانتظار.
و قد أنجاه اللّه و الذين معه برحمة منه و أنهى مدينة عاد و من بها ممن يكذب بآيات
من هدى القرآن، ج3، ص: 351
اللّه لأنهم كفروا باللّه.
/ 303 و هذا مثل آخر لنعم اللّه التي تتجلّى بها صفة الربوبية، فلو استجاب لها البشر لانتفع بها، و إلّا فانها سوف تتبدل الى نقمة عليهم.
بينات من الآيات:
افتراءات الملأ:
[65] أرسل اللّه الى عاد واحدا منهم و هو أخوهم هود الذي دعاهم الى اللّه الذي لا ملجأ لهم إلّا اليه، و أمرهم أن يحذروا منه و يتقوه.