کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج11، ص: 100
لعل ذكر كلمة الرحمن هنا يهدف إيجاد حالة من التوازن بين الخشية و الرجاء، فهو اللّه أرحم الراحمين و خشيته لا تبلغ درجة القنوط من رحمته، أنّى كثرت الخطايا و عظمت الذنوب.
/ 98 فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَ أَجْرٍ كَرِيمٍ إنّ من أبعاد المغفرة تجاوز آثار الذنوب في الواقع الخارجي أو على النفس. إنّ السلطات الظالمة، و النظام الاقتصادي الفاسد، و الأنظمة الاجتماعية المتخلفة كلّها من آثار الذنوب، و حين نتبع نهج اللّه، و نطيع أولياءه، فإنّ اللّه سبحانه ينصرنا على الطغاة و المترفين، و يسنّ لنا شرائع سمحاء قائمة على أسس العدل و الإحسان، كما ينزع من أفئدتنا حب الشهوات، و يعيننا على العادات السيئة.
إنّ المغفرة بشرى عظيمة، فطوبى لمن غفر اللّه له ذنوبه، و هي تمهّد للأجر الكريم في الدنيا بحياة فاضلة تعمها السعادة و الفلاح، و برضوان اللّه و جناته في الآخرة.
[12] إنّ أعظم إنذار يستجيب له المخبتون و لا ينتفع به الغافلون، هو النشور حيث يحيي اللّه بقدرته التي لا تحد الموتى جميعا، بعد أن سجّل عليهم للحساب أعمالهم التي فعلوها في حياتهم و قدموها لتستقبلهم عند الموت، أو التي خلفوها وراءهم من سنة حسنة أو سنة سيئة.
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى إنّه وعد صادق.
من هدى القرآن، ج11، ص: 101
من أعمال صالحة تتجسد ثمّة جنات و حور عين، أو ذنوب تتجسد ثمّة نيرانا و حيّات.
وَ آثارَهُمْ فالصدقات الجارية، و العلم الذي يهتدي به الناس،/ 99 و الأولاد الصالحون، هي الروافد المستمرة التي تنمّي حسنات المؤمن بعد موته، بينما كتب الضلال، و سنن الظلم و الانحراف، و التربية الفاسدة للأبناء، تلا حق الفاسق حتى بعد وفاته.
هكذا
روي عن النبي محمد (ص) :
«من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها و أجر من عمل بها، من غير أن ينقص من أجر العامل شيء، و من سنّ سنة سيئة فعليه وزرها وزر من عمل بها
» «5» وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ ما هو ذاك الإمام الذي أحصى اللّه كلّ شيء فيه؟ هل هو اللوح المحفوظ؟ أم طائر كلّ شخص الذي ألزمه اللّه في عنقه، و يلقاه يوم القيامة منشورا؟ أم هو إمام الحق أو إمام الضلال اللذين يتبعهما الناس؟
لعل القرآن الحكيم يشير إلى كل ذلك و أكثر، إذ أنّ كلمات القرآن لا تتحدد في إطار السياق فقط، بل تتجاوزها لبيان حقائق الخليقة، بلى. يكون ذكر هذه الحقيقة هنا و تلك هناك بمناسبة موضوعات السياق.
أمّا الحقيقة التي نستوحيها من الآية فهي: إنّ لكل شيء إماما تتمثّل فيه
(5) تفسير الرازي/ ج (26)/ ص (46).
من هدى القرآن، ج11، ص: 102
خصائصه بصورة متكاملة، فالأنبياء و أوصياؤهم- أئمة الرشاد- تتمثل فيهم كلّ صفات الخير و الفضيلة، بينما الفراعنة و الطغاة/ 100- أئمة الكفر- تتجسد فيهم كلّ صفات الرذيلة و الشر.
و من هنا
جاء في الحديث المأثور عن أئمة الهدى تفسير هذه الآية الكريمة بالإمام أمير المؤمنين (ع) حيث روي عنه (ع) قوله :
«أنا و اللّه الإمام المبين، أبين الحقّ من الباطل، ورثته من رسول اللّه
» «6» .
(6) عن نور الثقلين/ ج (4)/ ص (379).
من هدى القرآن، ج11، ص: 103
[سورة يس (36): الآيات 13 الى 32]
/ 101
[اللغة]
18 تَطَيَّرْنا : تشأمنا بواسطتكم فنخاف أن يصيبنا شؤمكم فنقع في البلاء من طالعكم السيء.
من هدى القرآن، ج11، ص: 104
31 [القرون]: الجيل و الأمة باعتبار تقارن أعمارهم.
من هدى القرآن، ج11، ص: 105
/ 102
هدى من الآيات:
حين تتراكم حجب الغفلة على الأفئدة لا ينتفع أصحابها بالنذر، كذلك قال ربّنا آنفا، و هو الآن يضرب مثلا من أصحاب القرية التي جاءها المرسلون فلم يؤمن أغلبهم، بل قالوا: ما أنتم إلّا بشر مثلنا، و لم ينفعهم أنّ اللّه يشهد على صدق الرسل، و أنّهم مسئولون عن موقفهم، و ليس النذر، و بالغوا في التكذيب، إذ تطيّروا بالرسل، و تشاءموا من دعوتهم، و لكن الرسل استقاموا في تحدّيهم لأولئك الجاهلين، بالرغم من توعّدهم بأنهم سوف يرجمونهم إن لم ينتهوا من دعوتهم، بأغلظ ما يمكن، فقال الرسل: إنّ تشؤّمهم إنّما هو من أنفسهم، و تهديدهم بالعذاب لا يلويهم عن تذكيرهم، و إنّه لدليل على توغّلهم في الجريمة.
و هناك انتشرت الدعوة فجاء رجل من أقصى المدينة يسعى (لينذر قومه قبل ان يحلّ بهم العذاب لتكذيبهم الرسل) فنصح قومه إشفاقا عليهم باتباع المرسلين، الذين تدل على صدقهم حجتان: الأولى: أنهم لا يسألونهم أجرا، و الثانية: أنّهم
من هدى القرآن، ج11، ص: 106
مهتدون، و/ 103 ذكّرهم بربهم بأبلغ صورة. أو ليس هو الذي فطرهم، فلما ذا ينكرونه؟! أو ليس المرجع إليه، فلم لا يرجونه أو يخافونه؟! أم يعتمدون على الآلهة التي لا تضرّ و لا تنفع، و لا تمنع عذاب اللّه عنهم؟! إنّها الضلالة الواضحة (ثم تحداهم بكل عزم و قال:) إنّي آمنت بربّكم فاسمعون (لقد أخذ الرجل و عذّب ثم قتل ثم أحرق، و لكنّ السياق يتجاوز كلّ ما حدث الى العاقبة فيقول:) قيل له:
ادخل الجنة (و بقي حنين هذا الصّدّيق الى بعد استشهاده، فتراه يقول و هو يدخل الجنة:) يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ .
بينات من الآيات:
[13] قصة المرسلين الثلاثة الى قرية (أنطاكية) التي جعلت قلب سورة (يس) التي هي بدورها قلب القرآن تتمثّل فيها الحقائق التالية:
أولا: توجز مفصّلات الصراع الرسالي مع الجاهلية، حيث نرى فيها جانبا من حوار الرسل مع الأمم الغاوية، و حججهم البالغة عليهم، و شبهات الكفار و ردود المرسلين عليها، و سائر فصول الصراع المعروفة، فهي- بالتالي- تجمع جملة الحقائق التي ذكّرت بها آيات الكتاب في هذا الحقل.
ثانيا: تمثّلت فيها سنّة اللّه في الإنذار، و عادة الجاهليين في الإنكار، و اللتين ذكرت بهما آيات الدرس الآنف، و هكذا تكون القصة حجة على الحقائق التي بيّنها القرآن في فاتحة السورة.