کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج6، ص: 396
[25] وَ لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَ ازْدَادُوا تِسْعاً كيف لبثوا هذه المدة؟ و باية حالة و بتدبير اية قوة؟
[26] قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لا تبحث حول هذا الموضوع، فاللّه اعلم كيف و متى و انّى لبثوا! لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَ أَسْمِعْ ابصر و اسمع و ما أشبه صيغ لغوية تفيد المبالغة و التعجب، اي أعظم اللّه بما يراه بصرك أو تسمعه أذنك إذ كل شيء تراه أو تسمعه فهو اية للّه سبحانه.
/ 397 ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ليس للّه شركاء من آلهة الثقافة و الحكم أو كهنة المعابد، انه الواحد الأحد و لا يشرك في حكمه أحدا، لذلك على الإنسان ان يتصل مباشرة باللّه سبحانه، و لا يجعل بينه و بين اللّه واسطة الا إذا امر اللّه بها و في حدود ذلك لا أكثر.
من هدى القرآن، ج6، ص: 397
[سورة الكهف (18): الآيات 27 الى 31]
[اللغة]
27 [ملتحدا]: ملجأ تعدل إليه.
28 [لا تعد]: من عدى يعدو بمعنى تجاوز.
[فرطا]: سرفا و افراطا.
29 [سرادقها]: السرادق هو الفسطاط المحيط بما فيه- و يقال السرادق ثوب يدار حول الفسطاط- و شبّه به لهب النار لأنه مخروطي الشكل يحيط بما حوله.
من هدى القرآن، ج6، ص: 398
/ 398 [كالمهل]: كل شيء أذيب كالنحاس و الرصاص ...
[مرتفقا]: متكأ، أو مقرا.
31 [الأرائك]: جمع أريكة و هي السرير.
من هدى القرآن، ج6، ص: 399
زينة الحياة و ضمانات الاستقامة
من الإطار العام:
إن من مظاهر اعجاز القرآن الحكيم، ان آياته الكريمة تتبع عدة خطوط متوازية و متناسبة، تتظافر على توجيه فكر الإنسان الى قضية جوهرية معينة. فالسورة الواحدة من القرآن تتحدث عن عدة أمور تبدو متباعدة، و لكنها/ 399 آخر الأمر تصل الى هدف واحد، أو عدة أهداف محددة و مترابطة.
و في سورة الكهف، و كما اكدنا على ذلك في بدايتها، نجد ان الموضوع الرئيسي فيها هو علاقة الإنسان بالحياة الدنيا، و موقفه من زينة الأرض و متاع الغرور و هي أشياء زائلة، إذ أن يد القدرة المطلقة و هي يد اللّه سوف تمسح زينة الحياة، و تدع الأرض صعيدا جرزا في لحظة واحدة.
و لذلك فأن على الإنسان الا يربط علاقته بهذه الزينة ربطا متينا، بل تكون العلاقة المتينة مع اللّه رب هذه الحياة و رب هذه الأرض، و تكون علاقته بزينة الحياة علاقة فوقية يتملكها دون ان تتملكه.
من هدى القرآن، ج6، ص: 400
في قصة أصحاب الكهف كانت العبرة الرئيسية هي: إقلاع هؤلاء من ارض الزينة، و تحليقهم في سماء القيم، و قدرتهم على تجاوز ضغط السلطة الطاغية، و القرآن يحدثنا عن صورة اخرى متقابلة و معاكسة لصورة أصحاب الكهف، و هي صورة ذلك الرجل الذي اخلد الى الأرض و اتبع هواه، و تملكته زينة السلطة، و لم تنفعه نصيحة صاحبه.
هدى من الآيات:
لقد كان أصحاب الكهف مثلا لفرار البشر من جاذبية المادة و زينة الحياة الدنيا. و السؤال كيف نصبح أمثالهم، الجواب بما يلي:
أولا: العمل بالضمانات الوقائية التي تخلص الإنسان من ضغوط زينة الحياة، و كيف يمكن للإنسان ان يسوّر نفسه بقلاع/ 400 تحفظه و تمنعه من تلك الضغوط.
و أولها: تلاوة القرآن و الارتباط المباشر بآياته الكريمة، تلك الآيات التي لا تتبدل بالرغم من تبدل الحياة و تطورها، و هذا هو المهم، إذ حينما تتعلق بزينة الحياة فأنك سوف تتعلق بشيء يزول و لا يبقى، انه حبل ينقطع و جدار ينقض إذا، لا بد أن تتعلق بحبل متين و تعتمد على جدار راسخ، و هو كتاب اللّه.
ثانيا: ان يكون انتماؤك الى التجمع الايماني، و حينما تنتمي الى مثل هذا التجمع و تختار الأفراد على أساس القيم الرسالية، فسوف تحصن نفسك بسور آخر من أسوار الحماية ضد ضغط الزينة.
ثالثا: التحدي و الاستعداد للصراع، و هذا يعني استعداد الإنسان للصراع مع العدو و مواجهته، و هو سور آخر يحتمي به الإنسان من مغريات زينة الحياة و متاعها الزائل.
من هدى القرآن، ج6، ص: 401
بعد أن يبين السياق هذه الأسوار الثلاثة، يؤكد على بعض القيم المساعدة على توجيه الإنسان في هذا الاتجاه، و يبيّن: ان كل عمل يعمله الإنسان يحفظ له سواء كان صغيرا أو كبيرا، و سواء كان الإنسان منتميا الى الأيمان انتماء راسخا أو لم يكن كذلك.
ان العمل لا يضيع عند اللّه في أي شكل كان، و بأي صورة ظهر، و اللّه يعوض الإنسان عن زينة الحياة الدنيا بالزينة الباقية في الحياة الآخرة، تلك الحياة التي هي الحيوان عند اللّه المقتدر العزيز.
/ 401
بينّات من الآيات:
بين الثوابت و المتغيرات:
[27] وَ اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ القرآن مصباح و نور، و على الإنسان ان يتلوه و ان يتبصر و يتعقل، و بالتالي فلا يمكن الاكتفاء بالنور عن الرؤية، لأن الإنسان الذي يغمض عينيه سوف لن يرى شيئا، حتى و لو كانت الشمس في كبد السماء.
و ربما يكون المقصود بالتلاوة هو التدرج، و أن يبحث الإنسان عن الشيء دفعة دفعة، و فكرة فكرة، و هذه قاعدة منطقية معروفة اليوم و هي: إذا أردت أن تعرف شيئا فقسمه الى أجزاء صغيرة، حتى تستطيع ان تسيطر عليه و تفهمه.
لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ و هذا يبين لنا أن هناك خطا ثابتا في الحياة و خطا آخر متطورا، و الخط الثابت هو كلمات اللّه، و هو الذي يجب ان يتعلق به الإنسان، اما الخط المتغير فهو زينة الحياة
من هدى القرآن، ج6، ص: 402
الدنيا، الذي يجب ان يسيطر عليه الإنسان.
وَ لَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إذا أردت أن تعتمد على شيء فلن تجد من دون اللّه من تعتمد عليه و تلتجئ اليه، فكل شيء ينهار، و لكن توكلك على اللّه سبحانه و تعالى سوف يبقى، و هذا هو السور الذي يحمي كيانك.
/ 402
الانتماء، شروطه و مقوّماته:
و بعد أن تهيأ نفسك في البداية، و تنتهي من تكوين شخصيتك، فأن عليك ان تبحث عن رفاق المسيرة.
[28] وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ حينما تريد ان تنتمي الى جماعة فأن هناك عقبات في طريق انتمائك و يجب ان تتجاوز هذه العقبات و ان تصبر نفسك عليها، فلكل انتماء ضريبة و عليك ان تدفعها و السؤال: من الذين تنتمي إليهم؟
أنتم العابدون للّه ليلا و نهارا، و لكن الانتماء الى خطهم صعب و بحاجة الى صبر: