کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج1، ص: 429
فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ و كان جالوت يمثّل جيش الكفر الذي خرج الى جنود طالوت للحرب، في جيش ضخم، كثيف العدد، و لكن قليل المعنويات، و بالطبع أرهب عدد الجيش الضخم و معداته الكثيرة، المؤمنين لأنّهم بشر، بيد أنّ روح الايمان اسعفتهم و ذكرتهم بالآخرة و بان الله يأمرهم بالمقاومة حتى يجزيهم الجنة، هنالك اطمأنوا بالايمان قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ / 405 و يتصورون أنفسهم امام الله أبدا، و يستمدون منه القوة و العزم قالوا:
كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ إذ لا يهم عدد الجيش بل ايمانهم بقضيتهم، و تضحيتهم من أجلها.
من هدى القرآن، ج1، ص: 430
[سورة البقرة (2): الآيات 250 الى 254]
/ 406
[اللغة]
250 [برزوا] البروز أصله الظهور و منه البراز و هي الأرض الفضاء.
من هدى القرآن، ج1، ص: 431
254 [خلة] خالص المودة و الخليل الخالص المودة من الخلة لتخلل الأسرار بينهما و قيل لأنه يمتنع من الشوب في المودة.
من هدى القرآن، ج1، ص: 432
شروط الانتصار على العدو
هدى من الآيات:
للنصر شرطان: الصبر و اليقين اما الصبر فهو تحمل المصاعب و المكاره الجسدية و النفسية و التطلع الى المستقبل و التعويض به عن مشاكل الحاضر، و اما اليقين فهو يعطيك الاندفاع و التضحية و الثقة بالمستقبل و هؤلاء جنود طالوت سألوا اللّه ان يزودهم بالصبر و اليقين- و في ذات الوقت كانوا يسعون من أجل توفر هاتين الصفتين في أنفسهم إذ كل دعوة الى اللّه بتحقيق شيء لا تستجاب لو لم يسعى المرء عمليا من أجل تحقيقه/ 407 و قد جاء في الحديث .. يكفي من الدعاء مع العمل ما يكفي من الملح في الطعام ..
بينات من الآيات:
[250] وَ لَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَ جُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً اي اشملنا بصبر منك حتى لا نتزعزع باية صعوبة.
من هدى القرآن، ج1، ص: 433
وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا اي ارزقنا اليقين حتى تطمئن نفوسنا و تترسخ خطانا على الاستقامة و هذه و تلك تمهيد للهدف الأكبر و هو النصر الذي سألوه أخيرا و قالوا ..
وَ انْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ [251] أثمرت دعواتهم و جهودهم ..
فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ و ان الله إذن لهم فانتصروا عليهم إذ ان الصبر و اليقين كانا من عطاء الايمان بالله و التقرب اليه و الدعاء اليه و بالتالي استجابة الله و كان هناك شاب صالح مؤمن بالله برز في المعركة اسمه داود.
وَ قَتَلَ داوُدُ جالُوتَ و لأنه قتل جالوت و كان صالحا فقد التفت حوله الطائفة المؤمنة و تقرب اليه رئيسهم طالوت و استخلفه عليهم.
/ 408 وَ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَ الْحِكْمَةَ وَ عَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ و جعله خليفة في الأرض باذنه ملكا نبيا كما تأتي قصصه في مناسبات اخرى ..
و لكن هنا يريد القرآن ان يذكرنا بان الملك لله يؤتيه من يشاء و علينا ان نطلبه منه كما أن النصر و الغنى و الحياة منه.
لقد بين القرآن الحكيم في مناسبات عديدة فلسفة الجهاد و ابرز اهدافها و بمناسبة الحديث عن داود ذكر هذه الفلسفة هنا أيضا و قال:
من هدى القرآن، ج1، ص: 434
وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ حيث يهيء من عباده المؤمنين امة رسالية تقوم بالدفاع عن مبادئ اللّه المتمثلة في الحق و العدالة و الحرية و .. و .. و تحارب كل من تسول له نفسه بالظلم و الجور و الاستعباد و تنقذ الناس منه ان هذا فضل كبير على الناس و لو لا هذه الامة إذا لأصبحت الحياة البشرية اسوأ من حياة الغاب يأكل فيها القوي الضعيف و يأكل الضعيف من هو أضعف منه، و يعيش الناس الخوف و الفقر و الحرمان.
و كلما كانت هذه الامة أكثر نشاطا و ايمانا تكون مبادئ اللّه أفضل تطبيقا اما إذا تراخت الامة عن واجبها (كما نحن في عصرنا) فان الفساد سيعم الأرض.
252] و كما الحياة و الغنى و الملك و النصر/ 409 من الله كذلك الهدي منه فهو الذي يهدينا الى منهاج الحياة و أساليب مكافحة الفقر و الوصول الى الملك و النصر و ذلك عن طريق رسالاته التي يختار لها رجالا أمناء من عباده و يبعثهم أنبياء بها.
تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [253] تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ كما موسى عليه السلام.
وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ كما إبراهيم اتخذ خليلا و جعل للناس إماما.
وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أيده بالعصمة التي منعته من اي نوع من الفحشاء و المنكر و لقد أيد الله سائر
من هدى القرآن، ج1، ص: 435
الأنبياء بها أيضا بيد ان عيسى كفر فيه بعض الناس و زعموا انه هو القدوس بذاته و دون تأييد من الله فنفي ربنا ذلك.
إذا الرسالة من الله و هي تعطى للأنبياء على شكل متفاوت حسب كفاءات الأنبياء و مصالح الله في العباد و هنا يبرز سؤال: إذا كان الله يهدي الناس فلما ذا اختلف اتباع الرسل من بعدهم لماذا لم يهدهم الله جميعا هدى واحدا و تركهم يقتل بعضهم بعضا ..
/ 410 يجيب القرآن: ان الله لا يهدي الناس كرها و انما يوفر لهم فرصة الهداية فمن اهتدى فلنفسه و من ضل فعليها هكذا أراد الله للدنيا ان تكون مختبرا لمعادن الناس و قاعة امتحان لمدى ايمانهم و لا يسأل اللّه عما أراد.
وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ من بعد الأنبياء من اتباع حيث تقاتلوا.
مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فلم يكن اختلافهم لنقص في هداية الله لهم بل لخلل في ايمانهم بها و استجابتهم لدعواتها.
وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا و كان اختلافهم على الحق ..