کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج3، ص: 130
الايمان بالرسالات جوهر الايمان:
[91] الايمان بالله، و معرفته سبحانه هي النقطة المركزية للايمان بسائر الحقائق و معرفتها، و أنّ أبرز هذه الحقائق الايمان برسالات الله التي من ينكرها فانما ينكر الله أو لا يعرفه حق معرفته، فالله الذي خلق السموات و الأرض و كل شيء فيهما إنما خلقه بهدف و حكمة، و خلق الإنسان و لم يتركه سدى، بل بعث اليه رسلا يوضحون له درب السعادة، فمن أراد السعادة اتبعهم، و من لم يرد، فمصيره النار و ساءت سبيلا.
وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ / 118 ثم ان ابسط دليل على اي شيء هو وجوده العيني الخارجي، و الله قد انزل رسالته على البشر متمثلة في كتاب موسى عليه السّلام الذي يستحيل عقلا أن يكون من غير الله، فاذا هو من الله.
قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَ هُدىً لِلنَّاسِ انه من الله بدليل أنه نور يستجلي العقل، و يوقظ الضمير، و ينبه الفطرة البشرية، و لأنه نور فهو كاشف للحقائق سواء تلك التي تمتّ الى الدنيا أو الآخرة، و الكتاب بالاضافة الى ذلك هدى للناس يهدي به الله الى سواء السبيل في الآخرة، و الهدى أخص من النور، لأنه يهدي صاحبه حتى و لو لم يؤت نورا شاملا.
انّ الأنبياء و الصديقون و العلماء يؤيدون بنور العقل فيكشفون بأنفسهم الحقائق.
أمّا الناس فأنهم قد لا يؤتون النور و لكن يهديهم الله الى الصراط المستقيم عن طريق توضيح السبل لهم كالأعمى الذي يأخذ بيده البصير و يقوده في مسيرته.
من هدى القرآن، ج3، ص: 131
تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَ تُخْفُونَ كَثِيراً لأنكم خشيتم منه على مصالحكم و الآن تنكرون البقية رأسا، أو ليس في هذا التناقض دليلا على بطلان كلامكم.
وَ عُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَ لا آباؤُكُمْ فجاءت الأفكار بعيدة عن الجو الثقافي الذي كان سائدا عليكم، مما يدل على أنها كانت أفكارا غيبية.
و أخيرا: ان جدل هؤلاء في رسالة النبي نابع من مرض قلبي دفين،/ 119 لا ينفع معه اقامة الحجج، لذلك يجب أن يتركوا لشأنهم حتى يأتيهم جزاء أفعالهم.
قُلِ اللَّهُ الله هو الحاكم بيني و بينكم، و الله هو الشاهد و الشهيد عليكم، و الله هو الذي لو آمنا به حقّا لآمنّا بالرسالات، و لأصلحنا عقد أنفسنا.
ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ اي يلعبون فيما يخوضون فيه، و يناقشون فيه من أفكار خاطئة و أهواء. انهم لا يتبعون العلم، بل يتلاعبون بالألفاظ و الأهواء.
خصائص رسالتنا و أهدافها:
[92] الايمان بالرسالات عموما، ركن من أركان الايمان بالله، الا أن ذلك لا يكفي. إذ يجب ان نؤمن بالرسالة التي تخص حياتنا بالذات، و الرسالة الاسلامية هي تلك الرسالة التي لا بد ان نؤمن بها لعدة أسباب.
من هدى القرآن، ج3، ص: 132
أولا: لأنها مباركة تحفز البشرية نحو التقدم و الرقي، و النمو و الخير، و هذا هو تطلع البشر الأسمى.
ثانيا: لأنها تتفق في أصولها مع سائر رسالات السماء، مما يدل على وحدة المشكاة التي انبعثت منها.
ثالثا: لأنها جاءت لتحقيق يقظة في عالم يغط في سبات الجاهلية، و ذلك في شبه الجزيرة العربية.
رابعا: ان الهدف من اعتناقها ليس هدفا ماديا كالوصول الى السلطة أو الغنى، بل هدف معنوي بدليل أن حملة الرسالة هم رجال الله، فهم يحافظون على صلواتهم، و عموما المؤمنون بهذه الرسالة هم المؤمنون باليوم الآخر الذين/ 120 لا يهدفون من ورائه الدنيا و زينتها.
من هدى القرآن، ج3، ص: 133
[سورة الأنعام (6): الآيات 93 الى 94]
[اللغة]
94 [ما خولناكم]: ما أعطيناكم من متاع الدنيا.
من هدى القرآن، ج3، ص: 134
/ 121
الافتراء على اللّه أشد الظلم
هدى من الآيات:
الظلم ظلمان، فقد يغتصب الفرد حق صاحبه المادّي، و هذا الظلم قد ينتهي بالتوبة و أداء الحق، و لكن قد يغتصب الفرد فكر الناس، و يضلّهم و يضل نفسه عن الحق، و يحرف مسيرة البشرية، و هذا أكبر خيانة و أخطر ضررا.
فإذا قال أحد: ان الله يقول هذا. كذبا و افتراء، أو ادعى النبوة و هو ليس بنبي أو ادعى قدرته على إبداع أفكار، و مناهج مثيلة لأفكار و مناهج الرسالات، فانه آنئذ أظلم الناس، و جزاؤه عذاب الهون الذي يأتيه عند ما تهبط عليه ملائكة الغضب بكل عنف و خشونة، ينتزعون منه نفسه، لأنّه كذب على الله، و لأنه استكبر على الحق.
و إنما يعتمد الظالم على قدرته الجسدية أو المادية أو الاجتماعية، و لكن حين تنتزع الملائكة نفسه، تتبخر هذه القدرات، فالجسد خائر القوى، و الأموال و الممتلكات تنتظر الورثة، أما الناس الذين زعم أنهم وراءه فهم غير موجودين هناك، أو غير نافعين له، أما الأفكار الباطلة التي اخترعها فقد أصبحت كالسراب الزائل.
من هدى القرآن، ج3، ص: 135
/ 122
بينات من الآيات:
الجريمة المنظمة:
[93] في عالم الجريمة السارق الوحيد عقوبته محدودة، بينما على العصابة عقوبات مشددة، لأن جريمتهم أخطر، و أخطر من تلك السرقات الكبيرة التي تتستر تحت قناع الايدلوجية الباطلة، كسرقة الاقطاعيين و المترفين من المحرومين، أو سرقة الطواغيت و الامبريالية من الشعوب المستضعفة، و أكثر ما عانت البشرية في تاريخ الجريمة انما كانت بسبب هذا الطراز من المجرمين.
أن هؤلاء يخترعون أولا أفكارا باطلة تساعدهم على استثمار الجماهير، و استغلال بساطتهم، ثم يبدءون بامتصاص جهودهم الى أخر قطرة دم في عروقهم.
و كثيرا ما ينسبون افكارهم الى الله لإعطائها المزيد من الشرعية، و لإتاحة الفرصة لأنفسهم للمزيد من الابتزاز، و قد يستخدمون رجال الدين المزيفين لهذا الغرض البشع.
و أخطر من ذلك أنهم قد يدّعون النبوة، و أن الله يوحي إليهم، أو حتى يكابرون على ربهم، و يزعمون أن خرافاتهم و ضلالاتهم مثيلة لبصائر رسالات الله و هداها.
هذا الفريق أظلم الناس جميعا.
وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً و لعل هذه الكلمة تشمل كل من يدعي كذبا أنه قد فهم الحقيقة حتى و لو لم ينسب كلامه الى الله مباشرة، إذ أن مجرد هذا الادعاء يجعل هذا العمل مرتبطا بالله سبحانه.
من هدى القرآن، ج3، ص: 136
عند ما تنتزع الروح:
اما جزاء هؤلاء فيصوره القرآن الحكيم، في لحظة مفارقة الدنيا، تلك التي من أجل متاعها الزائل تسبب هذا الفريق المجرم في حرمان الألوف من البشر حقوقهم، أو حتى في هلاكهم، عند ما تهبط عليهم ملائكة العذاب و هم في أشد لحظات الفزع و الاحتضار، حيث تغمرهم أمواج الموت موجة بعد أخرى، و الملائكة واقفون على رؤوسهم، و قد بسطوا أيديهم الغليظة، و هم يقولون بكل عنف: أخرجوا أنفسكم، و ينتظرون انتزاعها لتعذيبها بعذاب الهون.
وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَ الْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ان تصور هذه اللحظات الحاسمة ينفع كل واحد منا في الّا نتورط في ظلم الآخرين.
الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ اما العذاب ف ..
بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِ اما الهون و الخزي و العار فانه جزاء الاستكبار.
وَ كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ
/ 124
من لضعف الى الضعف: