کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج5، ص: 337
و قد يبسط اللّه الرزق للإنسان بعد ابتلائه ليأخذه على حين غرة كما قال:
وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ* فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَ لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (42- 44/ الانعام) اما نعم اللّه على الإنسان فبالاضافة الى ما سبق ربما تكون عذابا كما
جاء في الحديث: «ان العبد ليحرم الرزق لذنب أذنبه
» و ربما يكون امتحانا و أخيرا إذا قتر عليك الرزق فلا تيأس من روح اللّه، كما لا تعجب بما أتاك اللّه فقد يسلبه منك.
و انّ من حكمة اللّه سبحانه أيضا انه يهيء الدنيا للكافر ليلهو عن الحق، و يبتعد عن الرسالة، فالدنيا كما جاء سجن المؤمن و جنة الكافر.
وَ فَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا الفرح هو حالة الإشباع النفسي، مثل الطفل تشبع نفسه بمجرد حصوله على لعبة يريدها فبعض الناس تكون نفوسهم ضيقة تشبع بمجرد ان تواتيها الدنيا، فالإنسان الذي تشبع نفسه يغفل عن مسئوليته، و لا يجد للالتزام داعيا.
/ 277 وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ المتاع هي الكماليات مما ليس ضروريا، حيث يمكن الاستغناء عنها أو الاستعاضة بغيرها إذا اهترأت .. بلى إن الحياة مزرعة الآخرة، هنا عمل بلا حساب،
من هدى القرآن، ج5، ص: 338
و هناك حساب بلا عمل.
ان الذي يعلم بأنه محتاج الى اللّه يجب عليه أن يرتبط معه.
يحكى ان ملكا كان يخوض حربا ضروسا، فنذر نذرا: ان هو انتصر ليزيدن في أجر الجند، فبعد ان انتصر قدّر المبلغ فوجده كبيرا، فأراد أن يخلف نذره، فاستقرّ رأيه أخيرا ان يحتكم لدى أول من يدخل عليه، فبينما هو جالس في مجلسه إذ دخل عليه اعرابي فاحتكم اليه، فقال له الاعرابي: ان كنت ترى انك لن تحتاج الى ربك فلا تف بنذرك معه، و ان كنت ترى انك ستحتاج اليه فأوف بنذرك معه، فرأى الملك انه محتاج الى اللّه في كل لحظة، فوفى نذره.
كيف يطمئن القلب:
[27] وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ الإنسان الذي يريد النظر يكفيه البصيص من النور، اما الذي لا يريد ان يبصر فضوء الشمس لا يكفيه.
قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ يريد الإنسان الهداية فيهديه اللّه، و يريد الضلالة فيمد اللّه له في ضلالته و هذا واضح من/ 278 الاسم الموصول مّن الذي يطلق للعاقل.
[28] الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ الاطمئنان: السكون و الاستقرار.
و القلب المطمئن هو نفسه النفس المطمئنة كما قال سبحانه في آخر سورة
من هدى القرآن، ج5، ص: 339
الفجر: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِي و ذكر اللّه هو مطلق توجه الإنسان للّه.
أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ في زحمة الحياة و مع تراكم الأعمال، و مع جو الارهاق و العمل، و أثناء القلق النفسي الذي يعصف بالكثيرين تركن النفس و تطمئن لذكر اللّه، و حري بنا ان نعالج مشاكلنا النفسية بذكر اللّه لأنه أنجح علاج يمكن ان يستفيد منه الإنسان و خاصة في هذا الزمن، زمن التيارات و الصراعات التي يغذّيها الاستعمار شرقه و غربه.
[29] الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ في الدرس السابق بعد ذكر صفات المؤمنين ذكر مصيرهم بقوله: أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ* جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ* سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ .
اما الآن فيذكر مصيرهم بأن لهم طوبى و حسن مآب. و لعلّ المراد من الطوبى الحياة الأعظم طيبا.
و هذا يدلل لنا بأن للمؤمنين في الجنة في كل يوم صنف جديد من النعيم، فلا هم يملون، و لا اللّه يقترّ عليهم.
من هدى القرآن، ج5، ص: 340
/ 279
[سورة الرعد (13): الآيات 30 الى 35]
[اللغة]
32 [فأمليت] الإملاء التأخير.
من هدى القرآن، ج5، ص: 342
/ 280
للّه الأمر جميعا
هدى من الآيات:
ضمن آيات هذا الدرس يذكرنا القرآن الحكيم بأن الهدى و الضلالة من عنده إذا أرادها الإنسان لنفسه، و ان الرسالة المحمدية هي امتداد طبيعي لرسالات الأنبياء السابقين و مكمّلة لها و مهيمنة عليها جميعا، و أن سنن اللّه واحده تطبق على سائر الأمم في سائر الأجيال، فكما انطبقت على تلك الأمم هذه السنن كذلك تنطبق على هذه الامة.
و يذكرنا السياق بأن أساس كفر الكفّار ليس برسالة الرسول، بل بالرحمن، ثم بما يتفرع منه من رسالات الرحمن، فعلى الرسول أن يتوكل على اللّه لو كذّبوه، و لو أن اللّه استجاب لهم بطلبهم المزيد من الآيات لما زادهم ذلك الّا عنادا و استكبارا، ثم هل هناك آية أكبر من هذا القرآن الذي لو كان من المقدر ان يسير الجبال و يكلم الموتى لكان به و أكبر دليل على ذلك أن كثيرا من القوارع نزلت على من قبلهم أو قريبا منهم فلم يتّعظوا، و لو أنهم يريدون الهداية بالآيات لاهتدوا بتلك القوارع
من هدى القرآن، ج5، ص: 343
و اتّعظوا بها، فهذه الأمم أعطيت مهلة كما أعطوا هم مثلها، فعاجلهم اللّه بالعقاب لما اختاروا الكفر على الأيمان.
و بعد ذلك يسأل: هل إن اللّه هو القائم على كل نفس بما كسبت من خير أو شرّ/ 281 أم الشركاء؟! و هل الشركاء هم الذين ينبئون اللّه و يوحون اليه؟! ان مكرهم السيئات، و تزيين ذلك في نفوسهم، و الصدّ عن سبيل اللّه كان السبب الرئيسي في إضلال اللّه لهم، و من يضلّ اللّه فلن تجد له هاديا مرشدا، و أما نهاية هؤلاء فاما عذاب الدنيا و الآخرة، أو عذاب في الآخرة، و أما نهاية المؤمنين فأحسن منهم مقاما و أفضل نديّا.
بينات من الآيات:
وَ هُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ :
[30] كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ ان اللّه أرسل الرسول الى أمة سبقتها أمم جرت عليها السنن الإلهية كما ستجري على امة الرسول (ص) أيضا، و هذه الآية توضح الامتداد الطبيعي للبشرية، و أن في البشرية خطّا متكاملا، و أن الأمم مهما اختلف زمانها و مكانها عن امة الرسول فهناك جامع مشترك بين سائر الأمم، و هي كما سبق ذكره محكومة بسنن واحدة تجري على الكل.