کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج9، ص: 323
انهم يحشرون بوجوه قبيحة، لأن الجزاء من جنس العمل، فهذه الوجوه طالما دأبوا على تلميعها، و تجميلها عبر وسائل الاعلام في الدنيا، فجزاهم اللّه بتقبيحها في الآخرة.
من هدى القرآن، ج9، ص: 324
[سورة القصص (28): الآيات 43 الى 49]
/ 304
[اللغة]
44 [بجانب الغربي]: أي في جانب الجبل الغربي- (جبل طور) الواقع في الغرب.
45 [ثاويا]: مقيما.
من هدى القرآن، ج9، ص: 326
/ 305
بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً
هدى من الآيات:
تؤكد هذه الآيات على الجانب الغيبي للرسالات الإلهية، فهي ليست قمة في تكامل بشري تدريجي طبيعي كالشهادة التي يحصلها الطالب عند ما ينتهي من الجامعة مثلا، انما هي قضاء إلهي مفاجئ، يأتي لتصحيح مسيرة البشر بصورة غيبية.
و الرسالة كما في الآية (43) أداة لرؤية الحقائق و توضيحها، و منهج لمعرفة العلوم، و هي في نفس الوقت علم و معرفة و هدى، كما أن الرسالة تأتي لإتمام الحجّة على الناس لكي لا يقولوا غدا: لو لا أرسلت إلينا رسولا! فقد اقتضت حكمة اللّه أن يكون الإنسان حرّا في حياته، و يمنح فرصة الهداية من قبل اللّه، و لم يشأ ربنا العزيز إكراه الناس على الهدى بالرسل جبرا، فالهداية ذاتها هي مسئوليتهم، كالذي يعطيك الكتاب و لا يمنحك العلم، و انما يوفر لك فرصته، و هكذا الرسالة بالنسبة
من هدى القرآن، ج9، ص: 327
للناس، و يوم القيامة تكون الحجة البالغة للّه علينا، ثم ان السياق يعتبر صلة بين عبر الأمم الغابرة، و سنن الرسل السابقين، و بين رسالة النبي محمد (ص).
/ 306
بينات من الآيات:
كتاب موسى:
[43] وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى في هذا الشطر يلخص القرآن الدورة الحضارية، فهي تبدأ برسالة إلهية و شخص أو جيل رساليّ، ثم تنتهي بثقافة جاهلية، و جيل منحرف ينذره الرب، فإن لم ينتفع بالنّذر أهلكه، و لا ريب ان هذه الدورة ليست حتميّة، فلو قدّر ان تمسك الناس برسالات اللّه لما أهلكهم اللّه، كما قدر لقوم يونس ذلك.
ثم يقول ربنا عن الكتاب الذي أنزل مع موسى:
بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً في الوقت الذي تكون رسالات اللّه منهج للرؤية (البصيرة) فانها بذاتها علم و معرفة توصل البشر الى الحقائق، فمن جهة تعطي الإنسان بصيرة في الحياة تجاه الأشياء و الاحداث، لأنها تحتوي على سنن اللّه في الحياة، و تحمل في طياتها مقاييس و معايير تحدد له الرؤية النظرية السليمة، و من جهة أخرى تحتوي على العلم و الهدى اللذين يرسمان له الموقف العملي الحقّ لو اتبعها.
و قد يكون الفرق بين العلم و الهدى: ان العلم هو مجرد اتصال الإنسان بالحقائق، اما الهدى فهو تفاعله معها، و انتفاعه منها،
و جاء في الدعاء:
من هدى القرآن، ج9، ص: 328
/ 307 «و أعوذ بك من علم لا ينفع
» «1» يقصد به العلم الذي لا يعمل به.
و عند ما لا يعمل الإنسان بالعلم فإنه يضلّ و يجهل، بل و ينسى العلم نفسه، أما حين يعمل به فسوف تكون النتيجة هي السعادة و اللطف الإلهي (الرحمة) ماديّا و معنويا.
و السؤال ما هو هدف هذه الرسالة التي تشتمل على البصائر، و الهدى، و الرحمة؟
و ماذا يتذكر الناس؟
يتذكرون ميثاقهم مع اللّه، فيعودون الى فطرتهم، لأن من خصائص الرسالة انها ترفع الحجب عن قلب البشر، و نستوحي من هذه الآية: أن العامل الأخير في الهدى حركة الإنسان نفسه، فالبصائر و الهدى و الرحمة من عند اللّه، أما التذكر فهو مسئولية الإنسان نفسه.
[44] ثم يذكرنا السياق بان النبي لم يكن حاضرا الجهة الغربية التي كان النبي موسى (ع) يسير إليها من مدين الى مصر، حين استقبل لأول مرّة الوحي الإلهي، و لم يكن هناك من الشاهدين ليصف تلك الحوادث هذا الوصف الدقيق الرائع، و لكن اللّه سبحانه أوحى بالقرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي كانوا فيه يختلفون، و هذا دليل صدق هذه الرسالة.
(1) مفاتيح الجنان/ تعقيب صلاة العصر.
من هدى القرآن، ج9، ص: 329
وَ ما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ كلمتان في القرآن إحداهما تبين الوضع الطبيعي و هي/ 308 القدر، و الأخرى تبين الوضع الغيبي و هي القضاء، و الفرق أن القدر هو السنن التي أجراها اللّه تعالى في الخلق، بلا تبديل و لا تحويل، أما القضاء فهو الأوامر الغيبية التي تصدر من عنده الى الخليقة فتتجاوز الأقدار جميعا، فربما يكون قدر الإنسان ان يموت اليوم، فيدفع صدقة لفقير، أو يدعو اللّه، أو يصل رحمه، أو .. أو .. فيقضي اللّه ان يتأخر أجله ثلاثين سنة، و قد يكون قدره العيش ثلاثين سنة، فيظلم من لا يجد ناصرا غير اللّه، فيقضي اللّه بوفاته اليوم، و الرّسالة الإلهية نوع من القضاء. إذ ليست ثمة سنّة إلهية لو عمل بها البشر لصار رسولا، فتحول موسى بن عمران (ع) الى رسول، أو محمد بن عبد اللّه (ص) الى رسول ما جاء بدراسة في الجامعة، أو قراءة في الكتب، انما الرسالة- و كما تقدم في الهدى- هي قضاء إلهي، يحصل بموجبه الاتّصال بين الخلق و الخالق، عبر رسالة و رسول يجعله اللّه خليفته في الأرض جعلا، و لا ينفي هذا القول أن اللّه يختار رسله و أنبياءه على أساس صفات و مميزات فيهم.
و في لحظة القضاء قد يتحقق ما لا يمكن تحقيقه عبر قرون، فالرسول (ص) دخل الى غار حراء أميّا لا يعرف القراءة و لا الكتابة، و لكنه خرج منه يحمل رسالة تقصر البشر عن بلوغ ذراها أبدا.