کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج4، ص: 365
وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [26] كيف يكون عند الله دار السلام التي يدعوا إليها ربنا عبر صراط مستقيم؟
/ 306 إن دار السلام تعني في الدنيا تلك المناهج الالهية للأعمال الحسنة، و التي تؤدي الى الحياة الحسنى.
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ الله يضاعف لمن يفعل الحسنات، لأن ربنا سبقت رحمته غضبه، و هو أرحم الراحمين قبل أن يكون شديد العقاب، و من مظاهر الحياة الحسنى أن ظلام الشهوات و الأهواء لا يحجب عقولهم، و أن ذلّة السيئات لا تحيط بشخصياتهم، فرؤيتهم واضحة، و نفوسهم عزيزة.
وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ أي لا يلحق وجوههم غبار و لا صغار.
أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ و الشهوات في الدنيا ظلام في الآخرة، كما أن الغرور و الاستكبار ذلّة و صغار في الآخرة، و لذلك
جاء في الحديث المروي عن رسول اللّه :
«ما من عين ترقرقت بمائها الّا حرم الله ذلك الجسد على النار، فان فاضت من خشية الله لم يرهق ذلك الوجه قتر و لا ذلة
» «1»
(1) مجمع البيان ج 5/ 104
من هدى القرآن، ج4، ص: 366
جزاء السيئات:
[27] أما الذين عملوا السيئات فأصبحت ثقلا على ظهورهم، فان جزاء كل سيئة تكون بقدرها تماما دون أن ينقص منها شيء، و تلحقهم ذلة و صغار بسبب تلك السيئة، و تحيط بهم ظلمات السيئات فتحجب عنهم الرؤية السليمة و كأنها قطع من الليل.
وَ الَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ فلا يفكر أحدهم أنه قادر على الخلاص من جزاء سيئاته من دون اللّه و عن طريق الشركاء كلا ..
/ 307 كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أي كأنّ الله قد أغشى و ستر وجوههم بقطع من الليل المظلم، هكذا يحيط بهم السواد، و هكذا تسبب الشهوات افتقاد النور و الرؤية.
أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ان كل واحد منا معرض لان يكون من مصاديق هذه الآية، الا أن يوفقه الله للتوبة من سيئاته و العمل بمناهج الله سبحانه.
من هدى القرآن، ج4، ص: 367
[سورة يونس (10): الآيات 28 الى 30]
[اللغة]
28 [فزيّلنا]: التنزيل التفريق مأخوذة من قولهم زلت الشيء عن مكانه أزيله و زيلته للكثرة و زايلت فلانا إذا فارقته هنا لك اي في ذلك المكان.
من هدى القرآن، ج4، ص: 368
/ 308
هل ينفع الشركاء في اليوم الاخر؟
هدى من الآيات:
في الدروس السابقة ذكّرنا القرآن بأن الشركاء من دون الله لا يضرون و لا ينفعون، ثم أعطانا رؤية متكاملة تجاه الحياة الدنيا، و التي ينبغي أن تكون كافية للإنسان في توحيد الله و نبذ الشركاء.
و عاد السياق ليحدّثنا عن قضية الشركاء بتصوير مشهد من مشاهد يوم الحشر، حيث يجمع الله الشركاء و المشركين جميعا، و يفرز بينهما و ينكر الشركاء أساسا أنهم كانوا يعبدون من دون الله، و يشهدون الله أنهم كانوا غافلين عن عبادة المشركين لهم، فما ذا ينتفع البشر من عبادة من هو غافل عن عبادته؟! و هنالك تكشف لكل نفس ما أسلفت في الدنيا، و يردون الى الله قائدهم و مولاهم الحقيقي، بينما يتلاشى الشركاء الذين كانوا يجعلونهم شفعاء عند الله افتراء على الله و الحق.
من هدى القرآن، ج4، ص: 369
بينات من الآيات:
و كشف الحجاب:
[28] و في يوم القيامة تتوضح الحقائق بحيث لا يقدر أحد على إنكارها، و حين نتصور- و نحن في الدنيا- مشاهد ذلك اليوم،/ 309 يكفينا هذا التصور، توضيحا للحقيقة، و كشفا لمعالمها، لماذا؟
لأن الذي يحول بيننا و بين فهم الحقيقة هو الغفلة، أو الغرور و الاستكبار، و تصور مشاهد يوم الحشر يذوّب حجب الغفلة و الغرور عن أنفسنا، و يجعلنا نرى الحقيقة بلا حجاب، و لذلك يرفع القرآن الستار لنرى مشهد الحوار بين المشركين و بين آلهتهم التي عبدوها دهرا زاعمين بأنها تنفعهم يوم القيامة.
وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً الشركاء المزعومين و من عبدوهم.
ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَ شُرَكاؤُكُمْ أي انتظروا جميعا لكي تسألوا، ثم فرّق الله بين الفريقين.
فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَ قالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ لقد أنكر الشركاء أنهم كانوا يعبدونهم إنكارا كاملا، كما أنكرت الملائكة ذلك في آية أخرى، و في الواقع انهم أنكروا علمهم بهذه العبادة بدليل ما جاء في الآية القادمة.
التبري من المسؤولية:
[29] و اشهد الشركاء الله سبحانه على أنهم كانوا غافلين عن هذه العبادة.
من هدى القرآن، ج4، ص: 370
فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ و سواء كان الشركاء الأصنام الحجرية، أو الجن و الملائكة، أو حتى الأصنام البشرية، فهي غافلة عن طاعة المشركين لها و غير مهتمة بذلك، لأنها مشغولة عنها/ 310 بقضاياها الخاصة.
[30] و عند الله في يوم القيامة تظهر حقائق كل نفس و أعمالها التي أسلفتها في الدنيا، و تقف أمام الله المولى الحق البشرية لتجيب عن تلك الأعمال.
هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ لقد افتروا على الله بأنه تعالى يخضع لضغط الشركاء، و افتروا على الله بأنه سبحانه يسمع كلامهم، أما الآن فليس بشيء من ذلك موجودا أمامهم، لقد ابتعد عنهم و تلاشى كما يتلاشى السراب.
من هدى القرآن، ج4، ص: 371
[سورة يونس (10): الآيات 31 الى 33]