کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج3، ص: 524
كيف تتكامل شخصية الإنسان
هدى من الآيات:
لكي تتكامل شخصية الإنسان عليه أن يأخذ العفو، و يأمر بالمعروف، و ان يعرف عن الجاهلين، و لكن السؤال: كيف يمكن للإنسان أن يفعل ذلك و الشيطان يفسد قلبه؟
الجواب: عليه أن يستعيد باللّه و يتوكل عليه في مقاومة نزعات الشيطان، ان اللّه سميع عليم.
ذلك أن المتقين الذين ترسخ الايمان في أنفسهم، إذا مسهم من الشيطان شيء طائف، و خاطرة خاطفة فإنهم يتذكرون ربهم، و بعد التذكر يبصرون و يميزون خواطر الشيطان عن حقائق الايمان.
بينما اخوان الشياطين يمدون أصحابهم ليستمروا في الغي، و هم لا يقصرون و لا يبخلون في دعم أصحابهم بالضلالة.
من هدى القرآن، ج3، ص: 525
بينات من الآيات:
فمثلا: كل الآيات لا يقبلونها، و انما يطالبون الرسالة بآية/ 448 معينة، و يتساءلون لماذا لم يصطف الرسول هذه الآية، بينما الرسول ليس هو الذي يختار الآيات، و انما اللّه الذي أوحى بالكتاب: بصائر و رؤي و هدى، و رحمة للمؤمنين.
و لذلك على البشر أن يستمع الى القرآن، و ينصت إجلالا له إذا تليت آياته، و أن يذكر اللّه تضرعا و خيفة، حتى يتأصل الايمان في أنفسهم، و ألّا يكون غافلا و لا مستكبرا عن عبادة اللّه، بل يسبح له و يسجد له ..
أبعاد الحياة الاجتماعيّة:
[199] ما هي رسالة الإسلام، التي لو اتبعها المجتمع حقق أهدافه، و أحرز المنعة التي يريد؟
تلخص الآية الكريمة هذه الرسالة:
فأولا: أخذ العفو.
ثانيا: الأمر بالمعروف، الذي تتقبله فطرة الإنسان و تستسيغه، لان الإسلام دين الوجدان النقي، و العقل النير البعيد عن مؤثرات الهوى.
ثالثا: الاعراض عن الجاهلين، و عدم اتباع بعضهم الفاسد، و عدم الخوض معهم فيما يخوضون.
خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ إن الأدوار الثلاث تلخص الحياة الاجتماعية في ثلاث أبعاد: البعد الاقتصادي-
من هدى القرآن، ج3، ص: 526
و البعد القانوني- و البعد الأخلاقي.
ففي البعد الاقتصادي يجب أخذ الأنفال الاضافية التي لا يحتاج إليها الفرد، لتجعل للخدمة الاجتماعية.
و في البعد القانوني يجب تنظيم الحياة الاجتماعية وفقا لأفضل ما يراه العقل السليم، في الظرف الخاص، مما يعطي التشريع مرونة كافية لاحتواء تطورات الحياة.
/ 449 أما في البعد الاخلاقي فيجب رفع الجهل و الجهالة، و تكتل المؤمنين الصالحين لقيادة الحياة.
ماذا نحتاج للتطبيق؟
[200] و لكن هذه التعاليم بحاجة الى قلب سليم، و عقل نير، و شخصية متكاملة، و ذلك كله لا يمكن توفيره إلّا بتخلص البشر من نزع الشيطان و فساده و بعلو البله، و علاج ذلك يكون بالتوكل على اللّه، و الاستعاذة به من الشيطان الرجيم.
وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يسمع نجواك، و يعلم ما في ضميرك، فاذا قلت ظاهرا و أضمرت واقعا فانه سوف ينصرك على الشيطان.
[201] الذين تكرست في أنفسهم ملكة الالتزام بالتعاليم الالهية، و أصبح الدين بالنسبة إليهم عادة بسبب المزيد من العمل فإنهم إذا انزلقوا بسبب ضغط الشهوات فإنهم سرعان ما يتذكرون و يلتزمون بالواجبات مرة ثانية ..
من هدى القرآن، ج3، ص: 527
حين يعودون الى اللّه ترتفع عن أنفسهم غشاوة الشهوات، فيبصرون حقيقة الذنب فيجتنبونه.
[202] بينما الكفار و اخوان الشياطين الذين لا يملكون حصانة التقوى فإنهم، ليس فقط لا يعطيهم الشيطان حصانة، بل يمدّهم الشيطان في غيهم، و يبرر لهم سيئاتهم غرورا ..
/ 450
من الفكر التبريري:
وَ إِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ [203] من تلك الأفكار التبريرية التي يمد بها الشيطان إخوانه، و يكرس بها سلبياتهم هي: أن كل آية كانت تنزل عليهم كانوا يكفرون بها، و يطالبون بآية أخرى، و يزعمون أن الآيات تنزل عليهم بطلب الرسول.
وَ إِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي و القرآن بصائر يرى المرء بسببها و من خلالها الحياة فمثلا: القرآن يميز للبشر بين العقل و الجهل، الشهوات و الغضب، حتى يلامس وجدان كلّ واحد حقيقة نفسه و ما بها من عقل و شهوة، أو عقل و غضب، و القرآن يذكر البشر بربه عن طريق إثارة الوجدان، و بلورة عقه، ثم يربط بين الايمان باللّه و بين ما يرى في الكون من آثار عظمة و جمال، و من نقاط ضعف و عجز، و يربط بعدئذ بين كلّ ذلك و بين ضرورة التسليم للّه و لرسالاته، كلّ تلك بصيرة يرى المرء من خلالها الحياة رؤية واضحة.
و إذا تعذر على المرء رؤية الحياة بسبب أو بآخر، فان اللّه هو الذي يعطيه الهدى بصورة مجملة أو مفصلة، فيكشف له طبيعة الدنيا و الآخرة و ما فيهما من عوامل تقدم أو تخلف، حضارة أو دمار.
من هدى القرآن، ج3، ص: 528
و البصائر و الهدى تعطي البشر رفاها و سعادة هي: الرحمة التي ينزلها اللّه للمؤمنين باتباع البصائر و الهدى.
/ 451
تعظيم القرآن:
هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [204] لان القرآن بصائر و هدى فعلى البشر ان يكبره و يعظمه، فاذا قريء القرآن فعلى الجميع أن يتركوا كلامهم و يستمعوا الى آيات الذكر.
وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أيّ تنالون السعادة و الرفاه بالاستماع الى آيات الذكر الحكيم.
كيف نقاوم الانسلاخ عن القرآن:
[205] و لكي يقاوم البشر عوامل الانسلاخ من آيات اللّه، و لكي لا يصبح مثل الذين لهم قلوب لا يفقهون بها، و لهم آذان لا يسمعون بها، و لهم أعين لا يبصرون بها، و بالتالي لكي لا ينسلخ البشر من إنسانيته، فان عليه أن يداوم قراءة القرآن، و أن يتذكر آيات اللّه و أسمائه، و لكن ذكر اللّه له شروط معينة هي:
أولا: أن يكون التذكر في نفس البشر، لكي لا يكون الذكر رياء أو نفاقا أو قشريا لا يغور في العمق.
ثانيا: أن يكون الذكر تضرعا و تذللا، و معرفة من الفرد بأنه عبد ذليل للّه، لا يملك لنفسه نفعا و لا ضرا.
ثالثا: أن يخاف الفرد ربه و ما يترتب على معصيته له من عذاب شديد.
رابعا: ألّا يكون ذكر اللّه جهرا بما يزيد احتمالات الرياء، و لا يجعل الفرد
من هدى القرآن، ج3، ص: 529
يتعمق فيما يقول.
خامسا: أن يكون الذكر بالغدو و الآصال، صباحا و مساء، كل ذلك يرفع الغفلة عن الإنسان.
قاوم التكبّر في نفسك:
[206] و على الإنسان أن يقاوم روح الاستكبار في ذاته، و يطيع اللّه إطاعة كاملة، و أن يسبح اللّه و ينزهه من آثار النقص و العجز الموجود في خلقه، و أن يسجد للّه رمزا لتلك الطاعة و العبادة.
إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ من الملائكة القربين، و الأنبياء، و الشهداء، و الصالحين الذين يتحسسون حضورهم أمام اللّه و هيمنة اللّه عليهم، و أنه سميع بصير، و أنه أقرب إليهم من حبل الوريد، إن هؤلاء الذين يعتبرون قدوة صالحة لكلّ واحد منا .. إنهم ..