کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

من هدى القرآن

الجزء الأول

سورة البقرة

فضل السورة:

سورة آل عمران

فضل السورة:

الجزء الثاني

سورة النساء

فضل السورة:

سورة المائدة

فضل السورة الإطار العام

الجزء الثالث

سورة الانعام

فضل السورة:

سورة الأعراف

فضل السورة: الإطار العام

الجزء الرابع

سورة الأنفال

فضل السورة

سورة التوبة

فضل السورة

سورة يونس

أحاديث في فضل السورة: الإطار العام

الجزء الخامس

سوره هود

فضل السورة الإطار العام

سورة يوسف

فضل السورة: الإطار العام لماذا الاسم؟ أهداف القصة في القرآن:

سورة الرعد

فضل السورة الإطار العام للسورة

سورة إبراهيم

أحاديث في فضل السورة: الإطار العام

سورة الحجر

أحاديث في فضل السورة: الإطار العام

الجزء السادس

سورة النحل

فضل السورة الإطار العام

سورة الإسراء

فضل السورة: الإطار العام

سورة الكهف

فضل السورة الاسم:

المجلد السابع

سوره مريم

فضل السورة: الإطار العام

سورة طه

فضل السورة: الإطار العام

سورة الأنبياء

فضل السورة: الإطار العام

الجزء الثامن

سورة الحج

فضل السورة: الاسم: الإطار العام

سورة المؤمنون

فضل السورة: الإطار العام

سورة النور

فضل السورة: الإطار العام

سورة الفرقان

فضل السورة: الاسم: الإطار العام

الجزء التاسع

سورة شعراء

فضل السورة: الإطار العام

سورة القصص

الجزء العاشر

سورة الأحزاب

فضل السورة:

الجزء الحادي عشر

الجزء الثاني عشر

الجزء الثالث عشر

الجزء الرابع عشر

الجزء الخامس عشر

الجزء السادس عشر

الجزء السابع عشر

الجزء الثامن عشر

من هدى القرآن


صفحه قبل

من هدى القرآن، ج‏6، ص: 462

على الآخرين، أما إذا كانت النفس ضارة، فان اللّه سبحانه و تعالى يأذن لولي الأمر من قبله بإعدامها، و إنقاذ المجتمع من شرها،/ 459 كما قدّر لخضر بأن يقتل الغلام لكي لا يصبح ضارا بالآخرين، و كذلك مسألة الجدار، و هذا هو ظاهر ما نستفيده من الآيات الكريمة، و هناك عمق آخر سوف نتدبر فيه و نذكره.

بينات من الآيات:

لماذا خرق السفينة؟

[79] أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها ان السفينة كانت لمساكين، و من عادة الملوك و رؤساء الدول قديما و حديثا أن يأمروا بمصادرة وسائل النقل كلما واجهت دولهم حربا، لان الحرب بحاجة الى وسائل النقل كالسفن و الجمال قديما، و السيارات و الباخرات و الطائرات حديثا، فهي اما تصادرها مصادرة تامة، و أما أن تسخرها للأعمال الحربية فترة الحرب، و هذه السفينة أيضا كانت من ضمن السفن المعرضة للمصادرة لو لا أن خرقها لتصبح معيبة، و بذلك لا تشملها أحكام المصادرة التي كانت مقصورة على مصادرة السفن الصالحة فقط.

وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً الآية لم تقل ان ذلك الملك كان يأخذ السفن الصالحة فقط، لكن الكلمة السابقة تدل على هذه المعنى، و هذا من بلاغة القرآن.

لماذا قتل الغلام؟

[80] وَ أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما

من هدى القرآن، ج‏6، ص: 463

/ 460 طُغْياناً وَ كُفْراً ان السبب في قتل الغلام من دون سابق إنذار هو: ان هذا الغلام كان سيسبب لأبويه المؤمنين الصالحين الطغيان و الكفر، لأنهما، من فرط حبهما لهذا الغلام كانا سيتبعان أهواءه، في حين أنه كان قد تربى على الدلال و الفساد الخلقي، لذلك كان خضر يخشى على أبويه المؤمنين أن يطغيا بسببه، و لذلك قتله، لأنه وجود ضار.

[81] فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً لقد كان خضر يسعى من أجل ان يبدل اللّه هذا الغلام بمولود أفضل زكاة، أي نموّه يكون نموا زاكيا بدل ذلك النمو الطاغي، فهناك نمو زاك و نمو طاغ، النمو الزاكي هو: نمو طاهر خال من السلبيات، أما النمو الفاسد فهو: نمو خبيث ملي‏ء بالسلبيات.

و كذلك فرق بين صلة الرحم و بين الكفر بسبب الرحم فالعلاقة التي تربط بين الأب و أبنه إذا كانت علاقة بعيدة عن الايمان باللّه سبحانه و تعالى و شكره، فان هذه العلاقة هي علاقة الكفر و تناقص الشكر للّه سبحانه، بينما إذا كانت العلاقة هي علاقة الشفقة التي هي امتداد لعلاقة الإنسان باللّه، كأن أقول: اني أحب أبني و أساعده لأنه نعمة من اللّه سبحانه، فهنا تكون العلاقة امتدادية، و آنئذ تصبح هذه العلاقة علاقة الرحم، و التي يعبر عنها القرآن فيقول:/ 461 «وَ أَقْرَبَ رُحْماً» و الكلمتان الأخيرتان جاء بهما القرآن لتتقابل مع الكلمتين الأوليتين، فالزكاة و الرحم في مقابل الطغيان و الكفر.

بين المصلحة العامة و الخاصة:

الأحكام الشرعية عموما ليست محصورة بمصلحة الإفراد، و انما هي متجهة الى المصلحة العامة و المصلحة العامة هي: مصلحة الإفراد مجتمعين، بينما المصلحة الخاصة

من هدى القرآن، ج‏6، ص: 464

هي: مصلحة الإفراد منفصلين، و من الطبيعي ان تتفوق مصلحة الإفراد مجتمعين على مصلحة الإفراد منفصلين، و بصورة خاصة عند التعارض، فمثلا مصلحة مليون إنسان أهم من مصلحة خمسة أفراد.

و عند ما نقول المصلحة العامة فنحن نقصد بها مصلحة البشر، و ليس من المعقول ان يترك الإسلام مصلحة البشر ككل من أجل مصلحة أفراد قلائل.

ان الثقافة الرأسمالية التي تؤكد على المصلحة الفردية هذا التأكيد المبالغ فيه، انما هي ثقافة استغلالية يبرر بها المنحرفون الجشعون استثمارهم للآخرين، و سيطرتهم اللامشروعة عليهم، و أنهم ينادون بالملكية و بالمصلحة الفردية، و أي مصلحة للفرد في مقابل مصلحة المجموع؟ و أي حرمة و حرية لفرد في مقابل حرمة و حرية الناس ككل؟ و ماذا تعني هذه الكلمة؟ و هل هي مصلحة أم مضرة؟

أننا نشك في أن تكون هذه الكلمة صادقة (المصالح الفردية) بل الأصح ان تسمى بالمضار الفردية، فالخير و الشر لا يقاسان بالفرد، بل يقاسان بالمجموع، الخير هو ما/ 462 ينفع الناس، و الشر ما يضر الناس، فاذا نفعني شي‏ء و ضرّ الآخرين فهو شرّ، و مفهوم الكلمة منذ البداية مفهوم شامل جماعي، و لا ريب أن كل شر في العالم ينفع شخصا ما، فهل يتبدل مفهوم الشر لأنه ينفع شخصا واحدا أو مجموعة صغيرة من أبناء المجتمع الانساني؟! و ربما تكون الآيات الكريمة دالة على هذه الحقيقة و هي: ان المصلحة حقا و المنفعة صدقا انما هما بالقياس الى المجموع، و أن الأحكام الشرعية لا تعطي صفات مطلقة لبعض المفاهيم، فالملكية الفردية ليست سدّا أمام الإسلام، و كذلك حرمة الإفراد علما باني لا أنفي اهتمام الإسلام بالملكية، و لكنه محدود بمصالح الآخرين، و عند ما يبدأ الضرر بالآخرين فان حرمة الملكية تنتهي.

من هدى القرآن، ج‏6، ص: 465

في العلاقة مع النعم:

ان نظرة الإسلام للحياة الدنيا و زينتها هي: ان كثيرا من أشياء الحياة الدنيا تبدو أمام الإنسان مفيدة، و لكنها عند اللّه غير مفيدة لما يعلم من مستقبلها، فان يشرب الإنسان الخمر، و يجلس على مائدة القمار، و يأكل من أموال اليتامى، قد تبدو مفيدة و لذيذة له حاليا، و لكنها تحمل في طياتها عواقب سيئة جدا، و العكس كذلك صحيح، فأيهما أفضل الإنسان السالم أم الإنسان المريض؟

قد يكون الإنسان المريض أفضل في بعض الأحيان، لان الإنسان السالم في دولة الإرهاب يضعونه في السجن، أما المريض فيتركونه آمنا في بيته، و في بعض الأوقات تكون نظرتنا الى الحياة، غير حكيمة فلا نرى المستقبل فنحبّ ما يضرنا، و نكره ما ينفعنا. كلا ../ 463 يجب ان نرضى برضا اللّه و نسلم لقضائه فاذا أعطانا ربنا شيئا ليس بذلك الكمال المطلوب، فمن الخطأ ان نصر على الحصول عليه، فباصرارنا قد يأتينا اللّه به و لكن يكون في ذلك ضرر لنا.

فمن جملة سنن اللّه في هلاك الأقوام فتح أبواب الرحمة عليهم، فاذا فتح أبواب الرحمة كلها على أمة فان ذلك تدبير لهلاكها، و كذلك بالنسبة للإنسان، فاذا رأيت النعم تنهال عليك من كل مكان فالزم الحذر، و كن يقضا، لان هذه النعم قد تكون استدراجا و ان اللّه يريد ان يجرب أرادتك و قدرتك على المقاومة، و يريد أن يعطيك رزقك مرة واحدة حتى لا يكون لك نصيب في الآخرة، على الإنسان ان يكون معتدلا و حكيما في تصرفاته مع زينة الحياة الدنيا، و لا يبالغ فيها و لا يطالب ربه ان يعطيه كلها مرة واحدة.

من جهة اخرى فان علاقة الإنسان بنعم الحياة يجب أن تكون علاقة الشكر و ليست الكفر، و علاقة الزكاة و ليس الطغيان.

من هدى القرآن، ج‏6، ص: 466

ان علاقة الشكر هي: علاقة المحافظة على العوامل و الأسباب التي أدت الى النعمة فاذا قمت بثورة و نجحت فيها، و وصلت الى السلطة، ففكر في الذي دفعك الى السلطة من العناصر البشرية و العوامل المعنوية، و إذا عرفتهما فحافظ عليهما، فاذا حافظت عليهما فأنت شاكر لنعم اللّه تعالى، أما إذا لم تحافظ عليهما فأنت كافر، و الذي لا يحافظ على الأسباب و العوامل التي أدت الى حصوله على النعمة تتركه النعمة و ربما بلا رجعة، أما علاقة الكفر فهي الإهمال لتلك العوامل. كذلك علاقة الزكاة، فقد جاءت في القرآن بمعنى: الإنفاق و في اللغة تأتي بمعنى: التطهير و النمو، و ذلك لأن كل إنفاق و كل عطاء انما هو بمعنى النمو فالإنسان لا تنمو عضلاته الا عند ما/ 464 يستخدمها في العمل، و لا ينمو عقله الا عند ما يستخدمه في التفكير، و لا تنمو قدرات لسانه الا عند ما يستخدمه في النطق و الكلام، و هكذا فان كل شي‏ء في الحياة يزكو و ينمو عن طريق العطاء و الإنفاق، و العكس صحيح، فاذا ادّخر الإنسان جهوده فسوف تكون هذه الجهود سببا للطغيان، و الطغيان يكون سببا للهلاك و الانتهاء.

هكذا يعطينا القرآن الحكيم- فيما يبدو- درسا في العلاقة مع زينة الحياة الدنيا، و قد سبق و ان قلنا ان سورة الكهف دروس و عبر تصحح علاقتنا مع الحياة الدنيا و ما فيها من زينة، و أموال، و أولاد .. إلخ.

لماذا بنى الجدار؟

[82] وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَ يَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ‏ فلو انهدم الجدار و جاء أهل المدينة و أرادوا أن يبنوا مكانه شيئا، لاكتشفوا ذلك‏

من هدى القرآن، ج‏6، ص: 467

الكنز الذي كان عبارة من دراهم و دنانير، أو كما جاء في الأحاديث: ان هذا الكنز كان كتبا خاصة باليتيمين، حيث كتب أبوهما فيهما مختلف الأشياء، و احتفظ بها تحت الجدار فأراد اللّه أن يبلغا سن الرشد و يستخرجا كنزهما و يستفيدا منه، فقد

روى القمي عن الصادق عليه السلام‏ «كان ذلك الكنز لوحا من ذهب فيه مكتوب بسم اللّه لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه، عجبت/ 465 لمن يعلم ان الموت حق كيف يفرح، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، عجبت لمن يذكر النار كيف يضحك، عجبت لمن يرى الدنيا و تصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها

» «1» .

ان هذه الآية و الآية السابقة تدلان على فكرة هامة و هي: ان اللّه سبحانه و تعالى يكرم الإنسان لأجل أبويه و انه إذا عمل الإنسان عملا صالحا فان اللّه يكرمه ليس في ذاته فقط و انما في أبنائه أيضا، و ان كثيرا من حكم الحوادث في الحياة التي تقع دون أن نعرف طبيعتها مرتبطة ليس بالشخص ذاته، و انما مرتبطة بشخص آخر، فلربما أكرم اللّه مريم الصديقة، و أنشأها، و ربّاها منذ نعومة أظفارها تلك التربية الزكية بسبب والدتها التي نذرت ما في بطنها محررا، و أكرم عيسى بسبب أمه مريم الصديقة، و ربما أكرم اللّه سبحانه كثيرا من الرجال المصلحين الذين ترى فيهم منذ طفولتهم آيات الشجاعة و الذكاء من أجل آبائهم أو أمهاتهم‏

جاء في الحديث عن العياشي عن الصادق عليه السلام: «ان اللّه ليحفظ ولد المؤمن الى الف سنة، و ان الغلامين كان بينهما و بين أبويهما سبعمائة سنة، و قال: ان اللّه ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده و ولد ولده و يحفظه في دويرته و دويرات حوله فلا يزالون في حفظ اللّه لكرامته على اللّه‏

» «2» .

(1) تفسير الصافي ج 3 ص 257

(2) المصدر

من هدى القرآن، ج‏6، ص: 468

و هذا التكريم يشجع على العمل، فحتى لو فكرت أنك لن تحصل على النتيجة في حياتك، و لكن/ 466 الخير حتما آتيك ان كنت لم تزل حيا، و الا فسوف يأتي من بعدك أبنائك.

كما ان العكس صحيح أيضا حيث: ان اللّه سبحانه و تعالى قد يكتب هلاك إنسان يعلم انه لو بقي حيا لأضر بالآخرين، و قد قدّر هلاك ذلك الغلام لكي لا بسبب طغيانا و كفرا لوالديه، فاذا رأيت شيئا لا تفهمه فلا تنكره، فلربما كانت هناك حكمة خفية من هذه الحكم.

صفحه بعد