کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج5، ص: 245
قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ و ذكرهم بذلك ان الإحسان يجب الا يمنع تنفيذ القوانين السائدة. و الا ينقلب الى ظلم، فالإنسان يحسن في إعطاء ماله و ما هو اولى به، و لا يحسن في اموال الناس و حقوقهم، و لذلك جاء في الإسلام:
«لا شفاعة في حد»
الموقف المسؤول:
[80] ألحوا على يوسف- عبثا- بترك أخيهم بأية وسيلة ممكنة، فلما بلغوا حد اليأس اجتمعوا الى بعضهم يتناجون فقال كبيرهم و أسمه روبين كما يقال، و هو ابن خالة يوسف و هو الذي نهاهم من قتله من قبل قال لهم: إننا قد عاهدنا اللّه عند أبينا الا نفرط في أخينا، و قد كنا فعلنا مثله مع يوسف، فتعهدنا و أخلفنا، و لا يمكن ان نكرر الأمر، و اني سأبقى هنا انتظر امر اللّه، فأما يأذن لي أبي أو يأذن لي ربي.
فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ قال ابن كثير: «استيأسوا منه» و «استيأس الرسل» و يئس و استيأس بمعنى مثل سخر و استسخر و عجب و استعجب.
و لكن يبدو ان اليأس هو: العلم الصادق بعدم فائدة المحاولة/ 203 بينما الاستيئاس هو الظن بذلك الذي يداخله الضعف النفسي للبشر، و إذا كان هذا المعنى صحيحا فان ذلك يعني ان اخوة يوسف كانوا غير مستقيمين نفسيا بسبب الجريمة السابقة التي ارتكبوها بحق أخيهم، و لذلك فهم يأسوا سريعا ..
من هدى القرآن، ج5، ص: 246
اي انفردوا عن الناس حتى أصبحوا خالصين من دون غريب يشاركهم الأمر، و هدف خلوصهم و انفرادهم كان النجوى، و هنا من أبلغ ما نفهمه من آيات القرآن في اناقة الظاهر و عمق الباطن، و تنوع المعنى.
قالَ كَبِيرُهُمْ أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ اي بعد ان أخذ أبوكم منكم موثقا أيضا.
فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ اي حتى يأذن لي صاحب الحق أو صاحب التشريع، و هكذا تجلت في أخيهم الأكبر روح المسؤولية، و ظهر انه تاب الى ربه توبة نصوحا.
[81] و أمرهم روبين و هو أكبر الأخوة بالعودة، و بيان كل الحقيقة و من دون اضافة آرائهم إليها، قال لهم:
ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ و لكن دون ان تؤكدوا التهمة، بل قولوا لأبيكم أيضا.
وَ ما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا إذ رأينا انهم اخرجوا السقاية من وعائه، و لم نشهد بأكثر من هذا.
/ 204 وَ ما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ لم نكن حافظين لما يجري في الواقع، و لذلك لا نعرف هل سرق أخونا أم لا، و لعله تهمة، يبدو ان تفريطا حصل منهم بشأن أخيهم حيث قبلوا من دون تردد تهمة
من هدى القرآن، ج5، ص: 247
السلطات ضد أخيهم و ذلك بسبب سوء ظنهم به و بأخيهم يوسف من قبل.
[82] و بإمكانك ان تسأل المجتمعين ببلد مصر، أو تسأل العائدين من هناك.
وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها اي أهل القرية.
وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها اي: ايّ مسافر قادم مع قافلتنا.
من هدى القرآن، ج5، ص: 248
[سورة يوسف (12): الآيات 83 الى 93]
/ 205
[اللغة]
83 [سوّلت]: زينت و سهلت.
84 [يا أسفي]: يا حزني.
[كظيم]: الكظم اجتراع الحزن و هو أن يمسكه في قلبه و لا يبثه في غيره.
85 [تاللّه تفتؤا]: لا تزال.
[حرضا]: الحرض المشرف على الهلاك.
86 [البث]: الهم الذي لا يقدر صاحبه على كتمانه فيبثه.
87 [فتحسّسوا]: التحسس طلب الشيء بالحاسة.
من هدى القرآن، ج5، ص: 249
[روح اللّه]: الروح الراحة، و الروح الرحمة، و أصل الباب من الريح/ 206 التي تأتي بالرحمة.
من هدى القرآن، ج5، ص: 250
و لا تيأسوا من روح اللّه
هدى من الآيات:
و عاد اخوة يوسف (ع) الى أبيهم و بغم جديد، و خرق للميثاق، فلم يصدقهم يعقوب (ع) بان أخاهم سرق، و اتهمهم بتدبير حيلة جديدة، و لكنه تذرع بالصبر الجميل، و وضع كل أمله على اللّه العليم الحكيم، و ترك أبناءه و أعاد نوحه على ابنه يوسف (ع) و أسفه عليه حتى مشى البياض في سواد عينه، و كادت تعمى، و حتى بدى للناظر في مظهره المليء، بالهموم. الكاظم نفسه عنها. أما هم فقد أشفقوا عليه و قالوا: انك لا تزال تذكر يوسف حتى تشرف على الهلاك أو تهلك فعلا، و لكن يعقوب تمسك بهدى ايمانه فلم ييأس و قال: اني أشكو همومي و احزاني الى اللّه الذي اعلم انه ارحم الراحمين، و انه يفي بوعده باستخلاف يوسف و سجود اخوته امامه و أمرهم بتكرار، المحاولة لعلهم يقرون على يوسف، و نهاهم عن اليأس الذي هو بضاعة الكفار الذين لا يؤمنون باللّه و برحمته الواسعة، و استجاب اخوة يوسف لأمر والدهم الذي أشفقوا عليه، و بلغ ندمهم على فعلهم السابق مبلغ التوبة النصوح.
من هدى القرآن، ج5، ص: 251
فذهبوا الى مصر و دخلوا على العزيز و قالوا له بلهجة المتضرع: اننا قوم قد أحاط بنا البلاء حتى تحسسنا بألم الفقر، و لا نملك الا بضاعة رديئة. و نسألك ان تعتبرها جيدة فتوفي لنا الكيل بقدر البضاعة الجيدة، و تصدق علينا بإطلاق أخينا فاللّه يجزي المتصدقين الذين يحسنون الى الناس ابتغاء مرضاته، و رأى يوسف ان الوقت قد حان للكشف عن نفسه فقال.
هل تذكرون ما فعلتم بيوسف في أيام جهلكم/ 207 تحسبون ان باستطاعتكم سلب حب أبيه عنه؟ و كان أبوهم قد أعطاهم الأمل في البحث عن يوسف، و جاء سؤال العزيز عن يوسف غريبا فقالوا: أ إنك لأنت يوسف. قال: انا يوسف و هذا اخي.
انظروا كيف منّ اللّه علينا بسبب التقوى و الصبر و الإحسان، و بالرغم من انفة اخوة يوسف الشديدة من الاعتراف بفضل يوسف سابقا. الا أنهم حلفوا الآن باللّه بأن اللّه قد فضّله عليهم، و انهم هم الخاطئون، فعفي عنهم يوسف، و استغفر اللّه لهم و أملهم من رحمة ربهم الذي هو ارحم الراحمين و طلب منهم العودة الى أبيهم مع قميصه ليستعيد بصره الذي فقده لحزنه، و ليأتوا بأهله جميعا ليشهدوا نعم اللّه عليه.
بينات من الآيات:
نفحات الأمل:
[83] لماذا اتهم يعقوب أبناءه بالكذب بعد ما اخبروه بواقع ما جرى عليهم من احتجاز السلطات لأخيهم بتهمة سرقة صواع الملك، و قال لهم بعد ما اخبروه:
قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً اي ان أهواء كم زينت لكم فكرة آمنتم بها انطلاقا من الهوى لا العقل لماذا؟