کتابخانه روایات شیعه
في كتابه مدحا و ذما فقال وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَ لا هَضْماً و قال وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً فتبارك الله الذي أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ أحمده على ما جرت به الأقضية و الأقدار و أعبده و هو أهل العز القاهر و السلطان و الاقتدار و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تحسن عواقبها عند الانصراف عن هذه الدار و يذل بإظهارها كل معتد غدار و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله واضعا عن الكافة إصرا و مفرجا كربا و هاديا إلى رضاه من تبعه و كان له حزبا و كلفه بذل الاجتهاد في أعدائه جهادا و حربا حتى أعز من تبعه و أعلى له على أعدائه كعبا و أنزل عليه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ فاعتمد في الكافرين قتلا و نهبا أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَ الْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ فصلى الله عليه و على أخيه و ابن عمه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين المفروض طاعته على كافة البشر الولي المحظور معصيته في كل ما نهى و أمر المؤيد على كافة الأعداء بالنصر العزيز و الظفر و صل على سبطيه و الأئمة من ولد الحسين الأنجم الزهر الصَّابِرِينَ وَ الصَّادِقِينَ وَ الْقانِتِينَ وَ الْمُنْفِقِينَ وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ أيها الناس اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا سَدِيداً و اتقوه حَقَّ تُقاتِهِ تحوزوا في الدنيا و الآخرة جدا سعيدا و اعبدوه عبادة من عرفه حق معرفته فرجا منه وعدا و خاف وعيدا و أخلصوا البراءة إليه ممن اعتمد في هذا اليوم العسير سرورا
و اعتقده عيدا أولئك الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ هذا رحمكم الله يوم انهدم فيه ركن الدين و انخمل فيه عز أولياء الله الموحدين و ذلت طوائف الأنصار لما جرى على آل النبي ص و المعاضدين لما علت كلمة المعاندين و المفسدين كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ قتل فيه خليفة الله على جميع العباد و شهروا رأسه على أسنة الرماح في أقطار البلاد و وقع السبي في الحريم من آل النبي ص و الأولاد و تحكمت في نواصيهم أسياف الأعداء و الأضداد كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ قتلوا سبط النبي المصطفى و وضعوا جسده يخور بدمه على الصفا و سقوه كأس المنية عوض ماء كان عليه متلهفا و أقاموا أولياءه و محبيه من بعده على شفا وَ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَ سَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ حسبوا أبعدهم الله أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا فأقاموا على فظيع ما أحدثوا فلم يلبثوا إلا القليل و تمكثوا حتى عاقبهم الله بعذاب الدنيا على ما تكنوا ثم نقلهم إلى عذاب الآخرة يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ أظهروا بقتالهم لهم قديم الأحقاد و استقصوا بقتلهم الآباء و الأجداد و أشمتوا بدين الإسلام المكذبين به من جميع العباد و اختاروا لنفوسهم خزي الدنيا و عذاب المعاد وَ تَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَ تَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ما يكون احتجاجهم يوم النشور و العرض
إذا سألهم الله عن تضييع ما حملهم من الفرض و قد أبكوا على ذرية نبيه ص أهل السماء و الأرض ذلِكَ وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَ لكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ و يحل أعداءه جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ فاتخذوا رحمكم الله مقتهم جنة واقية من أهوال الممات و سبحوا بلعنهم في أعقاب الصلوات فإن الله يبدل بالإخلاص في ذلك سيئاتكم بالحسنات و يجازيكم على إظهار ذلك الخلود فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ التي تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ و تقربوا إلى الله بفرط الأسى على جميل المصاب و صاحبوا هذا اليوم العسير بمواصلة الأسف و الاكتياب و امنعوا نفوسكم لذة الطعام و الشراب و اسألوا الله أن يضاعف على ظالميهم أنواع العذاب و افعلوا فعل الأولياء المخلصين مع الأصحاب تفوزوا يوم الفزع الأكبر برضى الملك الجبار و عليكم بالتمسك بكتابه و التأدب بآدابه القائدة إلى رضاه و ثوابه و المحافظة على طاعة نبيكم في مودة ذوي القربى و طاعتهم و محبتهم و متابعتهم فقد وعدكم الله أن يحشركم في جماعتهم و يدخلكم دار كرامته في شفاعتهم تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ عُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ فهم طرف السبب الذي علقتم به فاهتديتم و خلف السلف الذي سعدتم بولايتهم حين اقتديتم فاسلكوا طريقتهم المؤدية إلى مكارم الأخلاق و مراقبة الخلاق و تفوزوا بمرافقتهم في جوار الملك الجبار و عليكم بالصبر على المصاب و كظم الغيظ عن مستحق العقاب [العذاب] و صلة الأرحام و التورع عن الآثام و التهجد بين يدي الله في غسق الظلام و التوكل عليه و الالتجاء في جميع الأحوال إليه فإليه المصير يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ
لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ جعلنا الله و إياكم من الآخذين بثأرهم المقتدين بآثارهم المستضيئين بأنوارهم إنه عزيز غفار و الله تعالى يقول لمن جعلت له الألباب و العقول وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ الآية ثم تعوذ و اقرأ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ الآيتين
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي خلق الجنة و زخرفها بالنعيم و ملأها بالإنعام و شوق إليها الأتقياء و الأخيار من الأنام و جعل الجنة ثمانية أقسام جنة عدن و جنة نعيم و جنة الخلد و جنة المأوى و جنة الفردوس و دار الجلال و دار الكمال و دار السلام آنية [لبنة] من ذهب و آنية [لبنة] من فضة حصياتها اللؤلؤ و المرجان و ترابها الزعفران تضع عليها الأقدام فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى مطهرة من الدنس و الآثام أهلها في أكناف القصور كأمثال البدور بيض الوجوه سود العيون نواعم الأجسام حسنهم على قدر أعمالهم فمنهم كالكوكب الدري الغائر في الأفق و منهم كالبدر في ليالي التمام تشرق وجوههم و تضيء أعمالهم و يذهب عنهم الهم و يذهب عنهم السقام في نعيم و سرور و جنة و حبور و غبطة و حضور و مساكن و قصور و قباب و خيام على كل واحد منهم سبعون حلة مِنْ سُنْدُسٍ وَ إِسْتَبْرَقٍ متسجلة [مستجلة] الذيول مطرزة الأعلام و كلما غردت فوق الغصون حمامات الأوكار و جرت تحت القصور أمواه الأنهار هبت النسيم نفحت الأشجار تلألأت الزهور تفتحت الأكمام و كلما تغَّنت مصاريع القصور تغَّنت الولدان و الحور تراقصت البلابل و تجاوبت الطيور بأحسن نغام و أبين نظام يأكلون و يشربون و يتنعمون
لا يفنى عمر شبابهم و لا يبلى قشيب ثيابهم على طول الدهور و ممر الأيام فوا عجبا لطالب هذا الخير العميم و الرزق الجم الجميم كيف يطيب له رقاد أو يلذ له منام و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي لا يعجل على من عصاه بالانتقام القريب المجيب لمن دعاه في دياجي الظلام الحميد المجيد المبدئ المعيد ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ و أشهد أن محمدا عبده و رسوله سيد الأنام و مصباح الظلام و رسول الملك العلام صلى الله عليه و آله ما هدر حمام و سرح سوام و سطا حسام و همر ركام أيها الناس إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه و ثنى بملائكة قدسه إلى قوله أبي القاسم محمد و قد مر ذكر ذلك في الخطبة الثانية من خطبة الجمعة ثم قل
كشف الدجى بجماله
بلغ العلى بكماله
حسنت جميع خصاله
صلوا عليه و آله
فهو النبي الأمي الهاشمي العربي المكي المدني الذي فضله الله تعالى على كل خليقة خلقها و كتب بيده ألف القوام المحمدي و مشقها و باء بهائه ما أبهاها و ما أشرقها و تاء تواضعه كبا جواد الفكر دونها فما لحقها و ثاء ثبات قواعد مجده قطعت الأنبياء دونها علقها و جيم جماله من نظرها عشقها و حاء حلمه أرخت على الخائنين ستورها فما أوثقها و خاء خلقه و خلقه ما أخلاها و أليقها و دال دلالته دلت على أنه صعد السماوات و اخترقها [و خرقها] و ذال ذكائه ما أحسنها بسديد رأيه و أحذقها و راء ريا ثناياه عطر الأكوان فأعبقها و زاء زينة جلائه جلت فلا تنظر العيون نسقها و سين سيادته تجاوزت السماوات و علت أفقها و شين شمائله فاقت فما أسناها
و أسمقها و صاد صيانته منشئ الأكوان بقلم العز حققها و ضاد ضياء طلعته محت ظلمة الشرك و جلت غسقها و طاء طوله عمت الخليقة طوائفها و فرقها و ظاء ظهوره ملأت البلاد مغربها و مشرقها و عين علمه و عمله ملأ ينبوعهما الأكوان و طبقها و غين غناء نفسه ما أحوجها الدهر و ما أملقها و فاء فخره أثبتها القلم في اللوح المحفوظ و علقها و قاف قربه أدنته من سدرة المنتهى حتى شاهد فراشها الذهب و نبقها و ورقها و كاف كفه وكفت الماء و سبحت فيها الحصيات فسبحان من ببركة تلك الراحة أنطقها و لام لوائه المنشور شد عرى الحنيفية و أوثقها و ميم مرتبته علت و الباري بنوره سردقها و نون نور جبينه أخجلت البدر مذ أبدت شفقها و هاء هدايته ما ضل من عاين فلقها و واو ولايته أثبتت في القلوب محبته فما أصدقها و لام ألف لو لا محمد ما فتق الباري السماوات و لا رتقها و ياء يا أَيُّهَا الرَّسُولُ يا أَيُّهَا النَّبِيُ يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ما أعظمها و أعرقها طلعة كالبدر ما أشرقها و معان جل من دققها ألف القامة من قومها لام ذاك الصدع من علقها ميم ذاك الفم من دورها حاجب كالنون من عرقها [أعرقها] مقلة كالصاد في تلويزها أحسن الصنعة من حققها صف معانيه لنا يا واصف ثم قل يا قوم ما أليقها من دعا الأشجار فانقادت له تحفر الأرض فما أشوقها ثم لما يبست أغصانها حين ما لامسها أورقها حصيات سبحت في كفه جل من في كفه أنطقها ضمن الظبية من صيادها ترضع الأولاد ما أشفقها أرضعتهم ثم عادت سرعة أسلم الصياد إذ أعتقها رمدت عين علي المرتضى ريقه في خيبر
أشرقها من على العرش علت رتبته و بنون النور قد سردقها كم دماء دينه أحقنها كم دماء دينه أهرقها فانظروا يا قوم أنوار النبي تملأ الأرض فما أشرقها فعليه الله صلى دائما ما أغرب الشمس و ما أشرقها فاسمه صلى الله عليه و آله في السماء الدنيا المجتبى و في الثانية المرتضى و في الثالثة المزكى و في الرابعة المصطفى و في الخامسة المنتجب و في السادسة المطهر و المنتخب و في السابعة القريب و الحبيب شعر
ما ذا يقولون في أوصافه الشعرا
و كل مدح طويل فيه قد قصرا
لو قيل ما قيل في معناه ما حصرا
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى
في القرب و البعد فيه غير منفحم
و تسميه المقربون عبد الواحد و السفرة الأول و البررة الآخر و الكروبيون الصادق و الروحانيون الطاهر و الأولياء القاسم و رضوان الأكبر و الجنة عبد الملك و أهل الجنة عبد الديان و الحور عبد المعطي و مالك عبد المختار و أهل الجحيم عبد الجبار و الزبانية عبد الرحيم و أهل الحميم عبد المنان و على ساق العرش رسول الله و على الكرسي نبي الله و على طوبى صفي الله و على لواء الحمد صفوة الله و على باب الجنة خيرة الله و على القمر قمر الأقمار و على الشمس نور الأنوار
الوجه يبدو كمثل الصبح في فلق
و القلب من خوف مولاه على غلق
جل الإله الذي سواه من علق
فاق النبيين في خلق و في خلق
و لم يدانوه في علم و لا كرم