کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 156

يمكن الاستغناء عنها و لو بالصبر، أما الضرورة فلا يجدي معها شي‏ء الا سدها بالذات.

ثالثا: ان الضرورة هنا غير متحققة إطلاقا، لا بالنسبة الى القابض، و لا بالنسبة الى الدافع، أما القابض أي صاحب المال فلأن المفروض ان لديه ما يقيم به الأود، و لو يوما واحدا، و أما الدافع فإن الضرورة إذا سوغت له أخذ المال فإنها لا تسوغ له دفع الربا، و ان اشترط عليه، لأن الشرط فاسد، و إذا أخذ منه قهرا عنه فلا يحل للآخذ، لأنه أكل للمال بالباطل.

رابعا: لو سلمنا جدلا بأن الضرورة ممكنة بالنسبة الى القابض فإنها تسقط الحكم التكليفي دون الوضعي، فإذا سرق الجائع المضطر رغيفا يسقط عنه العقاب ما في ذلك ريب، و لكنه مسؤول عن ثمن الرغيف، و عليه أن يدفعه الى صاحبه عند الميسرة .. و من أباح أخذ الربا للضرورة لا يوجب رده عند الميسرة الى من أخذ منه.

و تكلمنا عن الربا مفصلا في سورة البقرة الآية 275.

(وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) . في هذا دلالة على أمرين: الأول ان أكل الربا معصية للّه و الرسول. الثاني: ان من يعصي اللّه و الرسول لا تناله رحمة اللّه بحال.

(وَ سارِعُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) . بعد أن نهى سبحانه عن أكل الربا، و حذر من النار، و دعا الى التقوى و طاعة اللّه و الرسول، بعد هذا كله أمر بالمسارعة الى فعل الخير الذي يستوجب رضوان اللّه و جنته .. و من أظهر الخيرات و المبرات التراحم و التعاون و انفاق المال لوجه اللّه تعالى، كما نصت الآية الآتية .. و قوله‏ «عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ» كناية عن السعة.

[سورة آل‏عمران (3): الآيات 134 الى 136]

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (136)

اللغة:

السراء الحال التي تسر، و منها اليسر و السعة، و الضراء الحال التي تضر، و منها العسر و الضيق، و كظم الغيظ عدم إظهاره بقول أو فعل، و المراد بالفاحشة هنا الذنب الكبير، و منه الزنا، قال تعالى: «وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى‏ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً» .

الإعراب:

الذين صفة للمتقين في آخر الآية السابقة و الكاظمين و العافين عطف على الذين، و فاحشة صفة لمحذوف، أي فعلوا فعلة فاحشة، و نعم أجر العاملين المخصوص بالمدح محذوف، أي نعم أجر العاملين أجرهم.

المعنى:

وصف اللّه المتقين بأوصاف هي مناقب و فضائل حتى عند من لا يؤمن باللّه و اليوم الآخر:

«منها»: (يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرَّاءِ) . لا يبطرهم الغنى، و يزيد في‏

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 158

طمعهم و حرصهم، فيشحون بالمال، و لا يضجرهم الفقر، و يبعثهم على اليأس و يرون انهم أجدر بالأخذ لا بالعطاء، و هم في الحالين سواء ينفقون حسبما يستطيعون ..

و في الحديث: تصدقوا و لو بشق تمرة.

و «منها»: (وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ) . و لا شي‏ء أدل على قوة الإيمان، و رجاحة العقل من تمالك النفس و كظم الغيظ، و إذا كان في تجرع الغيظ مرارة و مشقة على النفس، فانه وقاية من كثير من المصائب و الكوارث، قال الإمام علي (ع) يوصي ولده الإمام الحسن (ع): تجرع الغيظ فاني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة، و لا ألذ مغبة.

و (منها): (وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) . و العفو عمن أساء أفضل بكثير من كظم الغيظ، لأن الإنسان كثيرا ما يضبط نفسه، و يكظم غيظه بدافع من صالحه الخاص، و تجنبا للوقوع في المشاكل، أما العفو عن ذنوب الناس فهو احسان محض. قال الإمام علي (ع): إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه.

و (منها): (وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) . و يتحقق الإحسان بكل ما فيه نفع مادي أو معنوي، كثر، أو قلّ، و لو بكلمة (من هنا الطريق). قال الشيخ المراغي في تفسير هذه الآية: «أخرج البيهقي ان جارية لعلي بن الحسين (ع) جعلت تسكب الماء عليه ليتهيأ للصلاة، فسقط الإبريق من يدها فشجته، فرفع رأسه، فقالت: ان اللّه يقول: و الكاظمين الغيظ. فقال لها: قد كتمت غيظي. قالت: و العافين عن الناس. قال: قد عفا اللّه عنك. قالت: و اللّه يحب المحسنين. قال: اذهبي أنت حرة لوجه اللّه تعالى.

و (منها): (وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) . الفاحشة أفحش الذنوب و أكبرها، و منها الاعتداء على حقوق الناس، و ليس في ظلم النفس اعتداء على الغير، و لكن قد يكون فاحشا كالكفر، فيكون ذكره بعد ذكر الفاحشة من باب ذكر العام بعد الخاص .. و مهما يكن، فإن اللّه يعفو عن الجميع، و يغفر كل ذنب كبيرا كان أو صغيرا بشرط الاستغفار، أي التوبة النصوحة. (وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ) .

أي ان اللّه سبحانه يغفر لمن تاب و أقلع عن الذنب، أما من أصر و استمر في‏

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 159

فعل الذنب، و هو يعلم بأنه ذنب فلا يغفر اللّه له. و معنى هذا ان من ارتكب قبيحا عن جهل بقبحه فهو معذور.

(أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ) الخ مر نظير هذه الآية في سورة البقرة 25 و 266.

[سورة آل‏عمران (3): الآيات 137 الى 138]

قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)

اللغة:

خلت، أي مضت. و السنن واحدها سنة، و هي الطريقة المستقيمة، و السيرة المتبعة.

المعنى:

(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) . سبقت الاشارة الى وقعة أحد، و ان الانتصار فيها كان للمشركين، لأن المرابطين في الثغر من المسلمين تركوه، و العدو مشرف عليهم، فأخلوا بين عدوهم و بين ظهورهم .. و قد خاطب اللّه سبحانه. بقوله:

«قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ» أصحاب محمد (ص) ان يتعرفوا على أخبار الماضين، و ما حل بالمنحرفين منهم، ليتعظ الأصحاب بذلك، و لا يعودوا الى مثل ما فعلوا في أحد من معصية الرسول بإخلاء الثغر الذي أمرهم بالبقاء فيه، مهما كانت النتائج، فلما خالفوه أصابهم ما أصاب الأمم السالفة التي خالفت أنبياءها.

(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) . ليس المراد من السير في الأرض هنا خصوص السفر، بل مطلق التعرف على أحوال الماضين‏

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 160

بأي سبيل. و ليس من شك ان من المفيد للعاقل أن يبحث عن أحوال الناس، و يطلع على الأسباب الموجبة لضعفهم، أو قوتهم، فيتعظ و يعتبر، و يسترشد إلى ما فيه خيره و صلاحه، و من أجل هذا قال عز من قائل:

(هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) . هذا اشارة الى ذكر السنن الحكيمة التي من سار عليها ظفر، و من تنكبها خسر .. و لا بد من البيان للناس كافة، ليكون حجة على من عصى، و هدى و موعظة لمن اتقى، فانه السبيل الوحيد الذي يميز بين العاصي و المطيع .. و لو لا البيان لا طاعة و لا عصيان.

نكسة 5 حزيران:

في سنة 1387 ه دعاني أهل البحرين لالقاء محاضرات دينية بمناسبة شهر رمضان المبارك، و مكثت عندهم حوالي 25 يوما ألقيت خلالها عشرين محاضرة، و كان الشباب يوجهون إليّ العديد من الأسئلة المتنوعة، و في ذات يوم جاءني وفد منهم، و قالوا: حدثنا عن أسباب نكسة 5 حزيران من غير الوجهة الدينية.

قلت: لا فرق بين العلم و الدين من حيث النظر الى القوانين و السنن التي تحكم الحياة، فإن مشيئة اللّه سبحانه في خلقه و عباده تسير على سنن علمية مستقيمة و أسباب مطردة، لا تختلف باختلاف المؤمنين أو الكافرين .. فالعارف بفن السباحة- مثلا- يعوم و يصل إلى شاطئ الأمان، و لو كان كافرا، و الجاهل بالسباحة يرسب، و يكون عرضة للهلاك، و لو كان مؤمنا .. و كذلك من أعد العدة لعدوه و احتاط له ظفر به، و ان كان ملحدا، إذا لم يكن الطرف الآخر على حذر و استعداد، و من تقاعس و أهمل خسر، و ان كان من الأولياء و الصديقين.

قال تعالى مخاطبا أصحاب الرسول (ص) بالآية 46 من الأنفال: «وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» . و قال الإمام علي (ع):

«ان هؤلاء- يشير إلى أصحاب معاوية- قد انتصروا بإجماعهم على باطلهم، و خذلتم- الخطاب لأصحابه- بتفرقكم عن حقكم». اذن، الحق لا ينتصر لمجرد انه حق، و الباطل لا يخذل لمجرد أنه باطل، بل هناك سنن في هذه‏

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 161

الحياة تسيّر المجتمع و تتحكم به، و اللّه سبحانه لا يسقطها و يعطل سيرها، تماما كما هو شأنه في سنن الطبيعة.

و عليه، فلا عجب أن تغتال الصهيونية جزءا من أرضنا بمعونة الاستعمار، ما دمنا في غفلة عنها و عن مقاصد أعوانها منقسمين الى دويلات لا جامع بينها الا لفظ العرب و العربية .. أجل، قد تكون الجولة الأولى للباطل، و لكن العاقبة لمن صبر و اتقى، لأن الباطل مهما استعد و تحصن فإنه يفقد القوى و الصفات التي تؤهله للبقاء و الاستمرار، فهو دائما عرضة للزوال .. ففي أية لحظة يجد الحق أنصارا يؤمنون به، و يضحون من أجله لا يلبث الباطل أن يدمغ و يضمحل.

و الذي يبعث على التفاؤل ان العرب لم يستسلموا للأمر الواقع، بل اتخذوا من المحنة و الهزيمة دافعا الى مزيد من الصلابة و التصميم .. لقد ظن الاستعمار ان طول الطريق يضعف العرب، و ان احتلال أرضهم يلجئهم الى الخضوع، ثم ظهر له انه خاطئ في ظنه، و انه لا شي‏ء في حساب العرب الا الصبر و الكفاح طويلا كان الطريق أو قصيرا، يسيرا كان أو عسيرا.

و تسأل: قلت: ان مشيئة اللّه تجري على القوانين و السنن المعروفة، مع انه سبحانه، قد أهلك قوم نوح بالطوفان، و قوم هود بريح عاتية، و أمطر أصحاب الفيل بحجارة من سجيل، و جعل عالي مدائن لوط سافلها، لا لشي‏ء الا لمجرد العصيان و مخالفة الحق، كما جاء في كتابه العزيز.

الجواب: ان الحكمة الإلهية اقتضت استثناء تلك الموارد الجزئية الخاصة على يد من سبق من الأنبياء، و لم تتكرر و تطرد في جميع الكفار و العصاة، فالقياس عليها قياس على الفرد النادر.

سؤال ثان: لما ذا لا ينتصر الحق على كل حال، ما دام اللّه مريدا له و لأهله، كارها الباطل و أتباعه؟.

الجواب: أولا لو انتصر الحق على كل حال لاتبعه الناس، كل الناس رغبة في النصر لأحبابه، و كرها بالباطل، و لتعذر التمييز بين الخبيث الذي يتبع الحق بقصد المنفعة و الاتجار، و بين الطيّب الذي يتبع الحق لوجه الحق، و يتحمل في سبيله المحن و الشدائد. هذا، الى ان الأسباب لا تعرف الا بعد الهزيمة.

ثانيا: لو سلّط اللّه المحنة على المبطلين أبدا و دائما، و أبعدها عن المحقين‏

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 162

كذلك لبطل التكليف، و الثواب و العقاب، لأن اتباع الحق، و الحال هذه، يكون بالقهر و الغلبة، لا بالارادة و الاختيار.

و الخلاصة، ان على المسلم ان يتدبر معاني القرآن، و يتخذ منها ميزانا لعقيدته و تصوره عن النصر و الهزيمة، و القوة و الضعف، و ان لكل منهما طريقه الخاص.

[سورة آل‏عمران (3): الآيات 139 الى 141]

وَ لا تَهِنُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَ لِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ (141)

اللغة:

الوهن الضعف. و الأعلون جمع، واحده الأعلى، و مؤنثه العلياء، و جمعها العليات. و الفرق بين اللمس و المس ان اللمس لصوق باحساس، و المس مجرد اللصوق، سواء أ كان معه إحساس، أو لم يكن. و القرح بالضم و الفتح لغة في معنى واحد، و هو عض السلاح و نحوه مما يجرح الجسم، و قيل: هو بالفتح نفس الجرح، و بالضم ألمه. و المداولة نقل الشي‏ء من واحد الى آخر، يقال:

تداولته الأيدي إذا تناقلته، و يقال: الدنيا دول، أي تنتقل من قوم الى غيرهم.

صفحه بعد