کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 511

[سورة النازعات (79): الآيات 34 الى 46]

فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى‏ (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى‏ (35) وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى‏ (36) فَأَمَّا مَنْ طَغى‏ (37) وَ آثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (38)

فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى‏ (39) وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى‏ (41) يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (43)

إِلى‏ رَبِّكَ مُنْتَهاها (44) إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (46)

اللغة:

الطامة الكبرى القيامة لأنها تطم على كل داهية. و المأوى المستقر. و مقام اللّه الجلال و العظمة. و العشية آخر النهار، و الضحى أوله.

الإعراب:

يوم يتذكر «يوم» مفعول لفعل محذوف اي اعني يوم يتذكر. فأما من طغى جواب إذا جاءت. و إيان خبر مقدم و معناها متى، و مرساها مبتدأ مؤخر. فيم خبر و أنت مبتدأ و من ذكراها متعلق بما تعلق به الخبر. و إلى ربك منتهاها مبتدأ و خبر على حذف مضاف اي منتهى علمها. و عشية على حذف مضاف ايضا اي عشية يوم، و ضمير ضحاها يعود إلى عشية لأن كلا من العشية و الضحى جزء من يوم واحد.

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 512

المعنى:

(فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى‏) . إذا قامت القيامة دمرت الكون بأرضه و سمائه، و لم يبق من شي‏ء إلا خالق كل شي‏ء .. و هذه هي الطامة الكبرى، و اي شي‏ء اكبر منها و أعظم، و من هنا قيل: ما من طامة إلا و فوقها طامة، و القيامة فوق كل طامة (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى‏) . إذا انتقل من الفانية إلى الباقية يرى صحيفة أعماله مع الجزاء، إن خيرا فخير و إن شرا فشرّ، و عندئذ يتذكر سعيه في الحياة الدنيا و ما كسبت يداه‏ (وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى‏) لا يحجبه عن رؤيتها حاجب، و لا يحرسها منه حارس، و فوق ذلك: «وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى‏ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا» - 71 مريم.

(فَأَمَّا مَنْ طَغى‏ وَ آثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى‏ وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى‏) . من انقاد إلى أهوائه أوردته المهالك، و من تغلب عليها أبصر الطريق، و بلغ من الخير غايته .. و الهوى علة العلل، و صدق من قال: من أطاع هواه اعطى عدوه مناه. و قال آخر: إن حقيقة الإنسان هي نفسه، فإذا تغلب عليها الهوى أصبح مخلوقا آخر لا يشبه الإنسان في قلبه و لا عقله. و مما قاله الإمام علي (ع) في وصف من قاس الحق بأهوائه: «لا يعرف باب الهدى فيتبعه، و لا باب العمى فيجتنبه، فذلك ميت الأحياء». و تجدر الاشارة إلى ان المراد بالهوى ما خالف الحق و العدل، و إلا فإن النفس تشتهي الحلال كما تشتهي الحرام.

(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) متى تقوم القيامة؟ (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها إِلى‏ رَبِّكَ مُنْتَهاها إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) . يطلبون منك يا محمد أن تحدد لهم اليوم الذي تقوم فيه القيامة، و لا يدخل هذا في اختصاصك، و لا في شي‏ء من وظيفتك، و المطلوب منك ان تخوف الناس من القيامة و أهوالها، أما متى تكون فعلم ذلك عند اللّه، و قد شاءت حكمته أن يخفيها عن عباده حتى الأنبياء و المقربين، و أن لا تأتيهم إلا بغتة. و تقدم مثله في الآية 187 من سورة الأعراف: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها»

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 513

«لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ» ج 3 ص 431.

(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) . أنكروا القيامة حتى إذا رأوها أيقنوا انها الحق الذي لا ريب فيه، و انها دار القرار، و ان الدنيا طريق اليها و ممر، فإذا طوت أهلها بالموت أدركوا ان أعمارهم فيها كانت أشبه بطيف او بساعة من نهار .. و مثله الآية 45 من سورة يونس: «وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ» ج 4 ص 164.

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 514

سورة عبس‏

42 آية مكية.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[سورة عبس (80): الآيات 1 الى 16]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

عَبَسَ وَ تَوَلَّى (1) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى‏ (2) وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى‏ (4)

أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى‏ (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَ ما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (7) وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى‏ (8) وَ هُوَ يَخْشى‏ (9)

فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14)

بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرامٍ بَرَرَةٍ (16)

اللغة:

صحف كتب. و مكرمة من التكريم و التعظيم. و مرفوعة من رفعة القدر و علو الشأن. و مطهرة منزهة عن العبث و الضلال. و سفرة و سفراء جمع سفير و سافر و المراد بهم هنا الملائكة و الأنبياء. و البررة جمع بارّ.

الإعراب:

المصدر من ان جاءه مفعول من أجله لعبس. و ما يدريك مبتدأ و خبر. و من‏

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 515

استغنى مبتدأ و أنت مبتدأ ثان و جملة تصدى خبر الثاني و الجملة منه و من خبره خبر الأول و أصل تصدى تتصدى. و ما عليك «ما» نافية تعمل عمل ليس و اسمها محذوف. و عليك متعلق بمحذوف خبرا لما النافية، و المصدر من ان لا تزكى مجرور بفي المقدرة و المجرور متعلق باسم «ما» أي ما بأس كائن عليك في عدم تزكيته.

و ضمير انها لآيات القرآن. و ضمير ذكره للّه أو للقرآن. و في صحف صفة لتذكرة أي مثبتة في صحف مكرمة، و يجوز ان تكون في صحف خبرا لمبتدأ محذوف اي هي في صحف.

من هو العابس؟

اتفق المفسرون على ان الأعمى هو ابن ام مكتوم صاحب رسول اللّه (ص) و ابن خال خديجة زوجة الرسول، و اختلفوا في العابس. فقيل: انه مجهول، و لهذا القول وجه، لأن اللّه سبحانه ذكره بضمير الغائب، و لم يبين لنا من هو؟.

و مثله كثير في القرآن، و منه: «ثُمَّ ذَهَبَ إِلى‏ أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) القيامة- 33. و قيل:

هو رجل من بني أمية كان عند رسول اللّه (ص) فلما رأى الأعمى تقذر منه، و أعرض عنه. و المشهور بين المفسرين و غيرهم ان الذي عبس و تولى هو رسول اللّه (ص)، و ان السبب لذلك ان ابن مكتوم أتاه و هو في مكة، و كان عنده عتاة الشرك من ذوي الجاه و المال: عتبة و شيبة ابنا ربيعة و ابو جهل و الوليد بن المغيرة و غيرهم، و كان مقبلا عليهم، و مشغولا بهم دون الجالسين، يذكّرهم باللّه، و يحذرهم عاقبة الشرك و البغي، و يعدهم خير الدنيا و الآخرة ان أسلموا، و هو يرجو بذلك هدايتهم، و ان يكونوا قوة للإسلام، و ان يكفوا شرهم- على الأقل- و كان الإسلام ضعيفا آنذاك و في محنة و شدة من كيدهم و عدائهم.

فقطع الفقير الأعمى كلام الرسول مع القوم، و قال: علمني يا رسول اللّه شيئا أنتفع به مما علمك اللّه .. فمضى الرسول في كلامه مع القوم، و لما أعاد الأعمى و كرر كره الرسول منه ذلك، و ظهرت كراهيته في وجهه، فعاتب سبحانه نبيه الكريم بضمير الغائب «عبس و تولى» ثم بضمير المخاطب‏ «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى‏ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى» .

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 516

هذا ما ذهب اليه أكثر المفسرين، و له وجه أرجح و أقوى من الوجه الأول لمكان ضمير المخاطب «أنت» فان المراد به الرسول- بحسب الظاهر- و عليه يكون بيانا و تفسيرا للضمير الغائب في عبس و التفاتا من الغائب الى الحاضر .. و لكن قول المفسرين: ان اللّه عاتب النبي على ذلك لا وجه له على الإطلاق حيث لا موجب للعتاب في فعل الرسول (ص) لأنه أراد أن يغتنم الفرصة قبل فواتها مع أولئك العتاة، أن يغتنمها و يستغلها لمصلحة الإسلام و المسلمين لا لمصلحته و مصلحة أهله و ذويه، أما تعليم المسلم الأحكام و الفروع فليس له وقت محدود بل هو ممكن في كل وقت، و بتعبير الفقهاء ان اسلام الكافر مضيّق يفوت بفوات وقته، أما تعليم المسلم أحكام الدين فموسّع يمكن القيام به في أي حين، و المضيق أهم، و الموسع مهم و الأهم مقدم بحكم العقل .. اذن، عمل الرسول آنذاك كان خيرا و حكمة.

و تسأل: على هذا ينبغي أن يوجه اللوم و العتاب على الأعمى دون غيره مع ان اللّه سبحانه قد أثنى عليه، و دافع عنه؟

الجواب: لا لوم و لا عتاب على النبي و لا على الأعمى في هذه الآيات، و انما هي في واقعها تحقير و توبيخ للمشركين الذين أقبل عليهم النبي بقصد أن يستميلهم و يرغبهم في الإسلام لأن اللّه يقول لنبيه في هذه الآيات: لما ذا تتعجل النصر لدين اللّه، و تسلك اليه كل سبيل حتى بلغ الأمر ان ترجو الخير و تأمل هداية أشقى الخلق و أكثرهم فسادا و ضلالا .. دعهم في طغيانهم، و أغلظ لهم، فإنهم أحقر من أن ينتصر اللّه بهم لدينه، و أضعف من أن يقفوا في طريق الإسلام و تقدمه، فإن اللّه سيذل أعداءه مهما بلغوا من الجاه و المال، و يظهر دينه على الدين كله و لو كره المشركون .. فهذه الآيات قريبة في معناها من قوله تعالى: «فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ» - 8 فاطر. ثم انتقل سبحانه الى تقرير الحقيقة المطلقة، و هي‏ «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ» قررها بأسلوب آخر، و هو ان الذي يخشى و يزكى و تنفعه الذكرى هو الذي يستحق التكريم و التعظيم، أما من يعرض عن الحق و لا ينتفع بمواعظ اللّه فيجب نبذه و احتقاره، و ان كان أغنى الأغنياء و سيد الوجهاء.

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 517

المعنى:

(عَبَسَ وَ تَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى‏) و هو ابن ام مكتوم، قصد الرسول الأعظم (ص) ليسأله عن أحكام دينه، فأعرض عنه لاشتغاله بما هو أهم كما ذكرنا .. و كان هذا الأعمى من المهاجرين الأولين، و المؤذن الثاني لرسول اللّه (ص) و استخلفه على المدينة يصلي في الناس أكثر من مرة. و قيل: انه ولد أعمى و ان اسمه عبد اللّه، و وصفه سبحانه بالأعمى للاشارة الى عذره في الإلحاح بالمسألة (وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى‏) . أي شي‏ء جعلك داريا و عارفا بحقيقة هذا الأعمى؟. و لو استجبت لرغبته و ألقيت بعض أحكام الدين لانتفع و عمل بما تلقيه عليه.

(أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى‏ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) . أعرضت عمن يشعر بالحاجة الى ما عندك من علم اللّه، و أقبلت على من يرى نفسه في غنى عن اللّه و عنك بما يملك من جاه و مال، ترجو هدايته و رجوعه عن الضلال. و هل ترجى الهداية ممن أعماه الهوى و الجهل: «فَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَ لَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ» - 43 يونس.

(وَ ما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) . لا شي‏ء عليك و لا على الإسلام من كفر الكافر و ضلاله، و مثله: «وَ إِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً» - 42 المائدة.

(وَ أَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى‏ وَ هُوَ يَخْشى‏ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) . تشاغلت بالمشركين طمعا بإسلامهم و هدايتهم، و تعافلت عن المؤمن الذي قصدك للاستفادة من عملك اتكالا على إيمانه، و ان في وقت التعليم سعة و فسحة .. فدع الطغاة للّه وحده فهو لهم بالمرصاد، و أقبل على من تفتح قلبه للهدى و الخير.

صفحه بعد