کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 320

[سورة النساء (4): آية 36]

وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ بِذِي الْقُرْبى‏ وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ وَ الْجارِ ذِي الْقُرْبى‏ وَ الْجارِ الْجُنُبِ وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ وَ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً (36)

اللغة:

ذو القربى صاحب القرابة، كالأخ و العم، و من اليهما. و الجار ذو القربى هو الذي قرب جواره. و الجار الجنب الذي بعد جواره. و الصاحب بالجنب من كان رفيقا في السفر، أو جليسا في الحضر، أو شريكا في الدرس، أو في حرفة، و ما إلى ذلك. و ابن السبيل المسافر المنقطع عن أهله و ماله. و ملك اليمين الرق، لا وجود له اليوم.

الإعراب:

شيئا مفعول مطلق، لأن المراد به هنا شي‏ء من الشرك. و إحسانا مفعول مطلق لفعل محذوف، أي أحسنوا بالوالدين إحسانا. و بذي القربى و ما بعده معطوفان على الوالدين.

المعنى:

(وَ اعْبُدُوا اللَّهَ) . و ما عبد اللّه بشي‏ء أفضل من الجهاد و الاستشهاد من أجل الحق و الحرية و الانسانية، أما طلب العلم و العمل من أجل الحياة، و التعاون‏

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 321

على ما فيه الخير، و إصلاح ذات البين فأفضل من عامة الصلاة و الصيام، كما جاء في الحديث.

(و تشركوا به شيئا). انكار الألوهية من الأساس كفر و جحود. أما الشرك فهو على نوعين: شرك في الألوهية، كمن يؤمن بأن الخالق و الرازق أكثر من واحد. و من هذا الشرك الاعتقاد بأن للّه وزراء و أعوانا و مستشارين. و شرك في الطاعة، كمن يؤمن بأن الخالق و الرازق واحد لا شريك له و لا أعوان له و لا وزراء و لا مستشارين، و لكنه يعصي الخالق في طاعة المخلوق، و يؤثر مرضاته على مرضاة اللّه، و من هذا الشرك الرضا عن الحاكم الجائر، و عن الوزير أو النائب الخائن، و القاضي الجاهل الفاسق، و عن كل من تولى شأنا من الشؤون العامة، و ما هو له بكفؤ. و في الحديث من رضي بفعل قوم فهو شريك لهم.

(وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) . قرن اللّه سبحانه وجوب التعبد له بوجوب البرّ بالوالدين في العديد من الآيات، منها هذه الآية، و منها قوله تعالى: «وَ قَضى‏ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً - 24 الاسراء».

و منها: «أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ - 14 لقمان».

و من دعاء الإمام زين العابدين لوالديه: «يا إلهي أين طول شغلهما بتربيتي؟

و أين شدة تعبهما في حراستي؟ و أين إقتارهما على أنفسهما للتوسعة عليّ؟ هيهات ما يستوفيان مني حقهما، و لا أدرك ما يجب عليّ لهما، و لا أنا بقاض وظيفة خدمتهما».

(وَ بِذِي الْقُرْبى‏) . بعد الأمر بالإحسان للوالدين أمر بالإحسان للأقارب و الأرحام، ثم‏ (الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينِ) و لو انهم أبعد مكانا من الجار، لأن اليتيم فقد الناصر و المعين، أعني الأب، و لأن المسكين لا ينتظم حال المجتمع الا بالعناية به، و المسكين الذي ينبغي العناية به هو الضعيف العاجز عن الكسب، أما اعانة القادر على العمل، و مع ذلك آثر البطالة و الكسل، فتشجيع على الرذيلة، و في الحديث: ان اللّه يحب العبد المحترف .. و يكره العبد البطال. و قال الحواريون لعيسى: من أفضل منا؟ قال: أفضل منكم من يعمل بيده، و يأكل من كسبه.

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 322

و ذكرنا في فقرة «اللغة» معنى‏ (الْجارِ ذِي الْقُرْبى‏ وَ الْجارِ الْجُنُبِ وَ الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ وَ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) . و لا ينحصر الإحسان بإعطاء المال، بل يشمل الرفق و التواضع و السعي في قضاء الحوائج، و النصح في المشورة، و كتمان السر، و غض الطرف عن العورات، و عدم اشاعة السيئات، و اعارة الأدوات، و ما إلى هذه .. و على أية حال، فان الأمر بالإحسان الى هؤلاء ندب لا فرض.

(إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً) . هذا تهديد و وعيد لمن يأنف من أقاربه الفقراء، و جيرانه الضعفاء.

[سورة النساء (4): الآيات 37 الى 39]

الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَ يَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (37) وَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ مَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً (38) وَ ما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَ كانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً (39)

اللغة:

الرئاء المراءاة. و القرين الصاحب.

الإعراب:

الذين يبخلون يجوز أن يكون محل (الذين) النصب بدلا من (من) في‏

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 323

قوله تعالى: (لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا) . و يجوز الرفع على الابتداء، و الخبر محذوف تقديره مذمومون أو معذبون، و على هذا يكون الكلام مستأنفا. و الذين ينفقون عطف على الذين يبخلون. و رئاء مفعول من أجله لينفقون، و يجوز أن تكون في موضع الحال، أي مرائين، و له متعلق بكلمة قرين الأولى. و ساء فعل ماض، و الفاعل مستتر يعود على قرين. و كلمة قرين الثانية تمييز.

المعنى:

(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) . بعد أن أمر سبحانه في الآية السابقة بالبذل و الإحسان هدد في هذه الآية من يبخل، و يأمر غيره بالبخل ..

و كل بخيل يأمر الناس بالبخل، بل كل مسي‏ء يود أن يجد له أقرانا و أمثالا، لكي تتوزع المسئولية على الجميع: و يتقي ألسنة القدح و الذم .. و بديهة ان كثرة اللصوص لا تبرر اللصوصية، و تجعلها حلالا، بل تضاعف من جرمها و جريرتها.

و ما رأيت كلاما تستجيب له النفس كالأمر بالبخل و الإمساك، ذلك ان المال عزيز يعادل الروح، و لا تسخو بشي‏ء منه- في الغالب- إلا بعد جهد جهيد، و الأمر بالإمساك يصادف هوى في النفس، فتستجيب له بيسر و سهولة ..

قال الشيخ محمد عبده عند تفسير هذه الآية: ان للآمرين بالبخل شبهة قوية، و قد أثرت في نفسي، فكنت أرد الدراهم الى جيبي بعد إخراجها، لأن المنفرين من الإنفاق كانوا يقولون لي: ان هذا غير مستحق، و إعطاؤه اضاعة، فإذا وضعت المال في مكان آخر يكون خيرا و أولى.

و الصحيح ما قلناه: ان الأمر بالبخل إنما يؤثر على المرء حين يجد هوى في نفسه، لا لقول المنفرين و شبهتهم، و مهما يكن، فان العظيم هو الذي يتغلب على هوى نفسه، و يرغمها على تقبل الشاق العسير، ان كان فيه خيرها و صلاحها.

قال الإمام علي (ع): أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه. و في الحديث:

أفضل الأعمال أحمزها، أي أشقها.

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 324

(وَ يَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) . و فضل اللّه سبحانه يشمل كل نعمة، و منها المال و العلم. و كتمان العلم محرم، و نشره واجب، و لكن بأسلوب يبشر و لا ينفر، و يقرب و لا يبعد، لأن العلم وسيلة، و العمل هو الغاية.

و قال بعض العلماء: ان الغني إذا كتم غناه، و تفاقر أمام الناس فقد فعل محرما، و استدل بهذه الآية، و بقوله تعالى: «وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ‏ - 11 الضحى». و في الحديث: إذا أنعم اللّه على عبد نعمة أحب ان يرى أثر نعمته عليه.

(وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) . سياق الآية يدل على ان المراد بالكافرين هنا الذين كتموا فضل اللّه و نعمته، و عن الإمام موسى بن جعفر الصادق (ع) انه قال: التحدث بنعم اللّه شكر، و ترك ذلك كفر. و في الآية 7 من سورة ابراهيم: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ» . و على هذا يحمل الكفر في الآية على كفران النعم، لا على الكفر بمعنى جحود الالوهية.

(وَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) . سبقت هذه الآية مع تفسيرها في سورة البقرة، الآية 264. و يتلخص المعنى بأن الذي ينفق ماله رياء، و الذي يبخل به سواء عند اللّه، و ربما كان المرائي أسوأ حالا، لأنه أشبه بالكافر الذي لا يعمل للّه.

قرين الشيطان:

كل ما يزين فعل الغواية، و يغري بالفساد و الضلال فلك ان تسميه شيطانا، خاطرا كان، أو إنسانا، أو أي شي‏ء؛ فلفظ الشيطان رمز لكل غوي مضل، يخفي حقيقته في أثواب الصالحين، و من أجل هذا نرى كثيرا من الناس يقولون و يفعلون بوحي من الشيطان و غوايته، و هم يحسبون انه وحي من اللّه و هدايته ..

و أقرب المقربين لدى الشيطان من وثق الناس بقداسته، و لم يعرفوا شيئا عن حقيقته، و هذا هو المقصود بقوله تعالى: (وَ مَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) .

و بقوله: (وَ مَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً - 120) النساء).

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 325

و كما ان الشيطان قرين له في الدنيا فهو قرين له في الآخرة أيضا، فقد جاء في الحديث: الإنسان مع من أحب. و قال الإمام علي (ع): «فكيف إذا كان بين طابقين من نار: ضجيع حجر، و قرين شيطان».

و الشيطان يقسّم أتباعه الى أقسام، و يوكل الى كل مهمة تناسبه، تماما كقائد الجيش، فمنهم من يغريه بإراقة الدماء، و التعدي على الشعوب الآمنة، كالدول التي أوجدت إسرائيل، و أمدتها بالمال و السلاح للاعتداء على العرب و بلاد العرب، لا لشي‏ء الا لتخضعهم للاستعمار سياسيا و اقتصاديا. و قسم يغريهم بالفسق و الفجور و التهتك و التبرج. و قسم يأمرهم بالصلاة و الصيام، و ارتداء ثوب الصالحين و الزاهدين، ليصطاد بهم البسطاء و الأبرياء.

و إذا استعصى عليه المتقون، و أعيته فيهم الحيل رضي منهم و لو بكلمة حق يقولونها تلبية لطلبه، روي ان إبليس قال لعيسى ابن مريم (ع): قل: لا إله الا اللّه. قال له عيسى: أقولها، لا لقولك، بل لأنها حق. فرجع اللعين خاسئا .. و ترمز هذه الحكاية الى ان الإيمان لا يكون بالتهليل و التكبير، و لا بالصيام و الصلاة، فإن هذه قد تكون من مصائد الشيطان و مكائده، و انما الإيمان الحق يقاس بالعلم باللّه و أحكامه، و معرفة مداخل الشيطان التي تفسد على المؤمن إخلاصه و أعماله.

(وَ ما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ أَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ) . لقد ربط سبحانه بين الإيمان به و باليوم الآخر، و بين الإنفاق، لأنه نفى الإيمان عن البخيل الممسك، و معنى هذا ان الإنفاق دليل الإيمان، و الإمساك دليل الكفر، و الوجه في ذلك ان المؤمن المتوكل على اللّه حقا ينفق، و هو واثق بالخلف، و من أيقن بالخلف جاد بالعطية، كما قال الإمام علي أمير المؤمنين (ع)، أما ضعيف الإيمان فيستمع الى شيطانه الذي يأمره بالإمساك، و يوعده الفقر، ان هو أنفق. و مهما يكن، فإن المراد بالإيمان هنا ايمان الطاعة و العمل، لا ايمان العقيدة فقط، و المراد بالكفر كفر الطاعة و العمل، لا الجحود، و انكار الألوهية.

و من أقوال الإمام علي (ع) في البخيل: «عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب، و يفوته الغنى الذي إياه طلب، يعيش في الدنيا عيش الفقراء،

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 326

و يحاسب في الآخرة حساب الأغنياء». و معنى قوله: الغني يستعجل الفقر، انه أسوأ حالا من الفقير، لأن الغني ما يزال خائفا من زوال غناه، أما الفقير فلا يزال راجيا لزوال فقره.

[سورة النساء (4): الآيات 40 الى 42]

إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَ إِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَ يُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (40) فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى‏ هؤُلاءِ شَهِيداً (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (42)

اللغة:

المثقال أصله المقدار الذي له ثقل، و ان قلّ. و الذرة ما يوجد من الأجسام، و هي هنا تمثيل للقليل، و في آية ثانية تمثيل للقليل بحبة الخردل.

الإعراب:

صفحه بعد