کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 303

و قانون الحياة لا يأبى ذلك بل يقره و يؤكده، و إذا كانت القوة الآن بأيدي الوحوش الضارية المتسلطة على الأمم المتحدة و مجلس الأمن و غيره فانه لا شي‏ء يمنع أن تتحول القوة في يوم من الأيام من أيدي أهل البغي و الضلال الى أيدي أهل الحق و العدالة، بل ان غريزة حب البقاء و التحرر من الظلم، و المبدأ القائل:

كل ما على الأرض يتحرك تماما كالأرض، و ان دوام الحال من المحال، كل ذلك و ما اليه يحتم ان القوة في النهاية تكون للأصلح الأكفأ.

(إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ) . هذا اشارة الى أن الأرض يرثها العباد الصالحون، و لو بعد حين، و المراد بالعابدين هنا الذين يتعظون بالعبر، و ينتفعون بالنذر.

(وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) . الخطاب لمحمد (ص)، و رسالته رحمة للأولين و الآخرين، و فيما تقدم ذكرنا الكثير من مبادئها و تعاليمها، و حسبنا منها قول صاحبها: «ما آمن باللّه من لا تأمن الناس بوائقه .. إذا ساءتك سيئة، و سرتك حسنة فأنت مؤمن». و على هذا الاحساس و الشعور يقوم العدل، و ينشر الأمن، و تهنأ الحياة .. و تكلمنا عن عموم رسالة محمد (ص) الى جميع الناس في كل زمان و مكان تكلمنا عن ذلك عند تفسير الآية 92 من سورة الأنعام ج 3 ص 225.

[سورة الأنبياء (21): الآيات 108 الى 112]

قُلْ إِنَّما يُوحى‏ إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى‏ سَواءٍ وَ إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَ يَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ (110) وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى‏ حِينٍ (111) قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَ رَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى‏ ما تَصِفُونَ (112)

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 304

اللغة:

مسلمون مستسلمون منقادون للّه وحده. آذنتكم أعلمتكم. على سواء أي ان الإيذان و الاعلام يعم الجميع بلا استثناء. و الفتنة الاختبار. و المتاع ما يتمتع به قليلا.

الإعراب:

انما بالكسر للحصر، و انما بالفتح كلمتان (أنّ) المشددة و ما الكافة عن العمل، و إلهكم مبتدأ و إله واحد خبر، و معنى الجملة نائب فاعل ليوحى أي يوحى إليّ الوحدانية. و على سواء متعلق بمحذوف حالا من المفعول في آذنتكم أي مستوين في الإيذان و الاعلام. و ان أدري (ان) نافية أي ما أدري، و قريب مبتدأ، و ما توعدون فاعل قريب ساد مسد الخبر.

المعنى:

(قُلْ إِنَّما يُوحى‏ إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) . أمر اللّه نبيه الكريم أن يقول للمشركين: ان اللّه أوحى إليّ انه وحده لا شريك له في خلقه و لا في علمه، و هذا الكون بعجائبه و قوانينه يشهد بوضوح على وحدانيته تعالى و قدرته و عظمته .. فلما ذا لا تؤمنون به و تنقادون لأمره؟ و كيف تزوغون عن عبادته الى عبادة أحجار لا تنفع و لا تضر؟

(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى‏ سَواءٍ) . بعد ان لزمتهم الحجة بالتبليغ و الانذار أمر اللّه نبيه الكريم ان يقول لهم: لقد أديت ما علي، و بلغتكم جميعا رسالات ربي، و لم يبق لأحد منكم عذر يتعلل به‏ (وَ إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) .

أنا على يقين من عذابكم، لأن اللّه قد وعدكم به و حذركم منه، و وعده تعالى أصدق الوعد، و عذابه أشد العذاب، و لكن لا أدري متى يكون ذلك، و سواء أ كان قريبا أم بعيدا فإنه له أجلا لا يعدوه، فانتظروا اني معكم من المنتظرين.

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 305

(إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَ يَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ) . تقدم مثله في الآية 7 من سورة طه‏ (وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتاعٌ إِلى‏ حِينٍ) . لست أدري ما هي الحكمة من إمهالكم و تأخير عذابكم؟ هل أراد سبحانه بذلك ان يظهر كل على حقيقته، فيتوب الطيب، و يتمرد الخبيث، او انه أراد ان تستمتعوا أياما بقيت من أعماركم؟. اللّه العالم‏ (قالَ‏ - محمد- رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ) أي أظهره و انصر أهله على من كفر به، و سخر منه و ممن دعا اليه‏ (وَ رَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى‏ ما تَصِفُونَ) أصنامكم بالألوهية، و دعوتي بالافتراء.

أنت العزاء يا رسول اللّه لكل بري‏ء مفترى عليه .. و يا سعادة من تأسّى بك و اقتص أثرك، و قال للمفترين كما قلت: «وَ رَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى‏ ما تَصِفُونَ» .

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 306

سورة الحج‏

بعضها مكي، و بعضها مدني، و آياتها 78.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[سورة الحج (22): الآيات 1 الى 7]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْ‏ءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى‏ وَ ما هُمْ بِسُكارى‏ وَ لكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَ يَهْدِيهِ إِلى‏ عَذابِ السَّعِيرِ (4)

يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَ نُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَ مِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَ أَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى‏ وَ أَنَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (6) وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 307

اللغة:

الزلزلة و الزلزال الحركة الشديدة. و المريد بفتح الميم و كسر الراء المتمحض للفساد و لا خير فيه، يقال: رملة مرداء إذا لم تنبت شيئا. و النطفة في الأصل الماء الصافي، ثم استعملت للماء الذي يتولد منه الحيوان. و المضغة القطعة من اللحم بقدر ما يمضغ. و مخلقة تامة الخلقة. و هامدة لا حياة فيها. و ربت ازدادت.

الإعراب:

اتقوا ربكم على حذف مضاف أي عذاب ربكم. و يوم متعلق بتذهل. و ترى هنا بصرية، لا قلبية، و تتعدى الى مفعول واحد و هو الناس، و سكارى حال منهم. الضمائر الثلاثة في عليه و انه من تولاه تعود الى الشيطان، و ضمير فانه يضله للشأن، و المصدر من انه من تولاه نائب فاعل لكتب. و من تولاه (من) مبتدأ، و المصدر من فانه يضله خبر لمبتدأ محذوف أي فالشأن إضلال الشيطان له، و الجملة من هذا المبتدأ و خبره خبر من تولاه، و جملة من تولاه و خبره خبر انه الأولى. و نقر كلام مستأنف، و جملة نقر خبر لمبتدأ محذوف أي و نحن نقر، و مفعول نقر محذوف أي نقر الولد. و ما نشاء (ما) مصدرية ظرفية أي مدة مشيئتنا و الظرف متعلق بنقرّ. و طفلا حال، و لفظه مفرد و معناه الجمع. و شيئا مفعول مطلق. و هامدة حال لأن ترى هنا بصرية تتعدى الى مفعول واحد.

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 308

المعنى:

في هذه الآيات تحذير و تخويف من يوم القيامة مع الاشارة الى شدائده و أهواله، و ذم الجاهل المتعنت، ثم الاستدلال على البعث، و فيما يلي التفصيل:

1- (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْ‏ءٌ عَظِيمٌ) . المراد بالساعة يوم القيامة، و سمي بها لأن جميع الخلائق تسعى اليه- كما في كتاب الاسفار للملا صدرا- و معنى زلزلة الساعة خراب الكون بأرضه و سمائه، فتختلط هذه بتلك، و البر بالبحر، و تزول الأبعاد، و ترتفع الحواجز، و تقوم الخلائق من الأجداث كأنها أشباح بلا أرواح.

(يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى‏ وَ ما هُمْ بِسُكارى‏ وَ لكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) . هذا كناية عن هول الساعة و شدتها، حيث لا مرضع و لا حامل يومذاك أي لو كان ثمة مرضع لذهلت أو حامل لوضعت .. و الكل يمورون و يضطربون من الفزع و الهلع، تماما كما يضطرب السكران.

جدال الجهل و الضلال:

2- (وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) . الإنسان، أي انسان، لا يخلو أن يكون واحدا من اثنين: إما جاهلا، و إما عالما، و العالم لا يخلو اما أن يكون منصفا، و اما منحرفا، و العالم المنصف هو الذي يقول ما يعلم، و يسكت عما لا يعلم، و قد حدد اللّه سبحانه وظيفة الجاهل بقوله: «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»* - 7 الأنبياء». فان تجاوز وظيفته هذه صدق عليه قول الإمام علي (ع): جاهل خبّاط جهالات .. لا يحسب العلم في شي‏ء مما أنكره، و لا يرى ان وراء ما بلغ مذهبا لغيره.

و هذا الجاهل هو المقصود بقوله تعالى: (وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) . و بقوله في الآية 8 من هذه السورة: «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لا هُدىً وَ لا كِتابٍ مُنِيرٍ» .

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 309

انه يجهل الطريق الى العلم باللّه، و مع ذلك يجادل فيه، و يقول فيما يقول: لو كان اللّه موجودا لرأيناه .. انه يريد بمنطقه هذا أن يفسر غير المادة بالمادة، و ان يرى بالعين و البصر من لا يدرك الا بالعقل و البصيرة، و ان يلمس باليد خالق السموات و الأرض .. و لا فرق بين هذا، و بين من حاول أن يمتحن في المعمل و المختبر نظرية «البينة على من ادعى و اليمين على من أنكر» أو أراد أن يختبر موهبته الشعرية في قيادة السيارة.

تذكرت، و أنا أكتب هذه الكلمات ساعة من ساعات الدراسة في النجف، و قد مضى عليها حوالى أربعين عاما، كنا في هذه الساعة نتحلق حول الأستاذ، نستمع الى محاضرته، و في أثنائها اعترض عليه أحد التلاميذ، و استشهد بحادثة لا تمت الى موضوع الدرس بسبب قريب أو بعيد .. فأعرض الأستاذ عنه، و نظر الى بقية التلاميذ، و قال: كان فيما مضى رجل معتوه يقال له «». و في ذات يوم مر بأحد الشوارع، فرأى جمهورا من الناس مجتمعين، و هم يموجون في حيرة، و لما سألهم قال له البعض: ان فلانا سقط عن السطح، و تحطمت أعضاؤه و قد أوشك على الهلاك، و لا يدري أهله ما ذا يصنعون؟ فقال «»: عندي دواؤه، و عليّ شفاؤه، اربطوه بالحبل و شدوه الى السطح، و أجلسوه عليه كما كان فانه يشفى لا محالة .. و لما ضحكوا منه احتج عليهم، و قال: لما ذا تضحكون؟ في العام الماضي سقط فلان بالبئر، فربطوه بالحبل و أخرجوه منه سليما ..

صفحه بعد