کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏6، ص: 275

سورة فاطر

مكية، و آيها 45.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[سورة فاطر (35): الآيات 1 الى 3]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى‏ وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (1) ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَ ما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)

اللغة:

فاطر السموات و الأرض خالقهما على غير مثال سابق. و مثنى و ثلاث و رباع معدولة عن اثنين اثنين و ثلاثة ثلاثة و أربعة أربعة، و لم يسمع فيما زاد عن هذه الأعداد مثل مخمس. و المراد بما يفتح هنا ما يعطي. و تؤفكون تصرفون عن الحق إلى الضلال.

تفسير الكاشف، ج‏6، ص: 276

الإعراب:

فاطر السموات صفة للّه. و جاعل صفة ثانية، و قيل: انه يعمل عمل الفعل لأنه مضاف فأشبه المقرون باللام، و عليه يكون مضافا الى المفعول الأول و هو الملائكة، و رسلا مفعول ثان. و أولي أجنحة بدل من رسل، و مثنى و ما بعدها صفات للملائكة. و ما يفتح «ما» شرطية في محل نصب بيفتح. فأنّى تؤفكون أي فإلى أين، و المجرور متعلق بتؤفكون.

المعنى:

(الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى‏ وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ) . حمد اللّه نفسه ليعلّمنا كيف نحمده و نشكره .. و تدل الآية على ان من الملائكة من له جناحان، و منهم له ثلاثة، و منهم له أربعة، و انه تعالى يزيد لآخرين في الأجنحة ما يشاء .. و هذا و ما اليه يتفق مع قدرة اللّه و عظمته، و العقل لا يأباه، هذا ما نعلمه، و ما عداه نتركه إلى علم اللّه سبحانه لأنّا غير مسؤولين عنه، و لا يمت إلى حياتنا بسبب، و لا دليل عليه من آية أو رواية متواترة. و أخشى أن يقول أنصار تأويل النصوص الدينية بالعلم الحديث، أن يقولوا: ان مثنى اشارة الى الطائرة ذات المحركين، و ثلاث الى المحركات الثلاثة، و رباعا الى ذات الأربعة، أما قوله تعالى: يزيد في الخلق ما يشاء فهو إشارة الى طائرات المستقبل ذات المحركات العديدة.

(ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَ ما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) . الفتح العطاء، و الإمساك المنع، و الإرسال الإطلاق بعد المنع. و ليس المراد بالرحمة هنا مجرد المال كما قال بعض المفسرين، و لا هو مع الصحة و الجاه و العلم كما قال آخرون .. كلا، فإن المال قد يؤدي الى الطغيان و الاستغلال، فقد رأينا الكثير من أصحاب الملايين حولوا الشعوب الضعيفة الى شركات مساهمة يملكون أسهمها، و يتحكمون بأهلها و يحيلونهم الى عبيد مستخدمين أو لاجئين مشردين .. و قد تؤدي الصحة بصاحبها الى المغامرة و الأخطار، أما

تفسير الكاشف، ج‏6، ص: 277

الجاه فهو- في الأعم الأغلب- أداة للبغي و العدوان. و رب علم الجهل خير منه كالعلم الذي أنتج القنبلة الذرية، و ما اليها من الأسلحة الجهنمية .. كلا، ليس المراد برحمته تعالى في هذه الآية المال وحده و لا الصحة وحدها، و لا مجرد الجاه و العلم، و إنما المراد بها لطف اللّه و هدايته الى الخير، و وقايته من الشر.

قال الإمام علي (ع): «عند تناهي الشدة تكون الفرجة، و عند تضايق حلق البلاء يكون الرخاء» و قد شاهدنا أيسر المشاكل تزداد تعقيدا كلما اجتهد أصحابها في حلها، و رأينا أعسرها تحل بسهولة و يسر أو تلقائيا، و لا سر لذلك إلا إرادة اللّه و رحمته، و صدق من قال: «ينام الإنسان على الشوك مع رحمة اللّه فإذا هو مهاد، و ينام على الحرير بدون هذه الرحمة فإذا هو شوك القتاد».

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) . هذا التذكير بنعمة اللّه و بأنه وحده الخالق الرازق انما هو تأكيد للآية السابقة: «ما يفتح اللّه للناس الخ» و في نهج البلاغة: «فكم خصكم اللّه بنعمته، و تدارككم برحمته، أعورتم له- أي ظهرت له عوراتكم- فستركم، و تعرضتم لأخذه- أي لهلاكه- فأمهلكم ..

فاستتموا نعم اللّه عليكم بالصبر على طاعته، و المجانبة لمعصيته، فإن غدا من اليوم قريب».

[سورة فاطر (35): الآيات 4 الى 8]

وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ (8)

تفسير الكاشف، ج‏6، ص: 278

الإعراب:

أ فمن زيّن له «من» مبتدأ و الخبر محذوف أي كمن لم يزين له. و حسرات مفعول من أجله لتذهب، و عليهم متعلق بتذهب لا بحسرات لأنها مصدر، و المصدر لا يقدم معموله عليه. هكذا قال النحاة.

المعنى:

وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ فيثيب المؤمن الصابر في جهاده، و يعاقب من كذب الحق على تكذيبه، و الغرض التخفيف عن الرسول الأعظم (ص)، و تهديد خصومه و أعدائه. و تقدم مثله في الآية 184 من سورة آل عمران ج 2 ص 222 و الآية 42 من سورة الحج ج 5 ص 335.

يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ . المراد بوعد اللّه هنا الحساب و الجزاء بعد الموت، و مغريات الدنيا المال و الجاه و النساء و البنون، و الغرور الشيطان. و تقدم مثله في الآية 33 من سورة لقمان‏ إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ . أعلن الشيطان صراحة عداوته لبني آدم بقوله: لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ‏ - 39 الحجر. و حزبه هم أتباعه الذين يستمعون إلى وسوسته و اغرائه.

و قد حذرنا سبحانه من طاعته لأنه يدعو إلى الفساد و الهلاك، و اللّه يدعو إلى الخير و الرحمة.

تفسير الكاشف، ج‏6، ص: 279

الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ . لكل امرئ عاقبة حلوة أو مرّة، فعاقبة من كفر و أفسد جهنم و ساءت مصيرا، و عاقبة من آمن و أصلح جنة قائمة، و راحة دائمة.

زين له سوء عمله:

أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً . لا أحد من الناس يعيش بلا فلسفة و مثل أعلى له، حتى الذين يرفضون الفلسفات و المثل العليا فقد جعلوا هذا الرفض فلسفة لهم و مثلا أعلى .. و من هنا قيل: من نفى الفلسفة فقد تفلسف .. أجل، لكل انسان فلسفة، و الفرق ان بعض الناس يبني فلسفته و أحكامه على التجربة و التحليل، و منهم من يبنيها على العقل أو على الدين، و منهم من يحكم على الأشياء من خلال ذاته و ميوله الخاصة معرضا عن كل ما عداها لا يبحث و لا يفكر و لا يحلل، لأنه لا يؤمن بعلم و لا عقل و لا دين، لا بشي‏ء إلا بما يراه و يهواه ..

انه ينظر الى نفسه على انها المقياس الوحيد للحق و الخير و الصواب، و انها في عصمة من النقص و الخطأ .. و الكلام عن هذا لا يدخل في أي بحث من البحوث إلا كشاهد على السفاهة و الغرور القاتل، و قد أشار سبحانه إليه في العديد من الآيات منها هذه الآية، و منها: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً - 103 الكهف ج 5 ص 163 و منها: وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ‏ - 12 البقرة.

فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ . هذا تعليل لقوله تعالى: أَ فَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً أي ان اللّه قد كتب عليه الضلال و سوء المصير لأنه سلك الطريق المؤدية الى ذلك تماما كما كتب الموت على من شرب السم، و الغرق على من رمى نفسه في البحر، و هو جاهل بفن السباحة. و تقدم مثله في الآية 27 من سورة الرعد و الآية 4 من سورة ابراهيم و الآية 93 من سورة النحل.

فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ‏ . لا تأسف و لا تحزن يا محمد على الذين لم يستجيبوا لدعوتك ما داموا قد سلكوا طريق الضلال‏

تفسير الكاشف، ج‏6، ص: 280

و الهلاك بسوء اختيارهم، و قد أحصى اللّه عليهم كل صغيرة و كبيرة، و سوف يعاملهم بما يستحقون. و تقدم مثله في الآية 6 من سورة الكهف ج 5 ص 102.

[سورة فاطر (35): الآيات 9 الى 11]

وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى‏ بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (9) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَ الَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَ ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى‏ وَ لا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11)

اللغة:

يبور من البوار و هو الهلاك. و أزواجا أصنافا بيضا و سودا و ذكورا و إناثا.

و المعمر من طال عمره.

الإعراب:

جميعا حال من العزة. و مكر مبتدأ و هو ضمير فصل، و جملة يبور خبر.

و من معمر «من» زائدة إعرابا و معمر نائب فاعل ليعمّر. و نائب فاعل لا ينقص محذوف أي لا ينقص شي‏ء من عمره. و في كتاب متعلق بمحذوف خبرا لمبتدأ محذوف أي الا هو كائن في كتاب.

تفسير الكاشف، ج‏6، ص: 281

المعنى:

وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى‏ بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ . تقدم نظيره في الآية 57 من سورة الأعراف ج 3 ص 342.

مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً . العزة للّه و لدين اللّه بالذات، و بهما يكون الإنسان عزيزا، و من اعتز بغير اللّه ذل، قال ابن عربي في الفتوحات: عزة الحق لذاته إذ لا إله إلا هو، و عزة رسوله باللّه، و عزة المؤمنين باللّه و برسوله .. فعزة هؤلاء بإعزاز اللّه، فثبت للفرع ما ثبت للأصل.

و ما ذل المسلمون في هذا العصر إلا لأنهم اعتزوا بغير الإسلام، و قد كانوا من قبل أقل من اليوم عددا، و لكن كانوا كثيرين بالإسلام عزيزين بالاجتماع و وحدة الكلمة ضد عدو اللّه و عدوهم.

إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏ . صعود الكلام و رفع العمل اليه تعالى كناية عن قبولهما و الاثابة عليهما، و الكلام الطيب ما نفع، و مثله العمل الصالح، و تومئ الآية الى ان سبب العزة و الرفعة عند اللّه تعالى هو ما ينفع الناس من الأقوال و الأفعال‏ وَ الَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ . يمكرون السيئات أي يدبرون الأذى و الاساءة الى المؤمنين و الطيبين، و لكن هذا المكر و الخداع الى بوار و هباء، و في معنى ذلك قوله تعالى: وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ‏ - 43 فاطر.

صفحه بعد